“كلامي هنا يدور حول الدين الاستحماري، الدين المضلل، الدين الحاكم، شريك المال والقوة، الدين الذي يتولاه طبقة من الرسميين الذين لديهم بطاقات للدين، لديهم إجازات للاكتساب وفيها علامات خاصة تنبأ عن احتفاظهم بالدين وأنهم من الدّعاة، ولكنهم من شركاء الاثنين: المال والقوة ”
(علي شريعتي، كتاب: النباهة والاستحمار)
“هذا الأسقف” لم يحصل على أي شهادة لاهوتية حقيقة ولكنه يفتخر بأنه درس في الإكليريكية “في عزها”، وهي بالطبع ليست شهادة معتمدة وكانت آنذاك في طور النشأة والتكوين، ثم صدر نفسه مدافعا عن ما يسميه “الإيمان الأرثوذكسي”، ويوهم البسطاء بالدفاع عن الله والإيمان والكنيسة القبطية ضد أشباح لا يراها سواه هو وأتباعه من الخرافيين!
فبعد نياحة الدمياطي -رحمه الله وسامحه- تنافس المغاغي والمنوفي على ميراثه، واتحد بعض رجال الأنبا شنودة (المغاغي والمنوفي والطنطاوي والمنياوي والفيومي)، ومعهم صاحب “أبعدية الشباب” ومن وراءه “قرشنات الأبعدية” وممولي الكتائب الإلكترونية، والأسقف الزجزاج الوسطبلدي، ثم تنافس جميعهم على مَقْعَد”الجلاد” حتى يتفاخرون أنهم “يشوون” -أي يقومون بشواء المخالفين-! أسوة بقدوتهم والتلميذ النجيب لمخلصهم وفاديهم!
كل هؤلاء يحركون حفنة من المأجورين “حماة ونسور الكنيسة” كما يصورون أنفسهم، يعملون بطريقة الكتائب الإلكترونية على السوشيال ميديا، وعلى طريقة التذرع بقميص عثمان على نمط ما حدث في التاريخ الإسلامي، ولكنهم قد بدلوا قميص عثمان بـ”الأنبا شنودة”، ودأبوا على الصياح المستمر: “أين هي تعاليم المتنيح البابا شنودة؟”، وكأنما أصبح البابا السابق حاكما للكنيسة من مدفنه! ويجب أن نتبعه في كل آراءه، وعلى البابا الحالي أن يقلده في كل صغيرة وكبيرة! ولكننا نقول لهم: على من يريد “تقليد” أي المحاكاة، لأي أحد، فعليه أن يذهب إلى جبلاية القرود وترك الكنيسة وشأنها.
منذ قريب خرج هذا الأسقف ليكفر ويلعن هذا الموقع Theosis Across Borders وصب لعناته -الفشنك- على كل من ينشر فيه، وخص بالاسم المهندس رجائي شنودة، وقال كلاما لا يمكن اعتباره عاقلا، بل هذيان صريح، ناتج عن تعاطي جرعات زائدة من الجهل المقدس، حتى أصيب بتخمة من”الخبل المقدس”! هذه هي الحالة بالضبط، مع مراعاة التحفظ، فالأوصاف الحقيقة التي يستحقها هؤلاء لا يمنعنا عن قولها إلا الحياء وحده وليس الخوف!
وأما عن ادعاءه بالحفاظ على التعليم والرعاية، فهما ظاهران للقاصي والداني، فمن حيث التعليم: يجلس نيافته ليقرأ من ورق أمامه “قد أُعد له” يقرأ ثم يقرأ ثم يقرأ، وبعيون زائغة كالغريق، وعلامات واضحة على وجهه تنطق “أنا مش عارف أنا بقول إيه أساسا”!!، أما عن الرعاية فعليك أن تذهب إلى مكان خدمته، وتسأل عن وداعة وحلم نيافته، وكيف أنه تشاجر مع شعب كنيسة فأغلقها!، وكيف أمام الكاميرات وفي جنازة شهداء دير الأنبا صموئيل، هاجم أسر الشهداء، وأنظر كيف كان تعامله -الرعوي- مع والد أحد الشهداء!
وهؤلاء يلعبون لُعْبَة كبرى، حيث يوهمون البسطاء إنهم “حراس العقيدة” في محاولة منهم “للاستحمار الديني” على حد تعبيرات المفكر الإيراني “علي شريعتي”، وهم في الحقيقة مجرد “باعة حمام” في هيكل الرب المقدس!
هذا الأسقف حاضر في كل أزمة، بل يختلق ويفتعل الأزمات للكنيسة، وآراؤه اللاهوتية العميقة التي لا يستطيع أن يكتمها تثير الغثيان والضحك معا!
فمثلا يرى سيادة العلامة الفهامة فيلسوف الكنيسة المعاصر وحامي إيمانها، إن تقبيل يد نيافته ومن على شاكلته، يعتبر واجب ديني شرعي!! اضحك معي يا عزيزي على “فقيه الكنيسة القبطية” وحامي إيمانها، يستعمل مفردات غير مسيحية لتبرير سطوته وبسط نفوذه على أتباعه من البسطاء والعوام!
وأخيرا وليس أخيرا خرج هذا الأسقف “أثناسيوس العصر الحديث” ببيان ضد مدرسة الإسكندرية، والراهب النشيط المجتهد المتعلم “سيرافيم البراموسي”، وردد كلاما خزعبليا حتى صار أضحوكة للمتابعين ورواد السوشيال ميديا. (العجيب أنه يتكلم كثيرا عن صورة الكنيسة في المجتمع)!! واتهم الراهب باتهامات من عيّنة “يدعو إلى تنمية المهارات الفكرية، النقدية التحليلة”.. يا للهول! إنها جريمة حقا تستحق الاستنكار، فالتشجيع على التفكير النقدي وبناء العقل النقدي الحر، تهمة تستحق الهرطقة في الكنيسة القبطية في القرن الـ21!
أضاف نيافته: “إنه لا يحاسبه على ما يقوله، بل على ما لا يقوله”!
فيقول له: أنت تكلمت عن الصلاة، لكنك لم تتكلم عن المعمودية والصوم والتناول!
“تقرير رجل غبي عما قاله رجل بارع يستحيل أن يكون دقيقًا، لأن الغبي يقوم لا إرادياً بترجمة ما يسمعه إلى ما يمكن أن يفهمه”
(الفيلسوف وعالم الرياضيات: برتراند راسل)
فمع هذا الأسقف الهرطقة ستصلك لحد البيت! ويبدو لي أن نيافته قد قرر أن يتخلص من كل المعارضين له، من الهراطقة الأشرار -أمثالنا- ولكنه يتبع طريقة “شرعية” للقتل، وهي القتل من “كتر” الضحك!
وأختم مقالي هذا بهذا المقطع المنسوب لنيافته:
من يراجع تاريخ الكنيسة، فيما يخص أصحاب التعاليم الخاطئة، المبتدعين والهراطقة يجدهم يجيدون المراوغة، في أنهم يدعون بأنهم الوحيدون، الذين يملكون الحجة والبرهان، على التعاليم الصحيحة، دون غيرها. وهذا عكس الواقع، لأن تعاليمهم خاطئة شخصية، موحاه لهم من إبليس، كما قال كل من الرسولين بولس وبطرس في رسالتهما.
كما أن تاريخ الكنيسة، فيه يشير إلى أن أصحاب التعاليم الخاطئة، يدعون صوريا حبهم وخوفهم للكنيسة وإيمانها، دون غيرهم، أمثال آريوس ونسطور، وأصحاب البدع الحديثة، بالرغم من أنهم، هم الذين تسببوا في إفساد صحة التعليم ونقاوته وإخلاصه، وتسبب هذا في تحزبات وانقسامات في صفوف الكنيسة، بين الإكليروس والشعب، والأخطر من ذلك، كان لهؤلاء ولتعاليمهم الخاطئة، أسباب جوهرية في انقسام الكنيسة.
ولا يفوتنا أن نشير، إلى أن هؤلاء أصحاب التعاليم الخاطئة، يدعون مخافة الله وتقواه، في كل عصر، بالرغم من أن تعاليمهم وأفعالهم، تبرهن على أنهم لا يعرفون الله، كمـا قـال الرسول بولس لتلميذه تيطس: «يعترفـون بـأنهم يعرفون الله، ولكنهم بالأعمـال ينكرونه» (رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس 1 : 16)، وقال أيضاً عن هؤلاء الرسول : «لهم صورة التقوى، ولكن ينكرون قوتها فأعرض عن هؤلاء» ( رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس 3 : 5)
بالإضافة إلى ذلك، من يقرأ في تاريخ كنيستنا العريق، يلتقي ويتعرف على المبتدعين والهراطقة، وأفعالهم الشريرة، والتي من بينها يذنبون غيرهم، ويتهمونهم بالبدع والهرطقات، لأنهم ليسوا معهم في فكرهم وتعاليمهم، وانتماءاتهم العقائدية الخاطئة وهذا هو الذي حدث في العصور السابقة، ويحدث أيضاً معنا بأساليب وطرق خاطئة عديدة، في عصرنا الحالي.
وهو هنا يصف نفسه (أو من كتب له يصفه وهو لا يدري!!)، وهذا معروف في علم النفس الحديث باسم (الإسقاط)!
وفي الختام أقول : إن الجهل المقدس صار أسقفا، وصدع دماغنا… فـ “سر يا حصاني قبل أن يطول لساني” على حد قول أبي نواس!
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟
صدر للكاتب:
مجموعة قصصية بعنوان: "تحوّل"، ٢٠١٩
كتاب: "اﻷقباط والحداثة"، ٢٠٢٢