
- ولما نكتب؟!
- ولما نكتب؟! [۲]
- امرأة تكتب؛ الورقة الأولى
- امرأة تكتب؛ الورقة الثانية
- امرأة تكتب؛ الورقة الثالثة
- ☑ عن “امرأة تكتب”
وكان بين كتابتها وقراءتي، خيط ضوئي، يجعلني أبصر الأشياء كما لو كنتُ أعمى قبلها..
كانت تكتب كسكّين ينحت الكلمات،
وكنت أقرأ كشجرة تنتظر النحت كي تبدو أجمل..
كانت تكتب فتنسج وشاحًا ملونًا في عالم لطالما بدا أبيض وأسود..
وكنت أقرأ كي أتصالح مع الأشياء التي لا أملك سلطانا عليها..
تكتب كفعل يوميّ للارتجال،
فأقرأ لأن في ذلك ما يصنع رباطة جأشي..
تكتب أنها لا تصلح للوظيفة،
فاقرأ لأستطيع كسب قوت يومي..
تكتب في عزلة مصنوعة من مجتمع،
فأقرأ كما يلعب الطفل المتروك وحيدا في الرمل..
تكتب للأطفال الذين لم ننجبهم،
فأقرأ لأني كنت أتكلم لغة مختلفة عندما كنت طفلا..
تكتب من سكون الليل في ترقّب، ترقّب دائم،
فأقرأ كمهدئ للأصوات الصارخة بداخلي، ومن خارجي، وفي كل مكانٍ حولي..
تكتب للإجابات التي تبقيها راضية عن الهوان،
فأقرأ للأسئلة التي تؤرق نومي..
تكتب كمخرج من كوابيسها،
فأقرأ كمدخل لأحلامي..
تكتب لتكشف الغطاء،
فأقرأ لأكتشف ذاتي..
تكتب لتبدأ حوارًا،
فأقرأ كي أكمله..
تكتب كي تتذكّر،
فأقرأ كي أنسى..
تكتب كفعل للإيمان،
فأقرأ لأن ذلك يمكنني من مواجهة ما لا أعرفه..
تكتب كفعل للكفر،
فأقرأ لأن ذلك يجعلني أقل خَشْيَة للموت..
تكتب للأموات،
فأقرأ خارج الجسد..
تكتب للطيور المهاجرة بغطرسة اللغة،
فأقرأ كنوع من التَّرْجَمَةً..
تكتب للجنّ،
فأقرأ كي ألتقي بأشباحي..
تكتب للإنس،
فأقرأ كي أهمس في أذن من أحب..
تكتب من صميم تقلباتها،
فأقرأ لأرقص مع الضدين..
تكتب كنوع من الفرح النقي،
فأقرأ كمسكّن للألم..
تكتب عن شغفها وعن غضبها،
فأقرأ كي أوثّق ما أحبه في مواجهة الخسارة..
تكتب مستهترة بالكلمات،
فأقرأ مؤمنًا بالكلمات..
تكتب على علمٍ بقلة حيلة الكلمات،
فأكف عن القراءة وأكتب بجوارها مؤازرًا..
أكتبُ علىَ عِلمٍ بأنّني قد أموتُ بسببِ الكلِماتِ، مَطعونًا بخنجرِ النحوِ، مُشوهًا بمِشرطِ الإملاءِ، مَصلوبًا علىَ خشبتينِ مُتقاطِعتينِ مِنَ الفِهمِ وسوءِ الفِهمِ..
أكتب عن غير قصد..
أكتب متخطّيا الارتباك الذي قد يسببه افتضاح أمري..
أكتب بانغماس..
أكتب دون وعي..
أكتب بألوان الذاكرة..
أكتب كشاهدٍ على ما رأيت..
أكتب كشاهدٍ على ما تخيّلت..
أكتب كيلا أكون وحيدا..
أكتب لأنني حينها لا أحتاج أن أتكلّم..