تمر السنوات سريعًا، واليوم تحل الذكرى الخامسة -فجر الأحد 29 يوليو 2018- لمقتل قارورة الطيب التي انسكبت في ، إبيفانيوس أسقف ورئيس  بيد الغدر والكراهية والجهل، بالضبط كالتي تأمرت على معلمه يسوع المسيح منذ نحو ألفي عام ونالت منه، فمَا حدث مع المسيح تكرر  مع إبيفانيوس منذ 5 سنوات وها نحن الآن نعيش تبعات تلك الحادثة التي رفعت الغطاء عن كم العفن والفساد المعشش في كنيستنا.

مع  أن لحظة إعلان خبر مقتل إبيفانيوس بيد الراهب الفاسد المعزول ()، كانت صادمة لأبنائه وأصدقائه ومحبيه، إلا أن هذه الصدمة كانت بمثابة ناقوس الخطر الذي دق واستنفر كل الشخصيات التي تفضل التصرف بفردانية ولم تكن تهتم اهتمامًا كاملًا بما يدور في أروقة الكنيسة، ليولوا اهتمامًا كبيرًا بالكنيسة وشؤونها، ورغم قلة عددهم إلا أنهم أصبحوا رقمًا فارقًا في معادلة الصراع الدائر داخل البيت الكنسي بين تيار الفساد السلطوي الرُجْعِيّ وشبكة المصالح الملتفة حوله، والتيار الإصلاحي الأكاديمي الذي يمثل استعادة روح إبيفانيوس وتطلعاته في الشباب، ودائمًا ما يتم قهره بالسلطة من التيار الرُجْعِيّ، كما حدث من البطريرك غير المتعلم رقم 12 الشهير باسم في الربع الأول من القرن الثالث الميلادي واضطهاده للعلامة مدير اللاهوتية.

سلاما لمن حركت روحه المياه الراكدة 1

ورغم عدم تنظيمهم إلا أن هناك ما صار يوصف بـ”المستنيرين”، داخل الكنيسة من قبل أبواق الفساد والرجعية داخل الكنيسة على مواقع التواصل الاجتماعي، هؤلاء الذين يجتكرون لأنفسهم تمثيل العقيدة الصحيحة وحراسها وحماتها وكأنهم صوت واحد مقصور عليهم فقط، وعلى يديهم أصبح التنوير والاستنارة تهمة وسبة، ودون وعي منهم صاروا يطاردون “المستنيرين”، باعتبار أنهم الضد لهم أي أنهم “دعاة الظلمة” في مقابل “دعاة الاستنارة”.

على أرض الواقع لا يوجد تيار منظم بشكل واضح داخل الكنيسة إلا التيار الرُجْعِيّ، الذي يتكون من قيادات تشكل مراكزا للقوى في تجند تحت يدها شخصيات أصغر في السلطة والمكانة، لكن البعض منهم صار له نفوذ أعلى من الأسقف الذي يستخدمهم، ويسيطرون على موارد ومفاصل مهمة في الكنيسة، يجيشون ويستخدمون مجموعات من مُرْتَزِقَة العقيدة، يغدقون عليهم الحماية والمال في مقابل أن يطلقوهم على كل أعداءهم وعلى أي شخص “مستنير” أو يدعو لـ”الإصلاح” داخل الكنيسة، خوفًا من أن تنفتح أعين الناس على أصحاب الفساد فيثوروا على سلطانهم.

منذ ألفي عام أشار المسيح إلى صعوبة طريقه وأن من يسير على دربه سيتعرض لنفس المتاعب والمشاكل، وفي زمننا الحاضر  بالفعل يتم وصف من يسيرون على درب المسيح بنفس التهم التي أتهمه بها رؤساء كهنة اليهود والكتبة والفريسيين، فقبل مقتل إبيفانيوس كان يتم نعته بـ”المهرطق” كما كان ينعت متطرفي اليهود المسيح بـ”المجدف”.

سلاما لمن حركت روحه المياه الراكدة 3

اليوم، وبعد مرور 5 سنوات على مقتل إبيفانيوس، لا يزال الصراع مستمر بين النور والظلمة، بين العلم والخرافة، بين التعليم والجهل، ورغم قوة وسطوة الرجعية والجهل وامتلاكهم للسلطة والمال، إلا أن مساحة الوعي تزداد ولو ببطء لدى الناس، وسيأتي يوم تتغير فيهم المعادلة وتميل الكافة لمصلحة “الاستنارة”، ولو بعد سنين طويلة، وسيوضع كل شخص في المكانة التي يستحقها في التاريخ.

 

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

بيتر مجدي
[ + مقالات ]

باحث وكاتب صحفي ومتابع للشأن الكنسي وشئون الأقليات