نحتفل معًا الأحد القادم بعيد حلول الروح القدس على الرسل (العنصرة)، والذي يحسب عيد تأسيس الكنيسة، القائمة والدائمة إلى الأبد، كعروس تتزين لعريسها، الرب يسوع المسيح، والمقاوِمة لكل الأنواء في صمود صار أحد اهم سماتها.

وبحسب ما سجله سفر أعمال الرسل (أحد أسفار العهد الجديد وكاتبه هو القديس لوقا الرسول) نقرأ:

ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معا بنفس واحدة، وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين، وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم. وامتلأ الجميع من الروح القدس، وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا.

(أعمال الرسل 2: 1-4)

ويذكر كتاب في معنى “العَنصَرة” [1]:

لفظة عبرانية معناها اجتماع أو محفل، واستخدمت لتشير إلى عيد الخمسين اليهودي؛ الذي كان يجتمع فيه كل ذَكَر من اليهود من كل بقاع الأرض إلى أورشليم للاحتفال بالعيد، ويقع عيد الخمسين اليهودي بعد سبع أسابيع كاملة من عيد ، لذلك سُمى “عيد الأسابيع”

(، معجم المصطلحات الكنسية)

وقد أطلقت الكنيسة هذا الاسم على عيد الخمسين المسيحي الذي فيه حل الروح القدس على المجتمعين في علية صهيون، فصار يُدعى في العهد الجديد “عيد العنصرة” في العبرية، أو “عيد البنديكستي” في اليونانية.

( المقاري، معجم المصطلحات الكنسية)

يعتبر عيد الخمسين، العنصرة أو البنديكستي، العيد الثاني في الكنيسة بعد . ومنذ عصور المسيحية المبكرة أُطلقت كلمة بنديكستي أو زمن العنصرة ليس على يوم العيد نفسه فحسب بل وأيضًا على طيلة الأسبوع الذي يليه.

(أثناسيوس المقاري، معجم المصطلحات الكنسية)

ويأتي حدث حلول الروح القدس بعد الصعود -اليوم الذي صعد فيه المسيح للسماء بعد قيامته من الأموات بأربعين يومًا- والصعود بحسب سفر أعمال الرسل هو:

اليوم الذي ارتفع [المسيح] فيه، بعد ما أوصى بالروح القدس الرسل الذين اختارهم. الذين أراهم أيضا نفسه حيا ببراهين كثيرة، بعد ما تألم، وهو يظهر لهم أربعين يومًا، ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله. وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم، بل ينتظروا «موعد الآب الذي سمعتموه مني، لأن يوحنا عمد بالماء، وأما أنتم فستتعمدون بالروح القدس، ليس بعد هذه الأيام بكثير»

(أعمال الرسل 1: 2-5)

وبالفعل حل عليهم الروح القدس بعد عشرة أيام من حدث الصعود.

صيام الرسل وارتباطه بالعنصرة:

كانت الكنيسة الأولى تمارس هذا الصوم () بعد صعود المسيح مباشرة وحتى حلول الروح القدس، أي عشرة أيام فقط.

ثم مر الصوم بمراحل مختلفة في مدته حتى قننه البابا [القرن الحادي عشر] في مجموعة قوانينه، وفيها حدد أن تكون بدايته اليوم التالي لعيد العنصرة.

وهو تاريخ غير ثابت لارتباطه بعيد القيامة وهو غير ثابت، بينما نهايته محددة بتاريخ محدد، لذلك تتأرجح مدة هذا الصوم ما بين ١٥ و ٤٩ يومًا.

مطلب تدبيري:

لعل الكنيسة ترد هذا الصوم إلى أصله كما كان في كنيسة الرسل، وتضبط حسابات السنة ال مجددًا، اتفاقًا مع ما قاله الرب يسوع المسيح ردا على من سألوه “لماذا لا يصوم تلاميذك؟!”

وكان تلاميذ يوحنا والفريسيين يصومون، فجاءوا وقالوا له: «لماذا يصوم تلاميذ يوحنا والفريسيين، وأما تلاميذك فلا يصومون؟»
فقال لهم يسوع: «هل يستطيع بنو العرس أن يصوموا والعريس معهم؟ ما دام العريس معهم لا يستطيعون أن يصوموا. ولكن ستأتي أيام حين يرفع العريس عنهم، فحينئذ يصومون في تلك الأيام».

(إنجيل مرقس ٢ : ١٩ – ٢٠)

وهكذا استطاعت الكنيسة أن توقع الأحداث الكبرى على أيام السنة، واسمتها السنة الليتورجية، والتي فيها يصير الرب يسوع المسيح في ذهننا على مدار أيامنا… أمسنا ويومنا وغدنا.

هوامش ومصادر:
  1. أثناسيوس المقاري، معجم المصطلحات الكنسية، الطبعة الثالثة، ٢٠١٢ [🡁]

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

كمال زاخر
كاتب ومفكر قبطي في التيار العلماني المصري  [ + مقالات ]

صدر للكاتب:
كتاب: : صراعات وتحالفات ٢٠٠٩
كتاب: قراءة في واقعنا الكنسي ٢٠١٥
كتاب: الكنيسة.. صراع أم مخاض ميلاد ٢٠١٨