تتنوع كثير من وجهات النظر المسيحية حول شرب الخمور حول العالم، لكن بشكل عام تحرّم المسيحية أي نوع من الشراب المُسكر (نعم.. تحرم.. ولا تقول انه “لا يليق!” فحسب)، مثلا في العهد الجديد جاءت هذه الآيات:

ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة، بل امتلئوا بالروح

(أفسس 5: 18)

وآية أخرى تقول:

لا تضلوا، لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعو ذكور ولا سارقون ولا طماعون ولا سكيرون ولا شتامون ولا خاطفون، يرثون ملكوت الله

(1 كورنثوس 6: 9 و10).

وهنا نرى أن الله ذاته في النص وضع السكيرين بجانب الزناة والسارقين.

ورغم أن العهد الجديد يذكر أن يسوع وتلاميذه قد شربوا الخمر، بل وكانت أولى العجائب التي أجراها يسوع حسب الأناجيل، أنه قد حوّل الماء إلى الخمر عندما نفِذ في عرس قانا الجليل، وفي اليوم الأخير من حياته، أخذ كأس الخمر وقدمها للتلاميذ قائلًا: هذا هو دمي -وهذا أساس القداس الإلهي- لكن المسيحيّة حذرت بشدة من الانغماس في الشهوات، وعلى رأس الشهوات جاء الانغماس في شرب الخمر أو السُكر.

أما فيما يخص رجال الدين، فالأمر أكثر تشددا، فقد حرّمت الكنيسة الأرثوذكسيّة على رجال الدين شرب الخمر، استنادًا إلى نظرة العهد القديم حول الموضوع. بينما يسمح الكاثوليك وأغلب ال بذلك حاليًا استنادًا إلى توصيات الأناجيل فيما يخصّ الرعاة والكهنة، (اكرر.. اغلب وليس الجميع)، إذ يُطلب من الراعي ألا يكون مدمنًا للخمر، وليس غير شارب له؛

غير أنّ بعض الكنائس الراديكالية البروتستانتية في الولايات المتحدة الأمريكية (قائدة العالم الحر وأكبر دولة في التاريخ الحديث)، تحرّم الخمر، أو تدعو للابتعاد عنه أصلا، وهو ما يغض غالبية أقباط الولايات المتحدة نفسها عنه البصر عمدا للأسف! وللمرة الثانية.. تحرّم.. وليس تكتفي فقط بالإشارة إلى انه “حيالله”.. لا يليق!

هناك العديد من الآيات الموجودة في الكتاب المقدس التي تحث المسيحي على الابتعاد عن تناول الخمور من الأساس حتى لو لم يتسبب الأمر في وصوله إلى درجة السكر (والتي لا يبيت نية الوصول لها غالبية السكارى طبعًا، إلا لو كانوا يعانون من درجة متقدمة من المرض العقلي، وما اكثرهم في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية) والأمثلة أكثر من أن تطرح بهذا المقال، ويمكنك البحث بنفسك في: (اللاويين 10:9 وعدد 3:6 والتثنية 26:14 و 6:29 وقضاه 4:13 و7 و14 وصموئيل الأول 15:1 وأمثال 1:20 و 4:31 و 6 و أشعياء 11:5 و 22 و 9:24 و 7:28 و 9:29 و ملاخي 11:2 و لوقا 15:1)، وأشجع صديقي القارئ على فتح كتابه المقدس بنفسه وقراءتها.

عمومًا، تكلم الكتاب المقدس كثيرًا ضد السكر، إذا جاءت هذه الآيات في العهد القديم:

ليس للملوك أن يشربوا خمرا، ولا للعظماء المسكر، لئلا يشربوا وينسوا المفروض ويغيروا حجة كل بني المذلة

(أمثال 31: 4-5)

أي لئلا يكون حكمهم خطأ وبدون عدل.

إلا أنه من المهم جدا معرفة أن الله لم يعط المسيحيين الحق في أن يعاقبوا السكيرين، لأن هذا يجب أن يكون في يد الدولة أولا، ولأن المسيحية تنادي بعلاقة فردية وقلبية سامية مع الله، وليست سياسة دولية!

كما لم يمنع استعمال الخمر بشكل قطعي، لأنه موجود في أدوية كثيرة (مثل أدوية السعال والجهاز الهضمي)، وإلا فما أمكن للمؤمن المسيحي أن يستخدم هذه الأدوية من الأساس!

ولكن علينا أن نتذكر أن هذه الآيات لا تحرم تناول المشروبات الكحولية (أو أي أطعمة) تحريمًا قاطعا، اللهم إلا في إطار رمزي أو شكلي، وليس بشكل أسبوعي منتظم مثلا، أو بدون داع كما لو أنها أحد المشروبات الغازية أو أحد الوجبات السريعة، حتى إن كانوا أيضا مسئولين عن الإصابة بأمراض القلب. وأعتقد والله اعلم أن على العاقل المؤمن بوجود الله ألا يجعل أي شيء “يتسلط” على جسده (كورنثوس الأولى 12:6 وبطرس الثانية 19:2)، وذلك أيضا بالمناسبة يشمل حتى تدخين السجائر.

كما إن الكتاب المقدس يمنع المسيحي من أن يفعل أي شيء يكون سبب عثرة لغيره أو يشجعهم على فعل الخطيئة ضد ضميرهم (كورنثوس الأولى 9:8-13)

وعلى ضوء هذه المبادئ فأنه من الصعب أن يقول المسيحي أنه يشرب الخمر لمجد الله! (كورنثوس الأولى 31:10) فما بالك بمن يجمع ما بين الخمر والسجائر والوجبات السريعة المشبعة بالدهون؟ والأعجب من ذلك هو ترفعه عن ممارسة أي نوع من الرياضة لأنها “مضيعة للوقت” و”المال!!”

يمكنني أن امضي في سرد مثل هذه الأمثلة حتى مساء الغد، وأنا متفهم جدا محبة الناس الجمة لمعاقرة الخمر، وخصوصا من “أدعياء” العلمانية في الخارج، المتباكين على “الثقافة الإسلامية” التي سيطرت على قطاعات كبيرة من أقباط الموطن، وجعلتهم يتأففون من شرب الكحوليات رغم انتشارها بين جميع فئات الشعب “البحبوح” وقت طفولة هؤلاء الأدعياء في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات.

مع ذكري لكل هذه الأمثلة في مجتمعات مسيحية ويهودية وخارج العالم العربي قديمًا وحديثًا، مازال اغلبهم يربط وبكل “تخلف” ما بين النمط الأخلاقي المحافظ -ولو على صحته- في الحياة (سواء في أميركا أو أوروبا أو حتى إسرائيل نفسها) وما بين وسواس “الثقافة الإسلامية” التي يعلق عليه الجميع هناك كل شيء يكرهونه في مصر أو خارجها.

يصل بعض المحافظين إلى درجة متأخرة في تزمتهم، تجعل منهم رجعيين، ولكن ذلك لا علاقة له بالثقافة الإسلامية المزعومة، فللأفكار والمعتقدات مؤثرات كثيرة خصوصا لو كانت نمطا اجتماعيًا.

هذا الربط المخل يشبه المنشورات المنفرة التي رايتها من البعض، والتي فيها كثير من التسامح والتصالح الزائد مع الطفولة الصهيونية في صورة ممجوجة ومصنعة ما بين طفل فلسطيني وفتاة صغيرة تحمل علم إسرائيلي..
الله..
شيء في منتهي الرومانسية ومفيهوش ثقافة إسلامية خالص!
هل هذه مثلا ثقافة مسيحية؟ هل هي ثقافة كندية؟
لاء..
ده رأي شخصي فردي..
انت/انتي متسامح/ـة مع الصهاينة..

حقك..
أنا لا أرحب بتناول الخمور، وهذا أيضا حقي..
ولا هذا ولا ذاك له علاقة بإسلامية أو علمانية أحد..
اللهم إلا لو كنا معتادين على قولبة البشر جميعا..
ولكن لهذا حديث آخر، لو كان في العمر بقية..

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

كاسك يا مهجر 1
[ + مقالات ]