لا تضلوا.. لو عرفتم طبيعة الله أنها صالحة لآمنتم أن المسيح مخلصنا هو ”الله الظاهر في الجسد“.
لاَ تَضِلُّوا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ. كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ.
(رسالة يعقوب 1: 16، 17)
خلاصة القول عما سبق شرحه وجاء في الإصحاح الأول أن الله لا يُجرِب أحداً بالشرور. فليس من المعقول أن الله أبو الأنوار والصلاح يتسبب في ثورة الشهوات الرديئة في الإنسان ويشن عليه حرب الرذائل والشرور ليمتحن صدق إيمانه. نحن لم نر الله يصنع هكذا مع أيوب أو يونان أو إبراهيم أو غيرهم من رجال الإيمان الذين امتحنهم الله.
لهذا نجد الوحي المقدس يستطرد في حديثه عن التجربة التي يسمح بها الله أنها لتزكية الإيمان، وكيف أن محتوى التجربة هو للصلاح وليس فيه شُبهة شر. فكيف لله الذي هو الحياة ومنبعها ينسبون إليه -سبحانه -صفات الشر والموت والأذية والمكر والضرر؟
فماذا إذاً تكون صفات وأعمال الشيطان؟
إن الحياة والصلاح المطلق وخير الإنسان، هو من صميم طبيعة الله التي لا تغيير فيها. لذلك وجب الإيمان والثقة والرجاء فيه -تبارك اسمه. ووجب الاحتراس من الآلهة الكذبة ”كل آلهة الأمم شياطين“. فكل متغير ليس حق. الله هو الوحيد غير المتغير وكذلك صلاحه، بالتالي عطاياه.
”أَنَّ هِبَاتِ اللهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ“
(رسالة بولس الرسول إلى رومية 11: 29)
واستكمالا لتعريف الوحي المقدس بأن الحق غير متغير وأنه ليس مثل أمور هذا الزمن المتغير الوقتي، لذلك فإن الوحي يؤكد على أن الله لا ظِل له مثل المخلوقات عندما تقع عليها أشعة الشمس، لأنه -سبحانه- ليس خاضع للزمن المخلوق المتغير بدوران الأرض حول الشمس فيظهر ظل الشيء ثم يزول.
لذلك فإن ثقة المؤمن بالتالي سلامه الداخلي غير مسبوق: ”سلامي أنا أعطيكم، ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا“. وكلما ارتبط أمرٌ ما بربنا زاد ثباته وزادت الثقة من ناحيته مثل ثقة الناس في رجال الدين الذين ظهر صلاحهم بأن تخرجت من تحت أيديهم أجيالاً مقدسة، ومثل كثير من صداقاتنا التي تأسست على الارتباط بالمسيح في مجتمع كنسي روحي حقيقي غير كاذب.
شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ.
(رسالة يعقوب 1: 18)
ثم يأتي الوحي بحقائق تثبت طبيعة الله الصالحة. فيذكر صلاح مشيئته وعمله ونعمته التي يقدمها الله مجاناً لكل بشر يقبل الإيمان به في المسيح. ويشهد أن المسيحية تتلخص في الولادة الثانية للإنسان من فوق من الله (اقرأ حديث المسيح مع نيقوديموس في إنجيل يوحنا 3 عن الولادة الثانية للإنسان من فوق) التي يصير بها الإنسان ابناً لله بالتبني بواسطة بنوة المسيح للآب بالطبيعة.
فإن كان ارتباط اللحم والدم بين البشر لا يمكن أن يتغير، بل هو فوق أي تغيير لأن الأبوة البشرية لا تزول ولا تتأثر بأي متغير، فكم بالحري انتسابنا لله بالولادة الثانية لنا منه سبحانه عبر بشريتنا في المسيح يسوع.
وعن هذا التبني يقول البابا أثناسيوس الرسولي:
”نحن البشر جُعلنا آلهة بالكلمة (المسيح ابن الله وكلمة الله) بسبب إننا اتحدنا به من خلال جسده (الذي أخذه من العذراء مريم عندما تجسد)“.
(القديس أثناسيوس)
فصارت لنا صفاته في الخلود والحياة الأبدية والبر والصلاح وبذلك صرنا من أهل بيت الله من خلال المسيح يسوع ابنه الوحيد الواحد مع الآب والروح القدس في الألوهة ولا شريك له سبحانه.
والسُبح لله.
بقلم د. رءوف إدوارد
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟