مناولة الجسد في اليد كانت العادة السائدة في الكنيسة الأولى وآباء الكنيسة لم يحتقروها قطّ أو يعتبرونها تدنيساً! بل كانوا يناولون الشعب بهذه الآليّة حتى القرن الثامن. هدف هذا المقال لن يكون تفضيل آلية مناولة عن أخرى، بل إثبات بالمراجع أنّ المناولة في اليد ليست اختراعاً حديثاً، وإنها كانت تقليداً أصيلاً.

إليكم خمسة من أهمّ آباء الكنيسة الذين يعلّموننا مبادئ الإيمان المسيحي، كيف ينقلون إلينا تعليمهم عن المناولة باليد:

القدّيس يوحنّا فم الذهب:

“وكيف تُحضّر نفسك أمام كرسي المسيح الديّان الذي تتجرأ على جسده بأيدٍ وشفتين ملوّثتين؟ لن تجرؤ على تقبيل ملكًا بفمٍ نجس، وملك السماء تقبّله بنفسٍ دنسة؟ إنه أمر شائن!
قُل لي، هل ستختار القدوم إلى الذبيحة الإلهية بيَدٍ غير مغسولة؟ لا أعتقد ذلك. لكنك تُفضّل ألّا تأتي على الإطلاق، بدلاً من أن تأتي بيَدٍ متّسخة. وبعد ذلك، بما أنّك دقيق في هذه المسألة الصغيرة، هل تأتي بنفسٍ نجسة، وبالتالي تجرؤ على لمس الذبيحة؟ ومع ذلك، فإنّ الأيدي تمسك بها ولكن لبعض الوقت، بينما في النفس تذوب تماماً”

(، من العظة ٣ على الرسالة إلى أفسس)

القدّيس أوغُسطينوس:

“وعلى الرغم من أنّ الرجال ليسوا واحدًا، الذين يأخذون في أيديهم سرّ الله باستحقاق أو بغير استحقاق، إلّا أنّ ما يؤخَذ في اليد، سواء أكان باستحقاق أم لا، هو نفسه. فلا يصبح أفضل أو أسوأ في حدّ ذاته، بل يتحوّل فقط إلى حياة أو موت من يتعامل معه في كلتا الحالتين”

(، كتاب: ضدّ بتيليانوس، الكتاب ٢، فقرة ٨٨)

القدّيس يوحنّا الدمشقي:

“لنتقدمنَّ إليه بشوقٍ ملتهب، ممثلين براحتينا على شكل صليب ونتقبّل جسد المصلوب.  ولدى تناولنا الجمرة الإلهية، نضعها على عيوننا وشفاهنا و جبهاتنا، لكي، إذا ما نار الشوق التي فينا استمدّت الحرارة من الجمرة، تُحرِق خطايانا وتُنير قلوبنا ونلتهب ونتألّه بمساهمة النار الإلهية…”

(، المئة مقالة في الإيمان الأرثوذكسي، الكتاب ٤، الفصل ١٣ / من المقالة ٨٦)

القدّيس باسيليوس الكبير:

“وحتّى في الكنيسة، عندما يعطي الكاهن الجزء من الذبيحة، يأخذه المتلقي ويرفعه بيده إلى شفتيه. وله نفس الصلاحية سواء تمّ استلام جزء واحد أو عدّة أجزاء من الكاهن في نفس الوقت”

( الكبير، من الرسالة ٩٣)

القديس سيزيريوس، أسقف آرل (جنوب فرنسا):

“الآن، منذ أن خُلقنا جميعًا داخليًا في نفوسنا حسب صورة الله، ففي كثير من الأحيان عندما نقول أو نفعل شيئًا مخزياً نحن ندنّس صورة الله. ضع في اعتبارك إذن ما إذا كان هذا أصبح مناسبًا لك أم لا. أقول حقًا، أيّها الإخوة، إن الله لا يستحق منّا هذا أن تعاني صورته فينا  من الإهانة من خلال شهوة الشر.

بما أنّه لا يوجد رجل يريد أن يأتي إلى الكنيسة معه سترة مغطاة بالتراب، لا أعرف بأيّ نوع من الضمير يجرؤ على الاقتراب من المذبح بروحه المُدنّسة بالتبديد! من الواضح أنّه لا يخشى ما قاله الرسول: إِذًا أَيُّ مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَبِّ وَدَمِهِ(1كو 11: 27).

لو احمرّ خجلنا وخشينا أن نلمس القربان المقدس بأيدي قذرة، يجب أن نخشى أكثر من تناول نفس القربان المقدس بنفس دنسة”

(سيزيريوس، أسقف آرل، العظة ٤٤ / من الفقرة ٦)

تاريخ ظهور الماستير

الإشارات اللي عندنا من القرون الأولي بتأكد إن طريقة التناول كانت مختلفة تمامًا عن عصرنا الحالي. كان اللي حاصل إن الكاهن يحط الجسد في أيد المتناول، والمتناول هو اللي يناول نفسه، وكان فيه تقليد جميل انه يقرب الجسد لعينه في الأول. أما في الدم، فالمتناول هو اللي بيشرب من الكأس مباشرة. وكان ممكن الكاهن يرشم الجسد بالدم – رشم مش غمس – ويحطه في يد المتناول، والمتناول يضعه في فمه.

خلينا نمشي تدريجيًا بالإشارات التاريخية اللي عندنا

١- لحد القرن الرابع
كان التناول باليد، والشرب من الكأس. أوضح إشارة على كدا عظة القديس كيرلّس الأورشليمي (٣١٤ – ٣٨٧ م) :

” وعندما تقترب، لا تتقدّم باسط اليدين والأصابع منفردة، ولكن اجعل من يدك اليُسرى عرشًا ليدك اليمنى، لأن هذه ستتقبّل الملك، وفي راحة يدك تقبّل جسد المسيح قائلاً: آمين. وبعد أن تلمس عينيك بهذا الجسد المقدّس لتقديسهما، تناول … وبعد تناول جسد المسيح، اقترب من كأس دمه….. وتقدَسْ بتناولك دم المسيح. وبينما شفتاك رطبةً المسها بأصابعك وقدِّسْ عينيك وجبينك وسائر حواسّك.”

(كيرلس الأورشليمي، العظة ٢٣)

نفس الكلام أكده القديس يوحنّا الذهبي الفم (٣٤٧ – ٤٠٧ م):

“إنّ المسيح الحاضر على المذبح يهب ذاته للذين يريدون أن يحتضنوه ويقبّلوه، والجميع يفعلون ذلك بالعيون”

(يوحنا الذهبي الفم، حديثه الثالث عن الكهنوت)

ونفس الكلام أكده , وكان في بعض الإشارات كمان إن رشم الجسد بالدم كان معمولًا به في وقته (يعني الكاهن يرشم الجسد بالدم ويديه للمتناول)

٢- القرن الخامس و السادس
استمر نفس النظام في القرنين الخامس والسادس. بنفهم كدا من كلام لما قارن بين الملائكة الذين لا يجسرون على التطلّع إلى الرب والبشر الذين يمسكونه بأيديهم:

وهوذا أبناء التراب يحملونه بأيديهم ….تقبض عليه الحفنات المجبولة من الغبار…….. وبنو التراب يلصقونه على أوجههم

(الميمر ٤٢)

٣- بعد القرن السادس
أصبحتْ هناك طريقتان: التناول باليد (الطريقة التقليدية) أو بالفم مباشرة (كان التناول من يد الكاهن إلى الفم مباشرة أمر جديد كأنه إكرام زيادة عن التناول بالأيد، والقديس نفي الكلام ده وأكد إن المناول بالأيد مفهاش أي تقليل في الاكرام.

ولنا شوية ملحوظات في الفترة ديه (من القرن الأول إلى القرن السادس ):

– كانت الناس ممكن تاخد معاها الجسد في أسفارها ويناولوا نفسهم (كانت الأسفار طويلة بالشهور)

– وكان كمان ممكن الناس تاخد الجسد لحد مريض مش قادر يحضر القداس و تديه له يناول نفسه

– ساعات كان بيحصل إن في ناس بتخفي الجسد من غير علم الكاهن و كان ممكن يوصل لأيدين ناس وثنية يزدروا بالجسد الكريم

٤- من بعد القرن السابع
في أغلب الآراء بدأ استخدام الماستير بجانب الطرق القديمة من بعد القرن السابع ومن بعد كدا تدريجيًا بدأ يزداد استخدم الماستير لحد ما تم تعميمه – اغلب الظن في القرن التاسع.

– لازم نذكر إن -اللي مشتركة معانا في الإيمان- نزلت بيان من مارس الماضي إنها ترجع للنظام القديم وتبقى المناوله باليد

من نص البيان:

“نوصي بالتناول بواسطة اليد؛ وهي عادة قديمة وُجِدت في كنيستنا السريانية الأرثوذكسيّة المقدّسة في العصور الأولى ومنها انطلقت إلى الكنيسة في الغرب، كما نقرأ في كتابات آباء الكنيسة أمثال مار إفرام السرياني … وفي هذه الحالة، يتقدّم المتناوِل بخشوع كامل أمام الكاهن واضعًا كفّه اليمين فوق كفّه بشكل صليب، فيقوم الكاهن بوضع الجمرة المقدّسة [القربان المقدّس] في يد المؤمن الذي يقوم بتناولها مباشرةً أمام الكاهن”

(من نص بيان الكنيسة السريانية)

– حتي إلي اليوم عندنا طرق أخرى للتناول من غير الماستير، زي غمس الجسد بالدم، وهي طريقة طقسية مذكوره في ال المسعودي

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

وسام إسطاورو
Master Data Expert Africa في Pharmaceutical company  estawrow@gmail.com  [ + مقالات ]