خلق الله الإنسان سيدًا على الخليقة والعالم.

وقال الله: «نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا، فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم، وعلى كل الأرض، وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض».

(سفر التكوين: 1: 26)

فدعا بأسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية.

(سفر التكوين 2: 20)

كل هذا السلطان الذي كان لآدم على الأرض من طبيعة وسائر المخلوقات استولى عليه بإخضاع آدم تحت سلطان الشيطان عندما أغواه أن ينتمي للشر والعصيان. وصار الشيطان بديلًا لآدم رئيسًا لهذا العالم ”لأن العالم قد وُضِعَ في الشرير“ وآدم هو الذي وضعه.

وكلما زاد خضوع البشر واستعبادهم لشهوات الشر الذي تملَّك على العالم والخليقة، كلما كان الشيطان رئيس هذا العالم قادرًا أن يحرك كل ما هو مخالف للخير الذي خلقه الله عليه. لذلك كانت الأمراض والموت المبكر واضطراب الطبيعة بالكوارث.

أما الله فهو منزَّه عن أن يكون سببًا لما حدث من سقوط الإنسان ومعه الخليقة:

لا يقل أحد إذا جرب: «إني أجرب من قبل الله»، لأن الله غير مجرب بالشرور، وهو لا يجرب أحدا. ولكن كل واحد يجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته. ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية، والخطية إذا كملت تنتج موتا.

(رسالة يعقوب 1: 13- 15)

والعكس صحيح !!

فلما تجسد المسيح ابن الله وأخذ جسد آدم -بعد السقوط- وطرد منه الشيطان وسلطان الشر رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء [1]، رأينا كيف استعاد المسيح في بشريته الجديدة للإنسان سلطانه على المادة والطبيعة:

وفي الهزيع الرابع من الليل مضي إليهم يسوع ماشيًا على البحر

(إنجيل متى 14: 25) 

فقام وانتهر الريح والبحر: أسكت أبكم. فسكنت الريح وصار هدوء عظيم

(إنجيل مرقس 4:39) 

فهذا السلطان ليس هو سلطان اللاهوت بل سلطان الخليقة الجديدة للإنسان في المسيح يسوع الذي صار للمؤمنين باسمه:

فرجع السبعون بفرح قائلين: «يا رب، حتى الشياطين تخضع لنا باسمك!». فقال لهم: «رأيت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء. ها أنا أعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو، ولا يضركم شيء. ولكن لا تفرحوا بهذا: أن الأرواح تخضع لكم، بل افرحوا بالحري أن أسماءكم كتبت في السماوات»

(إنجيل لوقا 10: 17- 20)

وفي عدد 20 يشير المسيح له المجد إلى سلطان أعظم – هو الأصل – هو الذي نفرح به ، ألا وهو السلطان الروحي على الشياطين وقوى الشر الذي لنا بفداء المسيح الذي أبطل الخطية والموت بموته على الصليب.

الحق أقول لكم: كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطا في السماء، وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السماء.

(إنجيل متى 18: 18)

لقد صار لنا نحن المؤمنون بالمسيح السلطان على عدو الخير فنربطه بل ونربط سلطانه علينا وعلى الآخرين. وبذلك نحِّل أنفسنا من رباطات العدو. وكل من ينفك من عبودية الشيطان بسلطان المسيح فإنه يدخل مجال حياة الله الذي يغفر له الخطايا. لقد قال المسيح هذا في عشية يوم القيامة دليلًا ونتيجة لغلبته على الشيطان، وأنه أبطل سلطان الخطية والموت على الإنسان. والنتيجة لهذا غفران الخطايا:

نفخ وقال لهم: «اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تُغفَر له، ومن أمسكتم خطاياه أمسكت».

(إنجيل يوحنا 20: 22)

إن هذا هو سلطان المسيح الذي أعطاه المؤمنين والمؤَسَسَ على قيامة المسيح فيحل الإنسان من قبضة الشيطان ويغفر له خطاياه عندما يتوب ويقبل المسيح. وهذا السلطان نناله بقوة الروح القدس الذي حلَّ وسَكن في المؤمنين بعد قيامة المسيح.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن سفر أعمال الرسل هو تكملة لإنجيل لوقا ويذكر حادثة حلول الروح القدس في يوم الخمسين لتأسيس الكنيسة. ولكن إنجيل يوحنا ليس كذلك بل إصحاحات 14- 17 من إنجيل يوحنا هي إصحاحات الروح القدس وتتضمن موهبة الروح القدس للكنيسة من أجل تأسيس الكنيسة من خلال نفخ المسيح الروح القدس في التلاميذ. وبذلك فإن يوحنا 14- 17 لا تلغي ما ذكره سفر الأعمال عن يوم الخمسين. بل هي دمجًا له في نهاية إنجيل يوحنا باعتبار أنه إنجيل خاتم لذاته.

هوامش ومصادر:
  1. إنجيل يوحنا 14: 3 [🡁]

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

بين الإنسان والشيطان وسلطان الحل والربط 1
[ + مقالات ]