Search
Close this search box.
منذ أيام، كانت ذكرى القديس كيرلس الكبير، الملقب بـ"". قدّم القديس كيرلس لاهوتًا شرقيًا تستعين به الكنيسة في فهم الثالوث والجدل حول الكريستولوجيا. لجأت الكنيسة الكاثوليكية لأعماله عندما رأت فيه شاهدًا من الآباء اليونانيين الكبار على انبثاق الروح القدس من الآب والابن [1]. لكن في الوقت ذاته، وبعيدًا عن التنظير اللاهوتي وما ساهم به من إنجازاتٍ غير مسبوقة، فمن مدخل الدفاع عن الأرثوذكسية ضلع بما نسميه اليوم؛ تطهيرًا على أسس دينية. أكثر ما اشتهر به في  هو كتاباته بخصوص الصراع الي [2]. لا يعلم أغلب الأقباط شيئًا عن توسعه في مفهوم الاستشهاد بحيث يشمل المبادرين بالاعتداء بشكل لم تعرفه المسيحيّة قبله، أو توليه سدة الإسكندرية بعد يومين فقط من وفاة خاله، البطريرك ثاؤفيلس، مؤسس الهرطقة الأنثروبومورفية [3] وزعيم رهبنة ، البارابولاني [4] والذين أخضعهم كيرلس، ربيب دير القديس ، والذي شهد فيه تعذيب وقتل رهبان أمونيوس [الأخوة الطوال] [5] بواسطة رهبان وادي النطرون [الأنثروبومورفليت] [6]. لا يعلم المعاصرون شيئًا عما هو مُتهم به باستثناء ما تجادل حوله المؤرخون في واقعة تعذيب الفيلسوفة .

جديد هذا العام، أن بعض المعترضين صاغوا اعتراضاتهم بشكل قوي فكريًا، وخطهم العريض كان استنكار محافظة على التراث دون أي مراجعات فكرية تتناسب مع معايير العصر، وإصرار الكنيسة على أن الرجل كان بارًا رغم جرائمه.

في المقابل، لم ألحظ تطورًا موازيًا عند التراثيين، وما زلوا متوقفين عند استنكار مقتل هيباتيا المحقق تاريخيًا، بشكل هجومي أكثر من كونه دفاعًا خاليًا من التحيزات. يوجد من رفض ما سطره المؤرخ داماسكيوس (لأنه وثني!) والمؤرخ القسطنطيني (لأنه قسطنطيني!) والمؤرخ يوحنا النقيوسي (لأنه كتب بعد قرنين!) وموسوعة Suda (لأنها بيزنطية!) و (لأنه علماني!) وبيرتراند راسل (لأنه ملحد!) وچون تولاند (لأنه بروتستانتي!) وإدوارد چيپون (لأنه كاثوليكي تحول للبروتستانتية!) ووليام برايت (لأنه أنجليكاني!) وچون أنتوني مكجوكين (لأنه أرثوذكسي لكن خلقيدوني!) وتشارلز كينجسلي (لأنه أنجلوساكسوني!) والموسوعة الكاثوليكية (لأنها استعانت بما سبق!).

الأصوليون، كعادتهم، يأخذون على غيرهم “انحيازاتهم” الدينية والقومية، بينما يفترضون أن الأسقف كيرلس غير منحاز دينيًا وقوميًا! هل هذه مزحة؟ هل هي ازدواجية معايير؟ ألا يعلمون معنى “التحقيق التاريخي” وأنه يتعامل مع كل هذا وأصعب؟ أم تراهم لا يعرفون أن الأدلة التاريخية على سلخ هيباتيا بقشور المحار أكثر من الأدلة على جلد المسيح قبل صلبه؟ لو أخذنا هذا التعسّف بالجدية الملائمة وطبقناه على 99% من سير القديسين والشهداء، بحيث نعاملهم معاملة هيباتيا في التحقق، فماذا سيحدث؟ ستبقى هيباتيا، ويتحول ال كله إلى وهم قصصي لا دليل عليه!

لذلك، فأنا هنا لمناقشة من هو جاد في الحوار العقلاني، لا لمحاولة تغيير قناعات أولئك المتجمدين على نهج “محصلش”، و”أثبت”، وانتهاءً بـ”أبقى اشتكيني”، أو المؤمنين بأن لهذا الجمود معنى!

المطالبة بمراجعات فكرية

يجب أن نعترف أن المراجعات الفكرية والتراثية مهمة طوال الوقت، لكن ربما تتعجب عندما أقول أن فكرة توليد العنف من المسيحية هي بالأصل نتيجة مراجعات فكرية في مرحلة أسبق.

تُقدم مسيحية القرون الأربعة الأولى موقفًا سلبيًا جدًا بإلغاء العنف من معاملات الحياة العامة. في وحدها، طوّب المسيح الحزانى، والمُعايرين المطرودين، والمتآمر عليهم كذبًا، ووعدهم بتصحيح كل هذا بعد الموت في حياة أُخرى. وعلى خلاف عظات أساقفتنا لحث الشعب على دفع النقود للكنيسة، يقدم المسيح إلهًا غير متسوّل للذبائح والقرابين، بل لا يقبل الهدايا المقدمة له من البشر المتخاصمين. يقول المسيح صراحة: اترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولًا اصطلح مع أخيك، وحينئذ تعال وقدم قربانك [7]. لكن الوجه الآخر لوصيّة المسيح أن تعيش في العالم غير آمل في عدالة أو إنصاف، وعليك تقبّل أن تعيش بلا كرامة، كعبد تم تسخيره للعمل، وسعيد بقبول عبوديته:  من سخرك ميلًا واحدًا، فاذهب معه اثنينلا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضًامن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك، فاترك له الرداء أيضًا. [8].

يتم تفسير نفس الكلمات بأن المسيح لم يمنع مقاومة الشر، وإنما منع فقط مقاومته بوسائل شريرة؛ لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير [9]، ولا بأس من أن تجد أحدهم يفسّر لطمك على خدك الأيمن على أن المعتدي يقف خلفك، وإلا ما أصاب خدك الأيمن بيمناه، وبناء عليه تصبح حول له الآخر معناها أن تستدير لتواجهه وتلقنه درسًا. حسنًا؛ كل هذا قولٌ جميل ومنطقي و”بلح”! لست سعيدًا بإخبارك هذا؛ لكن لا يوجد أي شيء من هذا في رسالة صاحب التعبير لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير في خاتمة نفس الإصحاح الذي يشرح الكيفية لذلك، وهي ببساطة أن تغيّر أنت من ذهنك، ولا تحاول تغيير الواقع لا تشاكلوا هذا الدهر، بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم [10]. الأمر الذي دعى ال، للقول بإن المسيحي ﻻ يجب أن يرد عنف السارق المسلح لئلّا في أثناء دفاعه عن نفسه يدنِّس محبته لأخيه، الذي هو السَّارق هنا [11]

هناك عشرات الكتب التي انتقدت سلبية المسيحية بشكل موضوعي، أغلبها قُدم من فلاسفة غير مسيحيين (وثنيين)، في مقابل عشرات الكتب من الآباء الأولين لم تأبه لمثل هذه الانتقادات ورسّخت لبقاء المسيحيّة خالية من العنف حتى لو كان هذا يعرّض المؤمنين أن يصيروا ضحايا ومستعبدين بين الأمم. تُجمع كل قوانين الكنيسة اﻷولى على تجريم حمل السلاح ولو دفاعًا عن النفس، وترفض الانخراط بالجندية، وإن تم إجبار المسيحي على التجنيد اﻹلزامي فهو يعامل كخاطئ يحتاج توبة ويُحرم من حياة الشركة [12]، وإن كان كاهنًا فمصيبته أعظم، إذ لو دافع عن نفسه ولو بغرض صد الأذى، يقطع من الكهنوت [13]، والأمر أعقد وأكثر قسوة مع الأساقفة و التي تحظر عليهم الانتماء للرومانية [الدولة] كما للمنصب الكنسي [14].

لا مراجعات تتم إلا بالإجبار

يخبرنا التاريخ أن كل ما سبق قد تمت مراجعته فكريًا في القرن الخامس على يد الوس، أسقف هيبو، في كتاب ما بين عاميّ 413-426م. وقد كتب أوغسطين هذا الكتاب استجابةً لتحديات واجهت الإمبراطورية الرومانية خلال تعرضها لهجمات شرسة من قبائل الجرمان الذين نجحوا في دخول روما ونهبها عام 410م. [15]

التحدي المطروح أمام أوغسطين هو: كيف يستطيع المسيحي ممارسة العنف اللازم للحرب دون أن يستلزم ذلك كسره لمسيحيته؟ كيف يقدر أن يحمل السلاح ويقتل العدو مع إطاعة: أحبوا أعدائكم؟ ولكي يتمكن أوغسطين من ذلك، قام بعمل مجموعة من التمييزات المهمة. من بينها أن المسيحي لا يستقيم مع حب الحرب، ولكنه يحارب -مُكرهًا- لو اضطرته الضرورة.

لذلك، يُشترط في المُقاتل المسيحي أﻻ يحب الحرب وألا يطلبها. الأمر الذي اختصره القرآن بعدها بقرنين: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ [16]. القصة طويلة وثرية بالتفاصيل المهمة، وأنصح فيها بقراءة سبع مقالات ثمينة كتبها الزميل چون إدوارد، متوافرة على الشبكة في سلسلة: المسيحية والعنف.

في عصر القديس أوغسطينوس، تمت معالجة التحديات التي تواجه جيش الإمبراطورية في نسخة جديدة من المسيحية، تستطيع توظيف فكرة الحرب العادلة للفيلسوف سيسرو [17]. بالطبع نحن نتحدث هنا عن لاهوت لاتيني (غربي) تم في روما، وتم توريثه للشرق مع إنشاء روما الجديدة: القسطنطينية.

معبد فيلةنتيجة لمجهودات المراجعات الفكرية هناك، ظهر لدينا في مصر لأول مرة “شهداء محاربين”. وعلى الرغم من قناعتي الشخصية أن نصف هذه الشخصيات الحربية مُختلقة ونصف أسطورية ومزيدة وشعبية، إلا أنني ساهمت منذ عقود في تنقيح السنكسار. وسأذكر واحدة من القصص التي تم حذفها عن شخص (اسمه جرجس، وليس قديسًا مهمًا مثل مار جرجس، بل هو تافه) عاصر مرسوم الإمبراطور ثيودوسيوس الكبير بتحويل معبد مصري قديم إلى كنيسة.

بطبيعة الحال، كانت هذه ديانة قائمة ولها أتباع، فتجمع الأتباع داخل المعبد لحمايته. وجاء الأقباط المسيحيون لمحاصرة المكان بالفؤوس والمعاول حتى نجحوا في اقتحامه، ودارت معركة انتهت بفوز الأغلبية المسيحية. هذا الـ”جرجس” التافه لم يقم بأي عمل في سيرته بالسنكسار سوى كونه شارك في الهجوم على المعبد المصري، وقُتل. وبالطبع، قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار! فتم قيده في السنكسار ليكرم وتتعلم منه الأجيال الشابة عبر الزمن.

القصة مرفوعة حاليًا من النسخ المنقحة، لكنها واحدة مما يشير إلى فترة من “الاستشهاد الرخيص”. بالمقابل، فهناك بالضرورة قصص عن “استشهاد الطرف الآخر” من أصحاب المعتقدات المصرية القديمة نتيجة لقوانين “دين ودولة” جائرة، بشكل يجعلنا نعتقد أن المعايير تداخلت حتى في المسيحية الشرقية.

وأباطرة روما أيضًا يراجعون أفكارهم

في عام 313م، راجع الإمبراطور الروماني أفكاره، فأصدر مرسوم ميلان، الذي أعلن فيه إلغاء العقوبات المفروضة على المسيحيين، وأنهى حقبة الاضطهاد بعدما اعتنق المسيحية، وجعلها ديانة شرعية في الإمبراطورية الرومانية. وتوفي عام 337م، مورثًا ابنيه قسطنطين الثاني وقنسطانطيوس الثاني: اسمه، ودينه، وقميص الفتن [18].

كان للإمبراطور قسطنطين ثلاثة أبناء وليس إثنين، اشتعلت الحرب بينهم فور وفاته. ما يهمنا هو حفيده، طفل في السادسة من عمره، شهد إعدام أسرته المسيحية بواسطة عمه المسيحي، ونجا من الموت بأعجوبة. كان هذا الطفل اسمه جوليان/ يوليان/ ، وأما عمه فكان الإمبراطور “قسطنطين الابن”. الطفل يوليان كان مقررًا ذبحه أيضًا لولا تدخل إفسابيوس، أسقف نيقوميدية، وظل تحت رعايته في حياة ديرية نسكية متبتلة، وعندما توفى الأسقف تم نفيه 6 سنوات في قيصرية، ثم نُفي 7 سنوات أخرى في القسطنطينية، ثم بعدها تقرر إعادته إلى نيقوميدية. [19]

خلال الحياة الديرية النسكية، تربى الصبي يوليان مع الصبي “باسيل” [القديس باسليوس الكبير] قبل أن يصير أحدهما إمبراطورًا رومانيًا واﻵخر بطريركًا كبادوكيًا. إلى هنا فالمتوقع لـ”يوليان” حياة مسيحية مليئة بالتقوى، وربما هذا بعض ما حدث فعلًا، إﻻ أن ذبح أسرته أمام عينيه وهو طفل قد شكّل لديه موقفًا ﻻ عنفيًا تفوق فيه على المسيحيين الرومان المولعين بالعنف. فراجع الطفل الإمبراطوري أفكاره! لم يعودوا أمامه “مسيحيون” بعد، بل “جليليون”، (نسبة للجليل، موطن المسيح) وكتب فيهم كتبًا نقدية أشهرها ثلاثية: ضد الجليليون، ويقصد هنا نسخة المسيحية المبنية على العنف والاستقواء الديني.

أثار هذا غضب البطريرك باسيليوس الكبادوكي، وشرع الرهبان في تأليف اﻷكاذيب عنه، حتى رماه غوغاء أنطاكيَة بالتراب وبالحجارة، ومع كل هذا الاستفزاز لم يجنح الإمبراطور مرة إلى اضطهادهم وكان يقول: يجب ألا يستشهد أحد. [20].

ألم يأمرنا الإمبراطور “يوليان” ألا نعذب المسيحيين؟ وأنه يكفيهم عذابًا الخيالات والأباطيل التي يعتقدون بصحتها ويعذبون أنفسهم في سبيلها؟

(هيباتيا، كما كتبها: تشارلز كينجسلي)

في وقت تعرض الإمبراطورية الرومانية لغزو الفرس، خرج الإمبراطور يوليان لصد خطرهم، وفي الطريق، تعرض للخيانة من أحد جنود الحرس المسيحي الإمبراطوري، وطعنه بطعنات نافذة من الخلف بكل خسة، ومات غدرًا.

هذا القاتل الخائن الخسيس، مشهور شعبيًا تحت اسم: القديس العظيم فيلوباتير مرقوريوس، أبو سيفين!

صلوات الكراهية الحارةبالطبع تورط الشهيد في المسألة هو تورط هزلي في خرافيته! فهو لم يعش في عصر يوليان بالأساس ولم يعاصره، لكن التقاليد الكنسية الشرقية كلها تنسب جريمة اغتيال سياسي ضلع فيها القديس باسيليوس، ذلك بالصلاة أمام أيقونة الشهيد المسيحي القديم، الذي غادر أيقونته في بعض القصص ثم عاد لها وسيفه ملوث بدماء الإمبراطور يوليان. بطريقة أخرى: القديس باسيليوس يصلي، وشهيد يعود للحياة وينفذ جريمة قتل، استجابة من الله لصلوات قديسيه ذوي الكراهية الحارة [21].

لنلتقط بعض أنفاسنا.. ونفكّر..

كما القديس كيرلس الكبير مُتهم غير مُدان في مقتل هيباتيا، فالقديس باسليوس الكبير مُتهم غير مُدان في مقتل الإمبراطور يوليان. المسؤولية السياسية والتاريخية دومًا مُربكة، ومختلفة تمامًا عن المسؤولية القانونية والجنائية.

في حين أن المسؤولية الجنائية، كما هو واضح من اسمها، تستهدف الجاني بهدف تقديمه للعدالة التي تنظم عملية العقاب، يرى فقهاء القانون بمختلف توجهاتهم أن العقاب ذاته ليس هدفًا، بل الردع المجتمعي. فعند معاقبة الجاني، لن يستفد المجني عليه ولن يعود للحياة بعد أن قُتل، بل تكمن العبرة في ردع هذا النوع من الجرائم مستقبلًا، وجعل “مشاريع الجريمة” تعيد حساباتها خشية العقاب.

على الجانب الآخر تأتي المسؤولية السياسية والتاريخية. حتى لا ندخل في جدل الاصطلاحات، فالمقصود هنا هو مدى مسؤولية القائد عن تحريك مرؤوسيه. والمثال الواضح مسؤولية عن قيادة الحزب النازي. ففي حين أنه مارس دوره بإخلاص في تحسين الظروف السياسية والاقتصادية للشعب الألماني، تسببت سياساته في قتل ملايين المدنيين والعسكريين.

هنا يُطرح السؤال الأخلاقي الكبير: هل يبرر إخلاصك لشعبك معاداة وقتل ملايين من الشعوب الأجنبية لتحسين الظروف المعيشية لجماعتك؟

والإجابة سهلة إن كنا نتحدث عن هتلر، المتعصب اليميني الذي يؤمن بتفوق الجنس الآري. سهلة لأنك لست ألمانيًا ولا نازيًا. أما إذا كان هتلر الخاص بنا واحدًا منا، قبطيًا أرثوذكسيًا مخلصًا لشعبه، ومؤمنًا بتفوقنا نحن المسيحيين على الأمم الوثنية الكافرة، فستكون الإجابة صعبة للغاية.

تشرح الأناجيل للقارئ المسيحي تفاصيل الأيام الأخيرة قبل قتل المسيح. فهي توضح خيانة يهوذا وتعاونه مع قيافا، رئيس مجمع السنهدرين المقدس [22]. كما يتجلى تأثير قيافا على رؤساء الكهنة والخدام في تحريض الغوغاء على صلب المسيح: فلما رآه رؤساء الكهنة والخدام صرخوا قائلين: اصلبه! اصلبه! [23].

بالرغم من هذا، تلقي الأناجيل باللائمة الأعظم على يهوذا باعتباره المنفذ الواضح، وليس قيافا، المحرك الخفي للأحداث والمستفيد منها وصانع مؤامرة العنف المقدس والمحرض الشعبي عليه. إن صناعة بيئة متطرفة دينيًا، تحض على العنف الجماعي تجاه المخالفين دينيًا، تقع دائمًا على عاتق الرئيس الديني للجماعة. ولكن يبدو أننا لم ندرك هذا.

في صلاة تجنيز الأنبا إبيفانيوس، أسقف ورئيس دير الأنبا مكاريوس الكبير، قال قداسة ال درسه المُستفاد من كل ضحايا وشهداء العنف الديني: كل ١٢ تلميذ، في بينهم يهوذا.. وقتها، وجدت نفسي استكمل مقولته بدرس من التاريخ: وكل يهوذا يقف خلفه قيافا رئيس كهنة عظيم في مجمع مقدس.. فالتاريخ يعلمنا ألا نخشى يهوذا الذي يقتل نفسه ندمًا في مراجعة فكرية، إنما المخيف حقًا هو مسؤولية قيافا، الذي قاد الجموع لقتل المسيح ذاته، إيمانًا منه بأنه يعاقب “المجدف على الله”، وأنّه بقتل المسيح يكون حاميًا للإيمان الأرثوذكسي المستقيم.

قداسة موظّفة لحماية القتلة

أيقونة فليوباتير مرقوريوسربما يكون باسيليوس الكبادوكي قد اختلق قصة الصلاة أمام أيقونة فليوباتير مرقوريوس ونشرها شعبويًا لإضفاء سمة القداسة على حادث الاغتيال وتبرئة الجندي المسيحي، لا أحد يعلم كيف بدأ هذا، لكن المؤكد أن هذه القصة الشعبية ستترسخ كمعجزة على يد المؤرخ الكنسي “” الذي كتب عن البطريرك ومرقوريوس بعد أكثر من 80 عامًا من اغتيال اﻹمبراطور يوليان. ومن كتابات “سوزمين” الكنسية، ستصبح هذه القصة مصدرًا في التقاليد الشرقية المتعددة لسيرة الشهيد فيلوباتير مرقوريوس، بل حتى أيقوناته الطقسية، التي يظهر فيها وهو يقتل “يوليان” من ظهره، وفي الخلفية يقف القديس “باسيليوس الكبادوكي” وهو يصلي بوداعة [24].

وكما اعتدى المسيحيون من غوغاء أنطاكيا على الإمبراطور يوليان بالتراب وبالحجارة استجابة لضغائن الرهبان، قامت جماعة من رهبان الإسكندرية بالتهجم على عربة الحاكم الروماني، أوريستوس، خلال سيرها في شوارع الإسكندرية، وقام الراهب أمونيوس من جماعة البارابولاني برجم أوريستوس بحجر شج رأسه، فقبضت الحامية العسكرية على أمونيوس وعاقبته بالقتل طبقًا للقانون الروماني.

ﻻ جناح على الذين يقتلون في المسيحاعتبر كيرلس ما حدث جريمة في حق الراهب، وصلى عليه بنفسه، وألقى عظة أعلن فيها أمونيوس شهيدًا للمسيحية وقام بتغيير اسمه إلى ثاوماسيوس [الرائع] [25]. وعلى الرغم من عدم وجود نص تاريخي يقطع بتورط كيرلس في مهاجمة الحاكم الروماني، إلا أن رد فعله على ما حدث يدل على أن عنف الرهبان ضد الحاكم الروماني كان حائزًا على رضائه، ويثاب فاعله المعتدي “الرائع”، وأن كيرلس يتوّج العنف والاعتداء على الحاكم بتاج الاستشهاد.

القديس كيرلس له إنتاج لاهوتي تأسيسي في الكنيسة القبطية، وهو نفسه من قام بالتوسع في مفهوم “الاستشهاد” بحيث يشمل أمونيوس رغم كونه مبادرًا بالاعتداء ولاقى جزاءه وفقًا للقانون السائد وقتئذ. وبناءً عليه، أزعم أنّ القديس كيرلس استحدث مُدخلات ثقافية دخيلة على المسيحية النقية، وأفسدها فسادًا عنفيًا ولا أخلاقيًا ودمويًا، ولا يقارن بما قدمه من إيجابيات في علم اللاهوت النظري.

بدأت المسيحية كجماعة سلمية مضطهدة. أسس المسيح ذاته قواعد جماعته اللاعنفية. دأب الوثنيون لأربعة قرون على الازدراء بسلميتها ولا عنفيتها وأنها “جماعة عبيد بائسة”، بينما تمسك الرسل والآباء الأولون بقواعد صارمة تحظر حمل السلاح أو الدفاع عن النفس أو حتى مقاومة الشتيمة بشتيمة. لكن المشهد في القرن الخامس كان معكوسًا تمامًا ومجنونًا حد الارتباك! فالوثنيون صاروا أقلية مسالمة تتبنى الية الجديدة، وكان فلاسفتهم متفوقين أخلاقيًا وسلميًا على نسخة جديدة من المسيحية المتطرفة التي صارت دين الأغلبية ودين الشعبوية ودين تسيير الحياة اليومية بين العوام والرعاع وقطاع الطرق.

تاريخ يكتبه أساقفة عن الأساقفة

التاريخ يكتبه المنتصر، وفي ، تفتتت الكراسي بسبب صراعات قومية يقودها أساقفة ضيقي الأفق. وتحولت الأفلاطونية إلى مُتهم بالتفلسف والفلسفة في ظل نمو عصابي لرهبانيات الشوارع والأزقة التي ترى الفلسفة ترفٌ يعيق الرهبنة عن الجهاد ضد قوات الظُلمة، وتحولت مدرسة أنطاكية الطالية إلى المورد الحصري لأساقفة القسطنطينية [روما الجديدة، وعاصمة إمبراطورية الشرق الناطقة باليونانية]، وتحول بطريرك الإسكندرية وأساقفتها إلى أداة تأديب وإصلاح في يد زوجات الأباطرة [26].

في خضم صراع الكراسي، راسل ثاؤفيلس ذهبي الفم رافضًا تقدم في الكرامة لا لشيئ سوى كونه البطريرك القبطي [27]، وإنّه: وإن كان يجب أن أُحاكم، تكون محاكمتي أمام المصريين، ولا أن أحاكم أمامك، أنت [يقصد ذهبيّ الفم] الذي يفصلنا عنك طريق يستغرق خمسة وسبعين يومًا! [28]. بالمقابل، يعظ ذهبي الفم متسلقًا على جدار الدين لتوجيه ضربات قوميّة لخصمه القبطي بشكل انتهازي وعنصري ضد الأقباط والمصريين، مثلاً نجده في تفسيره للرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي، وعندما يتحدث عن يوسف كعبد في بيت فوطيفار المصري، يقول: كان يقدم حساباته لمصري. وأنتم تعرفون أن هذا الجنس [يقصد المصريين] مندفع، يثأر لنفسه. إذا ما نال سلطة لا يمكن وقف غضبه. [29]

كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمىالتاريخ يكتبه المنتصر، وفي هذا العصر، يرى كل مهزوم نفسه منتصرًا ويكتب تاريخًا خاصًا ويسميه “تاريخ مدينة الله العظمى”، سواء كان اسم المدينة الإسكندرية أو أنطاكية، فلا فرق مهم! المهم فقط أن تنحاز لمدينة في الأرض وتُنتج قومية محليّة منفصلة عن النظام المسكوني وتسميها استقلالًا، حتى لو سمى العالم ذلك انفصالًا، فلن تختلف المسميات كثيرًا وكل المهم أن تصير مدينتك هي كنيستك هي جسدك وكل الباقي هراطقة وأعداء المسيح!

تقديس هيباتيا

هل تذكر ما بدأنا به عن أولئك المستنكرين لما كتب التاريخ عن مقتل هيباتيا، وأننا لو أخذنا هذا التعسّف بالجدية الملائمة: ستبقى هيباتيا، ويتحول السنكسار كله إلى وهم قصصي لا دليل عليه؟ هل سمعت عن القديسة سانت كاترين؟ وهل تعرف أنها: إسكندرانية؟

سانت هيباتياتعذيب وقتل الفيلسوفة هيباتيا كان مماثلاً لموت الشهداء المسيحيين في الإسكندرية أثناء اضطهاد ديسيوس (250م). وهناك جوانب أخرى من حياة هيباتيا تصب أيضًا في قالب الشهيد المسيحي، مثل عذريتها طوال حياتها. وفي المبكرة، خلط المسيحيون استشهاد هيباتيا بقصص شهداء ديسيوس وأصبحت جزءًا من تأسيس أسطورة سانت كاترين السكندرية.

سانت كاترين، شهيدة مسيحية، قيل إنها من الإسكندرية، عذراء، شديدة الحكمة، ومثقفة. يعود تاريخ أول إجازة لتقديس سانت كاترين إلى القرن الثامن، أي بعد حوالي ثلاثمائة عام من استشهاد هيباتيا. تحكي إحدى القصص عن مواجهة سانت كاترين لخمسين فيلسوفًا وثنيًا سعوا لتحويلها عن دينها، لكنها بدلًا من ذلك حوّلتهم جميعًا إلى المسيحية بفضل بلاغتها. زعمت أسطورة أخرى أن القديسة كاترين كانت طالبة لدى القديس في الإسكندرية.

المؤرخون المعاصرون لهيباتيا في القرن الخامس مصدران:

1. المؤرخ الكنسي سقراط القسطنطيني [30].
2. المؤرخ الوثني داماسكيوس (458-538م) [31].

وكلاهما ذكرها بتفاصيل خطفها بواسطة جماعة مسيحية، ومحاكمتها كنسيًا أمام شماس اسمه بطرس، في كنيسة قيصرون حيث تم البدء بسلخها وجرها في الشوارع، ثم جرها مقتولة لمكان اسمه سينارون واحراق جثتها.

في القرن السابع ظهر مصدر أهم:
3. الأسقف يوحنا النقيوسي John of Nikiû، [32] وهو أهم لأنه يوضح وجهة نظر الكنيسة من الحدث بعد قرنين من هدأة الصراعات والفورات العاطفية. هذا نصّ ما كتب: [33]

وفي هذه الأيام ظهرت امرأة وثنية فيلسوفة بمدينة اسكندرية اسمها أنباديا [هيباتيا] تخصصت لعمل السحر وللأسطرلابات وأدوات اللهو في كل وقت، وغررت بكثير من الناس بتموية ، وكان حاكم المدينة [أُوريستوس] يكبرّها كثيرًا لأنها خدعته بسحرها.

ثم قامت جماعة المؤمنين بالرب مع القاضي بطرس، وكان بطرس هذا مؤمنًا تمامًا لكل ما ليسوع المسيح، وذهبوا للبحث عن هذه المرأة الوثنية التي كانت تضلل أهل المدينة والحاكم بأسحارها. وحين عرفوا المكان الذي كانت به ساروا إليها فوجدوها تجلس على كرسى، فأنزلوها من الكرسي وسحبوها حتى أوصلوها إلى الكنيسة العظيمة التي تسمى قيصرون، وكان هذا في أيام الصوم، ونزعوا ملابسها، وسحبوها حتى أحضروها إلى شوارع المدينة حتى ماتت، وألقوا بها في مكان يدعى سينارون وأحرقوا جسدها بالنار.

(يوحنا النقيوسي، تاريخ مصر ليوحنا النقيوسي، ترجمة: عمرو صابر عبد الجليل)

وينهي النقيوسي قصته بهذه الإشارة الفخورة: [34]

وكان كل الشعب يحيط بالبطريرك كيرلس ويسمونه ثاوفيلوس الجديد، لأنه أزال باقي الأوثان من المدينة.

(يوحنا النقيوسي، تاريخ مصر ليوحنا النقيوسي، ترجمة: عمرو صابر عبد الجليل)

في عصر التنوير، تم تحقيق الحدث بواسطة إدوارد چيپون، واستخدم ڤولتير قصتها في مؤلفه إسحقوا العار الذي كتبه من منفاه. ثم من بعده معلقًا بامتعاض إنّ الإسكندرية، بعد هذا الحادث، خلت من متاعب الفلاسفة.

في القرن العشرين كتب الكثيرون، أبرزهم تشارلز كنجزلي، الذي استعنا باقتباس له بالأعلى، وچون تولاند، ووليام برايت، وچون أنتوني مكجوكين، والموسوعة الكاثوليكية، وكريستوفر هاس، وأصبح الأمر مفروغًا منه لدرجة إن المؤرخ في مجلدات قصة الحضارة استعان بالحدث لإثبات ضعف الدولة البيزنطية.

هوامش ومصادر:
  1. في القرن التاسع عشر، أعلن البابا اعتبار القديس كيرلس معلمًا للكنيسة الجامعة. [🡁]
  2. أنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات اللاهوتية العليا والبحث العلمى، مذكرة: علم اللاهوت المقارن، الكلية الإكليريكية اللاهوتية للقبط الأرثوذكس، الصفحات 106 – 107. [🡁]
  3. عزت إندراوس، موسوعة تاريخ أقباط مصر، التاريخ والبابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23. [🡁]
  4. بارابولاني: πᾰρᾰβολᾶνοι ()، هي كلمة تعود بأصولها إلي تعبير paraballesthai ten zoen بمعنى: الذين لا يقيمون وزنا للحياة الدنيا، كان أول ظهور للبارابولاني في عهد البابا “ الكبير” في النصف الثاني من القرن الثالث، كأخوية دينية متطوعة لدفن الموتى خلال وباء الطاعون الذي ضرب الإسكندرية، ومنذ ذلك الحين أستمر البارابولاني تحت سلطة بطريرك الإسكندرية كنوع من الحرس الخاص وكانت لهم سلطة دينية واجتماعية باعتبارهم وكلاء البطريرك. استخدمهم البطريرك ثاؤفيلس في تعذيب وحرق قلالي الرهبان في أحداث وادي النطرون، وأعاد البطريرك “كيرلس” تنظيمهم للاستعانة بهم في الأحداث التي تستدعي القمع بالقوة. في الأعوام 416، 418م ظهرت مراسيم إمبراطورية تحظر أن يزيد عددهم عن 500 فردًا، مع تجريم وجودهم في الأماكن العامة بسبب سلوكهم القتالي العنيف. [🡁]
  5. موقع ، سير القديسين والشهداء في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأب أمونيوس الطويل. [🡁]
  6. عزت إندراوس، موسوعة تاريخ أقباط مصر، مشكلة الأخوة الطوال. [🡁]
  7. إنجيل متى 5: 24. [🡁]
  8. راجع الموعظة على الجبل في إنجيل متى، الإصحاح الخامس. [🡁]
  9. رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12 : 21. [🡁]
  10. رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12 : 2. [🡁]
  11. چون إدوارد، ورقة بحثية عن المسيحية وفقه العنف، مقال بعنوان: فقه العنف والمسيحية. [🡁]
  12. الإنسان المسيحي لا يتجند. لا يجب أن يصير المسيحي جنديًا إلا إن تم إجباره من رئيس أن يحمل السيف. لا يحمّل ذاته خطيّة الدماء. وان شارك في سفك الدم، لا يشترك في الأسرار، إلا إن خضع لتأديب، وتوبة، وبكاء ودموع، ولا يأتي للكنيسة مخادعًا بل في خوف الله. (القانون ١٤ من قوانين ، القرن الرابع) [🡁]
  13. إن كان إكليروس وقع في دنس القتل، حتى لو دفاعا عن النفس، يسقط من الكهنوت الذي دنسه هو بهذه الجريمة البشعة. (القانون الخامس من قوانين القديس ) [🡁]
  14. إن كان أسقف، كاهن، أو شماس منخرطًا في أعمال عسكرية، ويبتغي أن ينتمي للرومانية كما للمنصب المقدس، فهو يسقط من منصبه الكنسي. (القانون ٨٣ من قوانين الرسل) [🡁]
  15. چون إدوارد، ورقة بحثية عن: المسيحية وفقه العنف، مقال بعنوان: أغسطينوس والحرب العادلة. [🡁]
  16. سورة البقرة ٢١٦. [🡁]
  17. ماركوس توليوس سيسرو: هو ، كاتب روماني وخطيب في روما القديمة، ولد سنة 106 ق.م، صاحب إنتاج ضخم يعتبر نموذجًا مرجعيًا للتعبير اللاتيني الكلاسيكي، أثارت شخصيته الكثير من الجدل خاصة في الجانب السياسي من حياته، فهو تارة مثقف عربيد، وتارة أخرى ثري إيطالي صاعد في روما، وثالثة انتهازي متقلب و«أداة طيعة في يد الملكية» و«متملق لبومبي ثم قيصر». تميز النصف الأخير من القرن الأول الميلادي بالفوضي والحروب الأهلية وديكتاتورية جايوس ، ولكن شيشرون حارب ضده وقام بمناصرة الحكم الجمهوري التقليدي. وبعد وفاة يوليوس قيصر، أصبح شيشرون عدوًا لمارك أنتوني في الصراع على السلطة الذي أعقب ذلك، فقام شيشرون بالهجوم عليه بسلسلة من الخطب. وخلال حكم الثاني أو الحكم الثلاثي الثاني -وهو التحالف السياسي الرسمي من إثر اغتيال يوليوس قيصر- أصبح شيشرون عدوًا للدولة، وتم اغتياله في 7 ديسمبر 43 ق.م. [🡁]
  18. بيشوي القمص، مقال بعنوان: الذين لا يقيمون وزنا للحياة. [🡁]
  19. باسم الجنوبي، مقال بعنوان: المرتد / الكافر / الجاحد. [🡁]
  20. سلامة موسى، حرية الفكر وأبطالها في التاريخ، الجزء الأول: حرية الفكر في العصور القديمة، 1927، آخر التسامح: يوليان وهيباطية. [🡁]
  21. موقع سانت تكلا هيمانوت، سير القديسين والشهداء في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الشهيد فيلوباتير مرقوريوس أبو سيفين، القديس باسيليوس يطلب صلواته. [🡁]
  22. كان قيافا في السياق التاريخي بمثابة بطريرك ليهود أورشليم، كما كان باسيليوس الكبير لمسيحيي أنطاكية، وكيرلس الكبير لمسيحيي الإسكندرية. [🡁]
  23. إنجيل يوحنا 19: 6. [🡁]
  24. باسم الجنوبي، مقال بعنوان: المرتد / الكافر / الجاحد. [🡁]
  25. بيشوي القمص، مقال بعنوان: الذين لا يقيمون وزنا للحياة. [🡁]
  26. چون جبرائيل الدومنيكي وباسم الجنوبي، ورقة بحثية بعنوان: هل كان نسطور نسطوريا؟. [🡁]
  27. أوّل ذكر تاريخي لقبطيّة الكنيسة السكندرية كان هنا، بشكل يجعلنا نؤكد أن ثاؤفيلس أول من أطلق على كنيسة الإسكندرية الأرثوذكسية مسمى كنيسة الأقباط الأرثوذكس في خضم صراعه مع . [🡁]
  28. ، القديس (سيرته، منهجه وأفكاره، كتاباته)، الفصل الثامن مشكلة الإخوة الطوال. [🡁]
  29. تادرس يعقوب ملطي، القديس يوحنا ذهبي الفم (سيرته، منهجه وأفكاره، كتاباته)، الفصل الثامن مشكلة الإخوة الطوال. [🡁]
  30. سقراط القسطنطيني، التاريخ الكنسي لسقراتيس سكولاستيكوس عن الفترة ٣٠٦م – ٤٣٩م، الكتاب السابع، الفصل الخامس عشر، ترجمة ، تعريب د. ، مراجعة الأنبا إبيفانيوس، أسقف ورئيس . [🡁]
  31. داماسكيوس، في كتابه: حياة إيسيدور، عام 527م. [🡁]
  32. القمص بيشوي عبد المسيح، وكيل مطرانية دمياط، تاريخ العالم القديم ودخول العرب مصر ليوحنا النقيوسي، ترجمه: ليزة عزيز إسكندر، موجهة اللغة الفرنسية، عن النص الفرنسي Chronique de Jean de Nikious للمستشرق الفرنسي: Hermann Zotenberg، باريس، 1883، مراجعة ال وبراري بلقاس. [🡁]
  33. عمرو صابر عبدالجليل، تاريخ مصر ليوحنا النقيوسي: رؤية قبطية للفتح الإسلامي، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 2003، الصفحات 127-130. [🡁]
  34. عمرو صابر عبدالجليل، تاريخ مصر ليوحنا النقيوسي: رؤية قبطية للفتح الإسلامي، عين للدراسات والبحوث الانسانية والاجتماعية، 2003، ص130. [🡁]

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

باسم الجنوبي
[ + مقالات ]