كم أنت عجيب أيها الحب عندما تحل بقلوبهم، تجعلهم يتقبلون ضعفاتنا، يغفرون مرارًا و تكرارًا دون حساب، يقدمون ذواتهم بسخاءٍ ورضاءٍ، يستمعون إلينا بلا ملل أو ضجر، تنظر في عيونهم فتجدها مُشرقة لامعة، وإلى شفاتهم فتجدها ترتجف حُبًا، كلما حاولوا أن يخفوه يظهر ويتجلى وكلما أنكرته فضحك.
تمضي معهم الساعات وتظنها لحظات أسرعت في الكر والفر، حُضن دافئ ترتمي بداخله فتنسى قسوة الحياة، وأيادٍ حانية تمرُ فوق وجنتيك فتزيل مرارة الزمن، لا تدرك أن أمامك شخص قد خلا من العيوب أم أنك تدرك عيوبه تمامًا وتنسجم معها وترضى، تشعر بطاقة جبارة تدفعك دفعًا نحو حب الحياة.
ولكن ماذا لو مات الحُب وبطل مفعول أكسيره؟
نكره الدقائق لإنها تمرُ كأنها دهرًا، تتجلى عيوبًا لم نكن نراها، أو كنا نراها ولكننا لم نعد نتحملها، يتربصون بأفعالنا، ونتصيد أخطائهم، لا شيء يمر، صدور ضيقة تحمل همًا و غمًا طوال الوقت، أصابع اتهام تشير دائمًا نحو الآخر، كل ما نراه خطأ وكل ما نفعله لا يستسيغه الآخر، إحساس دائم بالندم على حياتنا ومستقبلنا ونحن نشعر وكأنه ينفلت من بين أيدينا.
لماذا تحول صديق الأمس لشخص مقيت غبي و كأنه عدو؟ لماذا مات الحب؟ لماذا جفت العيون من لمعانها؟ لماذا لم تعد ترتجف الأجساد حين تتلاقى ولماذا مات كل شيء؟
ترى أيمكن أن نبحث عن جرعة جديدة من أكسير الحب حتى يقوم من بين أمواته؟
ترى لو تنازل كل طرف بعض الشيء ونزع عنه رداء الأنا وكبرياء ذات لا ترى إلا قداستها وشيطنة الآخر، أيعيد بريق الحب؟ أهو الغفران أم مزيد من الحوار والاهتمام؟ أم فهمًا أعمق لاختلاف الآخر عني هو من يعيد الحب؟ في الحقيقة لست أعلم ولكن كل ما أعلمه إن إحياء الحب يتطلب مجهودًا وإرادة شخصان وليس أحدهما بمفرده، شخصان علما إن عليهما أن يتعاونا لإخراج حب وأدته مشكلات الحياة وقلة خبراتها أو يتعاونا ليكملا دفنه ويغادر كلاهما الآخر، يغادرا بهدوء وصمت ودون مزيد من الجراح.
إن أكسير الحب ليس سحرًا ولا معجزة، ولكنه قرار يستلزم أفعال جادة ثنائية ولا يمكن أن يتحملها طرف واحد ويكون الآخر سلبي، إن أكسير الحب لا يأتيك وأنت تبكي وتندب حظك ولكنه يختطف بالرغْم من أشواك زهراته و عناء طريقه.