فكرت كثيرًا ما هو الموضوع الذي أكتبه ليساعد ولو بجهد متواضع في عملية الإصلاح الكنسي، حتي امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بأخبار القائمة السوداء لبعض مطارنة وأساقفة الكنيسة المنشقين عن باقي أعضاء المجمع وعلي رأسهم قداسة البابا تواضروس الثاني.
لا أرى سببًا واضحًا لحقدهم وكرههم الواضح لقداسة البابا منذ توليه الكرسي المرقسي إلا التمسك بالماضي بكل أخطائه ورفض عملية الإصلاح، مع خوف شديد من فضح جهلهم وسطحية آرائهم، مع كبرياء شديد مستتر تحت شعار حماية الإيمان، وهذا الكبرياء يمنعهم من الاستماع والاستفادة من أساتذة في اللاهوت، حاصلين على درجات أكاديمية في اللاهوت واللغات القديمة من أعرق كليات اللاهوت في العالم.
لا يستطيع غير الكاهن أن يعظ في حضرة الأسقف.(البابا ديمتريوس الكرام، في خضم صراعه مع العلامة أوريجينوس [1] )
كيف يتعلم الأسقف صاحب القيافة من علماني لا يرتدي الزي الأسود؟ مع أنهم يفتخرون بالقديس أثناسيوس الرسولي لأنه قاوم فكر آريوس في وسط مجمع مسكوني وهو شماس صغير، تخيلوا معي لو قاوم الآباء أثناسيوس ومنعوه من دحض الفكر الآريوسي لأنه مجرد شماس وهم الآباء الكبار معلمي المسكونة، ماذا كان حال الكنيسة الجامعة وقتها؟
للأسف الشديد، منذ حوالي خمسين عامًا، يتم تجاهل دور العلمانيين في الكنيسة، ويوضع كل شيء في أيدي رجال الكهنوت الذين يفتقدون إلى أصحاب الخبرة والدراسة. فالفراجية السوداء لا تصنع عالمًا لاهوتيًا أو مفكرًا كنسيًا. والمثل واضح في الأسقف المغاغي الذي يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي، بالرغم من ضعف إمكانياته وانغلاقه الفكري، يتقمص دور البطولة وكأنه الوحيد الذي يحافظ على الإيمان.
أُذكّر الرعاة ورجال الكهنوت بكل رتبهم: هل تمتّ خدمتك التي اُئتمنت عليها؟ أرى عددًا كبيرًا جدًّا من رجال الكهنوت وفتور الخدمة في أغلب مناطق الكرازة، مع ازدياد كبير في عدد الملحدين بسبب العثرات الكثيرة من الآباء.
هذا المقال لك يا عزيزي الراعي المبجل، اعتبره رسالة من الرب واقبله بتواضع، كما قبل الأنبا أنطونيوس، أب الرهبان، أن يتعلم من امرأة عارية حينما نصحته بأن يدخل إلى البرية الجوانية.
الخدمة عمل كرازي مقدس، وحقل واسع يُمنح بحسب الموهبة المعطاة للراعي. وأرغب في تجنب السلبيات العديدة التي انتشرت بين الرعاة، مثل جمع المال والتحرش والاكتفاء بالشعائر الدينية فقط. لذلك أطرح بعض الأسئلة على كل راع ليجيب عليها حسب ضميره:
١. هل أنت قدوة في كل ما تعمله، أم انك سبب عثرة لكثيرين؟ هل ما تعظ به الشعب للتصدير الخارجي فقط أم للاستهلاك المحلي لك؟
تذكر الآية الإنجيلية في رسالة بولس الرسول إلى تلميذه تيموثاوس: لا يستهن أحد بحداثتك، بل كن قدوة للمؤمنين في الكلام، في التصرف، في المحبة، في الروح، في الإيمان، في الطهارة.
[2].
٢. هل أنت تحمل سمات الرب يسوع المسيح له المجد؟
٣. هل تدرك فروق الناس الفردية كما أدركها المسيح، فتراه يعامل يوحنا المحب بطريقة تختلف عن معاملته لبطرس المتحمس دائمًا، الأول يسمح له أن يتكئ علي صدره، والثاني يوبخه في حب وحنان علي اندفاعه ليحول حماسه إلى الروح الوديع الهادي.
٤. هل تهتم بزيارات الافتقاد والمحبة كما كان الرب يفعل مع مريم ومرثا ولعازر؟هل تهتم بظروف الناس كما فعل المسيح مع بطرس حينما مرضت حماته فشفاها، وكما شارك المحتفلين أفراحهم في عرس قانا الجليل؟
٥. هل مارست العمل الفردي وتهتم بكل فرد لتخلصه؟ أم أن الفرد ليس له أهميه ويضيع وسط الزحام وكثرة المنافقين من حولك؟
٦.هل تجول تصنع خيرًا، فتجلس في وليمة العشار، وتبحث عن السامرية، والمزدري وغير الموجود؟
٧. هل أنت طبيبًا حقيقيًا للأرواح؟ تداوي وتعالج أم أنت عثرة للآخرين بدلًا من أن تحول الخطاة إلى قديسين؟
٨. هل تهتم بكل احد، وكل فئة، المطيعين والعاصين، هل تهتم بالأرملة، واليتيم، والغريب، والضيف كما تقول في الصلوات؟ هل تهتم بالمسن، والطفل الصغير، والغني والفقير، دون تفرقة وعلى حدٍ سواء؟
نصيحة من أصغر واحد في الكنيسة، نشأ وتربي مع كبار الآباء، مملوء بالغيرة علي الكنيسة وشعبها ورعاتها… أيها الراعي، بدلًا من انشغالك وتضييع وقتك بحجة الدفاع عن الإيمان الذي يحميه الرب يسوع المسيح له المجد، أيها الراعي.. تمم خدمتك.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟