ما زالت تداعيات سيمينار المجمع المقدس تملأ وسائل التواصل الاجتماعي، بين مؤيد ومعارض. بيانات وأحاديث متضاربة أثرت سلبا على سلام الكنيسة، نلخصها في الآتي:
+ ظهر علينا مطران المنوفية يستنكر في حديث تلفزيوني أن علمانيين يعلموا الأساقفة
، وكأن الرتبة الأسقفية تجعل منه عالمًا لاهوتيًا عملاقًا من الخطأ أن يتعلم من علماني، حتي ولو كان هذا العلماني حاصلًا على أعلى الدرجات العلمية المتخصصة الأكاديمية من أعرق جامعات اللاهوت. من وجهة نظر هذا المطران أن الأسقف يُعلّم ولا يَتَعَلَم.
+ وأصدر مطران طنطا بيانًا متفلسفًا كعادته، يرى أن هناك توجه ما مش فاهمينه. طيب يا مطران العلاقات الزوجية وحالات الطلاق، احضر وناقش واثبت إيمانك الصحيح، بدلًا من الاستنكار وإثارة البلبلة. ثم أصدر نفس المطران بيانًا آخر يؤكد فيه إنهم عملوا جروب على WhatsApp من 17 مطرانًا وأسقفًا، وكان بينهم من لا يريد الحضور، وآخرين قالوا سوف نحضر ونرد، وقد تغيب عن هذا الجروب الأنبا موسى والأنبا أبانوب لذلك سجلوا أحاديث بالمساندة لهم.
+ وأسقف نيويورك يلمح بأن البابا محتاج محاكمة كنسية ويفتخر بأنه تعلم اللاهوت على يد أكبر عالم لاهوتي هو المتنيح الأنبا بيشوي، مطران دمياط، وأي لاهوتي يختلف مع ما تعلمه يُعتبر هرطقة.
+ ثم يأتي الأنبا رفائيل الذي كان مع البابا في القرعة الهيكلية، واُختير سكرتيرًا للمجمع القدس ولكنة لم يستمر ولم يتحمل توجيهات من البابا. فأصدر بيانًا متناقضًا تمامًا مع ما يدلي به من أحاديث تلفزيونية مسجلة، ليدعي أن المجمع لا يوجد به خلافات وأنهم يقدرون قداسة البابا تواضروس ويستنكر القائمة المطبوعة والمنتشرة على غالبية وسائل التواصل الاجتماعي. صدق المثل الشعبي القائل: أسمع كلامك، أصدقك.. أشوف أمورك استعجب.
+ وفي نفس الوقت خرج علينا أسقف الشباب -المُسن- بحديث مسجل ليؤكد العكس، ويعلن تأييده الشديد للآباء المعارضين.
+ وأيضًا حديث آخر لأسقف المقطم الذي رسمه البابا تواضروس وسانده في كثير من المشاكل في منطقته. يؤيد فيه الآباء المنشقين ويشكرهم للحفاظ على الإيمان الأرثوذكسي.
+ وأسقف أطفيح لا يفوت أي فرصة في عظاته إلا ويدس السم في العسل ونفث ببعض السموم في داخل العظة.
+ لن أتكلم عن الأسقف المغاغي، لأنه ينفذ ما يؤمر به. ولا يعلم ألف باء اللاهوت العقيدي، ولكن الأخ دياكون المزرعة وشماشرجي أسقف مغاغة دائم التطاول على قداسة البابا تواضروس الثاني ويلومونه على إحضار مواد جاهزة لعمل الميرون بدلًا من الطحن بالهون، وعلى استخدام الرولة في تدشين الصور بالميرون، حتى إذا كان الارتفاع عالي جدًا ولا يستطيع الوصول إليه في بعض الكنائس والأديرة.
لا أريد أن أتمادى في تذكيركم بهذا اللغط،
+ ولكن الذي زاد الطين بله، ووضعنا في موقف حرج أمام غير المؤمنين، خروج الداعية الإسلامي معاذ عليان ليفضح هذه المواقف المتناقضة من آباء منوط بهم الحرص على الكنيسة بالعقل والحكمة، وبكل خبث يتساءل، أين هي المحبة التي يعظون بها الناس؟ وأصبحت أخبار المجمع في الكنيسة القبطية مجالًا للسخرية.
طوال هذه الأحداث كان هناك صمت كامل من البطريركية، وأحاديث متناقضة بين الآباء وبيانات ركيكة مسكنه ولا تعالج السبب الرئيس للمرض. حتى خرج علينا المقر البابوي ببيان تحت عنوان المحبة لا تسقط أبدًا
، ومضمونه تأجيل السيمينار المزمع عقده لمزيد من الدراسة والبحث بسبب ملاحظات الآباء التي وردت للبطريركية، ودعوة اللجنة الدائمة لمجمع الأساقفة للاجتماع قريبًا، هذه اللجنة أعضاءها 23 مطرانًا وأسقفًا، ومنهم على الأقل 4 آباء ممن يناصبون البابا العداء.
بالرغم من أن البيان قد يخمد النيران قليلًا، إلا أنه خيب آمال الكثيرين من المخلصين للكنيسة، إذ أنهم كانوا يتوقعون وضع حدا لهذا الهراء، لأنه كما يقول الكتاب كأس الأموريين قد امتلأت
الأساقفة المارقين، كان لا يستطيع أحد منهم أن يُبدي ولو مجرد رأي مخالف للبابا شنودة، وكانت تتجمع الإمضاءات بمرور الورقة علي الآباء وعليهم التوقيع دون سؤال، وإلا ستتم محاكمتهم برئاسة مطران المحاكمات الملفقة، الآن كل منهم يحاول أن يأخذ دور البطولة في الحفاظ على الإيمان. في بداية عصر البابا تواضروس كنا نظن أن الآباء كانوا في كبت كامل لفترة طويلة وبدأنا في عملية التنفيس عما بداخلهم، فترة وستنتهي! ولكنهم تمادوا، وكلما قدم لهم قداسة البابا تنازلًا بروح المحبة والاتضاع، كلما زادوا في عنادهم ومعاداتهم لأي إصلاح كنسي.
أرى أن السبب الرئيس لمعارضة قداسة البابا هو نقص المحبة لدي هؤلاء الآباء، والمحبة هي رباط الكمال، وأيضًا استغلال طيبة وتسامح البابا استغلالًا سيئًا، نفس الأفعال التي كان المتنيح البابا شنودة الثالث وكانوا يقبلونها بكل ترحاب بل ويمجدون فيها ويكيلون المديح له، يعترضون عليها إذا فعلها قداسة البابا تواضروس الثاني، يلومونه في أي شيء، يلومونه على علاقته الطيبة مع الدولة، ومع الطوائف الأخرى، ويلومونه على المحبة التي ينادي بها ويعيشها، لأنهم تعودوا على الأسلوب التصادمي والثورجي لمدة طويلة. وكما قال الرب يسوع المسيح له المجد؛ زمرنا لكم فلم ترقصوا، نحنا لكم فلم تبكوا
، وصدق المثل القائل؛ حبيبك يبلع لك الزلط، وعدوك يتمنى لك الغلط.
وللأسف الشديد هؤلاء الآباء يعظون في الكنائس عن الطاعة، وابن الطاعة تحل عليه البركة، وعن المحبة التي تستر كثرة من الخطايا، وعن الاتضاع لان الله يقاوم المستكبرين، أما المتواضعين فيعطيهم نعمة، ما هذا التضارب والتناقض الشديد بين الأقوال والأفعال؟ كما اعترض الكتبة والفريسيون المراؤون علي السيد المسيح لأنه كان يشفي في يوم السبت، نرى ونشاهد الفريسيين الجدد يفعلون نفس الشيء دون خجل، فعلًا ما أشبه الليلة بالبارحة.
غالبية المطارنة والأساقفة المارقين المنشورة أسماءهم على الميديا، لم يتشبعوا من الروح الرهبانية، الرهبنة عندهم ليست انحلال من الكل للارتباط بالواحد، بل كانت الطريق الوحيد للأسقفية، وبعد الأسقفية ظن كل واحد منهم أنه مبعوث العناية الإلهية، خصوصًا عندما تطول فترة خدمة الأسقف، فتخدعه نفسه ويظن أنه هو صاحب هذه الخدمة وبدونه لم تكن لتستمر، ولا يتخيل نفسه بدون هذه الخدمة، ولا يتخيل الخدمة بدونه. والنتيجة هي أن يتعامل مع خدمته كملكية خاصة ويكوّن لنفسه شللية تدعم ذاته ونفوذه فيشعر بالقوة ثم يبدأ في إعلان استقلاليته وتمرده على الرئاسة الكنسية.
معظم هؤلاء المطارنة والأساقفة، خصوصا القدامي، كان لهم مناصب بالإضافة إلى إيبارشياتهم، وكانوا يتواجدون في المقر الباباوي بصفة شبه مستمرة، والآن انحسر عنهم الضوء في وجود أجيال جديدة، وبعد استبدالهم بآباء جدد وكل منهم يحاول أن يكون له دور وتحت الأضواء عملا بالقول الشائع الإيد البطالة نجسة
من وجهة نظري المتواضعة، الحل للمشكلة الحالية والسجس المنتشر بين أعضاء المجمع من مطارنة وأساقفة يكمن في الآتي:
١. التأييد الكامل من كل المطارنة والأساقفة المستنيرين والخدام العلمانيين الغيورين لقداسة البابا تواضروس الثاني في كل التحركات الإصلاحية التي يتخذها. فالكنيسة هي جماعة المؤمنين إكليروسًا وشعبًا. ويجب أن يشعر قداسة البابا بأن الشعب يحبه ويلتف حوله إلا بعض النفوس المريضة التي اصطادت الرتبة الأسقفية اصطيادًا وكل منهم يعلم في داخله كيف وصل لهذه الرتبة
٢. طبقًا للبيان البابوي، تأجيل السيمينار وعدم إلغاءه، والبقاء عليه بنفس المتكلمين، ومن أراد أن يحضر فليحضر، والممتنع يعرض نفسه لعقوبة كنسية. السيد المسيح بنفسه قال من أراد أن يقبّل فليقبل.
٣. اتخاذ قرار له صفة القانون من اللجنة الدائمة لمجمع الآباء، خصوصا أن بها كثير من المستنيرين والذين يرفضون ما حدث، هذه اللجنة إذا وافق علي قرارها ٧٥٪ من أعضائها يكون للقرار قوة القانون الكنسي.
٤. في حالة ثبوت خطأ المعترضين والتأكد من الإيمان السليم للأكاديميين، يجب إرغام الآباء المعترضين ولو بقرار مجمعي بالاعتذار العلني وإصدار بيان للشعب بذلك.
٥. يجب أن نطالب قداسة البابا تواضروس بتوعية الشعب حتى لا ينخدع من هؤلاء، وفتح المجالات لزيادة دور العلمانيين في الكنيسة، وأنشطتها المختلفة، خصوصا أصحاب الاختصاص، فلا يعقل أن يكون المشرف على مستشفى تابع للكنيسة كاهنًا ليس طبيبًا في وجود أطباء كثيرين. أو وجود كاهن مسؤول عن المباني في وجود مهندسين متخصصين وهكذا.
٦. قرار بمنع أي أسقف من التحكم في ماليات الإيبارشية، وعمل لجان مالية لضبط الحسابات، لأن كثرة المال مع السلطة تفسد، ويظن الأسقف أنه كل شيء في الإيبارشية دون رقيب أو حسيب.
٧. إذا كان قداسة البابا لا يريد المواجهة مع قدامى المطارنة والأساقفة، على الأقل يجب أن يحاسب من رسمهم مثل أسقف أطفيح وأسقف المقطم وأسقف شمال الجيزة، حيث أنهم من أبناؤه واختياره، وإلا فليرجعوا إلى أديرتهم. مع واحد من رسامات العهد السابق، ويا حبذا لو كان الأسقف المغاغي الذي لوث أفكار الكثيرين ودائمًا ما يسلك طريق أخيتوفل، فليرجعوا إلى أديرتهم إذا كانوا فعلًا ترهبنوا من أجل الوحدة وليس من أجل السلطة الكهنوتية.
فليحفظ الرب كنيسته من كل شر وينير أعين القادة العميان حتي لا يسقطون مع الشعب في حفرة.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟