مجموعة عوامل ممكن تدمر أي كنيسة في العالم وتفشلها.

السعي وراء المال

لما يكون هدف الكنيسة الأول والأخير هو جمع المال بأي طريقة والتربح بتوحش ثم الصرف ببذخ على نفسها ورجال دينها ثم تصف نفسها إنها ماتت عن العالم وليس لها مدينة باقية ووطنها سماوي.

الانحرافات الجنسية والأخلاقية

الأمر غير مقتصر على وقوع الانحرافات السلوكية أو الأخلاقية أو الجنسية، بل عندما يصل الأمر لغض الطرف عن الانحراف والإهمال المتعمد في كشف الجاني ومحاكمته بل والتغطية عليه بحجة حماية صورته ومكانته الدينية والتهوين من الحدث بل ولوم الضحية وعدم ضمان حماية مرتادي الكنيسة مستقبلًا.

زواج السلطة بالكنيسة

هذا الأمر تاريخيًا قديم وما زال يحدث، وخرب كثيرًا في الكنيسة، وحين تنخرط في معارك سياسية لا تخصها، وترتمي في أحضان الولاة حتى تكسب نفوذ وتنافق الحكام لتحصل على بعض المكاسب المادية أو المعنوية، وحين  تعتقد أن قوتها مستمدة من علاقاتها بالسياسيين وحمايتها بأيدي البشر وتصبح أداة في يد الحكومات وتتغاضى عن قول الحق والوقوف بجانبه بل وتتغاضى عنه.

لو أي كنيسة في العالم أخذت في اعتبارها هذه النِّقَاط الثلاث تجنب نفسها شرورٍ كثيرة وتحترم مكانتها وتحافظ على شعبها، وهذا بالنسبة لكل الكنائس بصفة عامة. أما فالعامل المقبل الذي أشير إليه فيخصها.

الميكروفون

في رأيي أنه أكبر نكبة على الكنيسة القبطية خلال النصف قرن الماضي، ولو فصلوا الكهرباء عنه تُحل مشاكل حالية ومستقبلية، النكبة بدأت مع بزوغ نجم الكاريزما الأوحد العارف بكل العلوم وظهور موضة تلقي الأسئلة والرد الفوري أمام الميكروفون في الاجتماعات، وساعد على هذا خلو الساحة من أي منافس ولجوء الأقباط للكنيسة في كل كبيرة وصغيرة بسبب عنصرية وتطرف الدولة.

وغير خفي أن المواطن القبطي انبهر من أسلوب -الإجابة المقدسة- وهو أن تسأل أي سؤال وتأخذ إجابتك فورًا -وتاخد معاها البركة- وكأنه “من فم الميكروفون تؤخذ الشريعة”.

دخل الميكروفون والمواطن القبطي في علاقة حميمية، حيث دائب الميكروفون على مداعبة القبطي ودغدغة مشاعره ثم رسم ضحكة على وجهه بنكتة هنا وأخرى هناك، ثم حشو دماغه بالفتوى الشرعية الفورية المباركة التي يرتاح لها قلبه حتى ولو ضد الكتاب والعقل، حتى ولو كانت إجابات ارتجالية أو اجتهادات وآراء شخصية.

ثم تحولت العلاقة مع الوقت إلى نوع من أنواع الإدمان المستعصي حيث تهافت القبطي على الحصول على أي فتوى في رغيف وشهادة بإراحة الضمير لتساؤلاته بدون عناء ولا تعب في البحث، ففقد القدرة على التفكير والتمييز.

العقد فرط وأصبحت ليس العقيدة التي يتجاوب عليها أمام الميكروفون، لكن وصل التاريخ، والجغرافيا، والعلوم، والفلك، والأحياء، والفيزياء، والشؤون الاجتماعية، والمشاكل الزوجية، والجنسية، والحب، والخطوبة، والاستشارات الطبية، والشعر والأدب، وحتى السياسة وأمور السفر والهجرة، والخلفة وتربية العيال والتخسيس وتنظيم الحدائق وكل شؤون الحياة.

وبسبب الميكروفون تحول كل هذا الارتجال لـ(مسلمات إيمانية) تتسجل على كاسيت وتطبع في كتب وتدرس للعيال وتصبح المصدر الرئيس للتعليم في الكنيسة القبطية.

في العصر الحالي ظهرت أنواع جديدة من الميكروفونات، وبقى عندنا “يوتيوبات” و”فيسبوكات” و”تيكتوكات” والعملية بقت مولد، وبدل نجم الكاريزما الأوحد في خلال كام سنة بقى هناك مجرة كاملة من نجوم الشباك ومذنبات المناطق الشعبية وكواكب الحكاوي والفتاوى! وأصبح طقس تسليم الميكروفون مثل طقس تسليم الذبيحة.

أنا أعرف باحثين وأكاديميين لو سألتهم سؤال وعندهم ذرة شك في أي جزئية سيقول لك انتظر أبحث في مصادري وكتبي وأرجع لك، لكن ما شاء الله رجل الدين الميكروفوني ذهنه حاضر وبيفهمها وهي طايرة، وميقدرش يقول معرفش ولا يسيب الميكروفون ثانية واحدة لحسن يستهوى وياخد برد أو حد تاني يلطشه منه، غريبة يا جدع، تحس الواحد منهم مولود وفي بقه ميكروفون دهب.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

تامر فرج
[ + مقالات ]