المقال رقم 1 من 1 في سلسلة الكنيسة والمسؤولية المجتمعية
«( الكنيسة والمسؤولية المجتمعيةwp-content/uploads/2025/08/الكنيسة-والمسؤولية-الاجتماعية.jpg
  • الكنيسة والمسؤولية المجتمعية

من منظور العدالة الاجتماعية وأخلاقيات التنمية

تُعد المسؤولية المجتمعية للكنيسة واحدةً من الملامح الجوهرية لرسالتها الشاملة، بدايةً من البُعد الروحي وامتدادًا لتشمل اهتمامات الإنسان، وخاصة في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المجتمعات المعاصرة. وفي السياق المصري، برزت الكنيسة كمساهم رئيس في دعم الفقراء والمهمّشين، لاسيما في الأزمات الكبرى، ويظل هذا الدور بحاجة إلى تقييم نقدي واستشراف مستقبلي لضمان فعاليته واستدامته.

تأتي هذه الورقة لتسلّط الضوء على واقع إدارة مِلَفّ الفقراء في الكنيسة المصرية، في ضوء تعاليم الكتاب المقدس ومبادئ ، آخذة في الاعتبار القيم الأخلاقية للتنمية الحديثة التي لا تكتفي بإغاثة الفرد بل وتمكينه أي فتح مجال وتوفير فرص الوعي بحقوقه بالتالي الحصول عليها.

تهدف هذه الورقة إلى مساءلة الممارسات الراهنة، واستكشاف مدى توافقها مع الدعوة الإلهية لخدمة الفقراء، كما تقدم مقترحات لتجويد هذا الدور بما يتناسب مع الكرامة الإنسانية والمشاركة الفاعلة.

تحديد المشكلة:

بدأ المجتمع الكنسي الانخراط في مجال التنمية في ظل مفاهيم متنوعة أحيانا ومتغيرات متلاحقة أحيان أخرى، مما أدى إلى تعدُّد الآراء وربما تضاربها بين ما يُعتبر مقبولًا كنسيًا في مجال التنمية بالتالي يجوز للكنيسة ممارسته، وما لا يعتبر مقبولًا بما فيها فكرة “التنمية” نفسها باعتبار أنها لا تتفق والتعليم الكتابي والتطبيق اللاهوتي، بمعنى أنها علوم إنسانية لا توافق التعليم الديني، بالتالي نجد محاولات كنسية لإعطاء المشروع التنموي “مِسحة” دينية سواء من ناحية تفادي العبارات غير الدينية، أو من ناحية الإصرار على الاتكاء على نص ديني واضح وصريح يسمح بالأخذ بما توفِّره الأبحاث في مجال التنمية.

أهداف الورقة:

1-الإسهام في شرح وتحديد مفاهيم المسؤولية المجتمعية للكنيسة، ومنظور العدالة الاجتماعية، وأخلاقيات التنمية في ضوء كلا من الإيمان المسيحي الكتابي واللاهوتي، وعلوم التنمية سواء للباحثين أو العاملين في هذا المجال، مما يوفِّر فرص بحث أكثر دقَّةً من الناحية النظريةـ وأكثر قابلية ومرونةً للتطبيق من الناحية العملية.

2-الاستفادة من المشترك بين الأديان والعلوم الاجتماعية وإثراء كل منهما للآخر (وهذا الهدف سيتحقَّق طوال خطوات بحثنا تلقائيًا، فلا بديل لهذا الإثراء دون الجمع بينهما)

موضوعات الورقة:

1. الفقر
1-1 تعريف الفقر
1-2 أثر الفقر المادي على الجانب المعنوي للفرد

2. علم اللاهوت التنموي
2-1 ما التنمية؟
2-2 الأساس اللاهوتي والكتابي للتربية الشعبية (خبرات سابقة: ق.د صموئيل حبيب، 1979)

3. منظور العدالة الاجتماعية
3-1العدالة في اللغة
3-1 العدالة الاجتماعية في العهد القديم
3-3 إقرار العدالة الاجتماعية يعني إقرار الإنسانية

4.أخلاقيات التنمية
4-1 تعريف الأخلاق، القيم، السلوك
4-2 القيمة الأخلاقية- نظرة مسيحية
4-3 تأثير الدين على القيمة الأخلاقية
4-4 تطور القيم الأخلاقية في المسيحية: (خبرات سابقة؛ ريتشارد نيبور، الأخلاق المسيحية عبر 2000 عام)

5.المسؤولية المجتمعية للكنيسة
5-1 شعب جماعة فاعلة
5-2 زرع القيمة الأخلاقية
5-3 الكنيسة وزرع قيم أخلاقية تنهض بالمشروع التنموي

الفقر

تعريفُ الَفقْر: الفقر هو الحالة أو الوضع الذي يحتاج فيه الفرد أو المجتمع إلى الموارد الماليِّة، والأسس الضروريِّة للتمتُّع بأدنى مستوىً من الحياة والرفاهيّة يعتبر مقبولًا في المجتمع الذي يعيش فيه، أمّا المعيار الدوليّ للفقر المدقع فهو حصول الفرد على أقلّ من دولار واحد في اليوم، وهو أيضًا عندما يفشل دخل الأسرة في تلبية الحاجات الأساسيّة لأفراده.
فضلا عن محدودية المشاركة في صنع القرار، مما ينعكس سلبًا على الأفراد والمجتمعات.

أثر الفقر المادي على الجانب المعنوي للفرد:

الفقر في جانبه المادي يظهر في شكل الاحتياج إلى الموارد المادية وعدم كفايتها لتغطية مطالب الفرد اليومية والحصول على طعام/ مأوى/ ملبس/ خِدْمَات تعليمية وصحية، فضلًا على الطارئة. إلا أن أثره على الجانب المعنوي أشد وطأةً، فتأثر الفرد بالشعور بالحاجة بالتالي أثره على أهمية وجوده وسط الجماعة يؤثِّر سلبًا على إحساسه بقيمته وتطلُّعه إلى طلب تحسين حياته المعيشية، بل واستجابته للتنمية وبرامجها، وهذا ما عبَّر عنه بالحوار الدائر بين برامج التنمية عندما تنقصها الكفاءة المطلوبة لتحقيق أهدافها، وبين المُستَهدفين منها، فينتهي الأمر إلى اختزال الصفات الإنسانية (يقصد إظهار واقع يضعف من الصفات الإنسانية)، ولا ينجح بأن يشعر المستفيدين أنهم بَشَر قادرون على تحديد أهدافهم.

ويرى فريري أن برامج الإصلاح عامة لها دورين وهما: التشهير والتبشير. (يقصد بالتشهير إظهار سلبيات أو مشاكل الوضع السائد ويقصد بالتبشير الدعوة للأصلح).

وبالفعل تمثل الفقيرة المهمشة نظرة عملية واقعية لرأي فريري، إذ أن الإقبال على دعوات تنظيم الأسرة كمثال أو الحد من التسرُّب من المدارس بين هذه الطبقات قد يحتاج إلى إيقاظ الصفات الإنسانية أولا كخطوة أولى في أي برنامَج تنموي.

ولهذا يدعو فريري إلى كشف الواقع الذي تعيشه الفئات المستهدفة، بل إيقاظ وعي برامج التنمية أولا بما تعانيه تلك الفئات، بل ذهب إلى أبعد عندما ينادي بمعرفة الواقع دون الاعتماد على الشعب وكذلك على الوقائع الموضوعية كمصدر لمعرفة ذلك الواقع والتخلي عن الصلة الحميمة مع الشعب، ليس فقط في خلال الزمن ما بين جدل التشهير والتبشير وبين التحقيق الملموس لمشروع قابل للتطبيق، بل أيضًا بدايةً من وضع هذا المشروع على أرض الواقع.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

ڤنيس بولس
[ + مقالات ]
‎ ‎ نحاول تخمين اهتمامك… ربما يهمك أن تقرأ أيضًا: ‎ ‎