عندما أنعت شخص أنه قديس يستغرب الأخوة التقليديون ويتساءلون: كيف ولماذا تقول عنه قديس؟ ما هي سمات قداسة هذا الشخص؟
عند بعض الكنائس التقليدية شملت القداسة ثلاث أفعال (معجزات) فائقة للطبيعة، يتم تحقيقها والتحقق منها ثم يُعلن الشخص قديس بعد أن يتم أولًا ترقيته إلى طوباوي أو مُكرم.
أما في مصر فرغم أن القداسة تعني أيضًا الخوارق والأعاجيب، إلا أن هذا خلط كبير، فالقاعدة أن الشخص تقدس بحضور القدوس في قلبه وحياته، ومن ثم تحدث ظواهر لهذا الحضور المتميز ليست هي الفعل (التقديس) بل هي ثمار هذا التقديس.
فالكتاب يقول: هذه الآيات والعجائب تتبع المؤمنين
[1]، إلا إننا في مصر نعيش في خضم من الخرافات والهلاوس والترهات والأهازيج عن القديس فلان والقديس علان، وهذه ظهرت على القباب، وذاك يطير في الهواء وهلم جرا، حتى أنه لدينا راهب أٌدين [2] بالقتل وأعترف بالزنى وأُمسك بالربح القبيح بملايين في حسابات البنوك، لكنه وجد من أفراد عائلته من يعلنه قديس ووجد في مولد وفوضى القداسة من يقدسه.
القداسة في مصرنا العظيمة لدى الأقلية القبطية التي بقت على مسيحية ولو أسمية هي درب من دروب “المجاذيب”، فهي قداسة خرقاء لا فقط خارقة. القديس علان والولي فلان لا يستحم! (معفن يعني) ويخلط طعامه بالجاز! (مقزز) ولا مانع عنده أن ينام في المقابر متأبطًا لجمجمة (من الفلكلور القبطي) ورقد في سرير واحد مع بائعة هوى عارية (لزوم الحبكة الدرامية) ولم يعاشرها (عنة جنسية)، بل وصل بنا الأمر حديثًا أن القديس فلان يلبس شراب أحذية في يديه ليحمينا من النور الخارج منها، بل وصل الأمر “أنه من فرط التواضع كان يتعبد بالسجود في برازه!”.
عندما أعتبر شخص قديسًا لا أعتبره هكذا بعد أي من هذه الترهات أو الشذوذ، القداسة عندي معيارها الوحيد كلما اقترب الشخص من شخصية المسيح كما رسمتها أربع أناجيل من أربع زوايا، وكما شهد عليها رسله وتلاميذه في 27 سفر، بل وكيف أختبرها مليارات المؤمنين عبر ألفي عام.
عندما تُشبه المسيح تصبح قديس وتزيد القداسة كلما زاد الشبه، تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب
[3] لا ساحر يصنع سحر.
التشبه بالمسيح ليس هو بطولة من القديس قدر ما هو تنازل من القدوس، نحن لا نتشبه بالمسيح عن طريق لعب اليوجا أو ممارسات غنوصية (التطهر بالألم)، روح الله القدوس هو من يأتي بنا إلى محضر الآب في شخص المسيح. ليتم قول الرسول: يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضا إلى أن يتصور المسيح فيكم.
[4] ويقول أيضًا إن هذا هو ما سيكون عليه أبديتنا.
ونحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف، كما في مرآة، نتغير إلى تلك الصورة عينها، من مجد إلى مجد، كما من الرب الروح(رسالة بولس الثانية إلى كورنثوس 3: 18)
المتعقل المدبر الحصيف حصافة المسيح ليس فيه مكر أو قداسة إبليس، الطيب الوديع الحكيم المتمهل قديس، العفيف المترفع عن الصغائر المتروي قديس، القداسة ليست خرافة بل حصافة، ليست مبالغات بل عاديات ومنطقيات، ورغم هذا لم تعد موجودة
القداسة عندي مختزلة وكامنة في شخص المسيح الذي شق التاريخ وغير العالم، المسيح هو أسوتي الحسنة الوحيدة، لا مجاذيب الخوارق والموالد.