المقال رقم 1 من 3 في سلسلة حراس الشريعة

في عصر الميديا، شكرا للرب، لم نعد بحاجة إلى إذن من أحد  الذين أطلقوا على أنفسهم سواء في العلن أو في الخفاء، داخلهم؛ “حراس الشريعة”، وأعني هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم وكلاء وأوصياء في الكنيسة. وهنا أقصد الكنيسة بمعناها المؤسسي، وهذا التعريف يروق لأصحاب المصلحة أن نشبه الكنيسة، أو بالأحرى نسمي الكنيسة، بالمؤسسة الدينية الاجتماعية. وهذا المسمى بالطبع هو ضد المعنى الروحي لكلمة كنيسة التي أعلنها الرب يسوع في إنجيل متي إصحاح ١٦.

لم نعد بحاجة إلى إذن أيًّا من هؤلاء في أي شيئ للإطلاع على أي كتاب، أو قراءة تفسير يختلف عما في ذهن هذا الشخص، بل يمكننا مباشرة عبر الهاتف أو الكمبيوتر أن نذهب إلى قراءة وتصفح ما نريد.

إنها نعمة ما بعدها نعمة، وبركة من الرب عظيمة جدًا، أن نخرج أو ننسلخ من شرنقة هؤلاء الذين كتموا على صدورنا وتحكموا في أذهاننا، بل صاروا أوصياء علينا وأصبحنا مثل القاصر الذي يمتلك الشيء ولكن لا يمتلكه، كما قال العظيم بولس:

وإنما أقول: ما دام الوارث قاصرا لا يفرق شيئا عن العبد، مع كونه صاحب الجميع. بل هو تحت أوصياء ووكلاء إلى الوقت المؤجل من أبيه. هكذا نحن أيضا: لما كنا قاصرين، كنا مستعبدين تحت أركان العالم.

(غلاطية ٤ : ١-٣)

فكنا كالقاصر الذي يمتلك الشيء ولكن نظرًا لعجزة الفكري أصبح كالعبد، وكل هذا بفضل هؤلاء!! الذين عن علم أو بلا وعي فرضوا علينا تشريعاتهم وأوامرهم وتقليدهم وأثقلوا علينا الحمل، وبدون وعي أيضًا وضعوا أنفسهم تحت هذا النير الثقيل من أحمال الوصاية والتشريع ولم يكلفوا أنفسهم أن يبحثوا عن الحق في كلمة الله، لأن الرب يسوع نفسة قد حذر من هذه المعاناة التي وٌضعت علي أكتافنا، إذ قال:

ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون! لأنكم تعشرون النعنع والشبث والكمون، وتركتم أثقل : الحق والرحمة والإيمان. كان ينبغي أن تعملوا هذه ولا تتركوا تلك.

(متى ٢٣ : ٢٣)

وأيضا ال قال:

فالآن لماذا تجربون الله بوضع نير على عنق التلاميذ لم يستطع آباؤنا ولا نحن أن نحمله؟ لكن بنعمة الرب يسوع المسيح نؤمن أن نخلص كما أولئك أيضًا.

(أعمال الرسل ١٥ : ١٠-١١)

مع أنّ معلن بوضوح في الإنجيل، لكن ماذا نقول! لأن برقع الغشاوة ما زالت محكومة علي قلوب وأعين  هؤلاء، حتي اصبح ينطبق عليهم قول الرب: لأنهم مبصرين لا يبصرون، وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون. (متى ١٣: ١٣).

لابد أن نعترف أن هؤلاء قد نجحوا أن ينشئون جيلًا هشًا، جيلًا لا يعرف يميز بين الحق والباطل، جيلًا يكاد يريد أن يأخذ  فتوى أو تشريع من فم هؤلاء حتى في أدق تفاصيل حياته الخاصة، جيلًا  يريد من يتخذ له القرار في كل أمور حياته.

لقد نجح هؤلاء أن يقتلوا داخل هذا الجيل حتى شغف البحث والتنقيب في الكتاب المقدس بحجة أن من فم الكاهن تطلب الشريعة! واختلط الحابل بالنابل وأصبحنا جيلًا  لا يميز بين الحق المعلن وبين اللفظ الحرفي، وأصبحت كلمة الله التي يُفترض أن تكون لنا سندًا وأسلوب حياة، أصبحت بفضل هؤلاء مصدرًا للالتفاف حول الحق، واختلط الثمين والمرذول، فنتج عن ذلك العكس مما قاله ال؛ إذا أخرجت الثمين من المرذول فمثل فمي تكون. (إرميا ١٥: ١٩).

فلا نحن ارتقينا إلى درجة البنين ولا نحن صرنا مثل فم الرب، بل عدنا عبيد، قاصرين، مثقلين بضمير الخطايا، ضميرنا ضمير شرير، داخلنا قبور مبيضة، لنا منظر ومظهر من الخارج، لكنه من الداخل: من قلوب الناس، تخرج الأفكار الشريرة: زنى، فسق، قتل، سرقة، طمع، خبث، مكر، عهارة، عين شريرة، تجديف، كبرياء، جهل. جميع هذه الشرور تخرج من الداخل وتنجس الإنسان. (مرقس ٧: ٢١-٢٣).

ألم ينخس الروح القدس قلبك وضميرك عزيزي القارئ لكي تستفيق من نوم الغفلة وتخرج من شرنقة هؤلاء الذين كتموا على صدورنا حتى كان لابد أنّ أقدم أوراق اعتمادي قبل أن أفتح كلمة الإنجيل مع البعض الذين كان لديهم عطش لكلمة الله. ولكن، أعترف أن هؤلاء قد نجحوا أيضًا في سد قنوات العطش لكلمة الله عما كان لديهم، ونجحوا أيضًا في قتلنا روحيًا لان أوراق اعتمادنا لا تتفق مع ما بداخلهم.

وللحديث بقيّة..

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: حراس الشريعة[الجزء التالي] 🠼 الابتعاد الحذر
عاطف حنا
[ + مقالات ]