إذا كان الله نورًا أبديًا، فإن هذا النور العظيم لابد أن يكون له شعاع نور، وإلا ما عاد نورًا. و شعاع النور هو النور. بالتالي هو ابن النور، لأنه واحد مع النور وفي النور ومن النور وبالنور أنا والآب واحد، من رآني فقد رأى الآب. فإن من يرى شعاع النور فقد رأى النور.

هذا ما حدث في التجسد الإلهي، وهو افتقاد الله لخليقته التي تغرَّبت عنه بعيدًا بغواية . فإن الله ظهر في الجسد لكي نستطيع أن نقترب منه وقد اتخذ له جسدًا بطبيعة إنسانية كاملة مثلنا من العذراء مريم. فمثلما يدخل شعاع الشمس غرفتنا فنقول أن الشمس دخلت غرفتنا، ومثلما لا نستطيع أن نقترب من الشمس ذاتها بل من شعاعها، وكما أنه بدون شعاع الشمس لا حياة للإنسان. هكذا التجسد الإلهي.

فالشمس ذاتها لا يقترب منها بشر ويعيش الآب لم يره أحد قط. الابن الوحيد [شعاع الشمس] الذي هو في حضن الآب هو خبَّر [استعلن لنا أنه بدون الشمس وشعاعها لا حياة لنا].

فالذي نزل من السماء ليس هو جسد المسيح، ولكنه شعاع نور الآب. والقول بأنه ابنه هو لتأكيد أنه نور الآب ذاته، لأن الابن ليس هو طبيعة مختلفة عن الآب مثلما الشعاع والنور. أما جسد المسيح فهو مخلوق من جسد العذراء مريم من الأرض. وعندما نزل شعاع النور/ ابن الله الحقيقي من السماء، ولبس له جسدًا مخلوقًا من الأرض، فإنه بالضرورة أعطى لجسده الخاص هذا صفته ”ابن الله“ لأنه اتحد به.

هنا تأتي وسيلة الإيضاح الثانية أنه عندما يُوضَع الحديد في النار فإن الحديد يكون ممتلئًا بكل فعالية النار. وبينما هو بطبيعته مازال حديدًا فبالرغم من ذلك يعمل بقوة النار.

هكذا المسيح ابن الله وشعاع نور الآب، فإنه وَحَّد ذاته الإلهية بجسده الخاص في سر عظيم نسميه سر التجسد الإلهي، ومنح جسده الخاص قوة إعطاء الحياة: من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية من يأكلني يحيا بي (يوحنا ٦).

عظيم هو سر التقوي، الله ظهر في الجسد وقد أطلق الكتاب على سر التجسد الإلهي أنه سر التقوي، لأنه لا سبيل لإنسان أن تتغير طبيعته من طبيعة الساقطة التي فقدت اتصالها بالله مصدر التقوى والقداسة وتسترجع أصلها إلا عندما تتحد بأصلها مرة أخرى. عندئذ فقط نقول أنها تجددت.

هذا هو ما أكده الرب من ضرورة اتحاد بشريته الجديدة المطهَرة والمطهِرة (بفتح الهاء ثم بكسر الهاء) ببشرية كل من يؤمن بسر التجسد الإلهي لينال تلك الطبيعة الجديدة للإنسان التي أسسها الله في سر ظهوره في الجسد ولذلك صار سر التجسد الإلهي هو سر خاص بالله بمقدار ماهو سر خاص بتقوى الإنسان ورجوعه إلى أصل خلقته سر التقوي في الله عظيم هو سر التقوي، الله ظهر في الجسد.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

ميلاد المسيح سر إلهي وإنساني 1
[ + مقالات ]