بعد مرور أكثر من عام على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، أتذكر هذا الفيديو الخاص بطقس مباركة الأسلحة في الجيش الروسي. فقبل نشره، كنت قد نشرت صورًا قديمة منشورة منذ عدة سنوات حيث لا توجد صور حديثة لهذا الطقس الكنسي بسبب الضغط المسكوني على . فهذا الفيديو يشير إلى أن هذا التقليد موجود منذ سنوات طويلة ومازال مستمرًا حتى اليوم ويمارس في الكنيسة الروسية الأرثوذكسية وبعض الكنائس الشرقية.

خلال عهد الرئيس (الرئيس المسيحي الديانة، ال المنهج) أصبح هذا الطقس أساسياً، حيث لا تمر مناسبة إلاّ بحضور البطريرك الروسي كيريل أو الأسقف أو الكاهن، ويبدأ بالصلاة وتبريك ورش الأسلحة الهجومية وأسلحة الدمار الشامل!! المخيف فعلاً أنه من ضمن الصور كان هناك طقس مباركة صواريخ توبول إم – الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الفتاكة الحاملة لرؤوس نووية حمولتها حتى 1200 كيلو جرام. – Topol M ICBM) Intercontinental Ballistic Missiles)

ومعلوم أن الكنيسة الروسية مسيسة للغاية وأصبحت تحت إمرة القيصر الروسي، يوجهها حيثما يشاء، وموقفها من وكنيسة أوكرانيا خير دليل! تعرضت الكنيسة الروسية لانتقادات عدّة بسبب هذا التقليد الكنسي من خلال الصِّحافة والكنائس الأخري التي تعتبرها منافية للتعاليم المسيحية.

في بداية عام 2019 قدم أحد الأساقفة الروس الأرثوذكس مسودة لتعديل هذا الطقس الكنسي بحيث يتم حظر مباركة “أسلحة الدمار الشامل” فقط مع الإبقاء على مباركة الأسلحة التقليدية الأخرى!! طب كمل جميلك واطلب إلغائه كله من الأساس!! كان من المفترض أن يتم مناقشة هذا التعديل في يونيو 2019 ولكن حتى هذه اللحظة لم يتم تعديل أو إلغاء أي شيئ، ومازال الطقس مستمراً.

يبدو أن الناس وأغلبهم من الأقباط المتيمين بشخصية “البطل” بوتين القيصر الأرثوذكسي تغاضوا عن كل شيء وكأن بوتين يبيع “سبح” في مصر القديمة ولم يفهموا ما عنيته بانتقاد هذا الطقس، أو ربما لا يريدون أن يفهموا، فالبعض من الوهلة الأولى شتم وسب ولعن وكأني أنا الملوم وليس هؤلاء المتاجرين بالمسيح. والبعض الآخر أخذ يدافع ويبرر بأسباب هزلية عن هذا الطقس المزعج غير المسيحي على الإطلاق والبعض أخذ يحكي في وادٍ آخر ويعقد مقارنات سياسية وأيدلوجية وأخذ يعدد أسباب غزو الرئيس المؤمن بوتين لأوكرانيا!! أما المضحك فالبعض شكك وقال أنها “مفبركة” وأني كاره للكنيسة ولسيادة الرئيس بوتين!

يا إخوة، بكل وضوح لا يقبل الشك، كيف لكنيسة تنتمي إلى المسيح أن تبارك هكذا بكل أريحية أسلحة تدمر بيوت أبرياء وتقتل نساءاٌ ورجالاً وتشرد أطفالاً؟ كيف لكنيسة تدعي أنها تبشر بالسلام أن تبارك أدوات القتل؟ كيف لكنيسة أن تنقاد (عبدة) لمطامع الرؤساء روس كانوا أم أمريكان؟ أهذا ما أراد المسيح لها أن تكون؟
أري أن غالبية التعليقات غلب عليها جداً التعاطف العقيدي مع أحد السفاحين ليس إلا كونه من نفس الديانة، حيث تشل الدوجمائية مراكز التمييز في المخ ويصبح المواطن أداة في يد من يعرفون من أين تؤكل كتف الناس!

وهنا أختم بكلمات :

“كم مرة ضلت الكنيسة الطريق وخاب رجاء المسيح فيها، كم مرة هجرته لتطلب رحمة الملوك بذل العبيد، ولم تتعلم الكنيسة من ملكها كيف قبل الصليب كملك وأعظم من ملك ثمنا للحق وكان هو الغالب… فكان بقدر ما تستمد الكنيسة القوة من الملوك، بقدر ما كانت تفقد قوتها الروحية، وكأنما الكنيسة لم تعترف بعد أن ما لقيصر يلزم أن يبقي لقيصر، وما لله يلزم أن يبقي لله”.

(الأب متي المسكين، مقالات بين السياسة والدين ص 30 – 31 – 32)

اقرأ أيضا:
المصادر:

1- صحيفة موسكو تايمز الروسية
Russian Church Seeks to Ban Blessings of Weapons of Mass Destruction

2- مجلة نيووز ويك الأمريكية
Russian Church Wants to Ban Priests From Blessing Weapons of Mass Destruction

3- وكالة رويترز للأنباء الدولية
Russian priests should stop blessing nukes: church proposal

4- جريدة التليجراف البريطانية
Russia mulls over ban on priests blessing weapons of mass destruction

5- موقع جيت ريليجون المتخصص في الشئون الدينية
Glimpse of wider Orthodox debate: Will Russian priests keep blessing weapons of mass destruction?

6- موقع وكالة الأخبار الكاثوليكية
Russian Orthodox Church considers ending blessings for nuclear weapons

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

تامر فرج
[ + مقالات ]