مؤخرًا قام نيافة الأنبا بولس أسقف شرق كندا بسيامة بعض الفتيات في درجة مُرتلات [1]. ولكن هذا الموضوع والسجس ورد فعل نيافة الأنبا أغاثون أرانا بالدليل والبرهان لماذا لا يثق في في بعض الأمور التي يظهر فيها مقدار الفجوة الثقافية بين أساقفة المجمع وأقباط المهجر. وهنا سأعرض على القارئ عددًا من تصريحات الأساقفة الذين كانوا أعضاءً في المجمع المقدس خلال حبرية قداسة البابا شنودة الثالث – نيح الله نفسه.

الأنبا غريغوريوس، أسقف البحث العلمي (1919-2001):

على الرغم من خلافاته مع البابا شنودة الثالث إلا أن تأثيره عليه واضح وضوح الشمس. واختلافاتهم كانت فيما يخص عالم الروح والأحوال الشخصية أما غير ذلك فاتفق كليهما في معظم الأمور. هنا سأعرض ردين للأنبا غريغوريوس على أمور تخص المرأة.

سُئل نيافته ذات مرة عن أحقية الرجل في ضرب زوجته لتصحيح سلوكها وكان رده (أو بالأحرى فتواه):

على أنه، إذا كانت الزوجة ناشزًا. ولم تكن مطيعة لزوجها، كما يتطلب الكتاب المقدس الذي يجعل الرجل رأسًا للمرأة، ولم ترع المرأة قدسية الحياة الزوجية، وإذا أساءت التصرف بما يسيء إلى سمعة زوجها وسمعتها، ففي هذه الحالة يجوز للرجل تأديبها كما يؤدب الأب ابنه أو ابنته، خاصة وأن الرجل عادةً يكبر المرأة سنًا، فضلًا عن أنه سيد البيت، ورب الأسرة، ورأس المرأة، والتأديب له طرق ووسائل كثيرة. بيد أن التأديب ليس معناه أن يقسو الرجل على زوجته، أو يغدر بها، أو يضربها ضربًا شديدًا يحدث بها عاهة، بل ينبغي أن يكون بهدف الإصلاح والتقويم، لا بهدف الانتقام والإيذاء والإضرار. [2]

(الأنبا غريغوريوس، الشباب والأسرة في المجتمع) 

والسؤال هنا، كيف نثق في رأي شخص لا تختلف إجابته للسائلين في شيء عن إجابة بعض شيوخ وأئمة المسلمين في هذا الموضوع. على الأقل، يُقدر في شيوخ المسلمين التأصيل الشرعي للرأي وعودتهم لنصوصهم ووضع ردهم بناءً عليها، أما الأنبا غريغوريوس رجل الدين المسيحي أجاب إجابة لا مرجعية لها في نص مسيحي يسبقه. فجاء رده نتاج لبيئته وثقافته لا دينه ولا دراسته.

السؤال الثاني الذي وُجّه لنيافته، كان بخصوص وجود فتيات ترتل في الكنيسة، وكان رده مرة أخرى بلا مرجعية سوى الهوى الشخصي. وهذا الفيديو يعرض لكم رأيه:

وهنا السؤال: كيف لرجل يظنُّ أنَّ تواجد صوت الرجل والمرأة في آنٍ واحدٍ هو وضع كنسي غير مقبول، في حين أنَّ ضرب الرجل لزوجته هو وضع أخلاقيّ مقبول؟ وكيف أن يكون رجلًا من رجال المجمع الذي يشرِّع قوانين الكنيسة في عصر ما بعد الحداثة  لثقافات مُغايرة مثل المقيمين في المهجر؟

الأنبا بولا، مطران طنطا (1951-)

بالرغم من أنه أصغر سنًا من الأنبا غريغوريوس وال، إلا أن سذاجة تصريحاته حول المرأة كانت من أعجب ما يكون… فقد رأى نيافته أن جرّب المرأة لا الرجل، لأن الشيطان كان يعرف بأنها أكثر سذاجة من الرجل. والعجيب هنا أن الرجل غير الساذج مشى وراء تلك الأكثر سذاجة منه، إلا أن هذا لم يجعل الأسقف يتوقف لحظة ليعيد التفكير في كلامه واستمر كأن شيئًا لم يكن. وإليكم فيديو نيافته:

البابا شنودة الثالث (1923 – 2012)

إن لم يكفيك كل هذا، فعد لفيديوهات البابا شنودة نفسه حين سُئل عن الفتاة المرتلة وما كان رد فعله على ذلك. العجيب أن رد فعله وإجابته تكاد تتطابق مع إجابة الأنبا غريغوريوس وإليك الفيديو:

ولعل أسوأ ردوده وأقلها رعويةً وشعورًا بآلام الآخرين كانت من نصيب امرأة مكلومة، حين سألته عما يجب عليها أن تفعله مع زوجها الذي يخونها مع الشغالة وانهال قداسته عليها بإجابات تقلل من شأن ألمها وتدعوها لأن تصبح “شغالة”، بل وفي إيحاء غير موفق وغير مقبول نصحها بأن تأتي له بالشغالة ليفحص الموضوع… لا تصدق؟ الفيديو واضح بالصوت والصورة ولا تكن غير مصدق بل مصدق:

وهنا يبقى السؤال: كيف لهؤلاء أن يكونوا هم مشرعي ما ينبغي لأسقف أو مطران في أوروبا أو أمريكا أو كندا أن يفعله لأجل شعبه وخصوصًا النساء منهن من الناحية الرعوية؟ الفجوة الحضارية والثقافية، بل والأخلاقية، هنا تجعل هذا مستحيلًا في بلاد ترى المساواة بين البشر أمرًا لا جدال فيه.

منطقيًا، ستكون هناك اختلافات بين الذكور والإناث في قوانين الكنيسة. من المنطقي أن تكون هناك أدوار مختلفة. من المنطقي في كنيسة تقليدية أن يكون الكهنوت للرجال فقط، كما أن الحمل والولادة للنساء فقط، ولكن غير منطقي بالمرة أن يكون للرجل حق ضرب المرأة، أو التفكير بأنه أكثر ذكاءً منها، أو أن يكون له الحق في أن يظهر صوته دون أن يظهر صوتها إن اجتمعا في مكان واحد للعبادة.

قد تحتاج ال إلى إعادة النظر في عملية أن يكون ل ومن على شاكلته دور في تحديد ما ينبغي لشعب مونتريال أن يفعله. ربما يحتم المستقبل أن يكون لمجمع أساقفة شمال أمريكا أو أوروبا دور مستقل في تحديد الأمور الرعوية، بعيدًا عمن باتوا ينادون بأفكار رجعية تأسست على ثقافة عربية غير مسيحية.

‎ ‎ هوامش ومصادر: ‎ ‎
  1. كان منطوق السيامة شماسات، إلا أنه عاد وصحح معللًا هذا بأنها زلة لسان واعتذر عن ذلك. [🡁]
  2. اﻷنبا غريغوريوس، الشباب والأسرة في المجتمع، ، الجزء الثامن والعشرون، سؤال 198، صفحة 524. [🡁]

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي 0 حسب تقييمات 0 من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

يوسف المصري
[ + مقالات ]
‎ ‎ نحاول تخمين اهتمامك… ربما يهمك أن تقرأ أيضًا: ‎ ‎