المكارثية [McCarthyism] هي فعل توجيه الاتهامات الخطيرة لأشخاص (أو لشخوص اعتبارية) دون الركون إلى أدلة مادية، فقط الارتكان على القليل من الشبهات التي يتم تضخيمها إعلاميا من أشخاص نافذين، وعلى حالة الهلع والاستياء التي تنتاب الجموع بسبب خطورة الاتهام.

تم صك المصطلح بعدما تسبب عضو مجلس الشيوخ الأمريكي البارز ورئيس إحدى لجانه “جوزيف مكارثي”، في سجن عدد من موظفي الخارجية المهمين، بتهمة اعتناق الة والعمالة للاتحاد السوفيتي، كما طالت اتهاماته عدد كبير من فناني الأفذاذ، قبل أن تثبت براءة الجميع وزيف الاتهامات، في خمسينيات القرن الماضي. أصدر مجلس الشيوخ في عام 1954 قراراً بتوجيه اللوم عليه. ويستخدم هذا المصطلح للتعبير عن الإرهاب الثقافي الموجه ضد المثقفين.

يلزم لإقامة المناخ الإرهابي المكارثي عدد من العناصر، يتم تضفيرها معا للوصول لهذا المناخ، والذي هو هدف بذاته، يتربح منه المكارثيين.

المكارثية القبطية 1فبداءة، يلزمنا وجود “عدو”، على أن غيابه لن يفت في العضد، فيمكننا دائما خلق “عدو” وتصنيع حالة من الكراهية الممزوجة بالرعب حياله، ثم يتم استغلال حالة التسطيح الجمعي مع امتلاك جهاز إعلامي قوي، يقدم للجمع ما يرغب في سماعه، أو باﻷحرى يقدم تجسيما لمخاوفهم وكوابيسهم وبأنها قادمة بقوة إن لم تفعل شيئا تجاهها… وأخيرا يتم اصطياد الضحايا.

(الصورة على هي لغلاف مجلة هزلية أمريكية تم نشره عام 1964م، تخاطب ذعر الشعبويين عن شبح الشيوعية الذي ينتظرهم. لمشاهدة تفاصيل الصورة بحجم أكبر، قم بالنقر عليها.)

هل ينطبق هذا السيناريو على الواقع القبطي الحالي؟؟
الواقع أنه يتطابق بقضه وقضيضه!

فلدينا أعداء كثيرين نحتتهم بعناية أزاميل البطريرك المتنيح، من ملل ونحل مسيحية مستوردة أتت مع الاحتلال ولا هدف لها إلا استلاب تاريخنا التليد، واختلاس إيماننا القويم، ولن تقر لهم عين ولن يغمض لهم جفن، إلا أن نتبع ملتهم الهرطوقية الزائغة عن الإيمان اﻷرثوذكسي المهدد بالضياع لوﻻ وجودنا،

هم أيضا لا يكتفون بالتمني، بل أن التخطيط يجري على قدم و ساق لالتهام الثمرة الشهية اليانعة، والاختراقات لا تتوقف، بل انهم زرعوا بالفعل خداما و قساوسة و رهبانا من اﻷعداء في داخل كنيستنا، بل الأدهى انهم زرعوا أساقفة، ولولا أن الرب هيأ لنا عددا من “أسود العقيدة”، تذب عنا وعن الإيمان المسلم به، لالتهمونا أحياء.

المكارثية هي حالة دنيئة، وفعل بشري منحط، لا يتم إلا لأغراض شخصية ساقطة، لأن النفس الإنسانية المستقيمة تعاف الظلم، وتعاف توجيه الاتهامات هكذا.

المكارثية القبطية 3المكارثية يسهل دحرها بوجود إناس نبلاء شجعان، لا يلقون بالا إلا للحق، ولا ينحازون إلا للحقيقة، مثلما فعل الإعلامي “إدوارد مارو” مع المكارثي الأول.

(أود دعوة الجميع لمشاهدة الفيلم الرائع “Good Night, and Good Luck” )

تنتهي دائما المكارثية بمقترفيها نهايات مأساوية، لأن هذه هي طبائع الأمور، انتهي رائدها مسجونا بتهم الفساد والتزوير، ونحن نبشر مكارثيينا الحاليين بمصير مشابه، فهل يتعظ احدهم!

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

رجائي شنودة
[ + مقالات ]