إيمان يسوع المسيح (غلاطية ١٦:٢)

الآية تكشف عن خيط رفيع في تعريف الأيمان المسيحي، أنه ليس مجرد أيمان بيسوع المسيح، بل أنه بحسب أيمان يسوع المسيح.
فما معني هذا؟ وهل الإيمان بالله في المسيحية يختلف عن الإيمان في العهد القديم أو في أديان الأرض؟

إن الإيمان في العهد القديم كان اشتراكًا في حدث خارجي. مثال ذلك كان واحتفالاته الخارجية. هذا قد توقف في المسيحية كما تؤكد رسالة العبرانيين ورسالة كولوسي.

وقد أشار الكتاب المقدس أن الإيمان في العهد الجديد هو أيمان يسوع المسيح. إنه الإيمان الذي كان المسيح يحرص عليه وعبَّر عنه بقوله:  أنا الكرمة وأنتم الأغصان.

لقد فتح المسيح في العهد الجديد باب السماء ليدخل الإنسان بالإيمان إلي أعماق الله، لأن ظهور الله في الجسد بتجسد المسيح نقل إيمان الإنسان بالله من الأمور الخارجية المرتبطة بالله في الزمن المخلوق، وجعله شركة في حياة الله، زمنها غير مخلوق. لأنها شركة في حياة شخص يسوع المسيح ”الكرمة الحقيقة“.

فالأيمان ليس بعد مجرد الاحتفال والقبول لحدث تمَّمه يسوع المسيح. لكن الأيمان صار وجود وكينونة في شخص يسوع المسيح وهو يتمم الحدث وأنت فيه. فالإيمان ليس إيمان بحدث بل بشخص. لذلك قال الوحي المقدس أن المسيح فصحنا. فالإيمان ليس مجرد أشتراك في فصح بل شركة ووجود كياني لنا في شخص يسوع المسيح فصحنا المصلوب علي الصليب. الأيمان المسيحي ليس هو أيمان بشخص المسيح ”من بعيد لبعيد“ كما يقولون، بل أن كينونتنا صارت في كينونة شخص يسوع المسيح: فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديًا، وأنتم مملوؤن فيه.

كان الإيمان في العهد القديم يتضمن استعلانات الله لأناس بعينهم، وأهمهم الأنبياء الذين كانوا يُذكِّرون شعب الله بوعد الله لهم عن هذا الأيمان في العهد الجديد ”أيمان يسوع المسيح“ عندما يأتي ملء الزمان ويحِّل الله بنفسه فينا، أي في جسدنا (جسد المسيح الخاص ومن ثمَّة أجسادنا) : والكلمة صار جسدًا وحلَّ فينا وليس بعد في هيكل من حجارة، وأعطيكم قلبًا جديدًا، وأجعل روحًا جديدة في داخلكم، وأنزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم. ( حز ٢٦:٣٦). من ألتصق بالرب صار روحًا واحدًا.

فالأيمان في العهد الجديد كان نتيجة وعد إلهي بأن الأيمان الحقيقي بالله هو حياة الشركة في شخص المسيح. لقد صار الإيمان بالله هو حلول شخص المسيح في حياة الإنسان: ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم (أفسس ١٧:٣). هذا الحلول هو حقيقة كيانية تظهر وتُستَعلَن فينا علي هيئة الشهادة بالفم وسيرة التقوي:

ظاهرين أنكم [يُستعلَن فيكم] رسالة المسيح مكتوبة بروح الله الحي ، لا في ألواحٍ حجرية بل في ألواح قلبٍ لحمية.

(كورنثوس الثانية ٣:٣)

فالله والأيمان به في الكنيسة المسيحية، صارت فيه الحروف والأحداث الخارجية نتيجة و محصِّلة لاستعلان شخص المسيح في كنيسته وفي قلب كل من يقبله ويؤمن به.

ولأن الأيمان في العهد الجديد هو شركة في حياة المسيح، لذلك فإن بهذه الشركة تُستعلَن أقانيم الله للإنسان، ويَدخل الإنسان في مجال حياة الله. وقد رأيت ذلك في نبؤه أدخلني الملك إلي حِجَاله، حيث تَستَعلِن هذه النبوة عمل المسيح الملك الذي لبس جسدنا وأدخلنا في شخصه المتجسد إلي حجاله / غرفته الداخلية / شركته مع الآب والروح القدس. هلليلويا.

لقد أسس الرب يسوع المسيح بتجسده شركة الإنسان مع الله. وللأسف نحن لا زلنا لم ينتبه الوعي فينا بالقدر الكافي لنستوعب حقيقة التجسد الإلهي أنه حياة شركة الإنسان في المسيح. إن التجسد فتح علاقتنا مع الآب والروح القدس لتصبح علاقة أشخاص ببعض وليست عبادة خارجية رسمية في فروض ونوافل. و مركز هذه العلاقة هي وساطة المسيح من خلال أشتراكه معنا في الناسوت البشري الذي أتحد بلاهوته أبديًا.

إن تجسد المسيح أحدث تغييرًا في مفهوم ”العبادة“ فصارت علاقة حب شخصية بالله وليس بعد ”عبودية“ ممارسات خارجية:

لا أعود أسميكم عبيدا، لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده، لكني قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي

(يوحنا ١٥:١٥)

إن الله في المسيح صار -سبحانه- هو الذي يخدمنا ولذلك ظهر في الجسد: لأن ابن الإنسان أيضا لم يأت ليُخدَم بل ليَخدِم وليبذل نفسه فديةً عن كثيرين (مرقس ٤٥:١٠).

إن الكنيسة التي أسسها المسيح هي جماعة يشتركون أي يعيشون حياة وموت وقيامة يسوع المسيح. وبالتالي فإن أيمانهم هو كينونة ووجود الأغصان في يسوع المسيح الكرمة الحقيقية. بهذا فإن أيماننا المسيحي هو ”أيمان يسوع المسيح“.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

إيمان يسوع المسيح 1
[ + مقالات ]