- الخلاص بالنعمة وحدها عند چون كالڤن
- الطبيعة البشرية الخيّرة عند ذهبي الفم
- مفهوم السينرچيا عند ذهبي الفم
- تدبير الخلاص عند كيرلس السكندري [١]
- تدبير الخلاص عند كيرلس السكندري [۲]
- تدبير الخلاص عند كيرلس السكندري [٣]
- تدبير الخلاص عند كيرلس السكندري [٤]
- تدبير الخلاص عند كيرلس السكندري [٥]
- تدبير الخلاص عند كيرلس السكندري [٦]
- تدبير الخلاص عند كيرلس السكندري [٧]
- تدبير الخلاص عند كيرلس السكندري [٨]
- الكفارة والفداء في تعليم چون كالڤن
- البدلية العقابية في إقرارات الإيمان البروتستانتية
- الكفارة والفداء في تعليم أنسلم الكانتربري
- تدبير الخلاص في تعليم أثناسيوس الرسولي [١]
- تدبير الخلاص في تعليم أثناسيوس الرسولي [۲]
- تدبير الخلاص في تعليم أثناسيوس الرسولي [٣]
- تدبير الخلاص في تعليم أثناسيوس الرسولي [٤]
- تدبير الخلاص في تعليم أثناسيوس الرسولي [٥]
- تدبير الخلاص في تعليم أثناسيوس الرسولي [٦]
- تدبير الخلاص في تعليم أثناسيوس الرسولي [٧]
- ☑ تدبير الخلاص في تعليم أثناسيوس الرسولي [٨]
في الحلقة اﻷخيرة نواصل الحديث عن تعليم القديس أثناسيوس حول تدبير الخلاص، ويتضح أنه لا وجود لنظرية البدلية العقابية في تعاليم أثناسيوس الرسولي، لاهوتيّ التألّه والانجماع الكليّ في المسيح. ويعتقد البعض أنه عندما يجدون كلمات مثل: (بدلًا عنا، عوضًا عنا، نيابةً عنا، فدية، ثمن، كفارة، دَّين، ذبيحة لعنة، حكم)، وغيرها من المصطلحات القانونية، إنه يوجد بذلك تعليم بدلية عقابية عند ق. أثناسيوس، وهذا ضرب من الوهم والخيال. فتعاليمه تدور حول تدبير الخلاص، وتأليه الطبيعة البشرية عن طريق اتحادها بأقنوم الكلمة في المسيح يسوع ربنا، وتبتعد كل البعد عن نظرية الترضية، أو مصالحة العدل مع الرحمة على الصليب، أو إيفاء العدل الإلهيّ، أو ترضية كرامة الله المهدرة بسبب خطية البشرية غير المحدودة، وغيرها من الأفكار في لاهوت العصر الوسيط التي انتشرت في أوروبا لقرونٍ عديدةٍ، وسبَّبت العديد من المجادلات والمجامع لعلاج المشاكل الناجمة عن هذه التعاليم الخطيرة البعيدة كل البعد عن التعليم الآبائي الشرقي الأرثوذكسي، الذي يُمثِّله في هذا البحث، ق. أثناسيوس العظيم، مُعلِّم المسكونة.
تمجيد البشرية في المسيح
يُشِير ق. أثناسيوس إلى اتحاد البشرية بنفس الجسد مع المسيح مما يؤدي إلى تمجيدنا العالي في المسيح، فلا تندهش القوات السمائية حينما ترانا نحن البشر المتحدين مع المسيح في نفس الجسد ونحن ندخل إلى مناطقهم السمائية بالمجد والبهاء في المسيح كالتالي: [1]
لأن مجد الله الآب هو أن يوجد الإنسان الذي كان قد خُلِقَ ثم هلك، وهو أن يحيا الذي مات، وهو أن يصير الإنسان هيكل الله. ولأن القوات السمائية من ملائكة ورؤساء ملائكة كانت تعبده دائمًا، فإنهم الآن أيضًا يسجدون للرب باسم يسوع، فهذه النعمة وهذا التمجيد العالي إنما هو لنا، وإنه بالرغم من أنه صار إنسانًا وهو ابن الله فإنه يُعبَد. لذلك لن تُدهَش القوات السمائية حينما ترانا نحن جميعًا -المتَّحِدين معه في نفس الجسد- داخلين إلى مناطقهم السمائية، وهذا قطعًا- لم يكن ممكنًا أن يحدث بأية طريقة أخرى، اللهم إلا إذا كان هذا الذي كان موجودًا في صورة الله، قد اتَّخذ لنفسه صورة العبد، وأذل ذاته راضيًا بأن يصل جسده حتى إلى الموت.(أثناسيوس، المقالات الثلاثة ضد الآريوسيين)
ويُؤكِّد ق. أثناسيوس على الانجماع الكليّ للبشرية في المسيح في سياق حديثه عن مسحة البشرية بالروح القدس في شخصه، واعتماد البشرية في شخصه، وتمجيد البشرية في شخصه، وفي الأخير تقديس البشرية في شخصه كالتالي: [2]
أمَّا البشر -الذين يأخذون البداية منه وبسببه- فهؤلاء هم الذين يرتقون. لأنه حينما يُقَال حسب الوجهة البشرية إنه الآن يُمسَح -نكون نحن الذين نُمسَح في شخصه، حيث إنه حينما اعتمد، نكون نحن الذين نعتمد في شخصه، ويُوضِّح المخلِّص بالأحرى كل هذه الأمور، حينما يقول للآب:وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحدًا، كما أننا نحن واحد[3]. وتبعًا لذلك، فإنه كان يطلب المجد أيضًا من أجلنا. وبسببنا أيضًا استخدم كلمة 'أخذ‘ وكلمة 'أعطى‘ وكلمة 'مُجِّدَ مجدًا عاليًا‘. وذلك لكي نأخذ نحن أيضًا ولكي يُعطِي لنا، ولكي نُمجَّد نحن فيه مجدًا عاليًا. وذلك كما يُقدِّس ذاته من أجلنا، لكي نتقدَّس نحن في شخصه.(أثناسيوس، المقالات الثلاثة ضد الآريوسيين)
يُشِير ق. أثناسيوس إلى اشتراك المخلوقات في الابن المولود لا بسبب طبيعتها الذاتية، بل بسبب مشاركتها للابن في الروح القدس، داحضًا بذلك أية إشارة إلى نظرية الأجساد الثلاثة التي تفصل بين المخلوقات والابن خالقها كالتالي: [4]
أمَّا المخلوقات فلأنها مخلوقةٌ، فمن المستحيل أن يُقَال عنها إنها مولودةٌ، إلا فيما بعد، أي بعد خلقتها، حينما تشترك في الابن المولود. وفي هذه الحالة، يقولون عنها أيضًا إنها قد وُلِدَت ليس بسبب طبيعتها الذاتية، بل بسبب مشاركتها للابن في الروح.(أثناسيوس، المقالات الثلاثة ضد الآريوسيين)
جسد الكلمة هو جسدنا نحن
يُؤكِّد ق. أثناسيوس على أن جسد الكلمة هو جسدنا نحن؛ الذي اتخذه عندما صار إنسانًا، داحضًا بذلك نظرية الأجساد الثلاثة التي تقول بأننا نحن المؤمنون أي الكنيسة، مُجرَّد جسد اعتباريّ رمزيّ، وليس جسدًا حقيقيًا للربِّ يسوع المسيح كالتالي: [5]
وواضح أن بيت الحكمة هو جسدنا، الذي عندما اتَّخذه الكلمة، صار إنسانًا. وقال عنه يوحنا بحقٍ:الكلمة صار جسدًا[6].(أثناسيوس، المقالات الثلاثة ضد الآريوسيين)
انجماع البشرية في المسيح
يُشِير ق. أثناسيوس إلى الانجماع الكليّ للبشرية في جسد المسيح من أجل بقاء جسدنا غير مائت وغير فاسد، وهكذا نصل به إلى الإنسان الكامل في المسيح قائلًا: [7]
إذًا، فالرب عندما 'أُسِّس‘، لم يكن هذا هو بداية وجوده لأنه قبل التأسيس كان هو الكلمة، لكن عندما لبس جسدنا الذي أخذه كقطعة من جسد مريم، عندئذٍ يقول: 'أسَّسني‘، كما لو كان يقول: 'لكوني الكلمة فقد ألبسني جسدًا ترابيًا‘. لأنه هكذا تأسَّس من أجلنا؛ آخذًا ما يخصنا على عاتقه. لكي باتحادنا معه في الجسد، وارتباطنا به بسبب مشابهة الجسد، نبقى غير مائتين وغير قابلين للفساد، ونصل به إلى إنسان كامل [8].(أثناسيوس، المقالات الثلاثة ضد الآريوسيين)
ويدحض ق. أثناسيوس نظريتي البديل العقابيّ والأجساد الثلاثة من خلال تأكيده على أننا محمولون في الابن، لأن الكلمة جاء ليحلَّ فينا، وهكذا صرنا جميعًا باشتراكنا فيه جسدًا واحدًا؛ لأننا نحصل على الرب الواحد في أنفسنا، وهكذا نصير كاملين بكمال جسد المسيح الذي نكون معه جسدًا واحدًا كالتالي: [9]
إذًا، فالكلمة هو في الواقع وبالحقيقة واحدٌ مع الآب في الجوهر. أمَّا نحن فقد أُعطِيَ لنا أن نتشبه بهذه الطبيعة [أي الطبيعة الإلهية]، كما سبق أن قيل لأنه أضاف مُباشرةً:أنا فيهم وأنت فيَّ ليكونوا مكملين إلى واحد[10]. ولذا فالربّ هنا يطلب لأجلنا شيئًا أعظم وأكمل. لأنه واضح أن الكلمة قد جاء لكي يكون فينا؛ لأنه قد لبس جسدنا. وبقوله: 'وأنت أيها الآب فيَّ‘، فهو يعني 'لأني أنا كلمتك‘، وحيث إنك أنت فيَّ بسبب كوني كلمتك، وأنا فيهم بسبب الجسد، ومنك يتحقَّق خلاص البشر فيَّ، لذلك أسأل أن يصيروا هم واحدًا بسبب الجسد الذي فيَّ، وبحسب كماله لكي يصيروا هم أيضًا كاملين؛ إذ يكون لهم وحدة مع الجسد، ولأنهم قد صاروا واحدًا في هذا الجسد، فإنهم كما لو كانوا محمولين فيَّ، يصيرون جميعًا جسدًا واحدًا، وروحًا واحدًا؛ لأننا جميعًا باشتراكنا فيه، نصير جسدًا واحدًا، لأننا نحصل على الربِّ الواحد في أنفسنا.(أثناسيوس، المقالات الثلاثة ضد الآريوسيين)
تقديس الأشياء بالروح القدس
يُشِير ق. أثناسيوس إلى تقديس وتمجيد كل الأشياء أي المخلوقات بالمشاركة في الروح القدس الذي يُقدِّس ويُمجِّد كل الأشياء التي تشترك معه كالتالي: [11]
فإن كل هذه الأشياء الأخرى [أي المخلوقات] قد تكوَّنت وتقدَّست وتمجَّدت بالمشاركة أيضًا. إذًا، فهناك حاجة ملحة أن تقولوا لنا، مَنْ هو الذي يُشارِكه [الابن]، ما دامت كل الأشياء الأخرى لها شركة في الروح [القدس]، أما هو -فبحسب قولكم- لمَّن يستطيع أن يكون [الابن] مُشارِكًا؟ هل للروح؟ بل كما قال هو ذاته حقًا بالأحرى إن الروح نفسه يأخذ من الابن [12]، ومن غير المعقول القول بأن هذا [الابن] يُقدَّس من ذلك [الروح]، ولا يتبقى بعد ذلك بالضرورة إلا أن نقول إن الآب هو الذي يُشارِكه الابن.(أثناسيوس، المقالات الثلاثة ضد الآريوسيين)
تقديس جسدنا بجسد المسيح
ويُوضِّح ق. أثناسيوس أن اللوغوس واهب الروح القدس نفسه، قد مُسِحَ لأجلنا بالروح القدس في الجسد، لكي ما نمتلك هذا التقديس بشركة ومسحة الروح القدس في أجسادنا نحن، وهكذا لم يشر ق. أثناسيوس إلى تقديس البشرية بإزالة العقوبة عن البشرية كما في نظرية البدلية العقابية التي انتشرت في لاهوت العصر الوسيط وفي اللاهوت البروتستانتيّ، بل باتحاد اللوغوس بالجسد ومسحة الروح القدس لجسده من أجلنا؛ فصرنا من خلال ذلك مُقدَّسين في المسيح كالتالي: [13]
هكذا يُرِينا داود أيضًا أنه ليست هناك طريقة أخرى لكي نُشارِك الروح، ونتقدَّس لو لم يقل اللوغوس ذاته، واهب الروح، بأنه هو ذاته مُسِحَ بالروح من أجلنا، ولهذا السبب طبعًا أخذنا الروح، إذ إنه هو الذي قيل فيه إنه قد مُسِحَ بالجسد. حيث إن جسده الخاص هو الذي تقدَّس أولًا، وإذ قيل عنه كإنسان إن جسده قد اتَّخذ هذا الروح، فلأجل هذا، فنحن نمتلك نتيجة ذلك نعمة الروح، آخذين إياهامن ملئه[14].(أثناسيوس، المقالات الثلاثة ضد الآريوسيين)
الخلاص بتأليه البشر
يُؤكِّد ق. أثناسيوس على ترقي ورفعة الأشياء التي يعوزها الترقي والرفعة في المسيح، لأن الابن في تجسُّده جعل البشر أبناءً للآب وقام بتأليه البشر في تأنسه كالتالي: [15]
لذلك فإنْ كان للابن ذلك المجد حتى قبل خِلقة العالم، وكان هو رب المجد وهو العلي، ونزل من السماء، وهو معبود على الدوام، فينتج من ذلك أنه لم يترق بنزوله، بل بالأحرى هو نفسه الذي رقى الأشياء التي يعوزها الترقي، وإنْ كان قد نزل من أجل ترقيتها، لذلك فإنه لم يحصل على اسم ابن وإله كمكافأة، بل بالأحرى فإنه هو نفسه جعلنا أبناء للآب وألَّه البشر بكونه صار إنسانًا.(أثناسيوس، المقالات الثلاثة ضد الآريوسيين)
صدر للكاتب:
ترجمة كتاب: "الثالوث"، للقديس أوغسطينوس أسقف هيبو [٢٠٢١]
كتاب: عظات القديس غريغوريوس النيسي على سفر الجامعة [٢٠٢٢]
ترجمة كتاب: "ضد أبوليناريوس"، للقديس غريغوريوس النيسي [٢٠٢٣]
كتاب: الطبيعة والنعمة بين الشرق والغرب [٢٠٢٣]
كتاب: مونارخية الآب في تعليم آباء الكنيسة [٢٠٢٤]