Search
Close this search box.
توجد نصوص صريحة في كل الكتب المقدسة التي نعرفها، تخطئ وتنهي عن الممارسات الجنسية بين المتماثلين في الجنس. ولأن هذه الممارسات تتعارض مع الفهم الكلاسيكي للميول الجنسية الطبيعية بين البشر وكذلك مع الا الكتابية وفكرة الأسرة التقليدية التي تتمثل في  وعلاقة  ب فقد تم نبذها واعتبارها انحرافًا سلوكيًا وشذوذًا عن العرف الشائع.

وقد ساهمت النظرة الدينية والأخلاقية إلى الجنس مع كثرة المحظورات والممنوعات والتحريمات، في تكوين صورة مبهمة عنه في الذهنية العربية، ربطت بينه والخطيئة، بالتالي أصبح يوصم بالعهر والفجور كل مطالب بالحرية الجنسية. ومع الوقت والكثير من الجهل حدث خلط بين التحريم والتجريم فأصبحت المثلية الجنسية جريمة جنائية وأصبح من حق أي شخص له صفة قانونية أن يلقي بشخص “مثلي جنسيًا”  في السجن، وأن يمثل به، بل وأن ينتهك عرضه، باسم الدفاع عن الفضيلة والشرف وحماية ثوابت المجتمع من الانهيار، معتبرًا أنه بمخالفته للدين فقد كل حقوقه الإنسانية وأصبح مستباحًا.

بالإضافة إلى ما يعانيه عامة الناس في بلادنا من قهر وفقر واستبداد وقمع للحريات، نجد ثقافة عفنة مشوهة وليدة موروثات بالية عقيمة، وأذهان بليدة عاجزة عن الخروج خارج صناديقها تسيطر على المجتمع. مناخ مشوش يتسم بالغوغائية تصدر فيه الأحكام عشوائيًا على الأفراد بناء على هذه الثقافة التي هي مزيج مرعب بين الدين والعادات والتقاليد والحلال والحرام والحقوق والواجبات والمرفوض والمفروض، لا بناءً على أحكام القانون وسننه.

المشكلة الكبرى هنا هي أن هذا الخلط موجود لدى أجهزة الدولة المنوط بها حفظ القانون وحماية المواطنين. من هنا -أعتقد- تعقدت مشكلة المثليّة في بلادنا، إذ لم يعد الأمر قاصرًا على أن ينظر إليهم باحتقار واستهجان باعتبارهم فئة منحلة شذت عن العرف والدين، بل يصل الأمر إلى حد استخدام العنف الجسدي معهم ومحاولة إجبارهم غصبًا على تغيير سلوكهم الجنسي ليطابق سلوك الأغلبية.

إن أولى الخطوات في الطريق الصحيح هي الإدراك الواعي لقصور نظرتنا إلى الأخلاق. فنحن نميل إلى المبالغة في تأثير العامل الأخلاقي ولكننا لا نفهمه إلا من جانب واحد وهو الجنس. وهذه القسوة التي نتعامل بها مع قضايا متعلقة في تصوراتنا بالجنس لها دلالات خطرة، فهي تدل على اهتمام مفرط بالجنس راجع إلى قسوة الحرمان وصرامة القيود التي تفرضها المجتمعات الشرقية المحافظة على أفرادها، حيث أن القسوة هي مظهر سلبي للرغبة العارمة في ارتكاب الأشياء التي يتم تحريمها ومنعها. ومهما حاول المتخصصون أن يوضحوا للعامة أن الرغبات الجنسية ليست قضية أخلاق أو دين أو إرادة بل مسألة تطورات بيولوجية وتفاعل هرمونات طبيعي قد يؤدي منعه أو قمعه إلى أضرار نفسية وعضوية بالتالي خلق سلوكيات عدوانية أساسها الكبت، يظل هناك من يتهم المثليين بالانحراف ويشبههم بالحيوانات في عدم تمكنهم من السيطرة على غرائزهم والتحكم في ميولهم.

هناك فرق كبير بين أن ترفض سلوكًا معينا لأنه لا يناسبك وبين أن تستبيح لنفسك انتهاك الآخر وقهره والتنكيل بكرامته بسبب تبنيه لهذا السلوك. مفهوم المجتمع نفسه يلزمك بأن تقبل اختلاف الآخرين وأن تفسح لهم مكانًا بجوارك للتعايش والاحترام و القبول.

العدل لن يتحقق إلا عندما نساوي بين الجميع في الحقوق والواجبات وعندما نساهم في محو تلك الرؤية المختلة للقيم والحريات ونعمل على إزالة الشوائب المعششة في عقلية العامة لنرسي أساسات مجتمع سوي وقوي يحمي أقلياته لأنه يعي أهمية دورهم في حمايته من الانهيار.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

تصوراتنا عن الجنس 1
[ + مقالات ]