سوبيك: (سوخوس باليونانية) هو الإله التمساح في مصر القديمة. وفي معابده كان يتم تربية تماسيح حية تسمى "بيتسوخوس" [أبناء الإله سوخوس] يعتقدون بتجسد الإله "سوبك" فيهم. بدأ "سوبك" في الأصل كإله للخصوبه، ولعب دورا في الموت وعمليات الدفن. وفي المملكة الوسطى انتشرت عبادته كأحد الآلهة الرئيسية وأصبح حاميا لملوك قدامى المصريين.اتحد بعد ذلك في صفاته مع الإله "رع" وصار اسمه "سوبيك-رع". ظلت عبادة الإله "سوبيك" مستمره لحقب زمنية طويلة حتى العصر البطلمي والروماني خاصة فى الفيوم وكوم أمبو حيث عٌثرت على مومياوات محنطه للتماسيح اكتر من أى منطقة في مصر.

كلمة تمساح في اللغة المصرية القديمة هي (مسحْ)، وقد تطورت إلى تمساح في اللغة العربية. [1]

التمساح في العصر الفرعوني

اﻹله المصري "سوبيك"<br> "لوياثان" العبرانيين، وتمساح المصريين المقدس 1في كتابات المصريين القدماء الدينية، نجد أن التماسيح تلعب دورًا متناقضًا: فنجد أن التمساح يُعبد باسم الإله “سوبك”، خاصة في كوم أمبو والفيوم، وإن كانت مومياوات التماسيح المحنطة التي ظهرت، تكشف عن عبادة التمساح في كل بقاع مصر. وأيضًا نجد أنه يمكن اصطياده ومطاردته. وكما نجد أن التمساح يمكن أن يُعبر عن الإله الصالح “”، فهو في نفس الوقت يُعبر عن أخيه الشرير “ست”. وفي الوقت الذي يُظهر فيه المصريون القدماء رغبتهم في أن يتحولوا إلى تماسيح بعد الموت، نجد أن التمساح الذي يُمثل ، يلتهم أو يفني أرواح الأموات الذين لم يعيشوا حياة طاهرة أو فاضلة، ولذلك فهم محتاجون إلى تميمة أو تعويذة تحميهم من التماسيح في الحياة الأخرى (وهذه التميمة على شكل تماثيل صغيرة للتمساح). وفي قصة الملك خوفو والمجوس، نجد رجل ينتقم من رجل غشاش آخر، ارتبط بعلاقة آثمة مع زوجته، وذلك بعمل تميمة سحرية صغيرة من الشمع على شكل تمساح، والتي تتحول إلى الحجم الطبيعي للتمساح، حيث ينقض ويقتل هذا الرجل الغشاش. [2]

اﻹله المصري "سوبيك"<br> "لوياثان" العبرانيين، وتمساح المصريين المقدس 3ويشير إلى أن بعض المصريين القدماء يعتبرون التمساح مقدسًا، وآخرون يهاجمونه. أحيانًا يعاملونه بتكريم زائد ويقدمون له أسماك وأطعمة ثمينة، ويزينون رأسه بأقراط وقدميه بأساور وحلقان ذهبية مطعمة بحجارة ثمينة، ويروضون صغاره بلطف شديد، وبعد موته يطيبونه بأطياب ثمينة، هذا في مناطق طيبة والفيوم. وفي مناطق أخرى يتعاملون معه بشيء من الاشمئزاز الشديد، فلا يتركون فرصة يمكنهم فيها تدميره. [3]

اﻹله المصري "سوبيك"<br> "لوياثان" العبرانيين، وتمساح المصريين المقدس 5ويُعتبر مركزًا عبادة التمساح باسم “الإله سوبك” في: كوم أمبو، حيث يوجد معبد الإله سوب والإله . [4] ثم الفيوم، في مدينة Shedyet حيث كانت تسمى Crocodilopolis [مدينة التمساح]، وبها أقدم بناء معروف باقي ينتمي إلى “الإله سوبك”، تم إنشاؤه في زمن الأسرة الثانية عشرة (1985-1795ق.م.) وتم ترميمه في عهد الملك (1279-1213 ق.م.). وهذا البناء ازدهر جدًا في أواخر الدولة الوسطى حينما اتخذ عدد من حكام الأسرة الثالثة عشرة (1795-1650ق.م.) أسماءهم مرتبطة بالإله سوبك، مثل “” (وهو اسم الميلاد لثمانية من ملوك الأسرة الثالثة عشرة)، و”سوبك نفر” (وهو اسم آخر ملوك الأسرة الثانية عشرة). حيث أصبحت عبادة سوبك في الدولة الوسطى مشابهة في عظمتها لعبادة الإله آمون. وأيضًا عُبد التمساح على شكل “سوبك رع” كأحد مظاهر إله الشمس. [5]

وأغلب ما تبقى من آثار في هذا المكان (ويحتوي على معبد آخر، وبحيرة مقدسة، وبعض الحمامات) ترجع إلى العصر اليوناني الروماني (332ق.م.-395م)، حينما أصبحت مدينة Shedyet عاصمة إقليم إرسينوي، حيث أصبح اقتران سوبك بالإله رع، يُعبر عن الإله “هيليوس” عند اليونان. وفي بدايات القرن العشرين الميلادي، غطى هذا الموقع مساحة حوالي 300 فدان، ولكن هذه المساحة تقلصت الآن بسبب الامتداد العمراني للمدينة من ناحية الجنوب والغرب. [6]

اﻹله المصري "سوبيك"<br> "لوياثان" العبرانيين، وتمساح المصريين المقدس 7وقد إتخذ التمساح كشعار لستة من أقاليم مصر العليا. [7] ويصور “الإله سوبك” إما في شكل تمساح كامل واقف في الهيكل، أو في جسم إنسان وله رأس تمساح، كما في الصورة وهي عبارة عن: نقش على الحجر من معبد كوم أمبو تبين الآلهة تقود الملك إلى حضرة “الإله سوبك”. [8] وقد صور المصريون القدماء التمساح في المقابر الفرعونية في مناظر نيلية تجمع بين الحيوانات البرمائية الأخرى والنباتات، ويصور وهو يضع بيضه، ويفترس الصيادين، أو يصور راقدًا في انتظار التهام صغائر “سيد قشطة” أو “فرس النهر”. [9] وقد وصف الرحالة القدماء مثل Aelianus, Pliny, Plutarch التمساح بصورة متفق عليها، بأنه يجلس على الرمل كسلان بلا عمل فاتح فكيه في الصباح، وبعد الظهر يتحول ناحية الغرب، وفي المساء يرجع إلى الماء، وهو عادة صامت. [10]

ويذكر هيرودوت أنه من بين طرق اصطياد التمساح، أن يضعوا قطعة لحم خنزير في سنارة (شص) ويلقونها على الماء، ثم يأتون بخنزير حي على الشاطئ ويضربونه حتى يصرخ. فيأتي على صوت صراخه نحو الشاطئ ليقتنصه، وإذ يجد قطعة اللحم يبتلعها، فيسحبونه بالسنارة نحو الشاطئ، وأول ما يفعلونه به هو أن يملأوا عينيه بالطين حتى يمكنهم السيطرة عليه. ويرى Therenot أن البعض كانوا يحفرون بعض الحفر على الشاطئ ويغطونها بعصي، وإذ يسقط التمساح في إحداهما لا يقدر أن يخرج منها. ويتركونه لعدة أيام بلا طعام، وبعد ذلك يربطون فكه بحبال يعقدونها حوله ثم يقومون بسحبه. [11]

وقد كانت توجد آلة تمثل حربة على شكل سمكة لها لسانان، كثيرًا ما توجد منقوشة على الآثار المصرية، هذه الحربة كانت عبارة عن عصا رفيعة طولها ما بين عشرة واثنتي عشرة ذراع، وبها ريش مزدوج في النهاية مثل السهم الحديث، ولها طرفان حادان طولهما حوالي قدمين يطوقهما سمكة. يدفع صياد السمك بها في نهر النيل وهو في قارب صغير مسطح بين قصب البردي ونبات اللوتس، عندما يرى فريسته التي بها زعانف، ويسحب الآلة بيده اليمنى ويحركها على شكل قوس بيده اليسرى. [12]

ويعتبر أبو قردان والنمس خطرا على التماسيح لأنهما مشهوران بأكل بيضه. [13] أما “خليل التمساح”، فهو الطائر الصغير الذي يقترب من التمساح، ويجد طعامه في فم التمساح وخلال أسنانه.

أسباب استخدام الرسوم في الفن القبطي

لقد لقي المسيحيون خلال تاريخهم الطويل، اضطهادات قاسية مرة، الأمر الذي اضطرهم في الأيام الأولى للمسيحية، إلى أن يعقدوا اجتماعاتهم سرًا، حيث عقد الكثير من هذه الاجتماعات في السراديب والكهوف بل بين المقابر. واحتاج المسيحيون إلى أن يتعارفوا أو يتفقوا على ما نسميه في الوقت الحاضر (بكلمة السر)، وفضلوا أن تكون هذه الكلمة رمزا يرسم وليس كلمة ينطق بها. وقد وجد كثير من هذه الرسوم على جدران السراديب التي كانوا يجتمعون فيها. فان الفرد يلجأ إلى رسمه دلالة على أنه من بين الجماعة وليس غريب عنها، ولذا كانت هذه الرسوم والشارات والرموز جزء من المسيحية.

لجأ الرهبان وغير الرهبان من الفنانين إلى رسم صور تمثل حوادث الكتاب المقدس. وقد ذخرت مكتبات الأديرة بكثير من هذه الرسومات، تزين المخطوطات القديمة. وكان من الطبيعي أن تختلف أخيلة الرسامين كما تختلف الزاوية التي ينظر منها الفنان إلى الحادثة ليحاول تصويرها. ومنهم من كان واقعيا لجأ إلى أشخاص الرواية دون غيرهم، ومنهم من كان خياليًا، ولجأ إلى ما إضافة خياله على القصة. ولجأ البعض إلى الرمز (من أشكال النباتات والحيوانات) ليعبر عن فكرته في الوقت الذي عمد فيه آخرون إلى خلط الزمن بالواقع.

وترجع أهمية البحث في هذه الرموز التي استعملها الفنانون إلى أنها تزيد من المعرفة الدينية. وقد تكون دراسة الصورة وما بها من رموز وحقيقة، أبلغ في تعليم المؤمن البسيط، وأكثر فائدة من الدرس الملقن. [14]

التمساح في الكتاب المقدس

جاء ذكره باللفظ المباشر الذي يدل عليه “التمساح”، في وصف فرعون مصر.

هكذا قال السيد الرب: هأنذا عليك يا فرعون ملك مصر، التمساح الكبير الرابض في وسط أنهاره، الذي قال: نهري لي، وأنا عملته لنفسي. فأجعل خزائم في فكيك وألزق سمك أنهارك بحرشفك، وأطلعك من وسط أنهارك وكل سمك أنهارك ملزق بحرشفك. وأتركك في البرية أنت وجميع سمك أنهارك. على وجه الحقل تسقط فلا تجمع ولا تلم. بذلتك طعاما لوحوش البر ولطيور السماء

(سفر حزقيال، الإصحاح 29: 3-5)

وهنا يرمز التمساح إلى شر الإنسان حينما يتكبر وينسب لنفسه أعمال الله وقوتها.

وجاء ذكره أيضا بلفظ “”، وهي كلمة عبرية تعنى ملتف، وهو حيوان مائي كبير يرجح أنه التمساح. [15] “لوياثان”: كلمة عبرية يقصد بها الوحوش العظيمة سواء كانت برية أو بحرية، وبصفة خاصة التمساح، وهو رمز للشيطان عدو شعب الله. [16]، وجاء ذكر التمساح بلفظ “لوياثان” في سفر أيوب أصحاح 41. هذا الإصحاح كله يخاطب فيه الله أيوب بعد طول مرضه، إذ أراد الله أن يكشف لأيوب عن قدرته السرمدية التي تغلب كل قوى الشر، حتى لو كان هذا الشر هو مرض عضال استمر لسنين طويلة، 30 سنة. واستخدم الرب في ذلك، التمساح، كنموذج لأشرس الحيوانات المائية، وبدأ يصف لأيوب عن صفاته [17]، فابتدأ ببعض الأسئلة الاستنكارية التي تفيد بأن لا أحد يقدر أن يقف في مواجهة لوياثان:

أتصطاد لوياثان بشص، أو تضغط لسانه بحبل؟ أتضع أسلة في خطمه [تضع طوقا في فتحة أنفه]، أم تثقب فكه بخزامة؟ أيكثر التضرعات إليك، أم يتكلم معك باللين؟ هل يقطع معك عهدا فتتخذه عبدا مؤبدا؟ أتلعب معه كالعصفور، أو تربطه لأجل فتياتك؟ هل تحفر جماعة الصيادين لأجله حفرة، أو يقسمونه بين الكنعانيين؟ [الكنعانيين يعرفون التجارة جيدا، إلا أنهم لم يهتموا بصيد لوياثان لأنه يمثل لهم مصدر رعب، وخطرا عظيمًا، ومتاعب صيده لا توازى مكاسبهم إن قسموه بين التجار] أتملأ جلده حرابا ورأسه بإلال السمك؟ [صعوبة صيد التمساح بالحراب العادية مثل عادة صيد السمك الكبير، لأنه لا يمكن جرح التمساح بالحربة، إلا إذا أصابته في بطنه التي يصعب بلوغها. فظهره مغطى بحراشيف قوية للغاية لا يمكن للحربة أن تخترقها] ضع يدك عليه. لا تعد تذكر القتال! [يريد أن يقول: ألمسه إن كنت تجرؤ على ذلك] هوذا الرجاء به كاذب. ألا يكب أيضا برؤيته؟ [الأمل في الغلبة عليه باطل] ليس من شجاع يوقظه، فمن يقف إذا بوجهي؟ [لا يوجد إنسان حكيم يحاول أن يثير التمساح]

(سفر أيوب، الإصحاح 41: 1-10، والأقواس التفسيرية من الباحثة)

وفي هذا يقول القديس إمبروسيوس:

تنبأ أيوب الصديق بمجيء الرب، الذي قال عنه بالحق أنه يهزم لوياثان العظيم، “صنع يدك عليه، لا تعد تنظر القتال(أيوب 41: 8). وقد حدث فقد ضرب لوياثان المرعب الشيطان، وطرحه إلى أسفل، وأذله في آخر الأزمنة بآلام جسده المكرمة.

(القديس ، القمص (2006): تفسير سفر أيوب، إصحاح 41، ص 1343- 1376، الجزء الرابع.)

ويقول البابا :

ماذا لو أن الله القدير خفف الأثقال التي نحملها، لكنه سحب عنا عونه، ويتركنا وسط تجارب لوياثان هذا؟ إلى أين نذهب عندما يثور عدو قوي ضدنا، إن لم نحتمى بأي حماية لخالقنا؟

(البابا غريغوريوس الكبير، القمص تادرس يعقوب ملطي (2006): تفسير سفر أيوب، إصحاح 41، ص 1343- 1376، الجزء الرابع.)

ثم يستطرد الرب في باقي الإصحاح بوصف جسم لوياثان وقدراته الفائقة، ليس ليبين جماله، بل ليكشف عن أسلحة دفاعه، فيقول:

من يكشف وجه لبسه، ومن يدنو من مثنى لجمته؟ [أى لا يقدر أحد أن يكشف وجه لباسه، لكي يرى جلده الداخلي، ولا يجسر أحد أن يضع لجامًا لفكيه كما يحدث مع الحيوانات الأخرى عند تلجيمها، ليس ممكنا أن يأتى بلجام مضاعف لضبط أسنانه] من يفتح مصراعي فمه؟ دائرة أسنانه مرعبة. [ففمه مثل باب بمصراعين، ويقول Bochait: إن أسنان التمساح تبلغ الثلاثين، وهو عدد كبير، وأحجامها كبيرة إذ قورنت بحجم جسمه، بعضها يبرز من الخارج، والبعض مسنن كالمنشار، متى أمسك بالفريسة لا تقدر أن تنجو منه] فخره مجان مانعة محكمة مضغوطة بخاتم. الواحد يمس الآخر، فالريح لا تدخل بينها. كل منها ملتصق بصاحبه، متلكدة لا تنفصل. [فخره في الأصل العبرى تعنى ظهره، حيث يتغطى ظهر التمساح بالحراشيف، ويضم جسمه 17 صفا من الحراشيف، فهى مثل دروع تغطيه، ليس من إمكانية لإختراق جسمه إلا عن طريق عينيه، أو حنجرته حين يفتح فمه، أو بطنه، وبالتالى إذا أغلق التمساح فمه يصير كما لو كان مختوما بالشمع، فلا يتسرب هواء من بين فكيه ومن بين اسنانه] عطاسه يبعث نورا، وعيناه كهدب الصبح. من فمه تخرج مصابيح. شرار نار تتطاير منه. من منخريه يخرج دخان كأنه من قدر منفوخ أو من مرجل. نفسه يشعل جمرا، ولهيب يخرج من فيه. [الحيوانات البرمائية تغطس في المياه وتكتم أنفاسها لمدة طويلة وفجأ تتنفس بقوة فتكون كما لو كانت تعطس، بينما توجه أعينها نحو الشمس، فتبدو كما لو كانت تشع نارا، أو تطرد النفس فيبدو كما لو كان أشعة شمس، وتخرج من أنوفها دخان نار حارق] في عنقه تبيت القوة، وأمامه يدوس الهول. مطاوي لحمه متلاصقة مسبوكة عليه لا تتحرك. [عادة طبقات اللحم عن العنق والبطن تكون رخوة وضعيفة، أما هذا الحيوان فإن طبقات اللحم عند رقبته متلاصقة، مسبوكة كما من الحديد، قوية، لذلك تستقر القوة حول عنقه، وبالتالى ينشر الرعب والرعدة على من هم حوله] قلبه صلب كالحجر، وقاس كالرحى. عند نهوضه تفزع الأقوياء. من المخاوف يتيهون. سيف الذي يلحقه لا يقوم، ولا رمح ولا مزراق ولا درع. يحسب الحديد كالتبن، و كالعود النخر. لا يستفزه نبل القوس. حجارة المقلاع ترجع عنه كالقش. يحسب المقمعة كقش، ويضحك على اهتزاز الرمح. [يرى البعض أن الحيوانات المفترسة، مشاعرها ضعيفة، وقلبها قاسى إن صح التعبير، لا تبالى بصرخات الفريسة، والدماء المسفوكة منها وهى بين أنيابها. ولذلك عند نهوضه للهجوم أو الدفاع عن نفسه يرتعب أمامه الأقوياء، ومن الخوف تنهار أفكارهم فيتيهون. ولا يستطيع السيف أن يلحقه، حيث لا يقدر أن يحطم حراشيفه، وإذا صوبت ضده الرماح ترتد دون أن تخترق حراشيفه، وأيضا الأسلحة الحديد والنحاس المستخدمة لمقاومته تشبه القش والخشب، لا قوة لها أمامه. فلا يمكن لأى أداة أو سلاح أن تجرح التمساح، ولا لقوة بشرية أن تلحق به] تحته قطع خزف حادة. يمدد نورجا على الطين. [ربما يشير هنا إلى حراشيف حادة وقاسية مثل قطع الخزف الحادة موجودة في بعض أجزاء جسم التمساح، حتى عندما يستريح على الوحل الموجود على شاطئ النهر، يكون كمن هو مستقر على أسنان نورج حادة] يجعل العمق يغلي كالقدر، ويجعل البحر كقدر عطارة. [فهو بحركته السريعة تحت الماء يجعل النهر أو البحر أشبه بقدر يغلى، إنه يجعل البحر أشبه بوعاء به عطور، وهو هنا يشير إلى رائحة المسك التي تخرج من التمساح كما كانوا يظنون، وكلمة بحر هنا تشير إلى نهر النيل لإتساعه]

(سفر أيوب، الإصحاح 41: 13-31، والأقواس التفسيرية من الباحثة)

وجاء ذكر التمساح بلفظ “لوياثان” أيضا في :

ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمة صنعت. ملآنة الأرض من غناك. هذا البحر الكبير الواسع الأطراف. هناك دبابات بلا عدد. صغار حيوان مع كبار. هناك تجري السفن. لوياثان هذا خلقته ليلعب فيه. كلها إياك تترجى لترزقها قوتها في حينه. تعطيها فتلتقط. تفتح يدك فتشبع خيرا. تحجب وجهك فترتاع. تنزع أرواحها فتموت، وإلى ترابها تعود. ترسل روحك فتخلق، وتجدد وجه الأرض.

(المزمور 104: 24-30)

وهنا يرمز “لوياثان” إلى قدرة الله العالية التي خلقت هذه التنانين العظام (تكوين 1: 20، 21)، وأعطاها طعامها.

التمساح في الرسوم القبطية

وعلى هذا يكون التمساح في الرسوم القبطية: رمزا نتذكر به قوى الشر المحيطة بنا، التي يثيرها حولنا عدو الخير، والتي لا يمكن مقاومتها إلا بمعونة خاصة من الرب الذي قال “بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا(يوحنا 15: 5). وأيضا منظر التمساح وقدراته الجسدية المتعددة، يدعونا للثقة في قدرة الله التي تفوق كل حد: والقادر على هدم حصون، والضابط الكل، كما يقول فوق العالي عاليا يلاحظ، والأعلى فوقهما(جامعة 5: 8).

اﻹله المصري "سوبيك"<br> "لوياثان" العبرانيين، وتمساح المصريين المقدس 9

الصورة موجودة بالمتحف القبطي بمصر القديمة، وغير معروف مصدرها، وهى عبارة عن إفريز من الخشب يصف منظر مأخوذ من نهر النيل، فهو يبين منظر تمساح كبير، وزهرة لوتس، وورقة نبات مربوطة بفرع صغير، وأسماك، وطيور مائية. [18] وإلى اليمين من هذا الجزء، جزء آخر (غير موجود بالصورة بالكامل)، عبارة عن منظر محدد بعمود وستارة من اليمين و، وبينهم يوجد ملاكان من اليمين واليسار (تظهر رجل الملاك الأيسر مع الستارة والعمود)، يحملان دائرة مزخرفة برسوم نباتية ويوجد بداخلها، إما رسم وردة “الروزيتا” التي كانت ترمز للشمس عند قدماء المصريين، وإما الإله “سيرس” إله الزراعة عند اليونان، إما صورة السيد المسيح نفسه، أو صورة صليب.

ومن الملاحظ أن كثيرًا من الكنائس والأديرة كانت مزخرفة بنحت على الخشب متقن، مثل النحت على عتبة الباب العليا، أو على الباب نفسه، أو على الإفريز الذي يعلق عليه ستر الهيكل، أو إطارات صور القديسين، وأيضا منقوش عليها مناظر لحيوانات مائية مثل التمساح، أو نباتات مختلفة، وحيوانات، وخيوط هندسية، ومناظر مأخوذة من الكتاب المقدس بعهديه الجديد والقديم.

وبحسب تقدير د. جودت جبره، فهذا الإفريز يرجع تاريخه إلى القرن السادس أو السابع، ولكن يمكن أن يرجع تاريخه إلى ما قبل ذلك بكثير، ويؤيد هذا الرأي وجود نفس الزخرفة بحيوانات مائية لنهر النيل، ونباتات مختلفة مثل اللوتس، في عصر الفراعنة وفي العصر اليوناني الروماني. حيث يقول د. جودت جبره في نفس المرجع السابق- وجدت مناظر كثيرة تصور أسماك وطيور وصيد فرس النهر في مقابر قدماء المصريين, وتسجيل هذه المناظر النيلية انتشرت بكثرة في العصر اليوناني، واستمرت في العصر القبطي حيث ظهرت في أعمال النسيج، والخشب، والنقش على الحجر. لذا يمكن تأريخ هذا الإفريز بالقرن الرابع أو الخامس، أو قبل ذلك.

المراجع

[1] The Oxford Encyclopedia of Ancient Egypt V1, p. 74.
[2] The British Museum Dictionary of Ancient Egypt, IAN show & Paul Nicholoson p. 273.
[3] القمص تادرس يعقوب ملطي (2006): تفسير أيوب، إصحاح 41، ص 1345.
[4] The British Museum Dictionary of Ancient Egypt. P. 17617.
[5] المرجع السابق.
[6] المرجع السابق صفحة 17617.
[7] The Oxford Encyclopedia of Ancient Egypt, VI, p. 321.
[8] محيي الدين عبد اللطيف إبراهيم (1970): كوم أمبو- الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر. القاهرة.
[9] The Oxford Encyclopedia of Ancient Egypt VI, p. 74.
[10] المرجع السابق صفحة 321.
[11] القمص تادرس يعقوب ملطي (2006): تفسير أيوب، إصحاح 41، ص 1345.
[12] James m. Freeman: Manners and customs of the Bible, Logos International Plainfield. N. J, 1972. P.215.
[13] The Oxford Encyclopedia of Ancient Egypt, VI, p. 74.
[14] د. جورج فيرجستون (1955): الرموز المسيحية ودلالتها، نيويورك، ترجمة د. يعقوب جرجس نجيب 1964 ص 3، 4.
[15] معجم الألفاظ العسرة في الكتاب المقدس- دار النشر المعمدانية 1977، بيروت، لبنان.
[16] القاموس الموجز للكتاب المقدس، 1983، ص 590.
[17] القمص تادرس يعقوب ملطي (2006): تفسير سفر أيوب، إصحاح 41، ص 1343- 1376، الجزء الرابع.
[18] Gowdat Gabra (1993): The Coptic Museum and old Churches. Cairo. Page 95.

كيف تقيّم هذا المقال؟

← إتجاه ← التقييم ← اﻷعلى ←

المتوسط الحالي حسب تقييمات من القراء

كن أوّل من يقيّم هذا المقال

بما أن المقال أعجبك..

ربما اﻷفضل مشاركته مع دوائرك كي يحظى بانتشار أوسع

من المحزن أن يكون تقييمك للمقال سلبيا

دعنا نعمل على تحسين ذلك

أخبرنا.. كيف يمكن تحسين المقال؟

اﻹله المصري "سوبيك"<br> "لوياثان" العبرانيين، وتمساح المصريين المقدس 11

بولين تُدري أسعد

باحثة قبطية في الآبائيات، الفن واللغة والعمارة القبطية، واللغة اليونانية القديمة  [ + مقالات ]

ولدت بالقاهرة يوم 16 إبريل 1951 م، وتوفت بمرض السرطان يوم 24 مارس 2014 م.