خلق الله الإنسان قديساً علي صورة الله في القداسة لكي يمكن أن تكون بينهما علاقة شركة بين القدوس والقديسين. ولما أخطأ الإنسان، انفصمت الشركة. وكانت النتيجة أن رزح الإنسان في طبيعة ساقطة تفعل الشر حتي لو أشتاق أن يفعل الخير ليرجع إلي الله القدوس. فالرجوع إلي الله ممتنع لأن طبيعة الإنسان دخلها الشر الذي نهايته الموت والعدم / الفساد.

هناك طريقان للتعامل مع سقوط الإنسان :

أن يصرف الله النظر عن الإنسان ” و“ الذي خلقه وسقط، ويتركه للمصير الذي أختاره ولا يمكنه النجاة منه حتي بالتوبة، لأن النجاة تستلزم تغيير طبيعة الإنسان التي سقطت. فتغيير الطبيعة ليس مجرد أمر بل عمل خلق ليس في مقدور أنسان بل هو تدبير الخالق الذي صنع الإنسان.

ولو سمح الله بهذا الطريق – ونشكر الله أنه لم يسمح به – كان الإنسان سيصل به الحال أن يعود إلي العدم الذي خُلِقَ منه الإنسان ، والذي يُشار إليه في الكتاب بتعبير ”الفساد“، وعادةً يأتي ذكر الموت ويليه الفساد. لأن بعد الموت يكون العدم أي الفساد.

وعلى الرغْم من أن الله تبارك أسمه لم يختر هذا الطريق من جهة مصير الإنسان الخاطي، إلا أن شهود يؤمنون بأن مصير الخطاة هو العدم والتلاشي وليس هناك بقاء مستمر للخطاة، ومن ثَمَّ لا يوجد حساب بعد الانتقال من الحياة الدنيا بل تلاشي للأشرار أي العدم.

ولكن الله تبارك أسمه أختار طريقاً آخر لأنه يحب الإنسان ”هكذا أحب الله العالم حتي بذل أبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية“. الله لم يتخل عن الإنسان الذي أحبه فخلقه بل قرر أن ينقذه من مصير العدم والفساد الذي وصل إليه عندما وقع في غواية / الحية القديمة ومن ثمَّة دخله الشر/ الخطية وطبيعة الموت. ويشير الكتاب إلي هذه الحالة بتعبير ”موت الخطية“.

لهذا نسمي عمل الله من جهة سقوط أدم أنه ”“، بينما كان عمل الإنسان بغواية الشيطان وسقوطه هو ”تدبير الموت“ موت الخطية.

إن الله هو كيان له وجود مطلق ونشير إلي هذا الوجود بالحياة الأبدية. وبالتالي فإن الحياة المخلوقة هي أمتداد للحياة الخالقة ينتج عنه وجود وتظهر له فعاليات وليس العكس. فالحياة والوجود والخلق ليس مجرد أمر من فم الله بل أنسكاب وجود من كيان الله.

ولقد تكلمنا في مقالات سابقة عن وجود لله في الخليقة الغير عاقلة وأنه سبب أستمرارها بل وكان سابقاً لخلق الإنسان وسابقاً للتجسد الإلهي.

فهذا يقودنا إلي الفهم الصحيح أن الخلق يستلزم وجود الخالق وليس أمراً يتم عن بُعد ويقوم به ملاك أو مندوب عن الله.

إن فعل/ تدبير خلق الإنسان كان أنسكاباً لحياة الله وتمثَّل هذا في تعبير الكتاب أن الله نفخ في أنف آدم نسمة حياة فصار آدم نفساً حية (سفر التكوين).

ومكتوب أيضاً أن الله خلق الإنسان علي صورة الله. و أن ابن الله هو صورة الله ورسم جوهره. وبالتالي فإن قرار الله بتجديد الطبيعة الساقطة للإنسان لا يتم إلا علي الأصل Prototype الذي خُلِقَ عليه الإنسان أولاً. لذلك كان من الضروري أن يتجسد المسيح ابن الله لكي تتجدد علي صورته الخليقة الجديدة للإنسان. ومن هنا كان تعبير الكتاب أن المسيح ابن الله هو ”الإنسان الثاني“ أو ”أبن الإنسان“ بينما أشار الكتاب لآدم بأنه ”الإنسان الأول“.

والسُبح لله.

بقلم د. رءوف أدوارد

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

موقف الله من سقوط الإنسان 1
[ + مقالات ]