اقتَـرب ممّن يفتحُون في روحك نوافِذ من نُور، ويقولُون لك أنّه فِي وسعِك أن تُضيء العالم

() [*]

قليلين جدا في هذا العالم المادي المضطرب نجدهم لازالوا يحملون قلب نقي.. وابتسامة هادئة تشيع سلامًا لمن حولهم، بينما هم أنفسهم يخوضون صراعاتهم ولديهم ما يكفي من ألم قادر أن يطفئهم. لكنهم ومع ذلك قرروا أن يضيئوا ليس لأنفسهم، بل لمن حولهم..

في مجلسهم أشعر بالهدوء والسلام مهما كان قلبي يضج بالعواصف..

لهم حضور طفولي ومبهج مهما كان عمرهم ومكانتهم..

في أعينهم أرى نظرة تشجيع وتعزية..

عيونهم، تلك التى تلمع دائمًا ليس بالفرح، إنما بدموع يتقنون كيف يجمحوها كيلا تفارق جفونهم فلا تنحدر منهم، بينما شفتيهم تنطق بكلمات العزاء والطمأنينة..

في خضم مشغولياتهم، ينشغلون بأبسط مشاغلنا، ويمنحوها الأولوية.. وكأن ليس لديهم ما يكفيهم من مشكلات وأوجاع..

ينصتون لنا بلا ملل، وكأن مشاكلنا هي حدث الساعة.. بل ينسون أنفسهم وينخرطون في البحث عن حلول لها..

حزننا يحزنهم.. ويقاتلون حتى لا يتركوننا إلا وقد أصابتنا عدوى الابتسام حتى لو امتزج بدمعات..

لا أفارق محضرهم إلا وأنا أشعر أنني أقوى، وقادرة أن اجتاز كل صعب.. بل واحطم الصخر إن استدعى الأمر..

معهم، أرى أنه لا يزال يوجد غد جديد، وعلى أن اصنعه بنفسي، بل وأقتنع أنني بكامل قدرتي على ذلك..

إن صادفت في حياتك والتقيت بأحدهم.. فتيقن انك محبوب من الله..

سلامًا لهؤلاء الذين لا أعتبرهم إلا هدية السماء.. هم قطرات ندى في أزمنة الجفاء والجفاف..

كلهم رفاق، إلّا من انتشلك من حزنك، وآمن بك، وراهن على نجاتك، هذا يُسمى عزيز الروح

(جلال الدين الرومي)


 

[*] شمس الدين التبريزي: عارف وشاعر متصوف، كتب معظم شعره بالفارسية وأقله بالتركية والعربية، مسلم . يُعتبر المُعلم الروحي لجلال الدين الرومي. كتب ديوان التبريزي (الديوان الكبير) الذي كتبه في مجال العِشق الإلهي.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

غادة سمير
[ + مقالات ]