لما قام المسيح من بين الأموات، قام بجسده هو هو، ولكن في وضعه الجديد الذي لا يسود عليه اللوت بعد كنموذج كامل للخليقة الجديدة. هو ليس من الخليقة الجديدة، ولكن الخليقة الجديدة منه، هو خالقها في نفسه من أجلنا لكي يمنحها لنا بالميلاد الجديد بالروح القدس في سر المعمودية، فكما وهب لنا آدم خليقته الميتة بالتناسل بالميلاد الشهواني، هكذا وهب لنا المسيح بشر يته الجديدة لتكون خليقة جديدة لنا بالنعمة لحياة لا يقوى عليها الموت.
الخليقة الجديدة مبتدئة منه، وقد أخذت بدايتها الأولى فيه، ولكنه كان هو قبلها وقبل كل خليقة، فهو كلمة الله الخالق مع الآب منذ البدء. فالخليقة الجديدة به قامت، ومن أجله أيضا تقوم وتنتهي دائمًا إليه، لأنه هو رأسها وكلها أعضاء فيه.
الإنسانية الجديدة خُلقت في المسيح وبالمسيح، وعُرفت بالقيامة من الأموات، ووُجدت منظورة ومحسوسة لكثير ين، مع أنها كانت مخفية في الله مخلوقين في المسيح يسوع
[1]، كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم
[2]، وستبقى مخفية عن العالم لا تُرى إلا بعين الله، ولكل عين ترى بعين الله لأن هذا سر المسيح الذي في أجيال لم يُعرف به بنو البشر كما قد اعلن الآن لرسله القديسين وأنبيائه بالروح
[3].
ومع أننا نلنا بالفعل هذه الخليقة الجديدة، وقد خُلقنا من جديد إذ صرنا شركاء في الجسد بالإيمان بالقيامة من الأموات وبالاعتماد للمسيح، إلا أن هذه الخليقة بكل مواهبها باقية جنبا إلى جنب مع الخليقة العتيقة، جسد الخطية. غير أن الخليقة الجديدة محسوبة وحدها أنها هي الحق والنور والحياة، أما العتيقة فهي مجرد كيان ينحل ويفنى مع الزمن، وكأنما يسير وراءنا في العالم عبر الزمن كخيال لحقيقة أخرى أعلى منها بلا قياس، تسير أمامنا ونحتويها في أعماقنا وهي بعينها المسيح المقام… ملكوت الله داخلكم، أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر
[4] ولسان حال هذه البشرية الجديدة يقول مع بولس لا أحيا أنا بعد بل المسيح يحيا فيَّ
[5]!!
والخليقة العتيقة فينا -هذه- ماضية -بحسب أصلها الترابي- في كسرها لنواميس الله، جنبًا إلى جنب مع الخليقة الجديدة التي ليست تحت ناموس بل تحت نعمة، معها الله، وفيها الله ولله تحيا وتسبح. الأولى تتغذى على الكبر ياء وتنحل بالشهوة وهي في ذاتها تحت عبودية الزمن وتسير معه نو الفناء، أما الثانية فتتغذى بكلمة الحق فتتغير من مجد إلى مجد، وتتجدد كل يوم متحدية الزمن وتسير بثبات نحو الخلود نحو المصدر الذي يغذيها، وتتعلم منه في كل شيء لتصير معه كل حين.
الخليقة الجديدة هي الصورة الحية لحب الله الفائق ولرحمته المطلقة، لأنه إن كان الله قد خلق الخليقة الأولى من العدم كبرهان قدرته على كل شيء، فإنه خلق الخليقة الثانية من عمق الخطية والموت كفعل حب لرحمة فائقة هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية
[6].
الخليقة الأولى ورثناها بالجسد ومعها الخطية وناموسها الحاكم بالإعدام (بالخطية ولدتني أمي
)، أي أن لعنة الموت كائنة في أعضائها. والخليقة الثانية ورثناها بالنعمة (بالمعمودية)، عندما دفنا معه للموت وقمنا أيضا معه وفينا قوة القيامة ومجد الحياة الأبدية كائنة في صميم خلقتنا الجديدة التي اعتُبرت أعضاؤها آلات بر!!
الخليقة العتيقة نمثلها نحن أحسن تمثيل، حينا نقدم على اقتراف الخطية بمحض إرادتنا وبالتعديات كل يوم. أما الخليقة الجديدة التي فينا فيمثلها المسيح عنا وفينا، وهو نفس المسيح القائم عن يمين الله الذي يشفع فينا كل حين فننال به المصالحة التامة مع الله.
بالخليقة العتيقة وأعمالها التي نعايشها بإرادتنا يضطرب سلامنا دائمًا، ونُوجد عراة أمام الله حينما نقف للصلاة وكأنه لا رجاء لنا!! وبالخليقة الجديدة التي نحسها في أوقات التوبة والندم في أعماقنا بالنعمة، ونزكيها بالصلاة والمحبة، يتجدد لنا سلام مع الله، ونفتخر في هذه اللحظات على رجاء مجد الله، حينما نرفع أعيننا نحو السيح القائم ممثلًا عنا لدى الله الذي فيه كل الكفاية أن يجعلنا في حالة صلح وسلام، ومن يوم إلى يوم نخلع العتيق لنلبس الجديد الذي يتجدد فينا على صورة خالقنا، نتحرر من الخطية ليملك علينا بر المسيح.
إن الشك الذي ينتابنا أحيانا من صدق وجود إنسان جديد فينا أو ميلاد حديد أو خلقة جديدة تعمل فينا، يرجع أولًا إلى أننا نكون قد سهلنا للإنسان العتيق أن ينشط أكثر من حدوده!! ، وثانيًا إلى أن طبيعة الخليقة الجديدة لا نحسها لأنها تختلف تمامًا عن طبيعة الإنسان العتيق، فهي غير محسوسة ولا منطوق بها.
يكفي في البداية أن نثق بصدق مواعيد الله وفعل النعمة الكائن في الأسرار ونتقبل ببساطة وإيمان حيّ عمل الله فينا حتى يكون لنا هذه الخليقة. فالخليقة الجديدة ليست عملا من أعمالنا حتى نحسه، أو طبيعة مشابهة لطبيعتنا حتى نتحسسها أو نفهمها، ولكنها عمل الله الجديد فينا، والجديد جدًا الذي ليس فيه أي شيء مشترك مع العتيق، المسيح نفسه يمثلها تمثيلًا كليّا أمام الله. فنحن جميعًا -كل من وُلد من الله- نعيش في المسيح، أي في بنوة واختيار حالة مصالحة ووجود أمام الله بلا لوم -بسبب المسيح- هذا هو المجد الموهوب لنا مجانا.
الخليقة الجديدة لا يكشفها ولا يعلن عنها بوضوح إلا روح المسيح الناطق فينا والشاهد لضمائرنا، وذلك بمقدار شركتنا اليومية بالموت مع المسيح بالروح في السلوك حتى نظهر بطبيعة الحياة الجديدة حتى كما أقيم السيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة
[7]. لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضًا بقيامته
[8].
والخليقة الجديدة إذا أُعطيت فرصًا قوية بالصلاة والالتصاق بالكلمة لتعيش مع المسيح، فإن المسيح يعلن نفسه فيها أو بواسطتها أكثر فأكثر.
الخليقة الجديدة لا نستطيع أن نخلقها نحن لذواتنا، فهي من فوق أما نحن فن الأرض. ولا نستطيع أن ننميها بقدراتنا الذاتية أو نعلنها بأعمالنا أو نبرهن عليها بأقوالنا، لأنها حق، والحق ينمو بكلمة الله فقط وبسر نعمته الفائقة، فالله وحده هو الذي يكشفها ويعلنها ويصدّق على وجودها لنا وللناس كعمل من أعماله الخاصة لأننا نحن عمله
. إنها ستبقى إلى الأبد سر المسيح المخفي فينا، بالرغم من أننا سنتحول إليها في النهاية كلية، ونُستعلن فيها لقد مُتّم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله، ومتى أُظهر المسيح حياتنا فحينئذ تُظهرون أنتم معه أيضًا في المجد
[9].
الخليقة الجديدة هي الجزء الناطق بالحق فينا الذي من الله والذي يشهد بالحق لله تمامًا، لذلك هي أعلى من كل قدراتنا لأن كل قدراتنا هي دون الحق أنا قلت في حيرتي إن كل الناس كاذبون
[10].
الله لم يشأ بعد السقوط أن يبقى كيان الإنسان بعيدًا عن الوجود الإلهي، أو متغربًا عن الحق الإلهي إلى الأبد، لقد عاد وأشركنا في وجوده الحقيقي هذا عندما تجسد، والتحم البشري بالإلهي لحسابنا، وعندما سلمنا اللاهوت في سر الجسد والدم لنأكله، وعندما قام من الأموات، ونفخ فينا من روح قيامته، وجعل وجوده وراحته وسكناه فينا ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم
[11]. هكذا تغير كياننا ولا يزال يتغير كل يوم لتأخذ الخليقة الجديدة فينا ملء وجودها في الله بالتغير الدائم، من الظلمة إلى النور، من حياة حسب الجسد إلى حياة حسب الروح. ولكن قوتنا الجديدة تبقى دائمًا مع كل مواهبنا الجديدة مخفية ومستترة في المسيح شخصيًا، الذي يحيي خلقتنا الجديدة ويوجدها من العدم.
وهكذا بقدر ما نستعلن المسيح المصلوب والقائم من الأموات بالمعرفة عبر الكلمة و بالخبرة عبر السر نستعلن أنفسنا، وكلما تعرفنا على حقيقة المسيح تعرفنا على وجودنا وعلى الحق الذي فينا، وكلما شهدنا للمسيح وأعلتاه كلما ظهرت قوته الفعالة ونعمته المستترة فينا!! فالمسيح كخبرة عشرة وحياة، يكون في البداية تذوق بديع للمصالحة التي تمت بيننا وبين الله، نحسها في حركات تقديس إنساننا الجديد عند بدء التوبة، وبالنهاية يصير مجدنا وإكليل حياتنا بالحق، فكياننا الجديد كله منه نحن أعضاء جسمه من لحمه وعظامه
[12]. وإن كان ليس الجميع يستطيعون أن يشهدوا له، ولكن كل من هم للمسيح هم المسيح بكل ماله، وميراثهم ونصيبهم باق لهم، مستتر ومخفي عن عيونهم إلى يوم استعلانه، كالجنين الذي يخرج من بطن أمه فجأة !!
ولكن السؤال الذي يحيّر القلوب ويطرح اليأس أحيانا على تفكيرنا هو : ولماذا بعد نخطئ…؟ أو كيف وبعد هذا كله، وفي صميم الخليقة الجديدة نخطئ؟ وما هي نتيجة الخطية هنا؟؟
هنا الإجابة جديرة بالانتباه، فالخطية التي تُعرض على الإنسان الجديد والتي تواجه هذه الخليقة الجديدة القائمة من الأموات لا تنبثق من كياننا بعد، كطبيعة، بل كصراع ضد طبيعتنا الجديدة!!
فالإنسان، مهما كان وحتى ولو كان في أوج حياته الجديدة، فهولا يزال معرضًا أن يثور ويغضب ويحقد ويكذب ويشتهي. كل هذا لا يحسب أنه ثمرة للطبيعة الجديدة، بل هو نتيجة للصراع الدائر ببن القديم والجديد المتطور دائمًا لحساب الله لأن الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد وهذان يقاوم أحدهما الآخر حتى تفعلون ما لا تريدون
[13] هنا مطلوب من الإنسان نفسه أن يتولى مهمة إدانة نفسه حتى لا يقع تحت دينونة الله لأن كيانه الحق والجديد «الخليقة الجديدة» الذي تسلمه من الله مطالب أن يعمل عمل الله تمامًا، الإنسان هنا يدين نفسه ويحكم على ذاته ويوبخ ويعنّف ويعاقب لو كنا حكمنا على أنفسنا لما حُكم علينا [14] [15]
هنا الإنسان، وهوفي عمق المذلة وهو واقف يحاكم ضميره ويصدر على نفسه حكم دينونة بلا رحمة، لا يزال هو هو نفسه قائمًا أمام الله في حالة صلح وصفح وتبرير بواسطة المسيح الذي يشفع فيه ويحامي عنه ويكفّر…!
هنا دينونة الإنسان لنفسه هي بعينها برهان قيام وجود صوت الحق وناموس القداسة والبر ساكنا في أعماق خلقته، حيث يحاصر الخطيئة في الضمير الصالح ويضعها موضع الملامة الشديدة ويفرزها كعمل غير منسجم مع الطبيعة الجديدة، وهذا بحد ذاته يكون توطئة لقبول براءة المسيح القائمة على دينونة مماثلة لنفس الخطيئة، سبق فدفع المسيح عنها بالكامل من دمه الذي قدمه بروح أزليّ
[16]، بحيث إذا لم يكن هناك دينونة وملامة من الضمير على أعمال الخطية والتعدي يكون هذا برهانًا واضحًا على عدم غسل الضمير بعد برش دم المسيح من الأعمال الميتة، كما يشير صراحة أن إنسانًا مثل هذا قد بدأ يملّك الخطيئة على أعضائه المائتة مرة أخرى.
على أن وجودنا في المسيح ووجود المسيح فينا، حقيقة لا يمكن أن تُستعلن إلا بالخبرة الحية، ولا تنمو إلا بمعرفة السيح في ذاته، هذا الوجود يختلف تمامًا عن وجودنا الشخصي المادي، هو وجود آخر.
ودخولنا في بداية الخبرة العملية بوجود المسيح وتذوقنا معرفته وحصولنا على تدخله في حياتنا ينشئ فينا وفي الحال إحساسًا بوجود آخر لنا (الخليقة الجديدة)، وجود أعلى من وجودنا، ولكنه لا يكون ملكا لنا بل يكون ويظل دائمًا مستمدًا من المسيح وقائمًا فيه الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله [17].
ليس الجميع قادرين على الدخول في هذه الخبرة العملية في بادئ الأمر، ولا جميع القلوب مستعدة للتعرف على وجود المسيح الذي فيها بسرعة، لأن اكتشاف وجوده وعمله إنما هو بلوغ التخصص في العلاقات مع المسيح، فالمسيح قد يكون موجودًا وعاملا، ولكن غير منكشف. أما الذين أدركوا وجود المسيح فيهم فهؤلاء هم الذي تعيّنوا أن يقودوا الصفوف وانفتحت أعينهم وآذانهم للشهادة ولتطمين الذين أخذوا المسيح ولم يدركوه بعد بالإحساس. إذن يكفي أن نعيش في تواضع سر المسيح إذا لم نستطع أن نعيش جهارًا في استعلان مجده، حتى يحين الوقت الذي نراه وجهًا لوجه وقلبًا لقلب.
ولكن ليس معنى هذا أن معرفة السيح والإحساس به وبلوغ برهان وجوده معنا أمر شاق أو عسير أو كأنه موهبة عالية خاصة، فالمسيح متواضع، ومفتاح الدخول إليه والتعرف عليه هو من هذه الصفة ذاتها، فكل تواضع حق وكل خضوع حق وكل انقياد صادق للروح القدس، كفيل أن يوصلنا إليه لنعيش معه، أما هذا التغيير فهو في مضمونه الكلي تغيير من حياة حسب الجسد لحياة حسب الروح. أي يلزمنا أن نكون مستعدين لتغيير صميمي في استخدام حواسنا كلها من مستوى التراب واللحم والدم إلى مستوى الروح. يلزمنا أن نكون مستعدين منذ البدء أن نعيش في آخر -أي في المسيح- ولا نعيش بعد في أنفسنا. يلزمنا أن يكون المسيح هو موضوع معرفتنا التي تستنفذ اهتمامنا في الحياة حتى يتم التحول والانتقال من حياة تدور حول ذواتنا -أي وجودنا الذاتي- إلى حياة تتمركز في مصدر وجودها الحق، أي المسيح…!
وننبه جدًا أنه يلزمنا أن نستسلم لقيادة المسيح الخفية لعبور مضايق حرجة كثيرة حتى نتخلص تمامًا من قيادة الذات المضللة وارتباطاتها الشديدة بأمجاد وشهوات الأرض والناس واللحم والدم والعالم، ثم يتحتم الاحتراس أشد الاحتراس من عمليات التزييف أي تزييف الممارسات الدينية والروحيات لإقناع الإنسان بالاكتفاء، وهكذا ينجح الشيطان في سد الطريق أمامنا عن التغيير الضروري والحتمي اللازم لنا. أما كل هذه الاستعدادات فهي ليست عسيرة على المتواضعين الذين اشتهوا الحياة مع المسيح وخدمته والشهادة له، خصوصا إذا وضعنا في اعتبارنا أن المسيح موجود بالفعل فينا ونحن جميعا أخذنا من ملئه ملئًا ومن وجوده فينا وجودا جديدًا لنا حيا فعالا، فالدعوة لاكتشاف وجود المسيح وملئه ليست أكثر من اكتشاف حقيقة قائمة في صميم حياتنا ووجودنا، ونحن فقط تائهون عنها…!
كيا ينبغي أن نعرف أن وجود المسيح فينا وحصولنا على الملء الجديد، الذي هو وجودنا الآخر، وحياتنا الأبدية وخلقتنا الجديدة وميراثنا السماوي، كل هذا هو عمل المسيح وليس عملنا نحن لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق فأعدها لكي نسلك فيها
[18].
لقد أكمل المسيح كل متطلبات خلقتنا الجديدة بشخصه في نفسه وبنفسه، بكل حكمة وفطنة وبكل معاناة حق سفك الدم، لكي يجمعنا جميعًا في ذاته بلا أي مانع أو صعوبة من جهتنا. يكفينا أن نؤمن فنجده، ويكفينا أن نرجوه فيفتح أعيننا، ويكفينا أن نحبه فنراه داخلنا ونرى أنفسنا فيه…! لذلك ينبغي أن
ندرك الأمور الآتية:
أولًا: إن كل صعوبة قائمة أمامنا تمنعنا من الاتحاد بالمسيح وقبول وجودنا فيه وأخذ خلقتنا الجديدة منه لحياة جديدة، هي صعوبة وهمية قائمة على تشبث الذات بوجودها القديم متعللة بعلل الخطية. أي أن الذات تتهرب من الموت الإرادي حتى لا تقبل المسيح كوجود آخر بديل لها، لذلك تتمسك بالخطية باعتبارها فرصة وعلة كافية لتبعد الإنسان عن المسيح، وعلة كافية حسب المنطق العتيق أن تحرم الإنسان من الحياة الأخرى، وبذلك تتحاشى الموت الإرادي لتبقى هي بدل المسيح!!
وهنا يلزمنا أن ننتبه إلى هذه الحقائق:
أ- إن موت المسيح رفع عنا حكم الموت، إذن مجرد وجود المسيح فينا (بالمعمودية والتناول) هو عملية تبرير وفداء ومصالحة، حيث تفقد الخطيئة سلطانها المميت (ناموس الخطية القتال والفعال في الأعضاء)، وتصبح الخطية بمثابة تأديب وتوبيخ مستمر تعمل لحساب الانتقال من حياة حسب الجسد لحياة حسب الروح، يرفع أثرها بالتوبة والندم مع العقوبة المناسبة حسب رأي الكنيسة. ولكن لا ترقى الخطية قط إلى حكم الإعدام!!
ب- إن جسد الخطية الذي تركزت فيه اللعنة والموت والذي تمثله الآن الذات البشرية المنعطفة نحوه، قد صُلب فعلًا مع السيح ومات وتم فيه حكم الموت واللعنة على الصليب عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صلب معه ليبطل جسد الخطية كي لا نستعبد أيضًا للخطية
[19]، فأصبح لا أثر لوجود اللعنة فيه بالنسبة للإنسان الجديد، بل لو توخينا الدقة الروحية لاستطعنا أن نقول أنه بمجرد حصول الإنسان على الخليقة الجديدة بوجود المسيح فينا، يصبح الإنسان العتيق ليس إلا جسدا ميتًا بالنسبة للمجال الروحي الجديد، لأن ناموس لعنة الموت متوقف عن التأثير الفعال فيه بل وصار الجسد ميتًا أيضًا؛ أي أنه قد استكمل عقوبة الموت فعلًا وصار بلا قيمة من جهة تهديد الشيطان، فالخطية التي وإن كانت لا تزال تعمل فيه فهي لا تملك أن تهدده بالموت الأبدي أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ
[20]. أي أن الإنسان العتيق لم يعد له الوجود الفعال بالنسبة لفقدان سلطان الخطية القاتل فيه، لأن الذي مات [مع المسيح] قد تبرأ من الخطية
[21] وعوضا عنه يحيا الإنسان الجديد في المسيح وبالمسيح. والقبر هو نهاية هذا الجسد فالقبر هو معموديته الأخيرة الحتمية الذي يموت فيها بالفعل بكل ما فيه وله، حيث يفقد آخر ما تبق منه من عيوب وخطايا بعد فداء الصليب، وفي النهاية يقوم ليأخذ كيانه الجديد بالقيامة، لكي يكون على صورة جسد المسيح.
ج- نحن الآن لا ننتظر أي حكم بالموت بعد أن ولدنا الله ثانية بقيامة السيح من الأموات وأخذنا خلقتنا الجديدة بالمسيح وفي المسيح بالإيمان في المعمودية والإفخارستيا. لقد تم فينا حكم الموت كعقوبة كاملة عن كل الخطايا بأثر رجعى ومستقبلي أيضًا لأنه إن كان واحد [المسيح] قد مات من أجل الجميع فالجميع إذن ماتوا
[22]، وإلا ما كنا أخذنا ميلادًا ثانيًا أو خلقة جديدة سمائية أو طبيعة جديدة لا تموت بعد!!، ويستحيل بعد أن جُزنا حكم الموت مع المسيح على الصليب أن يتكرر علينا مرةً ثانية بأي حال من الأحوال أي نوع من الجزاء لأن الموت الذي ماته [المسيح]قد ماته للخطية مرة واحدة، والحياة التي يحياها فيحياها لله. عالمين أن المسيح بعدما أُقيم من الأموات لا يموت أيضا. لا يسود عليه الموت بعد
[23].
د- ولكن ليس معنى أن الله لما ولد البشرية ثانية بقيامة السيح من الأموات وأن المسيح لمّا تقبل حكم الموت عن كل إنسان، أن كل إنسان أكمل خلاصه تلقائيًا دون أن يتحد بالمسيح الذي مات وقام. ولكن معناه أننا أخذنا كل المبررات والوسائل والحقوق العامة التي نكمل بها اتحادنا بالمسيح بالموت والحياة، فإذا «أهملنا خلاصًا هذا مقداره» المدفوع ثمنه غاليا، فإنه لا يصبح من نصيبنا ولا ننتفع به، ونسقط دونه. فالمسيح حمل خطايا كل إنسان في العالم أجمع في جسده على الخشبة ودفع ثمن فداء كل إنسان بدمه، ولكن لن ينتفع من هذا إلا الذي يأخذ المسيح في نفسه ولنفسه ليستمد منه حكم البراءة وحق الحياة والخلود. إذا أخذنا المسيح بوسائط النعمة المتاحة مجانًا في أنفسنا لأنفسنا وأصبح هو حياتنا، فهنا فقط ننتفع من حكم الموت الذي جازه عنا، بل فينا مع المسيح صُلبت
، وقوة القيامة من الأموات التي حققها عنا وفينا أقامنا معه
.
وإذا أنا أكلت جسده الحي القائم من الأموات، فهذا يعنى أن خطاياي التي حملها في جسده ومات بها فبرأني منها وقام ببشرية جديدة لي تصبح كل خطاياي غير موجودة عليَّ إلى الأبد؛ وإذا شربت دمه، فهذا يعنى أن دمه الطاهر القدوس الذي دخل به إلى الآب كذبيحة وفداء ومصالحة يصبح هذا الدم فيَّ غسيلًا إلهيًا للقداسة والتطهير والفداء والمصالحة الدائمة مع الآب. لكن اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم باسم الرب وبروح إلهنا
[24].
أي إن وجود المسيح فينا بكلمته و بروحه وجسده ودمه هو الضمان المستمر لتكميل خلقتنا الجديدة وخلاصنا. أما نحن بدون المسيح وبدون جسده ودمه فأعمال المسيح تصبح بلا أي قيمة ولا فاعلية لأنها تظل خارجة عنا لا تعمل فينا.
لذلك ينبغي أن لا ننسى أبدًا أننا بدون المسيح نبقى مرفوضين، غير أن قبولنا المسيح لا يعني مجرد إيمان لفظي أو فكري، ولكن يعني قبول حياة جديدة في المسيح بسلوك جديد ووجود آخر فعال بالروح القدس غير وجودنا الذاتي لأنه يشمل قبول موت حقيقي وقيامة حقيقية عن ذواتنا والعالم، وكل هذه الأمور ليست صعبة أو بعيدة عن الإنسان بل هي موهوبة له مجانا بالإيمان، فإن قبلها حازها في الحال، وإن استصعبها ولم يصدقها تظل بعيدة عنه و يظل محرومًا منها.
هـ- إن قيامة المسيح من الأموات بحياة جديدة في جسده الذي أخذه منا، لم تبق مكتومة ولا مخفية، بل أعلنها الله بقوة وبشهادة الروح القدس، حتى نعلم أنها هي قيامتنا وحياتنا كلنا، وحتى تصير لنا كفعل إيجابي منظور يعمل في حياتنا الآن ليجددها كل يوم وكل لحظة، كفعل نحيا الآن بكل تحقيق ويقين، لأن قيامة المسيح بجسدنا هي هي قيامتنا التي نلنا بها دخولًا إلى دائرة وجود الله وحياته، ونحن لا نجاهد لكي ننال قيامتنا مع المسيح بالروح الآن بل هي هبة وفعل سري مناسب لكل واحد فينا، يهبه لنا بالإيمان فنفخ فيهم وقال اقبلوا الروح القدس
!!
فإذا قبلنا قيامة المسيح كقوة فعالة إيجابية في صميم وجودنا الروحي الذي نستزيده بالكلمة والأسرار، فهذا معناه أننا قبلنا الموت -أيضًا- كفعل وله عمله وأثره بالنسبة لحياتنا اليومية من جهة جسد الخطية من أجلك نمات كل النهار
أي نعتبر أنفسنا كل يوم أحياء من بين الأموات مع المسيح، بإيمان برجاء حيّ أننا نعيش كل يوم ملء فرح القيامة بشعور من هم متبررون بدم المسيح.
إن قوة القيامة التي تسري فينا بسبب فرحة الشركة في قيامة المسيح المجانية تزكي بالتالي قوة الموت أو الإماتة عن الخطية، حيث الخطية لا تستطيع بعدئذ أن تحجزنا عن المسيح ولا تحرمنا قط من دم المسيح ولا تقوى أن تحجب عنا مجد القيامة، لأننا لن نخطئ بعد خطية للموت بل إن أخطأنا، فسنخطئ للتأديب والتوبيخ والتعليم والإنذار خطية قابلة للتوبة والغفران، لأننا نحيا مع المسيح.
و- إن الحظوة الجيدة التي نالها المسيح لدى الآب بعد طاعة الموت حتى الصليب وقيامته بمجد الآب وجلوسه عن يمين العظمة في السموات، هي في الحقيقة وفي الأساس حظوة لنا نحن، إنما أخذناها في شخص المسيح لتبقى دائمة إلى الأبد وأنا أعطيتهم المجد الذي أعطيتني
[25]، وأنا ممجد فيهم
[26]. ولما جاء المسيح صوت من السماء مجّدت وأمجّد أيضًا
، ردا على طلبته أن الآب يمجد ذاته في المسيح، نبه المسيح فكرنا أن هذا الرد الذي جاءه من السماء هو من أجلنا ليس من أجلي صار هذا الصوت بل من أجلكم
[27].
إذن، فطالما نحن قائمون وثابتون مع المسيح، فنحن في حالة صلح وسلام دائم مع الله وفي حالة نعمة مقيمة فإذ تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح الذي به أيضًا قد صار لنا الدخول بالإيمان إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله
[28].
لذلك إذا أخطأنا فلنا شفيع قائم دائم أمام الآب يشفع في المذنبين، لقد صار الديان (المسيح) شفيعًا، فمن يستطيع أن يشتكي علينا، وشفاعة المسيح ليست جزافًا بل لأنه دفع ثمن خطايانا بنفسه، ودفعها عنا لأنه رأى أننا مظلومون!!
ز- إن إقامة الله لنا من الموت الأبدي، وهبة الحياة الجديدة التي أعطانا بقيامة المسيح من الأموات، تحمل في معناها صفحًا كليًا غير مشروط ومصالحة نهائية بلا رجعة أو ندم، لأن لله لم يعطها لنا كوعد أو قسم بل أعطاها لنا في شخص ابنه الوحيد المحبوب الذي تبنى قضيتنا وتبنى طبيعتنا وتبنى ضعفنا، فالعطية مضمونة بضمان تجسد ابن الله في جسدنا وقائمة بقيام ابنه بجسدنا الآن في السماء وثابتة بثبوت شخص يسوع المسيح كشفيع عنا.
الله هو الذي أخذ المبادرة بنفسه نزولًا وتنازلًا إلينا، وهو الذي تكلم ووعد وتجسد وأكمل كل ما يلزم لخلاصنا وتجديدنا وتبريرنا وتقديسنا، ووهب كل ذلك من طرف واحد هو طرفه هو، دون أن يسبق أو يشترط علينا ولا شرطا واحد، ونحن أموات بالخطايا
[29]، أحيانا مع المسيح
[30]، ولا طالبنا بطلب أيا كان، فالعطية فائقة التأكيد، فائقة المجانية، فائقة السخاء، فائقة اللطف، فائقة الرحمة!!
ح- إن خلقتنا الجديدة بميلادنا الجديد وبطبيعتنا الجديدة وحياتنا الجديدة عمل كامل أكمله الله لنا في شخص ابنه الوحيد والمحبوب يسوع المسيح، ليكون لنا حقيقة حية وموضوع إيمان منظور ورجاء حي نعيشه بالرغم من كل ضعفنا وخطيتنا ومسكنتنا وذلنا في الحاضر. فالإنسان الجديد ليس أمل الإنسانية الذي تسعى إليه من وراء السراب والذي تنشده في حاضرها المظلم -كما يظن بعض الناس- بل هو رجاؤها الحيّ الذي تعيشه بمنتهى الثقة واليقين، وهي تحقق وجوده وكيانه بالإيمان والجهاد والسلوك في صمم الحاضر، حيث يبتلع الضعف والخوف والموت والخطية إلى غلبة ونصرة في شخص يسوع المسيح الغالب الذي أكمل ذلك كله علنًا وجهارًا ليكون نصيبنا الدائم، إن تمسكنا به ثابتين حتى النهاية.
فنحن غالبون ومنتصرون في شخص يسوع المسيح، بالرغم من عجزنا وقصورنا وضعفنا الذي يحمله عنا المسيح بحبه العجيب وإنكاره لذاته وإخلائه لنفسه، الذي لا يزال يباشر به حمل كل أثقالنا!! لذلك كل من يؤمن به لا يخزى أبدًا!!
لقد ضمن لنا المسيح خلاصنا وحياتنا وقيامتنا، إن تمسكنا به وحفظنا وصاياه وسرنا في نوره، وهو ضامن ذلك بحياته هو وقيامته هو إني أنا حي فانتم ستحيون
[31]، وحياتنا وقيامتنا فيه قوية وفعالة وقادرة فعلًا أن تغلب ضعفنا وخطيتنا وأن تحيي وتقيم من الموت!
كذلك فإن ضمان خلاصنا وحياتنا الأبدية أمر يتعلقَ أيضًا بكرامة الله الآب نفسه الذي بذل ابنه حتى لا يهلك كل من يؤمن به
، والابن من جهته أطاع بالفعل حتى الصليب وذاق بنعمة الله الموت عن كل واحد
، فكيف بعد ذلك يحنث الله أو يعجز عن أن يهبنا كل شيئ يلزم لخلاصنا؟؟
ط- إن كل التوكيدات والضمانات التي قدمها لنا الله الآب لميلادنا الجديد وخلقتنا الجديدة للحياة الجديدة، والتي أكملها لنا في ابنه بكل حكمة وفطنة لتبقى حية وثابتة أمام أعيننا، والتي دفع ثمنها المسيح بذبيحة نفسه على الصليب وبذوقه الموت عن كل واحد بكل طاعة وخضوع للآب وكل انسحاق وتذلل إزاء البشر حتى الفضيحة والعار دون أي تردد أو تململ؛ كل هذا -من جهة الله- يحتم علينا أن نلتفت لأنفسنا كيف نرد على هذا من جهتنا نحن؟
إنه لولا حالة البؤس والشقاء الذي نحن فيه ولولا وقوعنا تحت الرفض والقصاص وحكم لموت باكتساب الخطية مجانا كجزء من ميراثنا المشئوم من آدم. ولولا أننا في ذلك كله شبه مظلومين ومغويبن من قبل سلطان الشر العامل في طبيعتنا بقوة تفوق إرادتنا وإمكانياتنا، لولا كل ذلك لما أظهر لنا الله كل هذه الرحمة وكل هذا البذل وكل هذه التنازلات في نفسه ليخلقنا خليقة جديدة لنفسه وأكدها لنا في ابنه المذبوح على الصليب والقائم من الأموات لتقوم كشاهد دائم أبدي على تفوق رحمته فوق الظلم الذي حيك لنا، وتفوق نعمته فوق ضعف طبيعتنا الذي ورثناه دون إرادتنا، وتفوق تنازله فوق انسحاقنا وذلنا وشقائنا الذي نكابده بلا أمل في أنفسنا.
ي- إذن فالظلم الذي نعانيه من عدو مقاوم، وضعفنا وخطيئتنا الق ورثناها في جسد التراب هذا؛ كل هذا منظور لدى الله بنظرة فاحصة وازنة وعميقة، مُجاب عليه بإشفاق يفوق الوصف ومردود عليه ببذل كبير يفوق العقل ورحمة كثيرة ونعمة فائضة بقوته الخاصة الذاتية الحاضرة معنا كل حين لضمان أن لا يختل ميزان القوى قط لحساب العدو، في حياتنا وخلقتنا الجديدة!! أحبني وأسلم نفسه من أجلي [32].
فكما تبتلع النار المتأججة قطرة الماء في لحظة، هكذا يبتلع الله خطايانا بروحه القدوس وفعل دم ابنه، بغيرة اشد تأججا من لظى النار المتقدة. وكما تعترض الشمس المشرقة الظلمة فتبددها وتحولها إلى نور ورؤيا صافية، هكذا أرسل الله ابنه ليبدد حزننا وشكوكنا وانسحاقنا وظلمنا حتى لا يبقى في ذهننا تجاه الله إلا يقين الرحمة الصافية والمحيية الواضحة المحتضنة لحياة الإنسان الذي خلقه على صورته، أي أن كل ما فينا من خطية وعجز ويأس وظلم وضعف يفوق إرادتنا، هذا كله قابله الله برحمة وحب ولطف وقوة وبذل يفوق الوصف. لذلك أصبح بقدر ما ملكت خطيتنا فينا و يرعبنا ضعفنا ويذلنا يأسنا أحياناً من جهة إنساننا العتيق رفيق شقائنا ومثير تعاستنا، أصبح لنا من جهة الله رجاء حي بصداقة يسوع المسيح في حياة جديدة بسلام ونصرة تفوق العقل، بل أصبح لنا نعمة نلقي عليها كل رجائنا، وصار لنا فيه صلح وبر وقداسة وفداء كحق أبدي لإنسان جديد مؤمن عليه لا يمكن أن يتراجع عنه الله أو يسقط مرة أخرى من رحمته كما سقط آدم قديمًا!!
ك- ولكن إذا وضعنا هذين الموقفين أو هاتين الحالتين معًا: موقفنا أو حالتنا بما فيها من ضعف وخطية وإحساس بالظلم واليأس من جهة أنفسنا الذي هو إحساسنا بإنساننا العتيق، ثم موقف الله نحونا بضمان ابنه يسوع السيح من أجلنا، الذي هو هو مصدر مؤهلات الإنسان الجديد بما فيها من رحمة متعاظمة جدًا وحب ولطف وإشفاق و بذل حتى الدم وفداء معروض مجانًا؛ نقول : إذا وضعنا هذين الموقفين معًا ماذا ينبغي أن ينتج من ذلك؟
أ) إيمان برحمة الله في حياتنا الجديدة يفوق ضعفنا، إيمانًا بيقين وثقة يتناسبان مع قوة تناهى رحمة الله فوق شدة ضعفنا.
ب) إيمان بمحبة الله الآب و بذل دم ابنه يسوع يفوق خطايانا كلها، إيمانًا بيقين وثقة تتناسب مع تناهي فعل محبة الله الخالقة والمجددة لخلقتنا، وتناهي أثر دم المسيح في الغفران والتطهير والتقديس فوق كثرة خطايانا ونجاسات أفكارنا وقلوبنا مهما بلغت…
جـ) إيمان بقوة الله الآب التي أظهرها الله علانية في قيامة ابنه من الأموات من أجلنا أي بجسدنا، إيمانًا يفوق موتنا الذي يهد كياننا بكل نوع، إيمانًا بيقين وثقة يتناسبان مع تناهي قوة حياة الله فوق شدة مفاعيل الموت وأمراض الموت التي تعمل فينا…
ل- فإذا وصلنا إلى يقين الإيمان والثقة الكاملة بتناهي رحمة الله وحبه في حياتنا الجديدة وبذله الدم لتقديسنا وشدة قوته التي تعمل فينا لتجديدنا على الدوام فوق ضعفنا وخطايانا وموتنا الذي نحسه في إنساننا العتيق، فماذا ينبغي أن ينتج عن ذلك؟
١) طاعة لله، وتوقير لكرامته، وخضوع شديد له ينبغي أن يبلغ إل درجة التشبث الكامل. تشبث الغريق وقد قبض بجنون على حبل النجاة، حتى يزداد تناهي الله في عمله باستمرار تجاه شدة ضعفنا.
٢) تسليم لمشيئة الله، تسليمًا كليًا بلا أي خوف أو تحفظ أو خجل مع شكر متواصل يعطي الله كل المجند والكرامة التي تنازل بها نحونا، تسليمًا يقودنا في حياتنا الجديدة ضد مشيئتنا وأهوائنا القديمة مع إحساس دائم بأن أي ميل نحو تكميل مشيئة الذات في الطر يق هو ضياع هيبة الله و بالتالي إضعاف ليقين الإيمان الذي من شأنه أن ينقص من قوة عمل الله فينا، فيز يد مرة أخرى من ضعفنا؛ حتى نضطر بدون أي وجه حق أن نسلم مرة ة أخرى ليد أنفسنا ولأهواء شهواتنا وغرورنا.
٣) عدم اعتبار لأي بر شخصي أو استحقاق، مهما بلغت أعمالنا في صورة التقوى والعبادة، بل يبقى تمسكنا بعمل الله الذي عمله من أجلنا في شخص ابنه. وحده تمسكًا ثابتًا شديدًا سواء من داخل ضمائرنا أو من خلال الأعمال التي مارسها بإيمان ثابت لا يتزعزع برحمته المجانية الخالصة كنعمة بلا مقابل؛ بحيث يصبح عمل الله المستعلن في المسيح من أجلنا خصوصًا في القيامة من الأموات صورة كاملة ونموذجًا -لا يغيب عن ذهننا قط- لما يشاء الله أن يخلقه جديدًا و يكمله فينا دائمًا… لأن المسيح هو عينه نصرتنا وبكر القيامة من الأموات، وهو النموذج الحي لغلبتنا على الخطية والموت والهاوية، وهو رأسنا ورأس الكنيسة الإلهي الذي سيقيم كل الجسد بكل الأعضاء بمجد الآب وكرامته.
٤) لابد أن نحس أن الله ألقى بكل ثقله الإلهي بكل مجده وكرامته، بكل حبه وتنازله لخلاصنا وتبريرنا وفدائنا وقيامتنا من الموت لإعدادنا وتقديسنا لحياة الشركة معه، إن هذا الإحساس ينبغي أن يتحدى كل نظرة متشائمة من نحو واقع الإنسان العتيق الذي لا يزال يرزح تحت ثقل الأهواء والشهوات والضعفات ويتصرف في خداع الغرور ومكر الشهوة.
إن مثل هذا التحدي يجعلنا دائمًا نلقي بكل ثقلنا وبكل ضعفنا على النعمة، لنكون منحازين لعمل الله، منحازين لمشورة الله، منحازين في أعماق ضميرنا لنصيب الله مها كان حالنا.
إن مثل هذا التحدي نافع جدًا للتقليل من شأن الخطية وسلطانها وغرورها.
إن مثل هذا التحدي نقلنا سريعًا من الإحساس بالإنسان العتيق المكروه وماضيه المظلم للإحساس بالإنسان الجديد المحبوب ومستقبله السعيد المشرق! هذا الشعور المفرح استطاع واضع الأبصلمودية المقدسة أن يعبر عنه بقوله: هو أخذ الذي لنا، وأعطانا الذي له، فلنسبحه ونمجده ونزيده علوًا
[33]. وهذا بعينه هو الشعور الإلهي الذي أملى على القديس بولس الرسول قوله لأهل كورنثوس: لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه
[34]، وقول هوشع النبي قديمًا سأدعو الذي ليس شعبي شعبي، والتي ليست محبوبة محبوبة
[35].
م- فإذا استطاع الإنسان بيقين الإيمان وبثقته الشديدة في الله أن يقدم الطاعة والتسليم لله متمسكًا بعمل الله الذي أكمله لنا في شخص يسوع السيح، ثم إذا استطاع أن يواجه ضعف الإنسان العتيق بتحدي تصمم الله نفسه على خلاصنا وتقديسنا، الذي عزم عليه الله وحدده بكل ثقل مجده وكرامته، نعم إذا استطاع الإنسان ذلك فإنه حتما يأخذ قوة للعمل، قوة للجهاد، قوة للصراع، بلا هوادة ضد الإنسان العتيق.
فما هو هذا العمل والجهاد والصراع الدائم ضد الإنسان العتيق وما هي قوته؟
+ إن أهم عمل لازم لخلاصنا ومحتم علينا كأولاد الله، وفي نفس الوقت هو أول عمل يهم الله نفسه وقد وعد بتقديم كل المساعدة اللازمة له، هو حصولنا على الحرية الروحية، لأنه يستحيل أن نصير أولادًا الله ونحن عبيد للخطية ولشهوات الغرور.
هنا يلزمنا جدًا أن نثق بأننا نعمل ونجاهد ونصارع، لا كعبيد ير يدون الحرية، بل كأولاد صاروا أحرارًا ونالوا صك حريتهم بضمان موت المسيح وقيامته، فهم إنما يحاربون ويدافعون ويصارعون ليملكوا ما هو لهم، ما هو حقهم الإلهي، أي حرية البنين، التي أصبحت من صميم طبيعتهم الجديدة التي حصلوا عليها بروح الله القدوس! الروح نفسه يشهد أيضًا لأرواحنا أننا أولاد الله
[36].
+ وكأولاد الله حينما نعمل ونجاهد، فنحن أمام الله الآب وباسمه ولأجل اسمه نصارع. لذلك لن يغيب عن ذهننا أننا مُعانون في جهادنا ضد الخطية وضد شهوات الغرور بروح الله الآب الذي ننقاد له بكل طاعة وخضوع وتسليم. لأننا نعلم أن كل الذين ينقادون بروح الله فهؤلاء هم أبناء الله
[37].
لذلك فبسبب ضمان مجد الله وكرامته لبنويتنا التي أخذناها حقًا أبديًا في شخص يسوع المسيح، يلزم أن ننق أننا حتما منتصرون في كل جهادنا إن كان جهادنا حقًا هو لحساب الآب و باسمه ولأجل اسمه. فنحن منذ البدء نعلم أن الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون [38].
+ إن معونة الله الآب لنا التي يقدمها لنا في جهادنا وصراعنا الدائم مع الإنسان العتيق، نعلم تمامًا أنها مقدمة بواسطة الروح القدس الذي إذ يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله، يعمل معنا حتمًا لكى نكون في ملء حرية أولاد الله أيضًا، فهو إنما يؤازرنا بكل وسيلة ليقدمنا فعل لله «حسب شهادته» كأولاد لله كخليقة جديدة «كذلك الروح أيضا يعين ضعفاتنا»، لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي. ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنّات لا يُنطق بها
(رومية ٨ : ٢٦ )).
+ فإن كان روح الله هو المعين والمؤازر في جهادنا وصراعنا ضد الخطية وشهوات الغرور، فهذا يستلزم أن تكون أسلحتنا ليست جسدية كما يقول بولس الرسول:
لأننا وإن كنا نسلك في الجسد، لسنا حسب الجسد نحارب. إذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية، بل قادرة بالله على هدم حصون. هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله، ومستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح.(كورنثوس الثانية ١٠ : ٤-٥)
هنا بولس الرسول يشير إلى أنه بالرغم من كوننا لا نزال نعيش في الجسد العتيق إلا أن الله أعطانا أسلحة روحانية، هي مواهب الإنسان الجديد. وهذا ينبه ذهننا أن إخضاع الجسد العتيق وغلبة أوجاعه وشهواته وضعفاته الكثيرة إنما تحتاج إلى أعمال معمولة بالروح، أي بحرارة الروح وغيرة الروح ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون
[39]، حتى وإن كانت هذه الأعمال في صورة أعمال جسدية. فالصوم مثلًا ممكن أن يكون عملًا جسديًا ميتًا وممكن أن يكون عملًا روحانيًا فعالًا وقويًا، فإذا كان مقدمًا بالجسد فقط فهو عمل جسداني لا يمكن أن يرقى إلى محاربة الخطية، ولكن إن كان مقدمًا بالروح كذبيحة وانسكاب بصلاة منسحقة وبحرارة وغيرة وبتوسل مع التمسك بكلمة الإنجيل ومواعيد الله، فهنا يصبح الصوم عملًا روحانيًا قادرًا فعلًا على هدم الخطية المتحصنة بالجسد حيث يكون الروح هو قوة الصوم، ويصبح الصوم أداة فعالة في يد الله. هنا تكون أسلحة محاربتنا روحية فعلًا وقادرة بالله على هدم حصون
[40].
وليلاحظ القارىء كلمة قادرة بالله
، فأعمالنا كلها مهما قدمناها بنشاط وغيرة لا يمكن أن ترقى إلى مستوى السلاح القهار الذي يغلب الخطية إلا بالله!!!
وهذا المثل ينبهنا إلى خطر اعتيادنا على تأدية الأعمال الروحية المعتبرة أنها أعمال إلهية بحد ذاتها بصورة روتينية يجعلنا نؤديها بطريقه جسدية كالاعتراف والصلاة والتناول والسجود، وحتى قراءة الإنجيل.
فبالرغم من أن هذه الأعمال قد هيأها لنا الله كوسائط نعمة قوية وأسلحة روحانية فعالة نحارب بها كل أنواع الخطايا وانحرافات الجسد العتيق، ولكن بسبب كوننا لا نرفعها إلى مستوى الحرارة اللائقة بالعمل الروحاني المعمول باسم الآب ولمجد الآب، ولا نرفعها إلى مستوى سلاح الروح المشهور ضد الخطية، فإنه يضعف عملها ويضيع الجهد المبذول فيها بلا ثمرة واضحة.
الدعوة هنا إلى رفع العمل الروحي إلى مستوى السلاح الروحي بكل جدية وحرارة وإخلاص، مستلهمين من الله القدرة على الاستخدام والاستمرار والمثابرة والفعالية.
متى نبلغ الحرية حرية البنين وكيف نحس بها ونمارسها؟
أو بعبارة أخرى هل لحربنا الروحية مع إنساننا العتيق نهاية محددة نصل إليها فنكون قد وصلنا إلى حرية البنين؟ أو هل يوجد وقت نغلب فيه الخطية نهائيًا؟
القديس يوحنا الرسول يوضح ذلك بكل صراحة إن قلنا أنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا
[41] فكأنما ير يدنا الرسول أن نتعلم حقيقة هامة تختص بحياتنا الجديدة في إنساننا الجديد، وهى أن صراعنا مع جسد الخطية أو الإنسان العتيق أمر حتمي ولن يكون له نهاية؛ وفي أية لحظة نعتبر أنفسنا أننا قد غلبنا الخطية نهائيًا يكون ذلك معناه أننا لسنا على حق وأننا نضل أنفسنا بهذا الشعور المخادع.
ثم يعود الرسول ويعطينا ضمان العهد الجديد ضد الخطيئة الذي يلغي كيانها:
يا أولادي، أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا. وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب، يسوع المسيح البار. وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كل العالم أيضا.(رسالة يوحنا الأولى ٢ : ١-٢)
ولكن يعود القديس يوحنا الرسول ويستثني نوعًا من الخطايا أسماها «خطية للموت» ليس لأولاد الله أن يخطئوا فيها. وسيأتي الكلام عنها.
فإذا كانت الخطية (بنوعها المغفور) هكذا تترصدنا مدى الحياة، فمتى نحصل على حرية البنين وكيف نحسها؟
وهنا يلزمنا أن نستعرض عدة حقائق حتى نبلغ إلى كمال الإجابة على هذا السؤال:
فأولًا: ينبغي أن نعلم كما قلنا ونكرر أننا لسنا الآن عبيدًا نريد أن نتحرر، وإنا بنينًا لله نطالب بحريتنا التي أصبحت حقًا من حقوقنا وطبيعة من صمم طبيعتنا الجديدة.
هذه البنوية هي حق أو حقيقة مختومة أخذناها بالإيمان بابن الله وجحدًا للشيطان بكل أعماله، وبصبغة المعمودية وانسكاب الروح القدس بالميرون والشركة المقدسة في جسد إبن الله ودمه.
إذن فنحن بنين لله وأولاد بالروح القدس. فإن كنا بعد ذلك نخطئ، فمعناه أن حريتنا البنوية أو حريتنا الروحية معطلة جزئيًا، ولكن ليست منعدمة أصلًا.
ثانيًا: إن كل مرة نعمل فيها مشيئة الآب بصلاة، أو توبة، أو بذل محبة، أو إنكار ذات لخدمة الآخرين، أو جهاد ضد شهوة الذات وغرورها أو بصوم أو تذلل، أو تناول باعتراف وانسحاق وشكر؛ فإننا نكون في كل هذا نمارس طاعة لله حقيقية، لأننا إنما نعمل عمل الله ونتمم وصاياه.
إذن، فنحن في هذه الأعمال كلها إنما نمارس عمل البنين بحرية أولاد الله حقًا، ونتذوق حالة حرية حقيقية، حرية روحية، ولو جزئيًا.
ثالثًا: إن ممارستنا لحالة الحرية الروحية كأولاد لله أثناء تأدية أعمال الله بروح البنين وطاعتهم تجعلنا في الحقيقة واقعين في دائرة ملكوت الله، والذي دعانا إلى هذا الدخول هو الآب نفسه الذي سكب روح الابن في قلوبنا حبًا وكرامة للمسيح إينه، ليسهل علينا التحرك من ظلمة العبودية إلى نور أولاد الله شاكرين الآب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور وعتقنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت إبن محبته
[42]
رابعًا: دخولنا في دائرة ملكوت الله والنور سيكشف لنا حتمًا أكثر فأكثر مقدار شناعة الخطية والظلمة المحيطة بها التي اعترضتنا سابقًا والتي تعترضنا كل يوم، وهذا مما يزيد شعورنا بالنقص والحرمان الأكيد من حرية البنين.
هنا مواجهة صارخة بين موقف الإنسان الجديد في نور الله القائم في طاعة المحبة وتأدية عمل البنين كابن لله حر في بيت الله، وبين موقف الإنسان العتيق وهو يحاول أن يتهرب من نور الله ويضحي بحرية البنين لكل عمل العبودية للظلام الذي اعتاده والذي أصبح مكرهة للإنسان الجديد.
هنا نكون في حالة اختباء من وجه الله وليسن طردًا من فردوس رحمة الله. سيروا في النور لئلا يدرككم الظلام
[43].
خامسًا: هنا ينبري لنا المسيح رأس خليقتنا الجديدة، ليدعم موقف الإنسان الجديد لدى الأب ضد حركة عصيان الإنسان العتيق المنعطف دائمًا ناحية الخطيئة والاختباء، شكرًا لله، فالإنسان الجديد فينا، أي الطبيعة الجديدة لأولاد الله، أصبح لها من يدعم موقفها أمام الله الآب بصورة مستمرة ويخرجها دائمًا من الظلمة إلى النور، ويمل عجز ممارستها لكمال حرية البنين، لتبقى دائمًا أبدًا أمام الله في حالة صلح وسلام وتبرير.
المسيح هو لنا -بحد ذاته- حالة تكميل طاعة كلية للآب، وضامن حالة فداء ومصالحة أبدية؛ إذا تمسكنا به بالإيمان والرجاء عن ثقة المحبة، وإذا كنا نمارس وصاياه كبنين.
وهكذا ننتهي إلى هذه الحقيقة:
+ إننا دائمًا خطاة، ودائمًا محتاجون إلى توبة صادقة واعتراف بالخطايا، حتى ننال عنها غفرانًا بالدم المسفوك عنا.
+ كل مرة نخطئ نفقد رؤيتنا لله الآب، لأن الخطية مظلمة؛ ونفقد إحساسنا بالحرية كبنين، لأن الخطية عبودية؛ ونفقد شجاعتنا لكي نتراءى أمام وجه الله، لأن الخطية عداوة.
+ كل مرة نعترف بخطايانا يغفرها لنا المسيح بدمه، ولكن تبقى عيوننا معتمة ولا نرى أننا داخلون دائرة الملكوت.
+ إذا مارسنا أعمال البنين من محبة باذلة وخدمة باذلة وإنكار ذات وتمجيد الآب، وتأهلنا للاشتراك في الجسد والدم؛ نعود إلى حالة الحرية، حرية البنين، ونتذوقها بالفعل، ولكنها تظل حالة حرية ناقصة لعمل النور الكامل بسبب الإحساس المتواصل بالخطية، فكأنها طعام حلو ممزوج بمرارة.
+ إذا واصلنا جهاد أعمال البنين، وحفظنا وصايا يسوع وأهمها المحبة، ينبري لنا المسيح ليكمل كل عجز وكا نقص في عملنا كبنين لله، وبالتالي يكمل لنا كل نقص في إحساس حريتنا كبنين، ويحضرنا أمام الآب في النور مرة أخرى بلا لوم في المحبة.
إذن، شكرًا لله الذي جعلنا بالإيمان بدم المسيح مغفوري الخطايا، وبأعمال الإيمان والمحبة حسب الوصية نذوق حرية أولاد الله، وبالمسيح تكمل حريتنا كمالًا مطلقًا، فنسير في النور ونبقى فيه ونتراءى أمام وجه الله الآب بلا لوم في المسيح.
القيامة والخليقة الجديدةكتاب بقلم الأب متى المسكين، نُشر أوّل ما نُشر في مجلة مرقس، عدد أبريل ١٩٨٠، الصفحات من ١ إلى ١٥
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟
اطرح عنك ذاتك التي تمنعك من الانطلاق في حرية أولاد الله