هناقش الموضوع في بعض النِّقَاط:
الدين
لأنه بيعزز الهُوِيَّة الدينية ويعارض مبدأ تكافؤ الفرص ويؤصل لفكر وسياسة دولة التمييز الديني المتعصبة.. ازدواجية امتحان الدين ستؤدي لازدواجية المعايير، وفي كل سنة هتحصل خناقة امتحان الدين الفلاني كان أسهل من امتحان الدين العلاني، هيحط عبء نفسي على واضعي الامتحان فمستحيل يطلع امتحان متوازن، هيبقى اللي بيحط امتحان إما متساهل مع بني دينه ويجيب امتحان تافه، أو هيبقى جبان وخواف ومش عاوز يتقال عليه إنه منحاز لبني دينه فهيجيب امتحان صعب وأسئلة غير متوازنة.
كمان هنحول الدين من علاقة طبيعية بين الإنسان وربه، تتهذب فيها روح الإنسان ونفسه وعقله في رحلة طويلة بين الشك والإيمان، إلى علاقة دراسية، مجرد معلومات مكتوبة المطلوب حفظها واسترجاعها وقت الامتحان، وطبعًا ده هيتطلب دروس ومُذكّرات وكتب، ونسمع بقى عن حوت الدين وديناصور العقيدة.
كل الدول والأنظمة اللي أجبرت الناس على ممارسة الطقوس والعبادة والدين داخل مدارسها على اختلاف الدين والدول أخرجت للمجتمعات متدينين شكليين وأحيانًا ملحدين أو لادينيين ولكن غالبًا إرهابيين، وحتى لو كان الطرح لمادة دين موحدة أو مادة أخلاق مشتركة يتم إدراجها داخل المجموع، فمجرد إدراجها داخل المجموع يجعل الأخلاق مجرد مظهرًا شكليًا ويزيد الفجوة التي نحاول أن ننكر وجودها ونحن على يقين أن هناك في بعض الأماكن نارًا تحت الرماد.
الدين مكانه القلوب، يتعلمه الناس في دور العبادة والبيوت، ومفيش مانع يكون في المدارس، بس يكون بدون دخوله في المجموع.
تطوير التعليم يبدأ من تطوير المواد العلمية والإنسانية ومواكبة قطار التطور السريع، وعندما نهذب عقل الإنسان ونفسه سيلجأ بمفرده للبحث عن الله والدين.
نظام مرقّع
في البداية مصطلح ترقيع للي ميعرفهوش هو إن واحد يكون عنده لبس معين، وليكن قميص لونه أسود، فيحصل أن القميص ده يتقطع منه جزء، فنروح نجيب (رقعة) قطعة قماش بلون ثاني خالص، ونحطها مكان القطع فيبقى قميص مرقّع مُشوّه.
محدش ينكر إن منظومة التعليم من أولها لأخرها فيها عيوب لا حصر لها، من أول كثافة الفصول، المناهج التي تعتمد على الحفظ والتلقين، وعزوف الطلاب عن المدارس وتكدسهم في السناتر، وتفشي ظاهرة الدروس كبديل اجتماعي قبل أن يكون وسيلة دراسية مساعدة، وبيع الامتحانات وتسريبها وظاهرة الغِشّ وفساد كنترولات بعض اللجان وتعديل النتائج، إلى نظام التنسيق بكل عيوبه، إلى نهاية الرحلة بخريج جامعي بلا أي مقومات لسوق العمل، علشان يسمع في أول مكان يقبل بيه علشان يشتغل الجملة الشهيرة بتاعة : “انسى بقى كل اللي اتعلمته طول حياتك وهنا هتبدأ من أول وجديد”.
جملة تكشف مدى فشل وضياع ١٨ سنة على الأقل من حياتك من الروضة إلى الجامعة، أجمل سنين العمر تضيع في حشو العقل بمعلومات دون فهم أغلبها، قهر وضغوطات مالية وجسدية ونفسية يعاني منها الجميع (البعض أصبحوا يخرجون من الثانوية العامة بأمراض نفسية حقيقية)، نقوم احنا كوزارة أو حكومة أو دولة نقولك؛ إحنا حسينا بمعاناتك، وهنصلح أكتر شيء مؤذي في حياتك، دفعت فيه عمرك والمقابل كان أقل بكثير، فاحنا كشعب أو طلبة أو أهالي أو معلمين نفرح ونقول هيبييييه.. بس للأسف مفيش هيييييه.
كل اللي فيها إن إحنا رقّعنا النظام، فجبنا السيد الدكتور (اللي مطلعش دكتور) محمد عبد اللطيف عضو مجلس إدارة شركة “فيوتشر إنترناشيونال” العاملة في مجال التعليم، والمدير التنفيذي لمجموعة مدارس السيدة الفاضلة والدته “نرمين إسماعيل”، والعضو المنتدب لشركة “أدفانسد إديوكيشن” لمعادلة شهادات المدارس الأمريكية، بالظبط كده يعني واحد منقوع طول عمره في التعليم الدولي وخصوصًا النظام التعليمي الأمريكي، يعني طبيعي يشوف أن هو ده أفضل منظومة بغض النظر عن البيئة والثقافة والاقتصاد،
– طب وماله يا عم ما تجيب نظام الدبلومة الأمريكية واديها رخصة مكان الثانوية العامة وأديك تبقى طبقت نموذج كامل متكامل على بعضه.
-لا يا باشا مينفعش، أنت عاوز الناس تاكل وشنا؟!
-ليه بس يا سعادة البيه؟!
-الناس هتثور علينا علشان طمس الهوية
-خلاص حط مادة اسمها التاريخ المصري وخليها إجبارية على الكل؛ اللي بيحفظ واللي مبيعرفش يحفظ واللي هربان من الحفظ واللي داخل طب واللي عاوز هندسة، واللي يعترض قول له أنت خاين ومش مثقف ومش عاوز تعرف تاريخ بلدك، وبالنسبة للحشو مش هنغلب هنحط أي محتوى انشالله سمك لبن تمر هندي ياما عملناها قبل كده.
-بس برضه لسه فيه مشكلة..
-إيه تاني ؟!
– المجتمع ثقافيًا ونفسيًا عنده عداوة مع كل ما هو أمريكي تروح تقوله نطبق النظام الأمريكي؟
– سهلة، إحنا مش هنجيب سيرة أمريكا في أي حاجة، ولا أي حاجة إنجليزي من الأساس، أقولك إحنا نسمي الشهادة بنفس شهادة الثانوية الفرنسية، إحنا نسميها بكالوريا، والمصريين دمهم خفيف وهيعيشوا نوستالجيا الأفلام الأبيض والأسود ونقعد نضحك كلنا ومحدش هيركز أصلًا أنها شهادة مصرية بسيستم أمريكاني ومحتوى عشوائي واسم فرنسي ودوخيني يا دنيا.
– طب متنساش إننا مجتمع متدين بطبعه..
– سهلة، حط الدين مادة أساسية تضاف للمجموع، هتلاقي كل الناس بتهلل لك.
– فكرة عبقرية، بس مش كده ضد فكرة الدولة المدنية وتسطيح لمفهوم الدين ذات نفسه؟
– يا باشا، كارل ماركس قالك إيه؟! الدين أفيون الشعوب
، يعني عاوز تسيطر على الشعب البسيط أدخل له من حتة الدين، مش علشان هو فعلًا متدين لكن علشان هما بيتستروا بالدين ده وراء جهلهم وأفعالهم المنحلة اللي الدين أصلًا منها ومنهم بريء.
– تفضل مشكلة المنهج، هل نكمل بمناهجنا وامتحاناتنا ولا ناخد المنهج الأمريكي وامتحاناته؟
– لا يا باشا طبعًا الناس هتهيج علينا ويقولوا لك مجانية التعليم، إحنا ناخد السيستم الأمريكي والاسم الفرنسي والطالب والمعلم والمنهج المصري، اللي هو كده كده نجيب معلومات كثيرة من كتب كثيرة ونرصها وراء بعض بدون هدف وبدون رؤية، ونعمل كتاب كبير وامتحانات كثير وورق ودرجات ورصد وامتحانات وورق ودرجات ورصد، وامتحانات تاني، وسميها تقيمات وشوية أداءات ودرجات ورصد، وخلي الكل مربوط في الساقية؛ الأب والأم والعيال والمدرسين والإداريين، واللي يعترض هنقول عليه في الأول جاهل ومبيفهمش ولو طول نقول عليه خاين وعميل.
– تفتكر الناس هتبلع الطعم؟!
– وليه هيعترضوا ما إحنا هنقولهم خففنا المواد وحافظنا على القومية العربية والدينية بتعظيم مكانة منهج اللغة العربية والدين، والقومية المصرية بالتاريخ وأدناكم ٤ فرص للامتحانات بدل فرصة واحدة.
– بس كده هيدفعوا فلوس كثيرة وهيعترضوا.
– أقول لسعادتك أول كام سنة نخلي أول محاولة ببلاش، والمحاولة الثانية بـ٥٠٠ جنيه للمادة الواحدة، وبعد ما الدنيا تترسأ وتبقى تمام يحلها ١٠٠ حلال.
– بس برضه ٥٠٠ جنيه للمادة كثير! يعني ٢٠٠٠ جنيه في تحسين سنة ثانية و ١٥٠٠ في ثالثة، وإحنا أصلا عندنا أكتر من نصف الشعب تحت خط الفقر.
– ماهو ده الهدف سعادتك، اللي شايف نفسه ميقدرش يحوّل من الأول تعليم فني، ونبقى خلصنا من الشباب الخريجين اللي فاكرين نفسهم أنهم طالما خارجين من الجامعة يبقوا بهوات، ويبقوا عارفين من أول الطريق أن البلد عاوزاهم فنيين وأسطوات واللي مش عاجبه يشخلل جيبه ويسفر عياله يعلمهم بره، أو يوديهم بقى تعليم دولي خاص أميريكان دبلومة، IG ، IP أي حاجة، المهم ينزاح من فوق قفا ميزانية الدولة، واللي يقدر على كده يكمل جامعات خاصة بقى، وبكده نجيب مستثمرين ودول يفتحوا معاهد وجامعات خاصة أكتر ونجيب عملة صعبة للبلد وأهو نروق على الاقتصاد.
– يعني ايه؟
– يعني قدامهم ٣ اختيارات؛ معكش فلوس ومعندكش حيل للمناهدة أدخل تعليم فني، معاك فلوس وشايف البهدلة اللي إحنا بنبهدلها في التعليم اهرب بحياتك لنظام تعليم دولي بس هنبيّعك اللي وراك واللي قدامك، مش عاوز ولا ده ولا ده يبقى تخرس خالص ومسمعش نفسك وكما قيل للفنان عادل إمام؛ لا تناقش ولا تجادل يا أخ علي.
– عفارم عليك.
– يعني نتكل على بركة الله ونذيع.
– ذيع يا وديع
تترتا تا تا، اللقطات اللي واخدينها كلها طبيعية والأبطال أنا وانت وهي، أنا وأنت وهي..