تردد سؤال عن صلاحيات البابا في توجيه أسقف من الأساقفة، وللإجابة على هذا السؤال لابد أن نقف على نظام الكنيسة وعلى طبيعة المرحلة:
* كنيستنا كنيسة مجمعية بمعنى أن القرارات فيها تصدر عن مجمعها الذي يضم المطارنة والأساقفة والبابا ووكلاء البطريركية في القاهرة والإسكندرية، وللبابا صوت شأن بقية الأعضاء وفى حالة تساوي الأصوات ترجح الكِفّة التي فيها البابا باعتباره الصوت المرجح.
* حالة البابا شنودة استثنائية لأسباب تاريخية فهو الذي اختار غالبية أعضاء المجمع، وكان أغلبهم شباب صغير يدين بالولاء والخضوع لقداسته، لاعتبارات عدّة، وكان يجيد توجيههم فيصدر القرار بما يراه هو مع الاحتفاظ بشكل وآليات التصويت، الذي كان يتم في الغالب بالتمرير.
* جاء البابا تواضروس مؤمنا بضرورة نقل إدارة الكنيسة من الفرد إلى المؤسسة، ربما بحكم دراسته (ماجستير في إدارة الصيدليات)، وتلمذته على المَطْرَان أنبا باخوميوس الذي أدار الكنيسة باقتدار في لحظتين غاية في الحساسية والخطورة وخرج بالكنيسة منهما دون أدنى ضرر؛ مرحلة عزل البابا بقرار من رئيس الدولة (سبتمبر 1981، يناير 1985)، والمرحلة الانتقالية عقب رحيل قداسة البابا شنودة حتى اختيار قداسة البابا تواضروس.
* أعاد البابا تواضروس مفهوم كون البابا الأخ المتقدم بين أخوة، وترجم هذا في الصلوات الطقسية، في جملة “إشليل” (صلوا) التي استقرت قبله على قولها دون إضافات باعتبار البابا متقدما عن الأساقفة، فإذا يه يعدل الصياغة إلى “إشليل إفلوجيتيه”، التي تعنى صلوا معي، وهى بالأساس عندما يتواجد عدد من الآباء من نفس الرتبة، الأمر الذي لم يحسن إخوته فهمه.
* تكون لوبي معارض للبابا داخل المجمع قوامه الآباء الذين خرجوا من الترشيحات البابوية لأسباب عدّة قبل القرعة يعرفها القائمقام البطريركي والقريبون من كواليس الانتخابات، وبعضها مقلق. وبعض المعارضين ممن يدينون بالولاء لمن رحلوا من المرشحين وكانوا السبب في رسامتهم.
* معالجة البابا تواضروس تتسم بالعقلانية والتريث خَشْيَة أن يصعد هذا اللوبي تهديداته بنشر افتراءات أجادوا صنعها بحنكة، وتتلمذوا عليها قبل مجيئه، خاصة مع تنامي آليات العالم الافتراضي وتجنيدهم للجان إلكترونية تعمل بإمرتهم، وستدفع الكنيسة وقتها فاتورة عبثهم، من سلامها وربما وجودها، في تكرار لخيبات طيف من أسلافهم في القرون السحيقة، وكانت النتيجة وقتها مريعة.
* جزء بل ربما الجزء الأكبر من الأزمة المعاشة والمزمنة غياب المجلس الذي يمثل المدنيين أو الرعية ومسماه التاريخي “المجلس الملي” وهو مسمى لا يصلح في عصر الدولة المدنية القومية، التي تجاوزت الملل والنحل والطوائف، ولم تعد مهامه التي نص عليها قانون تشكيله قائمة، لذلك فانفراد الإكليروس بإدارة الكنيسة أنتج كل الأزمات والمتاعب التي تعاني منها بل ويعاني الإكليروس منها، وهو الأمر الذي انتبهت إليه كنيسة الرسل حسب رصد سفر الأعمال وصححته.
* قداسة البابا عندما نُفى البابا أثناسيوس الرسولي وطاردته قوى الشر الرسمية والكنسية، وقتها، احتمى بشعبه في الكفور والنجوع حتى عاد إلى كرسيه.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟
صدر للكاتب:
كتاب: العلمانيون والكنيسة: صراعات وتحالفات ٢٠٠٩
كتاب: قراءة في واقعنا الكنسي ٢٠١٥
كتاب: الكنيسة.. صراع أم مخاض ميلاد ٢٠١٨