يحارب القديس منكري للروح القدس في البشر، حيث يقول أننا نتحد بالله، ونصير واحدًا معه، و بشركتنا ووحدتنا مع الروح غير المخلوق:

هكذا أيضًا ذاك الذي صار شريكًا للروح القدس يصير واحدًا مع الرب، وبالتالي الروح القدس هو الله، الذي بواسطته، نلتصق بالله ونصير واحدًا معه، وشركاء الطبيعة الإلهية [أنظر ٢بط ١: ٤]، بشركتنا ووحدتنا مع الروح. فإذا كان الروح هو الله، فكيف يكون مخلوقًا

(القديس كيرلس السكندري، الكنوز في الثالوث ٣٤: ٥٠)

ويحارب القديس كيرلس عمود الدين الأفنوميين الهراطقة منكري الحلول الأقنومي للروح القدس في البشر، فيقول:

فإن كان الروح يحل ويسكن فينا، وبواسطته يسكن المسيح أيضًا فينا، إذن، الروح القدس هو قوة المسيح. فإذا كان الأمر هكذا، فكيف يكون مخلوقًا هذا الذي من طبيعته أن يوجد في الابن؟ إنها ساعة إذن ليقولوا: إن كلمة الله -الذي لا تركيب فيه ولا ازدواج- مركب، وذلك بسبب هذا الشيء الذي يأتي من الخليقة مضافًا إلى طبيعته. لكن هذا محض عبث، فالروح ليس مخلوقًا ولا مجبولاً، إنما هو يأتي من أعلى، من الجوهر الإلهي، كقوة وفعل طبيعي له

(القديس كيرلس السكندري، الكنوز في الثالوث ٣٤: ٥٥)

ويحارب القديس كيرلس الكبير منكري الحلول الأقنومي للروح القدس في البشر، والذين يدّعون أن شركتنا مع الروح القدس هي شركة مع مخلوق، حيث يقول:

إذن، عندما يسكن الروح في غير المرفوضين، يكون المسيح هو ذاك الذين يسكن فيهم، وبالتالي يكون من الضروري أن نقول إن هذا هو الجوهر الإلهي الذي يجعل كل الذين يشاركونه شركاءً. لأنه ما من أحد يملك عقلاً يمكنه أن يقول إن شركتنا مع الله يمكن أن تصير بواسطة مخلوق، طالما كان هذا المخلوق -بحسب رأي الهرطقة- لديه طبيعة مختلفة، وهو مختلف تمامًا عن الآب والابن، وإن هناك فرقًا شاسعًا بين الجوهر المخلوق والجوهر غير المخلوق

(القديس كيرلس السكندري، الكنوز في الثالوث ٣٤: ٥٦)

ويدحض القديس كيرلس السكندري المعتقدين ب للروح القدس في البشر، فيقول:

أما لو كانت النعمة المعطاة لنا بواسطة الروح القدس هي نعمة منفصلة عن جوهره، فحينئذ لماذا لم يقل موسى النبي (تك٢: ٧) إنه عندما أوجد الخالق الكائن الحي [الإنسان]، إنه نفخ فيه النعمة مع نفخة الحياة، ولماذا لم يقل المسيح لنا: اقبلوا النعمة التي أهبها لكم بعمل الروح القدس؟ والعكس هو الصحيح، لأن موسى قال: نفخة الحياة، ولأننا به نحيا ونتحرك ونوجد. كما قال بعض شعرائكم أيضًا: لأننا أيضًا ذريته (أع١٧: ٢٨)، بينما دعاه المخلص الروح القدس، وهكذا سكن في نفوس أولئك الذين يؤمنون بالروح الحقيقي نفسه، والذي بواسطته وبه يقودهم إلى هيئتهم الأولى. بمعنى أنه يجعلهم مشابهين له عندما يقدسهم، وهكذا يعيدنا إلى صورتنا الأولى أي إلى حالة ختم الآب. ومن جهة الدقة في وصف وحدة الجوهر، فإن الابن ذاته هو الختم الحقيقي، في الوقت نفسه فإن الروح القدس هو شبه واضح وطبيعي للابن، والذي نتغير نحن بالتقديس بواسطته أي لنأخذ صورة الله […] إذن الروح هو الله الذي يعطينا أن نكون على صورة الله. وهذا لا يتأتى عن طريق النعمة الخادمة، لكن بالاشتراك في الطبيعة الإلهية مانحًا ذاته عينها للمستحقين […] هل يمكن أن تسأل المعاندين: لماذا نُدعى هياكل لله، بل بالحري آلهة، إن كنا بالفعل شركاء مجرد نعمة بسيطة لا كيان لها؟ لكن الأمر ليس كذلك، لأننا هياكل للروح الحقيقي الكائن، ولهذا فنحن نُدعى أيضًا آلهةً، لأنه من خلال اتحادنا به نصبح شركاء الطبيعة الإلهية غير الموصوفة

(القديس كيرلس السكندري، ال، الحوار السابع، ص ٣٥٣- ٣٥٥)

وبذلك يؤكد القديس كيرلس عمود الدين على الحلول الأقنومي للروح القدس في البشر، وليس مجرد حلول مواهبي أو حلول لنعم مخلوقة كما يدّعي الهراطقة، ويدحض بشدة ويستنكر الهراطقة القائلين بأننا نتحد بنعمة خادمة (مخلوقة)، أو أننا نتحد بمجرد نعمة بسيطة لا كيان لها، بل يؤكد على اتحادنا بالروح الحقيقي الكائن الذي يصيرنا شركاء الطبيعة الإلهية غير الموصوفة.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

أنطون جرجس
بكالوريوس اللاهوت اﻷرثوذكسي في   [ + مقالات ]

صدر للكاتب:
كتاب: عظات القديس على سفر الجامعة
ترجمة كتاب: "الثالوث"، لل أسقف هيبو
ترجمة كتاب: "ضد "، للقديس غريغوريوس النيسي