مزار السيّدة والكرسي ينتظر تبرعات المؤمنين لإعماره
يقول سنكسار عزبة النخل أن كرسي القديس العظيم مار عادل، سيظل بالكنيسة طول "نهضة العذراء"، وبعدها سيسترد القديس كرسيه ويدشن أول مزار قطاع خاص استغرق بناؤه 7 سنوات إﻻ 17 يوم من الجهد والتعب والتعاون الكهنوتي المشترك من أجل أن يحصل المواطن العزبنخلاوي الأسمر على معجزة فاخرة شغل فنادق أوربية دون أن يضطر لمغادرة عزبة النخل أو المسيحية.
حاليًا بالأسواق كتاب الأنبا سيداروس: “من فم أجهزة الأمن تؤخذ الشريعة”
صدر مؤخرًا عن عزبة الكتاب المقدس للهبد والنشر، وراجع ودقق شعبويًا حسب البلح الرامخ في عزبة النخل، والساقط من فم ناظر العزبة، أسقفها وأبينا ومدلعنا وحامينا، نيافة الحبر الجليل الأنبا سيداروس، أسقف عام كنائس العزبة، الذي قال بفم مفشوخ إن من أدلة الإعجاز سكوت أجهزة الأمن علي ما حدث من هَرْج ومَرْج في العزبة!
من تهافت الأساقفة، أن تصير أدواتهم (الروحية) هي صمت الأجهزة الأمنية بدرجة “تحريات مباحث” التي بدورها تتحرى القيل والقال شعبويًا. في الوقت الذي تم الضغط على أطباء مسيحيون منصفون لحذف منشوراتهم من صفحات السوشيال ميديا، التي تبين الرأي المهني.
ومن تهافت التهافت، ما رأيته من الفرحين بهذه الورقة البيروقراطية التي ألقت المسؤولية الطبية في استصدار “بطاقة إعاقة” لعم عادل على وزارة التضامن الاجتماعي بشكل صريح! لكنهم يحملونها على ظهورهم مثل المواطن الأسمر لمجرد وجود “خَتْم النسر” وخلاص.
باختصار: هؤلاء الذين يعانقون الوهم باسم المعجزات المتهافتة ﻻ يريدون إذن إقناع خصومهم بالعقل وبالعلم، وإنما إرهاب العقلاء والمفكرين باستدعاء سلطات الدولة (والدولة وﻻ لها علاقة وﻻ عايزة تتحشر وﻻ ييجي اسمها أصلًا) ولعمري، فهذا تهافت التهافت!
أجهزة ومؤسسات الدولة ليست أدوات إقناع روحية
أجهزة ومؤسسات الدولة دورها الطبيعي هو فرض النظام وتسيير أمور الدولة بشكل غير مرتجل وغير استثنائي، في حين أن “المعجزة” هي بالأصل حدث روحاني استثنائي بطبيعته، ومن ثم أي استدعاء لسلطات “فرض النظام بالقوة” في مسألة يعدها الضمير الإنساني مسألة إيمانية، أو يراها المثقفين والمهنيين مسألة خبرية Falsifiable (قابلة للتصديق والتكذيب)، هي مسألة تضر كلاهما دوما. فلا المعتقدات يجب أن فرضها إداريًا وبيروقراطيًا وتنفيذيًا وإﻻ فسدت حريّة التفكير وحرية الضمير والدين. وﻻ مؤسسات الدولة مصممة هيكليًا ووظيفيًا لمثل هذا التداخل بشكل يقبله أفراد المجتمع، وبرأيي الشخصي لن يؤدي هذا الخلط إﻻ لأزمة ثقة تضر بالحريات وبمؤسسات الدولة معًا.
حتى في التماس مع الخطوط الحمراء، يجب أن نكون صادقين إن كنا نبغي علاقات أفضل صحة وسوية مع مؤسسات الدولة. فلا الجيش بعد عبد العاطي كفتة موثوق فيه علميًا، وﻻ وزارة الصحة بعد أزمة كورونا الأطباء نفسهم يثقون فيها، وﻻ حتى رئيس مصلحة الجمارك موثوق فيه بعد أزمة اختفاء السجائر!! نحن في دولة تحوّل فيها الكل لمجموعة موظفين مهددين بالفصل وقطع العيش من الكل. من أعلى مسؤول تعرفه؟ رئيس الجمهورية؟ مهدد يتفصل ويتقطع عيشه برضو! بالتالي صار من الطبيعي أن أي مهدد، يتحول لمتربص حذر من أي ذكر لاسمه وماشي بيقول “يا حيطة داريني”. فماذا تتوقع يرعاك الله إن فعلت العكس! إن أدرت مناحة استدعاء للسلطات وتوريطها في أمور ليست رسمية بطبيعتها كي تحصل على “خَتْم نسر” يسند موقفك الروحي؟
إن كانت قصة سيدنا مار عادل العقيد القعيد تعود لـ7 سنوات مضت من العمل والكفاح، فلا يقل عنها كفاح تأسيسية الدستور التي سبقته وتوسعت في سياسات التمييز الإيجابي للأشخاص ذوي الإعاقة، لدرجة إنه دستوريًا لو شخص “ذو إعاقة ذهنية”، فله فرصة أحسن من “كارل ماركس” في دخول البرلمان لامتياز “كوتة أصحاب الهمم” (ممنوع تقول عليهم معاقين أصلًا، تبقى قليل الإنسانية ولجان الـ”بولوتيكال كوركتنيس” تخش توجب في الإنسانية على بروفايلك).
هذا بالطبع غير كوتة التعيينات الحكومية، بخلاف الإعفاءات الجمركية على المستلزمات الطبية لذوي الإعاقة، والامتيازات البنكية المخفضة لأقساط ذوي الإعاقة، الأمر الذي أدى لتحولها من أيام مبارك لسبوبة “سيارة المعاقين” اللي عمرنا ما شفنا حد من ذوي الإعاقة بيستخدمها (بيبيعها بتوكيل ويقبض قرشين وكلنا فاهمين الفولة)
يمكن اختصار المشهد في إن سياسة الدولة في التمييز الإيجابي المبالغ فيه لشراء شعبية سياسية، من الطبيعي أن تؤدي لظهور فئات من المتمارضين [المتظاهرين بالمرض] هم في حقيقتهم مجرد متسولين للميزات المكتسبة من المرض!
وده عم القديس مار عادل تحديدًا، واحد بيشحت التعاطف، بيشحت الاهتمام، فبالتأكيد “رقصة الكتكوت” التي قدمها في الكنيسة ليست سلوك امرئ تفاجأ وانعقد لسانه ذهولًا بمعجزة غير متوقعة، وإنما أراها سلوكًا استعراضيًا، حد بيعمل show ويهمه إمتاع أكبر قدر من الجماهير.
على الجانب الأخر من صفوف الجماهير، الناس التي كانت تصفق بسعادة غامرة وعفوية بالغة في صفوف الكنيسة، هي سلوكيات ﻻ تعبّر عن المفاجأة خاصة من المختنقين من المتسولين في مترو عزبة النخل لأن معندهمش ما يقدموه للمتسول أصلًا. هذا السلوك العفوي جدًا يمكن تفسيره مثل سلوك جماعي لمشجعي كرة قدم عجبتهم اللعبة الحلوة لما الكتكوت الراقص قال “العدرا جابت الجون” فانطلقت بشكل فطري وكروي لتصفق: وااااااااه هدف هدف هدف.
أمراض شهيرة جدًا في علم الاجتماع ومحتاجة جوستاف لوبون يدرسها، وﻻ يمكن تأسيس معتقدات إيمانية محترمة على السلوكيات الجماعية المريضة!
وإذا كنتم ترون الأمر بهذه السهولة، فمَا المانع إذن من استيراد رهبنة إنتاج صيني أو بوذي مثلا؟! لماذا ﻻ نرسل رهباننا البلدي المحلي لكورسات تبادل ثقافي مع رهبان معبد الشاولن، ويرجع الراهب ﻻعب كونغ-فو خارق حارق من الذين يمشون على الماء وعلى الحوائط وعلى السقف؟ وتيته الراهبة التاماف العجوز بعد بضع سنين من التلمذة على المذهب الآبائي الصيني ستتمكن من أن تتصارع وتقاتل وتجيب شلل لـ100 وﻻ 150 فرد بإبرة خياطة أو “بنسة شعر”. على الأقل لن نقول وقتها عن هذه القدرات الخارقة أنها دين أو معجزة، وإنما تراث مستلم من طب الإبر الصينية اللاهوتية الشرقية الإلحادية المهلبية! ويا شفاعتك يا “هن تشو كان” الأغرب من الخيال!!
فمن فضلك، أرجوك، الله يكرمك: قبل ما تفكر بتجيب الثقة فيمَا هو مهتز منين، واحنا قساة في نقدنا ليه، ما تفكر معايا: أنت بتعمل كدا في نفسك ليه؟
عايزها معجزة وخلاص زي ما بتصدق وخلاص؟ محتاج؟ ناقصة؟ يعني عندك عجز معجزات ومش شبعان معجزات قديسين وكرامات صالحين ومزارات ميتين من عظام مالهاش صحاب يسألوا عليها ووصلت لمقام سيدي الفولكس وسيدي اللينكولين وشبشب حمام وشال ورملة وتراب وشعرة من دقن أسقف دمياطي؟
متسول ديني هش أنت على فكرة..
ده هشاشة في العقل والدين.. اﻹتنين..
أما هؤلاء، الذين لا يؤمنون بكل الأشياء بسهولة،
فلا يفقدون ﻻ الإيمان وﻻ العزيمة بسهولة..
إيمانهم، خلق ليصمد ضد النقد، وﻻ يهتز مع صورة، أو سؤال، أو فكرة..
إيمانهم أقوى.. إيمانهم خلق ليبقى..
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟