المقال رقم 11 من 12 في سلسلة القداس الإلهي

لماذا نتناول جسد الرب ودمه في سر ال؟

نعلم أن الرب يسوع المسيح تجسد من العذراء مريم لكي يُخلِّص البشرية من مصير الموت الذي دخل طبيعة بسبب الخطية، الذي يسميه الكتاب ”موت الخطية“.

لهذا أخذ المسيح جسدًا بشريًا لكي يبيد منه الخطية والموت. هذا واضح من قول الكتاب ”فإذ قد تشارك الأولاد (ذرية آدم) في اللحم والدم اشترك هو أيضًا (المسيح ابن الله) كذلك فيهما لكي يُبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس“ (عبرانيين ١٤:٢).

صار المسيح ابن الله واحدًا منَّا، مِثلنا في كل شيء لأنه أشترك في طبيعتنا البشرية التي أخذناها من آدم الأول ”يشبه أخوته في كل شيء“ (عبرانيين١٧:٢).

ويؤكد الكتاب على هذه الوحدة في الطبيعة البشرية بين المسيح الذي قدَّسنا، وبيننا نحن البشر الذين تقدَّسنا فيه ”لأن المقدِّس (بكسر الدال) والمقدَّسين (بفتح الدال) جميعهم من واحد، فلهذا لا يستحي أن يدعوهم إخوة“ (عبرانيين١١:٢).

أكمل المسيح المتجسِد تدبير خلاص الجنس البشري الذي اتحد به، وبسبب هذا الخلاص صارت بشريته التي يلبسها طبيعة جديدة.

وكما صار المسيح واحدًا مع البشر بالتجسد عندما أخذ بشرية آدم الأول من العذراء مريم، هكذا ظل واحدًا مع البشر عندما صار آدم الثاني بالخلاص الذي تممه في جسده الذي هو جسدنا الذي أخذه منا: ”من أجل ذلك كأنما بإنسانٍ واحدٍ (آدم الأول) دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع.. هكذا ببرٍّ واحدٍ (آدم الثاني/ يسوع المسيح) صارت الهبة إلى جميع الناس، لتبرير الحياة“ (رومية ١٢:٥).

ولذلك فإن المسيح آدم الثاني يجمع الكل معًا في واحدٍ هو نفسه ”ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحدٍ (آدم الثاني)“ (يوحنا٥٢:١١).

واضح أن الوحدة بين المسيح ابن الله والبشر كانت بسبب اشتراك المسيح في طبيعتنا الموروثة من آدم الأول عبر العذراء مريم، أمَّا وحدتنا في بشرية المسيح الجديدة كآدم الثاني فهي وحدة سرية تتم بالروح القدس في الذين يؤمنون من خلال والإفخارستيا.

في المعمودية المقدسة:

نحن ننال الطبيعة الجديدة للإنسان التي تأسست في بشرية المسيح يسوع آدم الثاني. فالروح القدس هو الذي يجعلنا أعضاء في جسد المسيح آدم الثاني:

”لأننا جميعنا بروحٍ واحدٍ أيضًا اعتمدنا إلي جسد واحد (جسد المسيح)

(رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس ١٣:١٢)

وفي سر الإفخارستيا:

نحن نواظب على التناول من جسد الرب ودمه الذي يحمل إلينا شخصه القدوس لتنمو فينا الطبيعة الجديدة بوحدتنا في شخصه المبارك ليتواكب مع تقدمنا روحيًا في مسيرة الملكوت ”وكان الصبي (يسوع المسيح) ينمو ويتقوى بالروح ممتلئًا حكمةً، وكانت نعمة الله عليه“(لوقا ٤٠:٢). إن امتلائنا المستمر بالرب تشير إليه صلاتنا إلي الأان في صلاة القسمة ب:

“لكي نأتي إليك، وأنت تأتي إلينا، وتحل فينا بروحك القدوس“

(صلاة القسمة القداس الكيرلسي)

“نحن نأتي إليك”:

لأنك يا رب أعطيتنا أن نستدعي الروح القدس بالصلوات في القداس ليطهِّر أي يقدِّس القرابين الموضوعة وينقلها ويعلنها ويُظهرها قدسات المسيح/ أي جسده ودمه لنتناول منها ”يا الله الذي قدَّس هذه القرابين الموضوعة بحلول روحك القدوس عليها وطهَّرتها“.

“أنت تأتي إلينا“:

هكذا نصلي في صلاة القسمة بالقداس الكيرلسي:

”عند نزول مجدك علي أسرارك، تُرفَع عقولنا لمشاهدة جلالك. عند أستحالة الخبز والخمر إلى جسدك ودمك تتحوّل نفوسنا إلى مشاركة مجدك وتتحد نفوسنا بألوهيتك“.

(صلاة القسمة القداس الكيرلسي)

هذا ما نصلي به في القداس الإلهي ونقول:

”اجعلنا مستحقين كلنا ياسيدنا أن نتناول من قدساتك (أسرارك) طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا لكي نكون جسداً واحداً…“. 

(القداس الإلهي)

في سر الإفخارستيا نحن نتحد في المسيح إلهنا آدم الثاني ونصير فيه جسدًا واحدًا تأكيدًا لاتحاده بجسدنا في بيت لحم. من هنا قال الكتاب إن ”الكنيسة هي جسد المسيح“ وإن المؤمنين به هم ”لحمٌ من لحمه وعظمٌ من عظمه“.

والسُبح لله.

بقلم د. رءوف إدوارد.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

جزء من سلسلة: القداس الإلهي[الجزء السابق] 🠼 القداس الإلهي (١٠)[الجزء التالي] 🠼 القداس الإلهي (١٢)
القداس الإلهي (١١) 1
[ + مقالات ]