- إشارات الكتاب المقدس
- إشارات التقليد الإسكندري
- التقليدين الأورشليمي والأنطاكي
- ☑ إشارات التقليدين الكبادوكي والسرياني
نستعرض معًا أهم الإشارات إلى تناول يهوذا الإسخريوطيّ من سر الإفخارستيا في التقليد الكبادوكيّ، في إطار التأكيد على الإجماع الآبائي من مختلف التقاليد الكنسية على هذه الحادثة وأبعادها الرعوية والكنسية.
ق. غريغوريوس اللاهوتي النزينزيّ 329-390م
يشير ق. غريغوريوس النزينزيّ الملقَّب بـ”اللاهوتي“ إلى أن المسيح لم يمانع في مناولة يهوذا جزءًا من الإفخارستيا، وذلك في سياق تأكيده على تناول يهوذا من سر الإفخارستيا قائلًا: [1]
أصغ، يا يهوذا، إلى كل الخير الذي صنعه إليك. أخرجك من ظلمات الجهل، خلَّصك، أراك نور الخلاص؛ أنعم عليك برؤية معجزات كثيرة، وقال إنك ستجلس مع رسله لتدينوا جميع أسباط إسرائيل. وبجعله المال كله بين يديك جنّبك عذر الفقر. لقد كنت سارقًا، ولا تظن أنه كان على غفلةٍ من ذلك. ولكنه هو، في رحمته العظمى، لم يوجِّه إليك أي تأنيب؛ لم يكن ليتأثر بموقفك. وإنه، وإنْ كان على علم تام بحالك، قبل جريمتك، لم يتردَّد في غسل رجليك المجرمتين، ومناولتك جزءًا من خبز الإفخارستيا. وبعدما نلت منه هذه الحسنات، يا أقبح البشر، خُنته، وقبلت ثمن الدَّم حين لم تكن بحاجةٍ إلى مال.(غريغوريوس النزينزي، رسائل لاهوتية وفصلان من مسرحية المسيح المتألم)
ق. باسيليوس الكبير 330-379م
يُؤكِّد ق. باسيليوس الكبير في الليتورچية حسب تسليم كنيسة الروم الأرثوذكس في يوم خميس العهد (التريودي باللحن السادس) على أن يهوذا سلَّم المخلِّص على الرغم من وجود الخبز السماويّ، أي الإفخارستيا في فمه، مشيرًا إلى تناول يهوذا من سر الإفخارستيا كالتالي: [2]
إنَّ يهوذا، بالحقيقة، هو ابن الأفاعي الآكلين المنَّ في القفر والمتذمرين على المغذِّي، لأن غير الشكورين، إذ كان الطعام في أفواههم، كانوا يتذمرون على الله. وكذلك هذا الرديء العبادة، إذ كان الخبز السماويّ في فمه، صنع التسليم على المخلِّص. فيا له من عزم فاقد الشبع، ويا لها من جسارة وحشية، لأنه باع المغذِّي، وأسلَّم إلى الموت، السيد الذي كان يحبه.(قداس ق. باسيليوس الكبير حسب تسليم كنيسة الروم الأرثوذوكس)
ديونيسيوس الأريوباغي 485م
يشير ديونيسيوس الأريوباغيّ أو المنحول في كتابه الطغمات الكنسية إلى أن مُؤسِّس الأسرار الإلهية، أي المسيح، يستبعد مَن يتناول العشاء الإفخارستيّ معه، مثل يهوذا بطريقةٍ غير تقوية وغير مناسبة لشخصه قائلًا: [3]
هنا أيضًا، يا بُنيَّ الرائع، حسب الصور، آتي بالترتيب والإجلال الواجبين إلى الواقع الإلهيّ للنماذج الأصلية، قائلًا هنا لأولئك الذين صاروا أهلًا، من أجل التوجيه المتناغم لأرواحهم، أن التكوين المتنوع والمقدَّس للرموز لا يخلو من التأمل الروحيّ لهم، كما يُقدَّمون بشكلٍ ظاهريّ. لأن أقدس الترانيم والقراءات النبوية تعلِّمهم نظام الحياة الفضلى، ويسبق ذلك، التطهير الكامل من الشر المدمِّر؛ والتوزيع الأكثر ألوهةً والأعم والأسلم لنفس الشيء، أي الخبز والكأس، الذي يربطهم بشركةٍ تقويةٍ في الشخص، مثل الشركة في الطعام، ويُذكِّرهم بالعشاء الإلهيّ الكامل، وممارسة الرموز الأصلية للطقوس، التي بموجبها يستبعد مُؤسِّس الرموز نفسه [أي المسيح]، بكل عدل، مَن تناول [أي يهوذا] في العشاء معه من القُدسات بطريقةٍ غير تقويةٍ [4] وغير لائقةٍ بشخصه؛ ويُعلِّم في الحال، بطريقةٍ واضحةٍ وإلهيةٍ، أن الاقتراب من الأسرار الإلهية بعقلٍ صادقٍ يمنح أولئك الذين يقتربون الشركة في العطية بحسب شخصيتهم.(Dionysius the Areopagite, the Works of Dionysius the Areopagite)
ونتتبع أيضًا الإشارات إلى تناول يهوذا الإسخريوطيّ من سر الإفخارستيا في كتابات آباء الكنيسة السريانية، وذلك في إطار التأكيد على الإجماع الآبائيّ على هذه الحادثة المهمة وتداعيات ذلك الأمر من الناحية الرعوية والكنسية في مسألة قَبُول مناولة الخاطئ المتقدِّم إلى سر الإفخارستيا من عدمه.
مار أفرام السرياني 306-373م
يتحدَّث مار أفرام السريانيّ في شذرات تفسيره على الدياطسرون [الإنجيل الرباعيّ لتاتيان السوريّ] عن تناول يهوذا الإسخريوطيّ من الخبز المقدَّس، وإنه ورث الحياة الأبدية به، لذا يبتكر نظرية نزع القداسة من العناصر عن طريق غمس الخبز في الماء، وهذا ما سوف يُؤكِّده مار ساويروس موسى بن كيفا في شهادته عن مار أفرام السريانيّ فيمَا يلي، حيث يقول مار أفرام التالي: [5]
وكذلك فصل الربُّ بالماء يهوذا عن تلاميذه عندما أعطاه خبزًا مغموسًا في الماء، لأنه لم يكن مستحقًا لذلك الخبز الذي وزَّع مع الخمر على الرسل الأثنى عشر. لأنه لا يجوز أن الذي أسلَّمه إلى الموت [يهوذا]، أن يأخذ في شكل خبز، ذاك الذي يُخلِّص من الموت [المسيح].(The Venerable Ephraim the Syrian, Works)
مار ساويروس موسى بن كيفا 813- 903م
يشير مار ساويرس موسى بن كيفا إلى شهادة كُلٍّ من مار ايوانيس ومار سويريوس الأنطاكيّ ومار أفرام السريانيّ ومار يعقوب السروجيّ ومار يعقوب الرهاويّ وآخرون كثيرون عن مشاركة يهوذا الإسخريوطيّ في الأسرار، ويستعرض شواهد كل أب من هؤلاء الآباء الذين أكَّدوا على تناول يهوذا في كتاباتهم. حيث قال مار ايوانيس ذلك في ميمره على خيانة يهوذا، وفي الميمر الحادي والثمانين من تفسير إنجيل متى، وقال مار سويريوس ذلك في المعنيث الثاني، وقال مار أفرام السريانيّ ذلك في تفسير الإنجيل، وقال يعقوب السروجيّ أيضًا ذلك في الميمر على الآلام وقال مار يعقوب الرهاويّ ذلك الأمر في قوانينه كالتالي: [6]
إذَا ما شارك يهوذا فى الأسرار أم لا؟ نقول: يقول مار ايوانيس ومار سويريوس ومار أفرام ويعقوب السروجيّ ويعقوب الرهاويّ وآخرون كثيرون أنه شاركه فى الأسرار، كذلك قال ايوانيس فى ميمره على خيانة يهوذا، وفى الميمر الحادى والثمانين من تفسير إنجيل متى، وسويريوس فى المعنيث الثانى، ومار أفرام فى تفسير الإنجيل ويعقوب السروجيّ فى الميمر على الآلام ويعقوب الرهاويّ فى قوانينه. أمَّا القديس مار فيلكسينوس فى تفسير إنجيل متى فقد قال إنه لم يشاركه فى الأسرار وذلك لأن الشيطان قد دخله منذ زمن بعيد، ومن تسليم مار فيلكسينوس جرت الكنيسة ألا يُعطَى القربان للذين يتخبطون من الشياطين. قال مار افرام ويعقوب السروجيّ إنه شاركه فى الأسرار، ولكن يضيفون أنه بغمسة الخبز بالماء نزع عنه طُهره [أي قُدسه] وأنه أعطاه خبزًا بسيطًا.(ساويرس موسى بن كيفا، المواعظ)
مار ديونيسيوس بن الصليبي 1166- 1171م
يشهد مار ديونيسيوس بن الصليبيّ بتناول يهوذا الإسخريوطيّ من سر الإفخارستيا، ويستعرض أسماء الآباء الذين قالوا بتناول يهوذا من سر الإفخارستيا، ويحدِّد المواضع التي قالوا فيها بتناول يهوذا الإسخريوطيّ في كتاباتهم كالتالي: [7]
وقد اختلف المعلِّمون في هل أشرك السيد يهوذا بالأسرار أم لا؟ فالذهبيّ الفم في مقالته عن خيانة يهوذا وفي مقالته الحادية والثمانين من تفسير إنجيل متى، وساويرس في المغيث الثاني، والقديس أفرام في تفسير الإنجيل، ويعقوب السروجيّ في ميمر الآلام، ويعقوب الرهاويّ في كتاب القوانين، وغيرهم، يقولون إن المسيح أشرك يهوذا في الأسرار. أمَّا القديس فيلوكسينوس في تفسيره بشارة متى فيقول إنه لم يُشرِكه لأن الشيطان كان قد سبق واستولى على يهوذا ومن فيلكسينوس هذا قد جرت العادة في الكنيسة ألا يُعطَى القربان للممسوسين من الشياطين. أمَّا القديس أفرام ويعقوب السروجيّ فقالا بأن السيد أشرك يهوذا في الأسرار ولكنه بلَّ الجسد بالماء فزالت منه القداسة غير أن مُعلِّمين آخرين يقولون إن الجسد المبلول بالماء لا تزول منه القداسة، وإن الماء لا يقدر أن يزيل القداسة والروح الذي فيه، قال داود الراهب ابن بولص الموصليّ محب موسى ابن الحجر إن سيدنا وإنْ لم يبل جسده الذي ناوله ليهوذا بالماء، لكنه أزال قداسته خفيةً لعدم استحقاق يهوذا الخائن له، ولا يخفى إن الحنفي إذَا أكل القداس يأكله خبزًا بسيطًا لأنه يأكله بدون ايمان، ويعقوب الرهاويّ يقول إن السيد ناول يهوذا خبزًا يابسًا كانوا يغمسونه في الأطعمة ويأكلونه، فمن هذا الخبز غمس غمس سيدنا وناوله لا من خبز الأسرار الذي قدَّس جسده منه.(ديونيسيوس يعقوب بن الصليبي السرياني، الدرّ الفريد فى تفسير العهد الجديد)
مار غريغوريوس بن العبري 1226-1286م
يُؤكِّد مار غريغوريوس بن العبريّ، مثله مثل الآباء السريان السابقين عليه، على أن مار يعقوب السروجيّ، ومار أفرام السريانيّ، وق. يوحنا ذهبيّ الفم، وق. ساويروس الأنطاكيّ، وداود الراهب بن بولس، قالوا بتناول يهوذا من الأسرار المقدَّسة في كتابه ”التعليقات على الأناجيل“ كالتالي: [8]
يقول مار أفرام [السريانيّ] ومار يعقوب [السروجيّ] أن ربنا اشترك مع يهوذا في الأسرار، ولكن بعدما قد نزع القداسة من الخبز بغمسه في الماء. ويقول الآخرون إن الأسرار لا تُنزَع من القداسة حتى لو غُمِسَت في الماء. ويقول ق. يوحنا [ذهبيّ الفم] وساويروس [الأنطاكيّ] أنه اشترك في الخبز، بالرغم من أنه لم يكن مُجرَّدًا من القداسة […] ويقول داود الراهب، ابن بولس، إنه [أي يهوذا] اشترك فيه، أي في العناصر غير منزوعة القداسة، ولكن يهوذا أكل منه كخبزٍ عاديّ بدون إيمان.(BAR-HEBRAEUS, Commentary on the Gospels)
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟
صدر للكاتب:
كتاب: عظات القديس غريغوريوس النيسي على سفر الجامعة
ترجمة كتاب: "الثالوث"، للقديس أوغسطينوس أسقف هيبو
ترجمة كتاب: "ضد أبوليناريوس"، للقديس غريغوريوس النيسي
نحاول تخمين اهتماماتك… ربما يهمك أن تقرأ أيضا:
- المسيح يُصلب من جديد لا تختلف جماهير اليهود قديمًا أيام المسيح كثيرًا عن جماهير المسيحيين أو غيرهم خاصة على "السوشيال ميديا" هذه الأيام، فبتحريض من رجال الدين والكهنة ورؤسائهم قد تنقلب موازين أي قضية وآراء الناس بخصوصها وتصرخ الجماهير بأعلى الصوت "اصلبه، اصلبه، دمه علينا وعلى أولادنا" "اطلق لنا باراباس". بعدما كانوا يصرخون "خلصنا في الأعالي". مع اختلاف المسيح......