من الواضح حاليا إن عدم ضبط ، أدى إلى فجوة 14 يوما، فرق في موعد أيام الأعياد الثابتة مثل الميلاد والبشارة والغطاس… الخ، بين الكنائس في الشرق والغرب، وستزداد هذه الفجوة بين الأعياد الثابتة بإضافة 3 أيام كل 400 سنة. وهو ما يعني أنه بتعاقب القرون سيتحرك موعد  إلى شهر مارس أي في فصل الربيع، وهو الفصل الذي من المفترض أن نُعيد فيه ب وليس الميلاد! وستتحرك معه باقي الأعياد الثابتة بنفس الطريقة، مثل أعياد البشارة والختان والغطاس… إلخ.
التأثير على الأعياد المتنقلة

وليس كما يعتقد البعض أن هذا الترحيل يقتصر على موعد الأعياد الثابتة فقط، بل سنعرض الآن كيف أنه يؤثر أيضًا على تحرك موعد عيد القيامة بعيدًا عن الاعتدال الربيعي في 25 برمهات (قبطي)، والذي كان يوافق 21 مارس (ميلادي)، ولكنه أصبح يتأخر الآن إلى يوم 3 أبريل، بسبب عدم ضبط التقويم القبطي. ويُشير القمص كيرلس الأنطوني في كتاب “[1] بأن آباء والكنيسة عامة منذ مجمع نقية 325م، كانوا قد حددوا موعد الاحتفال بعيد القيامة على أن يكون يوم الأحد التالي لاكتمال قمر شهر نيسان بدرًا (مساء 14 نيسان موعد ذبح ) الذي يلي الاعتدال الربيعي. وعليه يَجِبُ ألاّ يتجاوز الفرق بين موعد الفصح واليهودي وعيد القيامة 7 أيام.

التأثير السلبي لعدم ضبط التقويم القبطي 1
وبحسب كتاب “تعاليم الرسل ال” ل والكنيسة [2] نُعيد لقيامة المسيح بعد الاعتدال الربيعي ويوافق 25 برمهات (قبطي) بعد الفطير، في الأسبوع الموافق لـ 14 من القمر، أي اكتمال القمر بدرا، ويقع فيه الفصح اليهودي.

التأثير السلبي لعدم ضبط التقويم القبطي 3

وكنتيجة لعدم ضبط التقويم القبطي وترحيل موعد وقوع 25 برمهات، وهو اليوم الذي يتم بناءً عليه تحديد موعد عيد القيامة وسائر الأعياد المتنقلة على أساسه باستخدام ، بعيدا عن الاعتدال الربيعي الحقيقي 21 مارس، نجد نوعين من الخطأ في تحديد عيد القيامة عند الشرقيين:

الأول هو تأخر عيد القيامة أكثر من 7 أيام عن الفصح اليهودي،
والثاني هو تأخر عيد القيامة أكثر من 4 أسابيع عن الفصح اليهودي.

تأخر عيد القيامة أكثر من 7 أيام

هذا الخطأ يظهر بنسبة 40% تقريبًا من السنوات، وهي نسبة خطأ كبيرة جدا. ويمكن بسهولة ملاحظة السنة التي يقع عيد القيامة أسبوعًا متأخرًا حسب شكل القمر، فبحسب أطوار القمر يكون البدر مكتملًا ليلة الفصح اليهودي، ولذلك، يجب أن يكون طور القمر ليلة الأحد التالي له مباشرةً هو Waning Gibbous (الأحدب المتناقص)، أي عندما نخرج من الكنيسة بعد قداس عيد القيامة يجب أن نرى أكثر من نصف القمر منيرًا، أو على الأقل نصفه. ولكن في السنوات التي يحدث فيها هذا النوع من الخطأ نرى القمر قد تناقص إلى شكل الهلال المتناقص.

ومثال على ذلك الخطأ هو موعد الاحتفال بعيد القيامة في 2020. فالمشكلة التي قابلتنا ذلك العام هي أن اكتمال بدر نيسان حدث في مساء 7 أبريل، وعليه وقع اليهودي عشية 8 أبريل. وكان يوم الأحد 12 أبريل هو الأحد التالي للفصح اليهودي الذي كان يجب أن نحتفل فيه بعيد القيامة، ولكن الذي حدث أننا احتفلنا بالقيامة في 19 أبريل متأخرين أكثر من أسبوع. والدليل البصري على ذلك هو أن طور القمر كان Waning Crescent Moon هلالًا متناقصا، وليس أحدبًا متناقصا كما ذكرنا سابقا، ويمكن التأكد من هذه المعلومة من موقع “Calendars exhibit” وهو أحد المواقع المتخصصة في دراسة وحساب أطوار القمر. [3]

التأثير السلبي لعدم ضبط التقويم القبطي 5

تأخر عيد القيامة أكثر من 4 أسابيع

هذا الخطأ يتكرر 11 مرة كل مئة سنة أي بنسبة 11% من السنوات، وهي نسبة ليست قليلة. وسبب الوقوع في هذا الخطأ أن طريقة حساب الأبقطي، التي تستخدمها الكنيسة لتحديد موعد اكتمال أول قمر بدرا بعد الاعتدال الربيعي، تنظر للاعتدال الربيعي أنه يقع في 25 برمهات الذي يوافق 3 أبريل بالخطأ، وليس 21 مارس. ولأن اكتمال القمر في شهر الفصح اليهودي يحدث هذا العام قبل 3 أبريل، فحساب الأبقطي لا يعتبره الفصح، ويُعطي موعد اكتمال القمر في الشهر التالي للفصح وهو مايو/ أيار، وليس شهر الفصح نفسه أبريل/ نيسان، ونتيجة لهذا الخطأ يحدد موعد عيد القيامة متأخرًا لأكثر من شهر.

وكمثال على هذا النوع من الخطأ دعونا نفحص موعد الاحتفال بعيد القيامة العام الماضي 2021. ونلاحظ في ذلك العام أن الاعتدال الربيعي أتى كالمعتاد ليلة 21 مارس، وكان اكتمال قمر شهر نيسان في موعد الفصح اليهودي يوم 28 مارس. وهذا يعني أن موعد عيد القيامة كان ينبغي أن يكون يوم الأحد 4 أبريل، ولكن لأن حساب الأبقطي يعتبر أن 25 برمهات ويوافق حاليًا 3 أبريل هو الاعتدال الربيعي، فلم يعتبر أن بدر نسيان قد حدث في 28 مارس، بل حدد موعد اكتمال القمر في الشهر التالي للفصح اليهودي! لذلك في تلك السنة احتفلنا بعيد القيامة في 2 مايو بدلا من 4 أبريل بتأخير أربع أسابيع عن موعدة المُفترض، وخمسة أسابيع عن الفصح اليهودي.

هذا الخطأ تكرر ليس في سنة 2021 فقط لكن في أعوام كثيرة مثل:

في 2013 الفصح اليهودي وقع في 26 مارس، واحتفلنا بالقيامة في 5 مايو، بتأخير ٤٠ يوم!

في 2002 الفصح اليهودي وقع في 28 مارس، واحتفلنا بالقيامة في 5 مايو، بتأخير 38 يوم!

في 1994 الفصح اليهودي وقع في 27 مارس، واحتفلنا بالقيامة في 1 مايو، بتأخير 35 يوم!

في 1983 الفصح اليهودي وقع في 29 مارس، واحتفلنا بالقيامة في 8 مايو، بتأخير ٤٠ يوم!

وسيتكرر في السنوات القريبة المقبلة مثل:

في 2032 الفصح اليهودي سيقع في 27 مارس، وسنحتفل بالقيامة في 2 مايو، بتأخير 36 يوم!

التأثير السلبي لعدم ضبط التقويم القبطي 7

الخلاصة:

مما سبق نجد أن إجمالي نسبة الخطأ في تحديد موعد الاحتفال بالقيامة تصل إلى حوالي 51%، ما بين تأخير أكثر من أسبوع، أو أكثر من أربعة أسابيع، مع أنه بحسب ما حدده الآباء في ، يَجِبُ ألاّ يكون الفرق بين موعد الفصح اليهودي وعيد القيامة أكثر من 7 أيام، كما أشرنا سابقا. فانظروا أية فوضى يُنتجها عدم ضبط التقويم القبطي وحساب الأبقطي في المستقبل؟ فنجد عيد الشتاء يتحرك على الربيع وعيد الربيع وقتها سيقع في الصيف! وهل يليق بالكنيسة أن تُسلم الأجيال القادمة حسابًا غير منضبطًا؟ وهي في استطاعتها الآن تصحيح هذا الترحيل بضبط التقويم الذي يحتاج لحذف 14 يوما فقط، وتطوير معادلات حساب الأبقطي لتتماشى مع ذلك.

إن الأرثوذكسية ليست في التمسك بالخطأ، بل هي كما في أسمها الذي يعني “المجد المستقيم” يجب أن تجعلنا نفحص كل شيء، ونتمسك بكل ما هو مستقيم وصحيح. وأن أمانة الكنيسة في التسليم ليست في الحفاظ على ما وصل إلينا فقط، ولكن في فحصه، والحرص على صحة ودقة ما تُسلمه للأجيال القادمة أيضا.

ففي المستقبل كلما مرت العقود والقرون زاد الترحيل، وابتعدت الأعياد أكثر عن موعدها. فإن كنا الآن نلاحظ فرقا، ففي المستقبل وكلما بعدت الأجيال سيزداد هذا الفرق بشكل كبير. لذلك يجب على كنيستنا أن تكون دائمًا حريصة كل الحرص على إعداد النظم المختلفة، وتطويرها بشكل علمي سليم، حتى تضمن حُسن ترتيب الكنيسة من أجل الأجيال القادمة في المستقبل.

لذلك أرجو أن يتدارك آباء الكنيسة المعاصرون هذا الخطأ الحسابي التراكمي، وأن يتخذوا خطوات لإعادة ضبط تقويمنا القبطي، وذلك باللجوء لمراكز البحوث المتخصصة لضبط التقويم القبطي وتعديل حساب الأبقطي بطرق علمية سليمة. فلا يليق بكنيسة الإسكندرية منارة العلم واللاهوت في القرون المسيحية الأولى أن تتجاهل ضبط تقويمها الذي أصبح يؤثر على مواعيد أعيادنا عامة، وخصوصا عيد القيامة تاج الأعياد.

 


[1] كيرلس الأنطوني، عصر المجامع، طبعة أول، ، ص25 و96.
[2] ، تعاليم الرسل الدسقولية، طبعة ثانية، دار الثقافة، ف30، ص660-661.
[3] Calendars exhibit. Moon Phase – Day | Calendars. Moon Phase on 19 Apr 2020.

 

اقرأ أيضا

 

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

Tony Marcos
Website  [ + مقالات ]