يُطلقون عليها لغة الـ”فرانكو”، اختصارًا للـ”فرانكو أراب”، ولكنها لا تمت إلى الكلمة بأي صلة. ربما لأن كلمة “فرانكو أراب” نفسها تُطلق على الأغاني التي تمزج في كلماتها الفرنسية بالعربية. ولكن لا يُفهم الكثيرون، وبخاصة مستخدمي الإنترنت المصريين، الغاية من تسمية هذه اللغة المزيفة بالـ”فرانكو”. ربما كانت الكلمة الأقرب لها هي لغة الـ”إنجلو أراب”؛ لأنها تعتمد على قراءة كلمات عربية مكتوبة بحروف لاتينية ونُطقت بالإنجليزية.

ولكن ما هو السر وراء كتابة العربية على الإنترنت بحروف إنجليزية؟ شيء لا يُفهم حقيقة الفلسفة التي وراءها على الإطلاق! إلا الكسل الشديد والميوعة والتعالي عن أي محاولة لحفظ أماكن الحروف العربية على الكيبورد! فرفرة وخنفسة من الآخر! الملاحظ أن حتى من يكتبون الـ”فرانكو” أو الـ”إنجلو” هؤلاء، ليس فقط أنَّ أغلبيتهم لا يعرفون أقل القليل عن الإنجليزية، لا… هم أيضًا لا يعرفون كتابة العربية نفسها جيدًا!

انظر مثلاً كيف تخرج أي عبارة يريد كتابتها أحد هؤلاء الـ”فرانكوفونيين” فوق صورة ساخرة على “فيسبوك”، ثم تأملها جيدًا! لا تتعجب إذا وجدت، على سبيل المثال، كلمة “مفاجأة” قد أصبحت “مفاجئة!” وكلمة “خد” قد أصبحت “خود!”، ورُبما كانت الكلمة الأقرب لها فعلاً هي لغة الـ”إنجلو أراب”؛ لأنها تعتمد على قراءة كلمات عربية مكتوبة بحروف لاتينية ونُطقت بالإنجليزية!

يسألك أحدهم، على سبيل المثال على الإنترنت: “وأنت عايز المرتب في “رينج” كام يا فلان؟”، ستجدها خرجت منه هكذا، “وإنت عايز المرتب في “رينج” كام يا فلان؟”

Ring.. وليس (في “Range” كام؟!) المسألة تتجاوز ذلك أيضا، فتجده أيضًا قد كتب لك أيضا كلمتي “Egypt” و “People” مثلا هكذا: “Egybt” و “Bebol”!! يعني الكلمة لم تصبح صحيحة عربيًا ولا صحيحة إنجليزيا في النهاية! وطبعا هي فرصة ذهبية ليصاحب “عك” النطق عنده أيضا عك القراءة والكتابة!

يكفي مثلا هذا العدد المهول الذي يكتب كلمة “فيه” هكذا.. “فى!” فيكتب لك أحدهم “هو في إيه” مثلا بدلا من “هو فيه إيه؟” لا أريد أن أشتم التعليم المجاني، لأن التعليم المجاني طلع لنا مثلًا محفوظ وزويل، لكن ربما التعليم المجاني الذي في عصر البطل المغوار الذي خلى سعادة البيه الفرانكفوني ده يدرس إنجليزي سبع سنوات على الأقل (في مدارس آيلة للسقوط، محشورا في فصل به سبعين تلميذ غيره)، وفوقها الدروس الخصوصية من مدرس “أرزقى” جاهل هو أيضا، (لم تنفع معه ببصلة في الآخر)، وفوقهم أيضا لغة عربية “مكسرة” (ربما المراسل الأجنبي الذي في مصر يجيدها أفضل من أغلبية المصريين) أفرزت لنا في النهاية إنسان “إمعة” بكل ما تعنيه الكلمة في اللغتين الرئيسيتين (أشك أن الفرانكفونيين يفهمون معناها بالمناسبة، هذا إن لم يسخروا منها أولًا وآخرًا) كان من الممكن أن يجعل من هذا الفرانكفوني “المعاق لغويا” أن يسخط على مبارك مثلًا وعلى حكوماته المتعاقبة.. لكن لا طبعًا! لن تجده هذا! ستجده مؤيدًا لمبارك غالبًا! (والمسألة مش مرتبطة هنا بالإخوان، لعنهم الله).

ليه بقي هتلاقيه مؤيد لمبارك غالبًا؟ لأن هذا الـ”التحفة” لم يكن عنده أصلًا مبدأ أنه يشتري جرائد مثلًا (أغلبية الجرائد مكنش عندها مواقع إلكترونية قبل 2009) ولا مجلات ولا كتب، ولا حتى من جنيه واحد في مكتبة الأسرة (فكك من حوار الظروف الاقتصادية.. مش حجة.. الجرنال كان بنص جنيه) فلم يطالع مثلًا مئات المقالات التي كتبها عشرات المعارضين في الصحافة الحزبية أو حتى الصحافة الخاصة، ناهيك عن مطبوعات الإعلام العربي المطبوع خارج مصر، فهذا شخص لا مؤاخذة جاهل بمعنى كلمة جاهل، حتى لو هو خريج هندسة، لأن ضعف اللغة عنده مرتبط عضويًا بالضعف الشديد والكسل المفرط في مطالعة أي حاجة مقروءة بأي لغة، اللهم إلا القراءة السفيهة من الإنترنت لفرانكفونيين آخرين! ربما لأن القراءة حاجة دمها تقيل وبايخة على قلبه النونو! و”كفاية علينا المذاكرة”.

معقولة يقعد يقرأ كتاب 350 صفحة مثلا؟! وكمان مش أدب رعب؟! دي تبقى هزلت!

وممكن لا يقرأ هذه المقالة مثلًا لأنه أكسل بكثير من أن يقرأ أكثر من 4 سطور وراء بعضها إلا لو كانت “هاتضحكه!” حتى عندما يقرأ أي خبر، يقرأ منه أيضا 5 أو 6 أسطر فقط بالكثير.. تخيل هذا.. إنسان ليس عنده وسائل إدخال لعقله غير الفيديوهات (والفيديوهات القصيرة تحديدًا، “علشان بيزهق” من الطويلة “برضه!”) هل تتوقع أنه سيعرف يفكر أيضًا؟ تخيل معي “لاب توب” مثلًا بوسيلة إدخال واحدة فقط ألا وهي الـ USB.. كيف سيبدو؟ وكيف سيعمل برأيك؟!

يوم إن يقرأ هذا الجهاز، فلن يقرأ أي نص سوى الذي كتبه كاتبين بالعدد.. أحمد خالد توفيق وأحمد مراد! ويعاملهما معاملة و! وبعدها يظن نفسه مثقفًا، ولا تتعجب إن شجعه ذلك على خوض تجربة تأليف الكتب أيضا! القراءة والكتابة دليل على شكل العقل الذي تحدثه، ولا أحد يجهل الحد الأدنى من طريقة كتابة لغة بلده جيدًا، وتجده ذو عقلًا لديه الحد الأدنى من الرجاحة! قلة الاطلاع الأبجدية هو أساس الجهل، والجهل هو أقصى الطرق لاستقرار حكم أي ديكتاتور!

فلا تسهلوا طريق أي ديكتاتور قادم.. بأيديكم!

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية!

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

يا فرانكوفوني أساحبي! 1
[ + مقالات ]