أنت شرير في رواية أحدهم لأنك استطعت أن تصد الأذى الذي يسببه لك، أيا كان نوع هذا الأذى سواء داخلي (نفسي) أو خارجي ملموس. سيشيطنك هذا المؤذي لكونه حاول إيذاءك نفسيا ولكنك تماسكت وعبرت آذاه وتجاوزت الأذى وصاحب الأذى ومضيت في حياتك. سيشوه صورتك ذاك الذي حاول أن يقف في طريقك، ويمنع الخير عنك، لأنك بالرغْم من ذلك تظل متماسكا ولا تستسلم للسقوط.

هؤلاء يملأون الدنيا ضجيجًا، مدعين أنهم ضحايا الآخرين، وأنهم أصحاب القلوب الرحيمة الذين يقدمون المحبة، لكنهم لا يلقون إلا الجحود والكراهية من الآخرين، وفي حقيقة الأمر هم ضحايا أنفسهم لأنهم لم يستطيعوا أن يحبوا ذواتهم، وفي قرارة أنفسهم يشعرون بعدم الاستحقاق إذا منحهم أحد الحب أو حاول تقديم مساعدة لهم.

تمتلئ حياتنا بهؤلاء الأشخاص الذين يبدون من الخارج في منتهى الجاذبية لكي يقترب الناس منهم، لكن عندما تقترب من هذه النوعية من الأشخاص ستكون وقعت في فخٍ كبيرٍ، لا تستطيع الخروج منه بسهولة،  وربما لا تستطيع الخروج منه طوال حياتك، فهم مثل الزهرة التي تبدو جميلة فتجتذب الفراشات، لكن رحيقها سام، وبمجرد أن تستنشقه الفراشة، تشعر بأعراض سريان السم في جسدها لكنها مع ذلك ستظل واقفة على تلك الزهرة لا تستطيع الحراك، ويتغلغل السم حتى يقتلها تمامًا، وفي مرات قليلة قد تنجو إحدى الفراشات وتطير وتبتعد كثيرًا عن مصدر هذا السم.

هذا النوع السام من سماته أنه “متدين”، سواء بالشكل التقليدي، أو أنه متدين بطريقته الخاصة، في النهاية هذا النوع يصدر للعالم أنه يملك قيم وقيمه مستمدة من الدين، لكن في الحقيقة هو ستار لبث سمومه، كما يدعي أنه حبيب الكل، ليس من أجل المحبة بل لمعرفة أخبارهم والتدخل في حياتهم وتخريبها بالطبع بدعوى أنه يهتم لشؤون الآخرين ويريد لهم الراحة والسعادة.

تلك النوعية السامة تستخدم الآخرين لتصفية حسابتها، فتدعي أنها تدافع عن الحق وتقف مع المظلوم ضد الظالم، لكنها لا تقف مع طرف إلا إذا كانت تستخدمه لتصفية حساب يخصها مع الطرف الآخر، فتزعم أنها تدافع عن الحق وتؤلب الآخرين وتتزعم المقاومة لكنها لا تقف في الصفوف الأولى، بل تدفع الآخرين من خلف الستار.

هذه النوعية السامة تعبد الشخصيات التاريخية السامة التي تبدو من الخارج طيبة وتمتلك كاريزما تقنع المغفلين بهذا الوجه الزائف، لكنها في الحقيقة شخصية مؤذية مدمرة لكل خصومها، ولكل من تسول له نفسه أن يعاديها أو يثير غضبها.

الشخصيات السامة ستحاول أن تتسبب بالأذى لك بكل الطرق، ستكون جميلا إذا استطاعت تدميرك وتقبلت ذلك وستنجو من التشويه أمام الآخرين، لكن إذا قاومت هذا الأذى وكشفت ألاعيبهم فالويل لك، لأنها ستشوه صورتك أمام الكل، وستبدو كأنك مجرم حرب حقيقي، فقط لأنك تفطنت لسمومها، وحاولت المقاومة، لأنهم يرون أنه لا ينبغي مقاومتهم بل ينبغي الانصياع لهم ولرغباتهم في تدمير الآخرين.

عزيزي القارئ  عليك أن تتعلم أن تكون هذا الشرير في رواية أحدهم السام، لأنه خير لك أن تكون شرير في رواية شخص سام، على أن يقتلك هو بسمومه، والأهم حتى لا تكون هذا الشرير في تلك الراوية أو قتيل السموم، تعلم كيف تنجو من الزهور التي تبدو جميلة من الخارج لكنها سامة وقاتلة.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

بيتر مجدي
[ + مقالات ]

باحث وكاتب صحفي ومتابع للشأن الكنسي وشئون الأقليات