وكيف استطاع الوقت أن يمضي بك هكذا ذاهلاً دون التفات،
كيف استطعت أن تعبر فوق كل ذلك الحب تاركاً إياي حبيسة لفوضى خلفها جميعك بي دون رأفة؟

ل‏تبتعد… لتأخذ من تلك المسافة طريقا لي
أنت النائم بين شهقات صوتي
ومسامات جسدي
ابتعد…
وإلا ستعلن باقترابك موتي.

‏كيف لشخص أن يتمكن منك لهذا الحد،
أن يصلك ويطأ قلبك وهو ثابتاً في مكانه لم تأت به الخطوات،
كيف لكل هذا الحب أن يكون والمسافة واقعة بينكما.

هل يعنيك كل هذا الاشتياق الذي يشهده قلبي في حال كنت أنت تقف مكتوف الخُطى لا تحاول رتق شقوق المسافة أو حتى ادعاء بأنك تحاول؟!

‏وبضمير قلبي
نفثت بروحك كل معني للانتماء
وزرعت فيك بَذْرَة إخلاص
ستظـل تنمـو على نبضاتي مهما ابتعدت.

‏إنك لا تدري كم كانت المسافة طويلة
ولا تعلم تعب الوصول إليك
ثم هذا الشقاء المتراكم بطريقي
لا يمكنك المرور فوقه
دون أن تستريح من كل شيء ثقيل.

‏سأختصرُ المسافات التي يبتكرها الصمت بإفراطٍ
سأصل إلى الغيم، سأُقيده، وأجعله يمطر غيثاً على قدر انسكابِ أرواحنا معاً…

من الظلم أن تسلبني المسافة إياك وتتركني هكذا دون معطف يدك واشتعال عناقك،
إنه لمن المجحف كثيراً أن أتكأ على وسادتي دون ذراعك وأنام وحنيني يرتعد.

وإن كانت للمسافة قلباً ووجدانًا
لكنت شكوت لها أشواقي… لكنت جعلتها تجمعنا
وتأسف لظلمها الذي كانا.

‏في الغياب أنت الجرح المقروء
أنت العمق الحنون
يجدر بي إعادة اكتشافك كلما غبت.

‏ألا ليت بيدي أن أقتص المسافات
لاقتصصنها حتى تلتصق بي
وتختلط الأنفاس بالأنفاس.

‏كم هي قاسية يد المسافة وهي تعتنى بكلماتنا
لو أعرف كم يداً تحتاج لمددتها،
لو أعرف كم قلباً يسعك
لادعيت بأني أملكهم،
لو أعرف ألّا أهزم… لهزمتك.

لطالما كان لتلك الأوقات التي لا تمضي صوت يشبه صرير المسافة،
كذلك الباب الذي أنهكه صدأ الانتظار وأصبحت تثقله المواربة.

وتلك المسافة شتات يملأ روحي و يداهمني…
تائهةً، ضائعة بها، وكأنها تسابقني
تسلب أجمل الأوقات
تحاربني…تنتصر وتهزمني…
تعرض هدنة فتكسبني، واخسرني…

‏أنت كلمة وأنا كلمة
وضع الكاتب بيننا مسافة
وشاء ألّا نلتقي أبدا…

وبالنهاية…
أنها نكبة المسافة وخدعة النسبية التي لا نكف عن تصديقها بسذاجة
كل شيء خاضع لقانون المسافة ولا شيء يمكنه الفرار من سلطة العقارب
والسور الذي بدا من على بعد قصيراً تراه شاهقاً عن قرب.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

ريهام زاهر
rizaher7@gmail.com  [ + مقالات ]