- كنيستنا وتدوير الهرطقات
- مجمع قرطاجنة: الظروف والنشأة
- مجمع قرطاجنة: إعادة فحص
- مدخل إلى هرطقات التجسد
- هل كان أوطاخي أوطاخيًا؟
- مجمع أفسس الثاني
- انزلاقات قبطية نحو الأوطاخية
- انزلاقات اوطاخية معاصرة
- إعادة فحص لهرطقات التجسد
- طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة
- النسطورية: اقتراب حذر
- ☑ النسطورية.. دليلك الفريد للنقد والتفنيد
- البطريرك الغامض والاعتراف الأخير
يؤطر لنا القديس كيرلس القاعدة الذهبية قائلا: "لا نعود نتكلم عن طبيعتين بعد الاتحاد"، فما تم من طبيعتين، لا يعود يعبر عنه "في طبيعتين" [لاهوت وناسوت] الذي لا يعني إلا البقاء في حالة عدم الاتحاد، لأن القول بطبيعتين بعد الاتحاد هو نفسه الاعتراف بشخصين، حيث لا توجد طبيعة عاقلة في الحقيقة والواقع غير مشخصنة، ولأن "ناسوت" الاتحاد قد تشخصن بشخص الكلمة نفسه، فمن غير الممكن أن نفهم الكلمة المتجسد كطبيعتين تتصرف كل منهما في عالمها الخاص.
في رسالته الثانية إلى سكسنسوس، ينتقد قديسنا هؤلاء الذين ينسبون آلام الكلمة المتجسد إلى “الناسوت” بدلا من القول إنه تألم بالجسد، يقول: “وبذلك فهم يتماحكون عندما يتكلمون عن “الناسوت” فهذا يخدمهم فقط في فصله عن “الكلمة” وجاعلينه محددا بنفسه، ويقودون المرء للتفكير فيه على أنه اثنين وليس واحدا، ثم يضيفون عبارة “بغير انفصال” كما لو إنهم ينتهجون الأرثوذوكسية معنا، ولكن هذه ليست الحقيقة.
دعونا إذن ننظف أسماعنا، ونرى كيف يتحدث الآباء الأرثوذوكسيون بفهم عميق وإيمان ثابت بواحدية الكلمة المتجسد:
“كل هذه الأمور نجمت وفقا للنمط الذي ولد عليه، ذلك الذي لم يكن محتاجا أن يقتات -وهو الذي يُقيت الجميع- لكنه مارسها جميعا لأنه تأنس، كيف لا وهو كامل بطبعه وأقنومه، فعلى النمط إذن الذي صار عليه، تربى أيضا، أجل، له الأمور العظيمة، وله أيضا الأمور الصغيرة لأنه أخلى ذاته، له ما للآب لأنه واحد معه في الجوهر، وله ما لنا لأنه صار مثلنا، له الأمور المجيدة لأنه رب المجد، وله الأمور المتضعة لأنه تجلى في الجسد، له أنه أكثر الخبز وأشبع الجياع لأنه له السلطان أن يفعل، وله أنه جاع فأبان أنه صار مثلنا، لا قوة سلطانه تضاءلت، ولا طبعه تغير حين “صار”.
(مار فليكسينوس المنبجي، الرسالة إلى زينون الملك)
“يقولون: الملائكة لا يموتون، فكيف نصدق أن الله مات؟!! وأقول: أولا من التجديف على الله أن يقال “كيف”، فما إن سمعت أن الله فعل، فلا تسأل كيف، والأمر الآخر هو إن الملاك الذي لا يموت بطبيعته، لم يصر إنسانا، أما عن الله الذي نؤمن أنه مات، فنقول أولا أنه صار إنسانا، وإذا نسب الموت إلى شخصه فهو ينسب إلى صيرورته وليس إلى جوهره، لأن جوهر الله نزيه عن الموت، لكن متى جاء إلى الصيرورة وأحصى بين المائتين، إذ أخذ شبه العبد، ينسب إليه الموت أيضا، لا إلى طبيعة جوهره، بل إلى حقيقة صيرورته”.
(مار فليكسينوس، الرسالة إلى دير تلعدا)
هل رأيت -عزيزي القارئ- عمق ورفعة إيمان كنيستك؟ “مار فليكسينوس” يتحرك بسلاسة ورشاقة في المناطق الملغومة دون أن يطرف له جَفْن، يملك وعيا ضاربا في عمق مفهوم “الإخلاء” الذي قبله الرب لأجلنا، دون حاجة للحذلقة والتنظير الفارغ من مضمونه.
هل رأيت أي حديث عن “لاهوت” و”ناسوت”؟ مما لن أسميه فقط لغو سقيم، بل سأوصفه بما هو أهل له من نسطورية فجة تستوجب الحرم والقطع.
مار فليكسينوس هنا يقتفي قاعدة ذهبية أخرى للمعلم العظيم كيرلس: “من النافع، بل والضروري، أن نقبل عن المسيح مبدأ “من جهة، ومن جهة أخرى” الذي ينطبق على الواحد ولا يسمح بفصله إلى اثنين”.
أظنك قادرا الآن -عزيزي القارئ- على السباحة في مستنقع النسطورية دون أن تبتل، فدعنا نذهب إذن إلى الجانب المظلم.
الطبيعتان:
نسطوريوس: إن طبيعة الناسوت هي التي قالت: إلهي إلهي، لماذا تركتني؟
لاون: ليس من نفس الطبيعة القول “أنا والآب واحد” والقول “أبي أعظم مني”.
لاون: فلينظر أي طبيعة سمرت بالمسامير، وعلقت على خشبة الصليب، وليفهم من أين خرج الدَّم والماء عندما طعن.
شنودة الثالث: ليس هناك تناقض بين عبارة “أترك العالم” وعبارة “أنا معكم في وسطكم” وإنما إحداهما قيلت عن الناسوت، والأخرى عن اللاهوت، دون أي انفصال بين اللاهوت والناسوت.
النمو:
ديودور: كان يسوع يتقدم في الحكمة والقامة، إلا أنه لا يمكننا أن نقول هذا عن الله الكلمة، لأنه إله كامل، فهو نفسه لم ينمو، لأنه ليس ناقصا لينمو، لكن “الناسوت” هو الذي كان ينمو في الحكمة والقامة.
ثيودوريت: لا ينسب الجهل إذا لله الكلمة، لكن لصورة العبد.
نسطوريوس: لأن اللاهوت لم يكن أبدا طفلا، لكن اللاهوت كان مع الطفل، كان معه لنفس السبب الذي لأجله لم يكن الطفل أبدًا منفصلا عن اللاهوت.
شنودة الثالث: هو بالناسوت كان ينمو، أما اللاهوت فمن المستحيل أن ينمو لأنه في الكمال المطلق.
الإفخارستيا:
نسطوريوس: لماذا يقول الرب في الليلة التي أسلم فيها “هذا هو جسدي الذي يبذل عن كثير… دمي الذي يسفك عنكم” لماذا لم يقل هذا هو لاهوتي المكسور والمسفوك عنكم، لأن جسده هو الذي يكسر ودمه الذي يسفك وليس اللاهوت.
شنودة الثالث: في تقديم الرب هذا السر لتلاميذه، قال لهم: خذوا كلوا، هذا هو جسدي، خذوا اشربوا، هذا هو دمي، ولم يذكر إطلاقا عبارة “لاهوتي” هكذا علم عن شركة في الجسد والدم، وليس شركة في اللاهوت.
والدة الإله:
نسطوريوس: لم تلد العذراء اللاهوت، لأن ما ولد من جسد هو جسد، لم يلد المخلوق غير المخلوق، إنما ولدت إنسانا.
شنودة الثالث:
كما ترى -عزيزي القارئ- لم يترك “شنودة الثالث” جحر ضب دخله النساطرة إلا ودخله خلفهم، وبغض النظر إن كان الرجل مفكرا خلص إلى قَبُول النسطورية باعتبارها الأقرب إلى عقله، أو جاهلا بكل الهرطقات والفكر الأرثوذوكسي، فنحن أمام موقف لابد من حلحلته، هل استكنا إلى فرض هذا التعليم والإيمان على كنيستنا؟ كنيسة الإسكندرية، حيث أنه لا زال شائعا، بل هو مقياس التعليم الصحيح حاليا، أم يجب علينا العمل لاستعادة إيمان الآباء والأرثوذوكسية؟
اقرأ أيضًا:
*) أقوال البابا شنودة الثالث مأخوذة من مقال “اتحاد اللاهوت والناسوت” المنشور بمجلة الكرازة
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟