كتبت صديقتي على حائطها بالفيسبوك، تعليقًا على الرغبة المحمومة في غلق المواقع الإباحية، ما يلي:

الإجبار على الفضيلة، لا يصنع إلا مجتمعًا من المنافقيـن!!

ضغطت لايك.. ثم كتبت على حائطي:

من لا يقدر قيمه الحرية والوازع الذاتي، لا يستحق سوى حياة العبيد.. فالعبودية كانت القرار الوحيد الذي اتخذه، وبعبوديته، أنهى كل اختيار كان أمامه!

بعدها، صارت أفكاري أكثر حدّة، فقررت أن أتكلم مفتتحًا زاوية أكثر خطورة من مجرد “مجتمع المنافقين”، أتكلم هنا عن “أخلاق العبيد”، فالأمر ربما يكون أكثر تعقيدًا مع مجتمعات أبوية (باترياركية) تروّج لأخلاق العبيد.

أخلاق العبيد: تعني أن يشعر العبد بأن من الأخلاق الكريمة أن ينفّذ إرادة سيده الذي يملكه. أو أن يشعر المرء -وهو ناضج- أن سيّده (أو آباه) أكثر دراية منه بمصلحته وعليه طاعتة كنوع من الأخلاق الحميدة.

أخلاق العبيد تعني تنفيذ إرادة السيد، لا إرادتي الذاتية، تعني تنفيذ ما أوصاني به السيّد، لا ما أراه أنا بعد نضجي، تعني ببساطة مقايضة الحرية المسؤولة، بأخلاق السلبية المصحوبة بحالة من السلام النفسي والرضا الداخلي تمامًا.. أنا أطيع لأني ذو أخلاق!

وهكذا الأمر مع الفاشية الدينية، فهي تبدأ بتعريف الإنسان على أنه “عبد الله” صراحة دون مواربة… ومن ثمّ فالله (السيّد/ الباترك/ الأب) يمتلك قدرات سحرية ومعجزة في فهم مصالحنا أكثر منا.

ما نحن إلا عبيد… شهوانيين… مراهقين… تافهين… تُمحى تماما كلمة “إرادتنا الذاتية” ويتم الاستعاضة عنها بكلمة “أهوائنا الشخصية” للتعبير عن ميلنا الدائم للعقوق والشبق والانحراف الصبياني!

الأمر جد أخطر مما تتصورون يا رفاق، فأخلاق العبيد لا تصنع مجتمع منافقين فقط، بل يتضاعف الأثر لشعور مزيّف بسعادة نفسية لأننا نسعى للأخلاق (شعب متدين؟!) وسيصاحب القيد حالة من السلام والرضا نتيجة مازوخية مريضة ورغبة في تعذيب الذات الآبقة الشبقة النهمة، عن طريق فرض مزيد من القيود عليها!

الكبت المصاحب لقمع إرادتك سيجعلك تفكّر أكثر فيمَا تم حظره… تفكّر فيه دون قدرة على فعله… ثم تلوم نفسك على التفكير!

يأتيك الصوت من داخلك ليشعرك بكل ذنوب الدنيا لأنك ارتكبت أفكارًا عن الحرام…! إنها النفس الأمّارة بالسوء، ذات الأهواء، تلك الشبقة النهمة! لا بد من معاقبتها…

معاقبتها بفرض مزيد من القيود عليها… أنا أجاهد نفسي إذن ولن أسمح لها بغوايتي… أنا جدع!

الدخول في هذا الأمر أشبه بدخول في دائرة من التبادل بين تعذيب الذات، والرضا كلما زاد هذا التعذيب…

الأمر جدٌ خطير.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟