1- هل التطويبات دعوة لتدجين الشعوب؟

إن التطويبات ليست مشورات للضعف ولا تؤدي إلى الضعف.

أتعلم، إنه لمن الأسهل أن تحيا في الكراهيَة من أن تحيا في الضعف. فقط الأقوياء يستطيعون دائمًا بنعمة الله أن يحيوا في الوداعة. ولكن من الغريب أن ترى كيف أن ذوي السلطة في هذه الأرض يخافون من هذه الوداعة، فاللاعنف يمثل لهم مشكلة شنيعة.

ما أسهل أن تستخدم القوة في مقابل القوة، ولكن في مواجهة المقاومة غير العنيفة يعجز المقتدرون عن فعل أي شيء، فحلّهم الوحيد هو قتل قادة اللاعنف: ، كنج، وآخرون لا ترد أسمائهم في الصفحات، ولكنّي أعرفهم، هم ضحايا الظلم الذي يملؤه اللاعنف رعبًا.

لا، إن التطويبات لا تتواطأ مع الضعف بأي وسيلة من الوسائل. [1]

2- «طوبى لَكُم أَيُّها الفُقَراء، فإِنَّ لَكُم مَلَكوتَ الله»

بداية، حينما يتحدث المسيح عن بركة الفقر، لا يقصد مباركة البؤس، فالبؤس هو إهانة للخالق.

ما يعيش فيه ثلثا البشرية اليوم ليس فقرًا بل بؤسًا. والمسيح قطعًا لم يبارك البؤس.

خذ عندك مثلًا القديس فرنسيس فهو تغنّى “بالسيد الفقر” ولكنه لم يتغنَّ “بالسيد البؤس”، فلو كان هنا اليوم لتغنّى “بالسيدة العدالة”. [2]

رئيس الأساقفة وبائعة الهوى

كنتُ سائرًا ذات يوم لإعطاء مَسْحَة المرضى. وقد كانت تمطر بغزارة. فسمعت صوت امرأة تحيّيني من سيارة عابرة! دوم هلدر أتريد مساعدة؟ أجبتُ: نعم، لابدّ أن أذهب، فهناك مريضٌ ينتظرني” فقالت: إذً سأنزل وأدَع السائق يوصلك. فقلتُ لا، لا… لا تخرجي، سأركب معك. أنا سأجلس بجانب السائق في حين أنتِ تجلسين في المِقعد الخلفيّ. فقالت لا، بالطبع. إلّا أني بعد ذلك لاحظت أنها عاهرة عائدة من الحيّ الأحمر، لذلك لم تشأ أن تعرِّض سُمعتي للإساءة. فقلتُ، أنا مُصِرٌّ فكلّنا إخوة وأخوات. أنا سأجلس هنا في الخلف بجوارك. فقالت: ياه، يا دوم هلدر، لا بد أن السيّدة العذراء بعثت بك إليّ، فقد كان عيدها بالأمس. إنّني مريضة، وقد أموت في أيّ وقت، وكنت أرجو سيدتنا العذراء أن تمنحني فرصةً للقائك. أنظر، لديّ ستّ حقائب يد، في كلّ واحدة منها وضعتُ صورة لك أيّها الأسقف هلدر. الآن أنا على شفَا الموت، أفكّر في الماضي وأقول: “يا ربّ، أنا لا أستحقّ أيّ شئ، ولكن ارأف بي بسبب راعيََّ”.

أيَّ تواضع في هذه المرأة أو أيّ إيمان! [3]

 

هوامش ومصادر:
  1. الإنجيل بعيون معاصرة، ترجمة جون جبرائيل، حوارات مع رئيس الأساقفة دوم هلدر كمارا، منشورات نور على الطريق، معهد التربية الدينية، القاهرة. [🡁]
  2. المرجع نفسه. [🡁]
  3. المرجع نفسه. [🡁]

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جون جابريل
راهب في معهد الدراسات الشرقية للآباء الدومنيكان  [ + مقالات ]

صدر للكاتب:
كتاب نقدي: ، هل من روحانية سياسية؟
تعريب كتاب جوستافو جوتييرث: ، التاريخ والسياسة والخلاص
تعريب كتاب ألبرت نوﻻن الدومنيكاني: يسوع قبل المسيحية
تعريب أدبي لمجموعة أشعار إرنستو كاردينال: مزامير سياسية
تعريب كتاب ال: ومواهب الروح القدس