“هذا اﻷسقف” ضحية من وضعه في هذا المكان من الأساس، وهو يعرف مؤهلاته روحيًا وعلميًا ورعويًا مسبقًا، ويعرف كيف يقدر أن يستغلها ويستخدمها لخدمة أغراضه.
هو ضحية من صدروه إلى الواجهة وأقنعوه أنه أسد الله، وليث العقيدة، وضرغام الإيمان، وتواروا خلف الكواليس وهم يعرفون إمكاناته تمام العلم، لكنهم اعتمدوا على مؤهلاته الخاصة التي تجعله قادر على أداء المهمة الانتحارية اللا منطقية، ولسان حالهم يقول: لو هجومه أتى بنتيجة خير وبركة، ولو لم يأت بنتيجة يبقى خلصنا منه.
“هذا اﻷسقف” ضحية جماعات حماة الإيمان الراديكالية الـ”مخرتقة” فكريًا، ورابطة خريجي الإكليريكية وهي عمليًا كيان وهمي تحت السلم، مثل جروب محبي أغاني الفنان مصطفى كامل الحزينة، فأوهموه أنه لديه غطاءً شعبيًا قادر على مساندته والسير خلفه في زحفه المقدس نحو المقر وقيادة حملات الإبادة الفكرية الجماعية باستخدام أساليب تطهير العقيدة العرقية من البدع والهرطقات السابقة والحالية والمستقبلية.
“هذا اﻷسقف” ضحية مثلث الدكتوراهات أ.د.د.د (ر. و. ب) من يكتب له البيانات والمحاضرات الفانتازية الخيالية ويجعله يقرأها على الهواء وهو في الأساس على غير دراية بمحتوى المكتوب، ولا حتى يستطيع قراءة كلمتين على بعض، فيخرج الموضوع مشوه متضارب لا يخلو من التأليف والارتجال والارتحال بعيدًا بعقل المواطن البسيط في غياهب اللالا لاند وبحر الظلمات.
لكن الصراحة فقرة إجابة الأسئلة في نهاية الحلَقات هي كوميديا سوداء بامتياز، لأنه دائمًا ما يبدع فيها بإجابات لا تخص السؤال أصلًا، أو يسرد إجابات لا منطقية تصدر حسب ما يخطر على باله وقتها، ويبدو أنه انتبه لهذا وتوقف عنها لفترة، أو نصحه من حوله بألا يجاوب أية أسئلة على الهواء إلا الأسئلة سابقة التجهيز سريعة التحضير.
“هذا اﻷسقف” ضحية تعاليم عهد سابق، يسير على تعاليمه بالحرف لا يحيد يمين أو شمال عنه، ينقل من كتبه وأقواله قص ولزق، لا يستطيع أن يخرج خارجها لأنه حقا لا يعرف غيرها، ولو دخل في أي حوار خارجها سيُكشف، لذا يُهاجم أي تعليم آخر غير تعاليم العهد السابق.
“هذا اﻷسقف” ضحية شعب يؤله ويعبد كل من ارتدي العباءة السوداء، ويصفق لكل من أمسك بالميكرفون -سواء فهم ما يُقال منه أو كالعادة لم يفهم- لكنه يصدق كل ما يقوله، ويمدحه ويطلب بركته أيضًا، وهذا في حد ذاته يعطي “هذا اﻷسقف” سلطة أكبر على المواطن الذمي الذي أمامه، وحافز لإكمال مسيرته (ومبارزة طواحين الهواء) بكل أريحية.
“هذا اﻷسقف” ضحية نفسه لأنه صدق فعلا أنه (صخرة مغاغة) التي يتحطم عليها المتاويين والمستنيرين والإنجيليين وأتباع روما وأعضاء النظام العالمي الجديد ومريدي الديانة الإبراهيمية الموحدة، والفئران المبتدعين الخارجين من جحورهم، فأفنى وقته في معارك وهمية دون كيخوتيه لا معنى ولا طائل منها سوى مناطحة خلق الله أجمعين.
صدقوني هو ضحية وليس جاني… فقد جعلوه دون اﻷساقفة.
كيف تقيّم هذا المقال؟
← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←
المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء
كن أوّل من يقيّم هذا المقال
من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا
دعنا نعمل على تحسين ذلك
أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟