في ليلة  انتشر على العديد من مواقع و صفحات التواصل الاجتماعي فيديو قصير لفتى وفتاة يمارسون العلاقة الجسدية في وضح النهار أعلى أحد كباري المحروسة تحت هاشتاج فتاة الكوبري، وكأنها كانت بمفردها، وكأن في مجتمعنا لا يعيب الفتيان الأفعال الفاضحة، وكأنه لا يعيب الفتيان تصوير وترويج الأفعال الفاضحة، وكأن لا يعيب مجتمعنا التشهير بالأعراض وإطلاق الأحكام على ضعفات البشر.

تريند وهاشتاج فتاة الكوبري، استحضر في ذهني مباشرًة قصة المرأة التي أُمسكت في ذات الفعل. رجال فريسيون متدينون أتوا بالمرأة -بمفردها- التي أُمسكت في ذات الفعل، للمسيح، لكي تُطبق عليها الشريعة ويحكم عليها بالموت رجمًا، وكأنها أمسكت في ذات الفعل بمفردها. وكأن فتاة الكوبري بمفردها!! فأصبح التريند، تريند فتاة الكوبري دون فتى الكوبري! مجتمع متدين بطبعه، من صور متدين، ومن نشر متدين، ومن أدان الموقف متدين، ومن قبض عليهم، ومن يحاسبهم متدينين!!

حين أتى الفريسيون للمسيح ليحكم بالموت على المرأة، كانوا مستعدين لسفك الدَّم وتطبيق الشريعة، لأن روح الإنسان عندهم رخيصة أكثر من الشريعة الغالية، أو ربما تكون سمعة الناس أرخص من الشريعة. كان كل واحد مستعد بحجر أو صخرة، مجرد أن يصدر الحكم، تموت رجمًا، كل واحد يرميها بحجر في مقتل.

في مجتمع متدين: فتاة الكوبري دون فتى الكوبري 1

كل واحد فيهم نسي حجراته المغلقة، نسي نزواته، ونسي ضعفاته ونجاساته وسقطاته، نسي ما فعله مرات ومرات، والفرق بينه وبينها إنه لم يُفضح بعد، فبدلا من أن يستر أو على الأقل يسكت، عمل نفسه حامي الحما وحامي الأخلاق والشرف والدين.

المجتمع الممتلئ  رشوةً وفسادًا واحتكارًا، وتحرش وبيات شتوي وخمول صيفي على مواقع “البورنو” الإباحية، ثارت ثورته على مراهقين ليس لديهم شقة يمارسوا فيها علاقتهم في الخفاء، وقادهم غباءهم ليقعوا فريسة لمجتمع فاسد قادر على ممارسة البغاء في جنح الظلام والخفاء دون أن يكتشفه أحدهم.

كيف لمن جوع الناس عَنْوَة أن يحكم على من سرق الخبز ليأكل، بقطع يده؟ أين عمر؟!

إذا أردتم العدل فابحثوا معهم عمن صور ونشر الفيديو وهو يعلم أنه في مجتمع كهذا سيصير تريند. لا ندافع عن الفحشاء لئلا يزايد علينا أحدهم، ولكن ابحثوا عمن قاد مجتمعنا ليصبح هكذا، ابحثوا في الأزمات الاقتصادية، والمناهج التعليمية، والخطب الدينية، والدراما المقدمة لجيل جديد يكتشف الحياة ويتعلمها.

لو كنت مسئولا لعرضت الفتى والفتاة على طبيب نفسي ليعيد تأهيلهما، ووفرت لهما مكانًا يتزوجان فيه رسميا حفاظًا على سمعة كلاهما، ووفرت لهما الحماية والأمان ممن سيحاول قتلهما.

افحصوا حياتكم وفتشوها جيدًا، ومن يجد نفسه طاهر القلب واليدين، حياته في السر كما العلن، في الظلام كما النور، لم تغلبه يومًا شهوته و لم يسقط إثر ضعفه فليرمهما بأول حجر، وحينها فليرمنا معها، فنحن لسنا أكثر طهرًا منهما، جميعنا تحت الضعف ولا يحافظ على سيرتنا إلا الستر.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

مايكل جميل
[ + مقالات ]