هناك ترنيمة جميلة تقول فيها المرنمة مخاطبة الله: أقدر أقوله يا أبويا، وأقدر أقوله حبيبي.

عادة ما نفكر في الله ونشير إليه كأب. يقال إن الأب هو حب الابنة الأول وهو النموذج الذي يتعلم منه الابن معنى الرجولة. ليس غريبًا إذًا أن نفكر في الله كأب؛ الشخص القادر على أن يقود ويؤدب كما يحب أيضًا.

لكن الكتاب المقدس يستخدم أيضًا صورة الأم في بعض المواضع ليصف الله.

في إشعياء ٦٦: ١٣، يخاطب الرب شعبه قائلًا: كإنسان تعزيه أمه هكذا أعزيكم أنا.

وفي متى ٢٣: ٣٧، نرى يسوع وهو يرثي أورشليم قائلًا: يا أورشليم، يا أورشليم! يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، ولم تريدوا!

وفي إشعياء ٤٩: ١٥، يؤكد الله لشعبه عن محبته التي لا تتغير من خلال هذا السؤال الاستنكاري: هل تنسى المرأة رضيعها، فلا ترحم ابن بطنها؟ حتى هؤلاء ينسين، وأنا لا أنساك.

وكأن الله عندما أراد أن يعطي تصورًا أكمل عن الكيفية التي من خلالها يحبنا ويرعانا، استخدم مثال الأم خصوصًا عندما تعلق الأمر بالتعزية (أو التدليل)، الحماية وثبات المحبة.

تشعر الأم بالهم في قلوب الأبناء، حتى لو لم يتكلموا عما يشغلهم. كل واحد منا يستطيع أن يتذكر مرة على الأقل شعرت فيها الأم (أو شخصًا يمثل صورة الأم في حياتنا) بما تضيق به القلوب وجاءت لتعزي وتعطي الأمل أن كل الأمور ستتحسن، وأحيانًا فعلن ذلك دون حتى أن ينطقن بكلمة!

واستخدم الكتاب المقدس أيضًا صورة الأم التي تحمي، حتى ولو على حساب نفسها. تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها لتحميهم من الخطر، حتى ولو كان ذلك يكشفها هي للخطر بشكل أكبر. تصف الصورة هنا حب الله المضحي الذي أراد أن يحمي خاصته من شرور العالم، بل وحتى من شرور أنفسهم كما عبر يسوع في خطابه لأورشليم. لا تكفي كلمات الشكر حق كل أم رعت وبصبر قدمت الحماية لتحمى أبناءها من آلام وشرور الحياة.

وعندما أراد الله أن يؤكد أنه سيظل دائمًا معنا وأنه لن ينسانا، جاء الاستخدام مرة أخرى لصورة الأم وهذه المرة عن طريق اقتراح المستحيل: أن تنسى الأم رضيعها! التأكيد هنا يأتي من المفارقة التي يقترحها النص: أنه حتى وإن حدث المستحيل، فإن الله لن يتغير!

في يوم الأم، أشجع كل امرأة أن تتذكر مدى قوة وأهمية وجودها في حياتنا، ومدى احتياجنا لمحبتكن.

وأيضًا أن أطلب من الجميع أن يتذكر أمهات منطقتنا المنكوبة بالصراعات والفقر والتمييز. تذكروا هؤلاء البطلات اللواتي يحملن مسؤوليات عوائلهن بالرغم من الضغوط الساحقة. تذكروا من كسرت قلوبهن وخسرن أحبابهن بسبب الحرب، الاضطهاد أو الموت في طرق الهجرة والفرار. هؤلاء اللواتي يقدمن أقصى ما يستطعن بالرغم من كل التحديات، يقدمن حبًا في عالم تملؤه الكراهية ويزرعن ابتسامة حتى في وسط الدموع…

من أجل كل هؤلاء أتمنى عيد أم سعيد وأصلي أن تمتلئن من يقين محبة الله لكن. هو الذي يعرف ما في قلوبكن، يعرف كل تحدياتكن ويحبكن بنفس القدر الذي تحبون به أبناءكم، بل وأكثر جدًا!

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

چورچ مكين