في البَدْء خلق الله شجرة المعرفة وشجرة الحياة في وسط الفردوس ليرينا أن الحياة لا تنفصل عن معرفة الحق ”وتعرفون الحق والحق يحرركم“.و شجرة المعرفة ليست هي التي تُميت بل المعصية.
لا حياة دون معرفة، وما من معرفة حقيقية دون حياة حق ”هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته“، لذلك فالشجرتان غُرِسَتا معاً في مكان واحد (وسط الجنة). و بذلك يرينا الله أن الحياة هي بالمعرفة، ولكن الإنسان الأول لم يطلب المعرفة النقية من الله، فتعري مِن المعرفة بواسطة غَوَاية الحية.
لقد أدرك الرسول قوة التصاق الحياة والمعرفة، فشجب المعرفة المتحررة من الحق ومن الطاعة لمنهج/ وصايا الحياة التي يمنحها الحق، ولذلك قال ”الْعِلْمُ يَنْفُخُ، وَلكِنَّ الْمَحَبَّةَ تَبْنِي“. (رسالة بولس الرسول الأولى إلى كورنثوس 8: 1). فمَن يريد المعرفة الحق فليسع في طلب المعرفة التي تشهد لها الحياة.
والعكس صحيح لمِن لا يحب الحياة، تغويه الحية/ الشيطان بالمعرفة غير المرتبطة بالحياة أو تطلبها بل وقد تكون في مضادة معها. هذه هي معرفة الشيطان ”ذاك كان قتالاً للناس منذ البَدْء“. فلا عجب أن الرب وصف الشيطان، برغم علمه ومعرفته الواسعة، بأنه ”الكذاب وأبو الكذاب“ لأن معرفته لا تستمر في طلب الحياة بل تعود وتكذب وتقود إلى الموت. عن هذه المعرفة قال الوحي ”الذي يزداد علماً يزداد غماً“.
أما محبي الرب فإنهم يصيرون فردوساً للنعيم، لأن الله يُنبِت فيهم شجرتا الحياة والمعرفة فيملأهم الرجاء بطلوع كل أنواع الثمر من كل شجر الجنة. وهم متسربلون بالتقوى والخشية وليس بالمعرفة التي تنفخ، فليكن قلبك وعاء المعرفة، ولتصبح الكلمة فيك شهادة حياة، وإذا نمت فيك الشجرة (حب المعرفة)، ورغبِتَ أن تأكل من ثمارها، فإنك بذلك تنال ما ترجوه من الله الذي وعدنا وأوصانا ”و تعرفون الحق“. وهو ما لا تقوى الحية حتى على لمسه ولا أن يناله فساد.
فها كل شيء قد تغيَّر ولا مجال بعد لترديد الفهم الخاطئ للقول ”بينما يتجادل اللاهوتيون يتسلل البسطاء إلى ملكوت السموات“ الذي ينحدر بالإنسان إلى العزوف عن طلب الحياة التي في المعرفة، إن اللوغوس/ الرب الكلمة، يفرح عندما يُعلِّم به القديسون ليتمجد الآب بالأبن في الروح القدس آمين.
والسُبح لله.
إعداد د. رءوف إدوارد
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟