في ضيافة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الأنبا ، نظم المركز الإعلامي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية لقاء "لنعمل معًا" للصحفيين المهتمين بتغطية شئون الكنيسة، صباح السبت 29 أبريل، بعد غيبة طويلة امتدت 8 سنوات منذ أول لقاء تم تنظيمه أيضًا في أبريل 2015، كان اللقاء فرصة جيدة لاستماع الصحفيين للبابا تواضروس بشكل مباشر دون وسطاء، خاصة أنه فتح الباب لتلقي الأسئلة كلها دون خطوط حمراء، وأجاب عنها بإجابات واضحة، شافية.

تكمن أهمية اللقاء في مقابلة البابا تواضروس ذاته، فهي فرصة لا تتكرر كثيرًا للصحفيين، لكن بعيدا عن مسألة الفرص اتسم اللقاء بالكفاءة والعملية وإعلان واضح للعمل بشكل جماعي، حيث تم إلقاء الضوء على دور الأرثوذكسية من خلال فريق عمل متعدد يأخذ من البابا تواضروس سياسات عامة تاركا لهم فرص الظهور واﻹعلان عن أنفسهم، وبطريقتهم. اﻷنبا يوليوس أسقف الخدمات العامة، القمص موسى إبراهيم، القس بولس حليم، الأستاذة بربارة سليمان، المهندس بيير جورج، الأستاذة أوديت، وغيرهم..

كل فرد من هذا الفريق المتناغم، يقود مؤسسة فرعية عالية التخصص، فالدور التنموي والمجتمعي الذي تؤديه الكنيسة بواسطة أسقفية الخَدمات العامة، مختلف وظيفيا عن دور المكتب البابوي للمشروعات، وهكذا. يتفق الكل مع السياسة الوطنية العامة، ومع النهج الذي تتبعه الكنيسة في مساعدة المجتمع المدني، كل المجتمع دون تمييز. فالكنيسة هنا قدوة حسنة، وفي هذا فليتنافس المتنافسون.

عن لقاء البابا تواضروس بصحفيي الشأن الكنسي 1قدم البابا تواضروس مفهومه الخاص عن الـ”كنيسة”، في وقت يحتدم فيه الجدل الاصطلاحي الذي فارق تعريفها كـ”جماعة مؤمنين” كلاسيكية، إلى مصطلحات عدّة: الكنيسة كمؤسسة [في وصف اﻹكليروس]، الكنيسة كشعب [في وصف المخدومين].

بعيدا عن التقسيمات الحادة، يطرح البابا مفهوم الكنيسة ككيان شعبي، وأنها بمثابة الجسد الواحد الذي يختار من بينه ال أو الرعاة لخدمة الشعب، ولفت إلى أن طبيعة الكنيسة المصرية تدور حول ثلاث أمور: التعليم المستقيم، الاستشهاد، والرهبنة. كما أكد على أن الراهب لا يملك، ولا يرث أو يُورث.

حول علاقة الكنيسة بالدولة، أشار تواضروس إلى أن الكنيسة بنت الوطن وخادمة للوطن، لا تعمل بالسياسة وأنها ليست حزبًا أو ناديًا، وأن ما يدور داخل الكنيسة هو الأمور الروحية والصلاة، أما دورها خارجها هو اجتماعي مرتبط بالتعليم والصحة.

تحدث بابا الإسكندرية عن نمو الكنيسة خارج مصر، موضحا أنه وفقا لبيانات المعمودية والزواج والوفاة يتراوح عدد الأقباط داخل مصر حول 15 مليونا، باﻹضافة لـ 2 مليون قبطي في بلاد المهجر يعيشون في أكثر من 100 دولة حول العالم، مضيفا أن الكنيسة حفظت الأقباط من الذوبان في المجتمعات الغربية، وأنها بمنزلة سِفارة شعبية في أي دولة توجد بها.

حول بعض من يثيرون المشاكل على مواقع التواصل الاجتماعي، أجاب البابا عن أحد الأسئلة وقال إن الكنيسة بها ضعفات بحكم الطبيعة البشرية كما حدث بين تلاميذ المسيح، أحدهما خانه والآخر أنكر وتشكك. كما أوضح أنا هذه “الضعفات نحاول علاجها” بشكل أبويّ حازم وإن كان غير معلن، وقال:

مش شرط لما أربي ابني حضرتك تعرف

(البابا تواضروس الثاني، في لقاء: “لنعمل معا”، أبريل 2023)

أما عن الدور الاجتماعي للكنيسة القبطية في خارج مصر، أوضح أنه تم إنشاء مدارس في أستراليا وكندا، وفي قارة إفريقيا بدولة مثل بروندي، في مدينة تبعد عن العاصمة، ثم أن أكبر مستشفى لعلاج الإيدز تأسست في كينيا باسم Hope Hospital، وعلى مدار اليوم تم استعراض إنشاء الكنيسة لمدارس مصرية محلية تعمل وفق مناهج حديثة تهتم بالفن والمواهب وبناء شخصية الأطفال، وتخصيص مدرسة في منطقة “عزبة الهجّانة” للاجئين السودانيين، حيث تعلم الأطفال هناك وفق المنهج المتبع في السودان إلى أن يلتحقوا ببقية المراحل التعليمية.

تحدث الأنبا يوليوس عن دور الأسقفية في العمل التنموي من خلال التحالف الوطني للعمل الأهلي، والتعاون مع مبادرة “حياة كريمة” بتقديم ما يساهم في تنمية المواطنين ثقافيا أو “بناء الإنسان”، وهو بعد كان غائبا عن الكنيسة في سنوات سابقة، حيث كانت تكتفي الكنيسة بالعمل الخيري فقط، وبنفس الطريقة، يقدم المكتب البابوي للمشروعات مجموعة من الأنشطة بالتنسيق مع أسقفية الخَدمات حتى تتكامل الأدوار. والملاحظ هنا، أن هناك عملا تنمويا تم على أرض الواقع خلال السنوات الماضية لا يعلم الكثيرين شيئا عنه، لأن الكنيسة لم تبرز دورها في مجالات كثيرة متعلقة بخدمة المجتمع والعمل التنموي.

حول قداس في المملكة العربية السعودية، أوضح البابا أن ذلك تم بمحبة عرضها ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” عندما زار المقر البابوي خلال زيارة سابقة  لمصر، وأنه لا يوجد كنيسة في السعودية لكن الصلاة تتم في أحد الفنادق أو القاعات.

أخيرا، وفي مجال العلاقات الدولية، عما يدور بين كنيستي روسيا وأوكرانيا بسبب الحرب بين البلدين، أكد البابا: “لسنا مع طرف ضد طرف”، موضحا أن “الحرب ليس لها معنى”، وهو ما ذكره أيضا حينما أجاب عن سؤال حول الكنيسة القبطية في السودان موضحا أن السودان تمر بأصعب موقف حيث الاقتتال هناك “حربا أهليّة”، داعيا لتغليب الحوار على العنف.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

بيتر مجدي
[ + مقالات ]

باحث وكاتب صحفي متابع للشأن الكنسي وشؤون الأقليات.
زميل برنامج زمالة الأقليات- مكتب المفوض السامي لحقوق لإنسان- الأمم المتحدة، جنيف/ ستراسبرج 2023.
زميل برنامج "" () لشبونة 2022.