نخصص هذا المقال لمزيد من الشرح عن معني” الناموس ضعيفًا بالجسد“، وماذا عجز الناموس عن تحقيقه؟ ولماذا؟
و ربما نسوق هذا المثال التمهيدي كتوضيح تقريبي للموضوع. فأحيانًا يقف الأطباء النابهين عاجزين أمام المرض رغم أن لديهم العلاج الناجح للمرض.
ولكن لأن حالة المريض لا تحتمل العلاج. فالعلاج في حد ذاته يقضي علي المريض الذي قد تمكن منه مرضه. وكأن المريض قد توحَّد مع المرض فصار القضاء علي المرض بالعلاج هو قضاء علي المريض.
هنا يكتفي الطبيب بما نسميه في الطب بعلاج الأعراض Symptomatic Treatment وليس أستئصال المرض وذلك حرصًا علي المريض.
هذا المثال يوضح دور الناموس/ وصية الله في العهد القديم.
فالناموس عجز عن خلاص الإنسان الذي سقط بإرادته وبغواية الشيطان/ الحية القديمة، فخرج من جنة عدن منفصلًا عن حياة الله، وينتظر الموت والعدم كنتيجة لذلك.
فالناموس كان عاجزًا عن أبطال مرض البشرية، ليس لعيب في الناموس، ولكن لأن تطبيق ما جاء به الناموس من نفع وعلاج للإنسان، كان كفيلًا في حد ذاته أن يقضي علي الإنسان المريض.
وقد وصف الكتاب هذا الوضع بدقة إذ قال أن الناموس كان ضعيفًا عن أن يخلِّص الإنسان، وسبب ضعفه ليس فيه بل في المريض/ الجسد/ طبيعة الإنسان الذي صار ميتًا. فموت الإنسان بالانفصال عن حياة الله قد وصفها الكتاب في مثل الابن الضال علي لسان أبيه عند عودته ابني هذا كان ميتًا فعاش
(لوقا ١٥)
هذا ما شرحه الكتاب أيضا بخصوص الناموس / وصية الله من جهة خلاص الإنسان قبل تجسد المسيح: أما أنا فكنت بدون الناموس عائشًا قبلًا. ولكن لما جاءت الوصية عاشت الخطية، فمت أنا
(رومية٩:٧)
إن مرض البشرية كان هو ”موت الخطية“. لقد تحوَّل آدم وبنيه بالخطية عن الانتماء لله وحياته إلي الانتماء للشيطان وسلطان الموت.
وبالتالي فإن العلاج هو في التحول العكسي وتطبيق وصايا الله والانتماء إلي حياة الله.
فالوصية في حقيقتها هي حضور الله. و علي مدي تاريخ الله مع الإنسان (التاريخ اليهومسيحي) فقد أعلن الله سبحانه مرارًا أن شخصه القدوس تبارك اسمه، هو أمتداد واحد في أسمه ونعمته و وصاياه وحضوره وقداسته.
والناموس أستعلن الله في وصاياه لشعب إسرائيل، الذي أختاره الله وسط شعوب الأرض ليُظهِر أسم الله ووجوده بينهم.
وكما قال ق. بولس أن الوصية التي كانت للحياة صارت للموت فوجِدَت الوصية التي للحياة هي نفسها لي للموت
(رومية ١٠:٧).
لأنها حكمت عليه بالموت لما جاءت الوصية عاشت الخطية، فمت أنا
. فوجود الله ووصيته تحرق الشر والإناء الذي يحمله لأن إلهنا نار آكلة
(عبرانيين ٢٩:١٩)
وربما هذا كان المعني الغير مباشر في قول الرب عن أختياره شاول الطرسوسي ليصير بولس الرسول أنه يصير أناء مختار لي
، بعد أن كان إناءًا للشر.
وبسبب الناموس أنتبه وعي البشرية إلي احتياجها للمسيح ليخلصها من موت الخطية. أي من الموت الذي أمسك بطبيعة آدم عندما أخطأ، ثم أستمر يخطئ بسبب الموت الذي ساد عليه.
فالعقرب هو موتٌ متحرك عن طريق السم الذي في شوكته (الخطية) أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟
أما شوكة الموت فهي الخطية، وقوة الخطية هي الناموس. ( كورنثوس الأولي ٥٥:١٥).
ولأن الناموس هو الذي أعلن عن أن نتيجة الخطية هي الموت أي الانفصال عن الله، لذلك قالت الآية أن قوة الخطية هي الناموس
لذلك فإن الخلاص هو في إبطال الموت.
وبذلك أتضح للإنسان المأزق الوجودي الذي يهدد وجوده بعد السقوط وغواية الشيطان.
فقد صار تنفيذه وصية الله والجهاد من أجل البر والصلاح هو في حد ذاته حكم هلاك عليه لأن كينونة الإنسان نفسه صارت متماهية مع كينونة الشرير بانتمائها للشرير وتغربها عن الله.
لذلك كانت تكملة الآية أعلاه (كورنثوس الأولي ٥٥:١٥) ولكن شكرًا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح.
وانتظرت البشرية وتحرقت لمجيء المسيح المخلص لكي بتجسده تدخل حياته الإنسان وتتجدد طبيعتنا بحياة اللاهوت.
وهكذا نفهم دينونة المسيح للخطية والشيطان في الجسد.
فعندما يأتي الشيطان يطلب القبض علي الإنسان لأنه طبيعة عتيقة تنتمي إلي الشيطان، فإنه يتواجه مع دينونة المسيح له لا يحق لك
.
فقد تجددت طبيعة الإنسان في بشرية المسيح.
هذا ما صرح به المسيح أن الشيطان يأتي وليس له فيَّ شيئ.
هنا تعود الوصية وطاعة الإنسان لها علامة علي سكني الله قلب الإنسان. وهنا ينطبق المثيل علي المثيل كما شرح الرب:
وليس أحد يجعل خمرا جديدة في زقاق عتيقة، لئلا تشق الخمر الجديدة الزقاق، فالخمر تنصب والزقاق تتلف. بل يجعلون خمرًا جديدة في زقاق جديدة.(مرقس٢٢:٢)
والسُبح لله.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟