بدايًة، شوف الفيديو المرفق عشان تشوف مدى التضارب!

– المتنيح الأنبا بيشوي يقول: في الجحيم طبعًا بدون كلام، (تحت رأيه لون أسود)
– الأب إرميا بولس يقول: في الملكوت طبعًا بدون كلام، (تحت رأيه لون أبيض)
– أما  ال، فيقول كعادته كلامًا متضاربًا وحلول وسط، (تحت رأيه لون رمادي)

نظريًا، الثلاثة مسيحيون، ولهم نفس الكتاب المقدس الذي كان حاسمًا في مسألة ضرورة المعمودية، وغامضًا جدًا في مسألة الأطفال، لأن في نفس الكتاب ورد أن ملكوت السموات لمثل هؤلاء [أي للأطفال] [1]، [2]!

نظريًا أيضًا، الثلاثة أقباط أرثوذكس. بينما لاهوتيًا، فلابد من فصل آرائهم عن بعض ونرى من أين جاؤوا بها.

– الأب أرميا هو الوحيد الذي قدم رأي أرثوذكسي [شرقي/آبائي].
– الأنبا بيشوي قدم رأي أوغسطيني [مأخوذ عن أوغسطينوس، أسقف هيبو، لاتيني غربي متشدد].
– الأنبا رفائيل قدم رأي أكويني [مأخوذ عن ، مُعقلن الإيمان، لاتيني غربي وسطي]. لكن لأن الأنبا رفائيل يحمل دكتوراه وثقافته موسوعية، فقد تطرق إلى فكر جون كالفن [غربي إصلاحي ي]، وفي هذه النقطة، فإن لاهوت مبني على توسعة للأصل الأوغسطيني، لذلك لم يبتعد كثيرًا عنه. هذا لتفسير لماذا لم يكن الأنبا رفائيل حاسمًا (أبيض/أسود) مثل الآخرين.

والثلاثة لا يخبرونك بأي تأصيل نظري لأفكارهم.. لا يعلمونك أن تقرأ أكثر.. لا يشجعونك على التفكير ولسان حالهم يقول لك “اخرس” ولا نريد صداعًا من أفكارك في مصائر البشر!! كل واحد يتكلم وكأنه على القهوة ويقول “رأيه الشخصي” الذي لا يأتيه الباطل والذي لا يجوز أن تختلف معه وإلا تكون خارج الكنيسة!

أوغسطينوس، أسقف هيبو:

أوغسطين كان يحارب الهرطقة البيلاجية التي تقول بأن “المعمودية ليست ضرورية للخلاص”،
كرد فعل، زعم أوغسطين أن الأطفال غير المعمدين الذين يموتون محكوم عليهم بالجحيم [3].

إنهم لا يعانون من كل آلامها لأنهم غير مذنبين بالخطايا الشخصية، ولكنهم مذنبين ب.

(القديس أوغسطين، عن الروح وأصلها، الفصل 11)

يعني لأن المعمودية ضرورية للخلاص من وراثة خطيئة ، إذن فلن يدخلوا الجنة! ولو جال بخاطرك البريء أنه قال لا يعانون كل ألامها، بمعنى تخفيف العذاب، لقلت لك: لا، بل رفض أوغسطينوس صراحة فكرة وجود أي حلول وسط، قائلًا:

لا يعد أحد في حالة الأطفال غير المعمدين، بين الدينونة ومملكة السماء، بمكان وسط من الراحة والسعادة.

(القديس أوغسطين، عن الروح وأصلها، الفصل 11)

توما الأكويني:

توما الأكويني اتخذ موقفًا مختلفًا بعض الشيء (على غرار أستاذه )، فزعم أن الأطفال الذين يموتون دون معمودية سيعانون من العذاب النفسي ولكنهم لن يختبروا العذاب الجسدي. ولماذا يا أكويني؟ قال لأنهم لم يستحقوا الجنة بسبب الخطيئة الأصلية، ولم يرتكبوا خطايا شخصية تستحق نار جهنم. وقال الأكويني إن الله سيضعهم إلى الأبد في حجرة خاصة في الجحيم تسمى limbus puerorum [4]، حيث يعيشون في سعادة طبيعية.

وفقًا لتوما الأكويني، فإن الله يستبعد هؤلاء الأطفال من الرؤية السعيدة [رؤية الله] لأنهم ماتوا دون نعمة [دون معمودية]، ولكنه لن يعاقبهم بالنار. وسوف يعيش هؤلاء الأطفال في سعادة طبيعية بحتة ولكن ليس سعادة القديسين الخارقة للطبيعة، أو التي تعاين (تنظر) مجد الله.
(وهذه الجزئية الأخيرة هي مصدر الفكر الشعبي بأنهم سيذهبون إلى الجنة، ولكن عميان.)

چون كالڤن:

چون كالڤن كان مثل أوغسطين في النظر للطبيعة الشريرة للإنسان، بل زايد عليه، وأنه لا إنسان بدون خطية أصلية، وخطايا شخصية، لو عاش يوم واحد على الأرض. وبناء عليه غير المعمدين سبق تعيينهم في الجحيم.

وفقا لچون كالڤن، الأطفال لا يولدون من اتحاد والديهم الروحي بل من اتحادهم الجسدي، ومن هنا، سواء أكان الإنسان غير مؤمن مذنب، أم مؤمنًا بريئًا، فهو لا يلد أطفالًا أبرياء بل مذنبين، إذ هو يلدهم من طبيعة فاسدة. فالذنب هو من الطبيعة، أمَّا التقديس فهو من النعمة الخارقة للطبيعة [5].

إذن، رأينا أن الأساقفة، سواء متطرفين أو معتدلين، هم ناقلون لأفكار غربية (لاتينية) لا علاقة لها بكنيستهم التي تصرف عليهم كي يشخطوا فيمن يسألهم!

أما الكاهن المتزوج الذي ليس راهبًا، فهو وإن كان يقول كلامًا دون مصادر، إلا أنه في الواقع ليس أول من أفتى بهذا الرأي في هذه النقطة، فقد سبقه القديس ، بطريرك القسطنطينية، من المصادر الشرقية [الأدق “آبائية”، ويُعنى بها آباء الكنيسة قبل ].

يوحنا فم الذهب، بطريرك القسطنطينية:

التفاصيل عند يوحنا فم الذهب ثرية ومهمة، ولا ينبغي اختصارها خشية إفسادها. لكن الخلاصة العامة هي أن يوحنا فم الذهب كان يؤمن بما نسميه الآن “الطبيعة الخيّرة للإنسان”، وأن الإنسان عندما يفعل الشر (الخطايا الشخصية) لا يكون ضد الله فحسب، بل يكون أيضًا “ضد طبيعته” الإنسانية (حتى بعد السقوط).

ومن المهم هنا ذكر أنه لا توجد فكرة الخطيئة الأصلية أو في اللاهوت الشرقي كله. ويستخدمون مصطلح الخطيئة الطبيعية للإشارة إلى عصيان آدم و وأكلهما من الشجرة. ولهم تركيبات مختلفة في النظر إلى نفس قصة السقوط.

وبناء عليه،
يرى الآباء الشرقيين أن المعمودية ليست لغفران الخطية الموروثة من آدم، (الأطفال هم بلا خطايا، هذه حقيقة منتهية وطوبها المسيح وقال: لمثلهم [الأطفال] ملكوت السموات)، وإنما المعمودية للتقديس [6].

ولهذا السبب نفسه نُعمِّد حتى الأطفال، ولو أنهم بلا خطية، ولكن لكيما ينالوا بقية العطايا من تقديس، وبر، واختبار للتبني والميراث، حتى يشَّبوا إخوةً وأعضاءً، ويصيروا هيكلًا للروح.

(يوحنا ذهبي الفم، عظات على المعمودية)

 

اقرأ أيضًا:
هوامش ومصادر:
  1. لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات. (إنجيل متى 19: 14) [🡁]
  2. لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله. (إنجيل لوقا 18: 16) [🡁]
  3. ال، عن الروح وأصلها، الفصل 11. [🡁]
  4. limbus puerorum: تُنطق ليمبوس بوريريوم، وتُترجم إلى “ليمبو الأطفال”. [🡁]
  5. چون كالڤن، أسس الدين المسيحي، تلخيص من الصفحات 236، 237. [🡁]
  6. يوحنا ذهبي الفم، عظات على المعمودية، ترجمة: القمص ، ، 2007، عظة 3: 6، ص 64. [🡁]

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

باسم الجنوبي