المقال رقم 10 من 12 في سلسلة أرثوذكسية تأله اﻹنسان
لقد كانت غاية خلق الإنسان  هي ، لذا سوف نبحث الآن الوسيلة التي أعلنها الله في الكتاب المقدس والتقليد لتحقيق هذا التأله وهي التجسد، لأن التأله هو غاية التجسد.

نبدأ من عند ق. حيث يؤكد على أن غاية التأنس والتجسد هي التأله في عبارته الشهيرة التي تقف حجرة عثرة أمام كثيرين، مستخدِمًا الصيغة التبادلية كالتالي:

”لقد صار إنسانًا لكي يؤلهنا“. [124]

(أثناسيوس (قديس)، ، تَرْجَمَة: د. )

ثم يؤكد في موضع آخر ويربط بين التأله والخلاص كغايتين للتجسد، فالخلاص هو التأله والتأله هو الخلاص عند ق. أثناسيوس المعروف بأنه ”لاهوتي التأله“ كالتالي:

”لقد صار مثل هذا الاتحاد، لكي يصير ما هو بشري بحسب الطبيعة متحدًا بالذي له طبيعة اللاهوت، فيصير خلاصه وتألهه مضمونًا“. [125]

(أثناسيوس (قديس)، المقالات الثلاثة ، تَرْجَمَة: د. وآخرون)  

ويُردِّد ق. نفس كلمات ق. أثناسيوس قائلاً بأن غاية التجسد هي التأله كالتالي:

”لذا فقد صار مثلنا أي إنسانًا، لكي نصير مثله أعني آلهة وأبناء“. [126]

(Cyril of Alexandria, Commentary on John 21: 1. 1088bc)

ويردد وس معهما نفس الكلام قائلًا:

”لأن هذا الاتخاذ [أي التجسد] قد جعل الله إنسانًا، والإنسان إلهًا“. [127]

(أوغسطينوس، الثالوث، تَرْجَمَة: د. ، تقديم: الأسقف العام)

ويؤكد ق. اغريغوريوس اللاهوتي على نفس كلام الآباء السابقين أن غاية التجسد هي تأليه الإنسان قائلًا:

”والإنسان الأرضي الذي اتحد بالجسد بوساطة روح، صار إلهًا عند ما امتزج بالله، وصار واحدًا يغلب فيه الأفضل والأرفع، وبذلك أصبح أنا إلهًا بقدر ما أصبح هو إنسانًا“. [128]

، الخطب 27- 31 اللاهوتية، تَرْجَمَة: الأب )

ويقول أيضًا ق. اغريغوريوس في موضع آخر بنفس السياق:

”وكما تشبَّه المسيح بنا، فلنتشبه نحن أيضًا به؛ صار إنسانًا لكي يؤلِّهنا، قَبِلَ كل ما هو قابل للفساد حتى يهبنا الأسمى“. [129]

(اغريغوريوس النزينزي (قديس)، عظات على (العظة الفصحية الأولى)، تَرْجَمَة: القس )

يؤكد ق. ا أيضًا على أن غاية التجسد هي تأليه الإنسان كالتالي:

”وبما أن هذا الجسد الذي صار وعاء للألوهة، قد نال ذلك أيضًا لكي يستمر في الحفاظ على وجوده، كما أن الله الذي أظهر ذاته، قد مزج نفسه بطبيعتنا المائتة حتى بهذه الشركة مع اللاهوت، يتيسر للبشرية أن تصير مؤلهةً في نفس الوقت“. [130]

(Gregory of Nyssa, Or. Cat: 37, PG 45.97b)

ويسير ق. المُلقَّب بـ ”أثناسيوس الغرب“ على نفس النهج في أن غاية التجسد هي تأليه الإنسان كالتالي:

”فالخطية الموجهة ضد الروح هي إنكار كمال قوة الله، ونقض للجوهر الأزلي في المسيح، الذي صار من خلاله الله في الإنسان، ليصير الإنسان إلهًا“. [131]

(Hilary of Poitiers, The fathers of the church vol. 125 (Commentary on Mathew), Trans. By D. H. Williams, Edit. By David G. Hunter)

كما يؤكد ق. هيلاري في نفس السياق على الحقيقة السابقة قائلاً في موضع آخر:

”فإنه حينما وُلِدَ الله ليكون إنسانًا، لم يكن الغرض هو فقدان الألوهية، بل ببقاء الألوهية، يجب على الإنسان أنْ يُولَد ليصير إلهًا“. [132]

(هيلاري أسقف بواتييه، عن الثالوث، تَرْجَمَة: راهب من دير أنبا أنطونيوس)

يتضح من خلال أقوال معلمي البيعة المقدسة شرقًا وغربًا أن غاية التجسد هي تأليه الإنسان سواء قبل السقوط أو بعده، بالتالي، كان التجسد سيحدث حتى لو لم يخطئ ، لكي يؤله الله الإنسان باتحاده به في التجسد ليهبه الخلود والحياة الأبدية أي حياة الله، لأنه يجعلني اشترك فيها معه باتحادي به في المسيح الكلمة المتجسد، ولا يوجد وسيلة أخرى أعلنها الله من أجل تحقيق ذلك سوى التجسد الإلهي.


هوامش

[124] أثناسيوس (قديس)، تجسد الكلمة، تَرْجَمَة: د. جوزيف موريس، (القاهرة: ، 2003)، 54: 3، ص 159.
[125] أثناسيوس (قديس)، المقالات الثلاثة ضد الين، تَرْجَمَة: د. صموئيل كامل وآخرون، (القاهرة: المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، 2017)، 2: 70، ص 262.
[126] Cyril of Alexandria, Commentary on John 21: 1. 1088bc
[127] أوغسطينوس، الثالوث، تَرْجَمَة: د. أنطون جرجس، تقديم: الأنبا أنجيلوس الأسقف العام، (القاهرة، 2021)، 1: 13: 28، ص 153.
[128] اغريغوريوس النزينزي (قديس)، الخطب 27- 31 اللاهوتية، تَرْجَمَة: الأب حنا الفاخوري، (لبنان: منشورات ، 1993)، خطبة 29: 19، ص 100.
[129] اغريغوريوس النزينزي (قديس)، عظات على عيد القيامة (العظة الفصحية الأولى)، تَرْجَمَة: القس لوقا يوسف، (القاهرة: الأرثوذكسي، 2015) 44: 5، ص 15.
[130] Gregory of Nyssa, Or. Cat: 37, PG 45.97b
[131] Hilary of Poitiers, The fathers of the church vol. 125 (Commentary on Mathew), Trans. By D. H. Williams, Edit. By David G. Hunter, (Washington DC: The catholic University of America Press, 2012), on Mt 5: 15, p. 84.
[132] هيلاري أسقف بواتييه (قديس)، عن الثالوث، تَرْجَمَة: راهب من دير أنبا أنطونيوس، (البحر الأحمر: دير أنبا أنطونيوس، 2017)، 10: 7، ص 690.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: أرثوذكسية تأله اﻹنسان[الجزء السابق] 🠼 التأله غاية خلق الإنسان[الجزء التالي] 🠼 التأله بالأسرار المقدسة
أنطون جرجس
بكالوريوس اللاهوت اﻷرثوذكسي في   [ + مقالات ]

صدر للكاتب:
كتاب: عظات القديس غريغوريوس النيسي على سفر الجامعة
ترجمة كتاب: "الثالوث"، للقديس أوغسطينوس أسقف هيبو
ترجمة كتاب: "ضد "، للقديس غريغوريوس النيسي