المقال رقم 10 من 12 في سلسلة ملكوت الله سيمتد

بكل تأكيد ليس الخطأ في حيث الناموس روحي وصالح وعادل ومقدس أيضًا، إذن أين يكمن الخطأ؟ ولماذا الناموس إذن؟ تلخص هذه الآية هدفين جاء الناموس لأجلهم.

لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ

(رسالة بولس إلى رومية ٣: ٢٠)

الهدف الأول، في الحقيقة إن الله لم يعط الناموس كي يجعل الشخص بارًا، لأنه يستحيل أن يتبرر الإنسان بمعرفة الناموس أو بأعمال الناموس كما أوضحت سابقًا أن الجميع فشلوا بلا استثناء، إذن الله كان يعلم بهذا، نعم!! بكل تأكيد، فكان لابد أن يكتشف الإنسان عجزه وضعفه بل لابد أن يكتشف أيضًا أن حياته هي العدم ما دام مٌنفصل عن حياة الخالق (حياة الله) وهذا لم يتأت بدون الاتحاد بالله و هذه هي الغاية والهدف الأسمى الذي لأجله تجسد إبن الله وشاركنا في اللحم والدم.

هذا يقودنا إلى الهدف الثاني وهو المذكور في الآية نفسها وهو بالناموس معرفة الخطية، لأني قبل أن يأتي الناموس لم نكن نعرف ما هي الخطية حسب تعبير الرسول هنا.

فَمَاذَا نَقُولُ؟ هَلِ النَّامُوسُ خَطِيَّةٌ؟ حَاشَا! بَلْ لَمْ أَعْرِفِ الْخَطِيَّةَ إِلاَّ بِالنَّامُوسِ. فَإِنَّنِي لَمْ أَعْرِفِ الشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ النَّامُوسُ: لاَ تَشْتَهِ.

(رسالة بولس إلى رومية ٧ : ٧)

ولتعريف الخطية أنها عدم إصابة الهدف الذي لأجله خٌلقت إذن الخطية في مجملها هي حالة في العدم أكثر منها فعل معين، أما الهدف الثالث الذي لأجله جاء الناموس توضحه رسالة غلاطية: إِذًا قَدْ كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالإِيمَانِ [1] والكلمة اليونانية التي ترجمت إلى «مؤدب» هي كلمة Paidagogs وهي الكلمة التي اشتقت منها كلمة Pedagogue والكلمة في الأصل تشير إلى عبد قديم في بيت رجل غني، يكون مسئولًا عن الأطفال في سنواتهم الأولى، فيقوم بعملين أولهم تعليم الأطفال المبادئ الأساسية في التعليم (مثل الحروف الأبجدية والطاعة والصواب والخطأ)، ثم عندما يتخطى الأطفال هذه المرحلة فوظيفته أن يقودهم في الطريق ويوصلهم إلى المعلم الحقيقي في المدرسة الحقيقية! إذن دور الناموس أن يعلن لنا عن ضعفنا وقصور طبيعتنا وأيضًا يؤدي بنا إلى المعلم الحقيقي «يسوع» كما يوضحه الرسول هنا لأَنَّ غَايَةَ النَّامُوسِ هِيَ: الْمَسِيحُ لِلْبِرِّ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ [2].

هل معنى ذلك أن الناموس انتهى؟! كلا!! بل سيثبت الناموس إلى الأبد لأنه جزء من كلمة الله وكلمة الله ستثبت ولن تسقط إلى الأبد، إذن عودة إلى السؤال أين يكمن الخطأ؟!

يرسم لنا في رسالة رومية الإصحاح السابع ورسالة غلاطية الإصحاح الرابع صورة توضيحية عن علاقتنا بالناموس قبل وبعد مجيء المسيح واتحادنا بشخص الرب المُقام. إذ يقول إن حياتك تحت الناموس تشبه عقد زواج يربط الناموس بطبيعتك الجسدية وفي هذه الحالة بالرغم من أنك صاحب ميراث ولك كل الميراث في الله لكنك ما دمت تحيا تحت الناموس فأنت تحت أوصياء ووكلاء لأنك لا تستطيع أن تؤتمن على الميراث مادمت تحيا تحت طبيعتك الجسدية أو ما يطلق عليه بولس جسد الخطية.

عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ.

(رسالة بولس إلى رومية ٦: ٦)

إذن لا مفر ولا مناص لكي تستلم الميراث وتؤتمن عليه أن تتخلص إما من الناموس وهذا بكل تأكيد يستحيل، لأن كلمة الله مثبته في السموات إلى الأبد، أو أن تتخلص من جسد الخطية، وفي الحقيقة أن لا تفعل هذا ولا ذاك بذاتك ولكن عندما تسلم إرادتك للملك السماوي وتؤمن وتتحد مع المسيح المقام من خلال الروح القدس فتصير لآخر  «رومية٧-٤» ونستطيع أن نقول أيضًا «أما الآن فقد تحررنا من الناموس، كيف؟ إذ مات الذي كنا مٌمسكين فيه ﴿جسد الخطية﴾ إذن بصليب المسيح قد صُلب الجسد مع الأهواء والشهوات، «وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ {جسد الخطية﴾ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. [3].

حينئذ نستطيع أن نعبد الرب بجدة الروح لا بعتق الحرف والناموس [4]

صديقي!! عندما نتزوج بالجسد، فإننا نجلب نسلا بالجسد، لكن عندما نتحد بالمسيح المقام كما كان يتغنى أباء كنيستنا الشرقيين، بهذه المقولة الشهيرة «أخذ الذي لنا.. وأعطانا الذي له» أي أن الكلمة يسوع أخذ كل ما لطبيعتنا. لكي يعطينا مما له. هذا ما يسمى بالمبادلة الخلاصية، إذن نحن نحيا ليس حسب الجسد بل باتحادنا بالمسيح المقام نحمل ونثمر ما له من بر و فرح ومحبه و ثمار الروح [5]، إذن الأمر لم يعد مرتبط بما تفعله بل بمن نحن متحدين فيه لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ [6].

لكي نصل إلى غاية الحياة المسيحية الحقيقية ونحيا مٌقادين بالروح القدس. لأن أبناء الله يُقادون بروح الله، أي نستطيع أيضًا نقول إن كل من هو يُقاد بروح الله هو ابن ناضج للرب وكل ابن ناضج يٌقاد بالروح القدس، يملك في الملكوت كملك، يؤتمن على ميراثه وميراثنا هو الله [7]، يحيا في العهد المقام بين الآب والابن يسوع وهذا حديثنا في العدد القادم، بنعمة الرب!!

هوامش ومصادر:
  1. رسالة بولس إلى غلاطية ٣: ٢٤ [🡁]
  2. رسالة بولس إلى رومية ١٠ : ٤ [🡁]
  3. رسالة بولس إلى غلاطية ٥: ٢٤ [🡁]
  4. رسالة بولس إلى رومية ٧-٦ [🡁]
  5. رسالة بولس إلى غلاطية ٥-٢٢ [🡁]
  6. رسالة بولس إلى رومية ٦: ٥ [🡁]
  7. رسالة بولس إلى رومية ٨-١٧ [🡁]

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: ملكوت الله سيمتد[الجزء السابق] 🠼 النضوج الروحي[الجزء التالي] 🠼 التجسد حدث فارق في طبيعتك
عاطف حنا
[ + مقالات ]