من مميزات السينما والمسرح والفنون عموما، إنها تستطيع التعبير عن كثير من الأفكار التي نود الحديث عنها في مشهد مجرد، أو لقطة، أو جملة، أو لوحة فنية، وهنا أشير إلى مشهدين يعبران عن الظواهر الصوتية التي تعج بها  الأرثوذكسية في هذه الأيام، فنجد من يملؤون الدنيا ضجيجا باسم حماية الإيمان وباسم الحفاظ على العقيدة، وهم مجرد ظواهر صوتية كما في هذه المشاهد.

بداية أشير  لمشهد من مسرحية الهمجي، المشهور بـ”متقدرش”، وهو يعبر بوضوح عن أداء الظواهر الصوتية وتأثيرها، فهي مجرد شخصيات لا تملك إلا أصوات مرتفعة وينطبق عليهم، المثل القائل “ضجيج بلا طحين”، يناطحون كما يناطح هذا الممثل ضعيف البنية الجسدية في المسرحية بكلمة “متقدرش”، لكن على أرض الواقع لا يوجد لهم تأثير أو قوة حقيقة تذكر.

ولا أخفيكم سرا أن بعض من أصحاب العمائم المنتفخة هم ظواهر صوتية، أحدهم يظهر في اجتماعات وفيديوهات لا يحضرها كثيرين من شعب إيبارشيته المأسوف على أمرها في وسط الصعيد، ولا يترك أمرا إلاّ يعلق عليه، سواء كان يخص إيبارشيته، أو في إيبارشية أخرى، أو مواقف القرار يكون فيها لرأس الكنيسة، لكنه يفرض نفسه والحجة إن شعب إيبارشيته الذي يغيب عن لقاءاته ساله وهو خرج ليرد، فنجده يعلق في مسودة طويلة عريض على عظة كاهن أخر ليس في نطاق إيبارشيته بل في نطاق القاهرة الخاضعة بشكل مباشر إلى بابا الإسكندرية، بالرغم من عدم خطأ الكاهن بل على العكس الكاهن كان ينقل خلال العظة عن آباء الكنيسة القدامى.

ومن الظواهر الصوتية أيضا اللجان المأجورة التي تشبه الضباع في الانقضاض على الفرائس، فلا يتركون شخصا ليس منهم، أو لا يرضى عنه سادتهم إلاّ  وترصدوا له من كتاباته أو عظاته لشن هجوم ضاري عليه، على طريقة الشاب الفاشل في المدرسة بفيلم “الناظر”، وجملته الشهيرة “محدش هيتعلم هنا”، يعني انه جاهل ويفخر بجهله، ولا يريد لأحد آخر أن يتعلم، وهكذا تفعل اللجان المأجورة فهي تروج الجهل والتعصب ولأفكار المتطرفين باعتبارها التعليم المستقيم.

السؤال هنا إلى مجمع أساقفة كنيستنا القبطية الأرثوذكسية، أليست قوانين الكنيسة تمنع تدخل أسقف في شئون إيبارشية أخرى، فلماذا الصمت على هذا الأسقف الذي يدس أنفه في ما لا يعنيه، وخصوصا ما يخص قرارات بابا الكنيسة القبطية، بل ويخرج يناطحه ويطلق تصريحات عكسه، ثم بعد أن تثور الدنيا على أفعاله يعود ويعتذر ويبدي الندم، ثم تعود ريما إلى عادتها القديمة، فالسؤال هنا لماذا هذا الصمت، وهذا الأسقف يملأ الدنيا ضجيجا عن أن كنيسة مجمعية، أم أنها تكون مجمعية فقط لمضايقة البطريرك الحالي، وتكون فردية إذا كانت القرارات والتصريحات لبعض الأساقفة الذين يتصيدون له، ممن يطلق عليهم “الحرس القديم”.

السؤال الأخر، هو لماذا الصمت على لجان إلكترونية مأجورة؟ بعضها لشخصيات تعلن أنها تعمل في واحدة من أسقفيات الكنيسة، والبعض الآخر لا نعرف عنه شيئا سوى حسابات مبهمة وصفحات لا يظهر من يديرها على مواقع التواصل الاجتماعي، تستخدم في الهجوم على الشخصيات الكنسية التي لا تعلن بوضوح بالنسبة لهذه اللجان أنهم من أبناء البابا الراحل الأنبا شنودة الثالث، الذي يتم استخدام اسمه في انقسام الكنيسة، وتقسيم الناس بين منتمي له، وعدو له.

على مدار السنوات الماضية تابعت خلال عملي كصحفي تحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الأنبا إبيفانيوس رئيس قبل مقتله بشهور بوصفه “منحرف عقائديا”، من قبل صفحات تنسب نفسها لاسم ال، وتعلن أمور ستحدث في الكنيسة قبل حدوثها، ومن المفترض أنها فقط تدور بين الأساقفة داخل المجمع، فكيف تعرفها تلك الصفحات وكانت النتيجة مقتل إبيفانيوس، ولم تكتف تلك الصفحات بل وبعض الشخصيات التي تنشر خطاب كراهيَة بوضوح بهذا، بل يكملون التحريض ضد البابا نفسه وأساقفة آخرين، وحاليا مع كاهن لم يمض سوى شهرين فقط على رسامته والتربص به.

الظواهر الصوتية.. وأسئلة واجبة لمجمع الأساقفة 1

هل من عاقل يمكنه أن يوقف هذا التحريض العلني والمستمر تجاه كل كاهن وخادم وأسقف،  لا ترضى عنه هذه المجموعات المشبوهة التي تتحرك وفقا لأجندة تخدم مصالح شخصيات بيعنها داخل الكنيسة، ولا يهمهم فقط سوى سلطانهم والمصالح والمكاسب التي يحققونها على حساب سلام الكنيسة، وأبناء الكنيسة، في خيانة واضحة للعهود التي تلوها عند رسامتهم لمواقعهم وللأمانة التي تم ائتمانهم عليها، أم إنكم ترضون أن يتحكم في كنيسة الإسكندرية العريقة ظواهر صوتية ولجان إلكترونية مأجورة؟

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

بيتر مجدي
[ + مقالات ]

باحث وكاتب صحفي ومتابع للشأن الكنسي وشئون الأقليات